فاطمة مهيرة السودان رغم أنف مزمل فقيري وكل شيوعي
alkanzali@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
من رسائل النور والظلام
كلنا نؤمن بأن لكل أجل كتاب، وأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون. والخلد لم يكتب لأحد من الناس. مضى من الحياة في وطننا السودان خلال تاريخه الحديث من الرجال والنساء ما يفوق تراب الأرض ولا أحد يحس بفقدهم إلا ذوي القربى والأحباب. وقليل من ذرفت عليهم الدموع، وحزنت لهم القلوب، وعلى صدر هؤلاء تأتي فاطمة أحمد إبراهيم. رضي من رضى وأبى من أبى.
لها الرحمة والمغفرة من رب وسعت رحمته كل شيء. وعلى القارئ أن يعلم انه لا يجمعني بالشيوعية جامع، ولا يجمعني بالإنقاذ إلا الانتماء لوطن نراه يهوى للقاع، ونحن نيام نحدق فيه، ولا نمد له أيدينا لننتشله مما هو فيه.
كثيراً ما أردد قول الشاعر الكتيابي وما أصدقه من قول، أبلغه من حديث:
أنا لم أنتخب أحدا ٠
وما بايعت بعد محمد رجلاً ٠
ولا صفقت للزيف ٠
ففي وفاة مهيرة السودان فاطمة أحمد إبراهيم، ساءني أمران، وسرني أمران.
ساءني أن يتطاول على قدرها بعد أن ذهبت لربها، من يَدَعُون أنهم علماء دين الإسلام، الداعون لتوحيد الخالق الواحد الأحد الصمد. والإسلام من هؤلاء وأمثالهم براء. فنبي الإسلام أرسل رحمة للعالمين. فهو الرحمة المهداة، والنعمة المزجاة، وقد قال الله في حقه:
"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" الأنبياء (107)
وقال في سورة النحل الآية ( 125)
"ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالْمُهتدِين" النحل (125)
تأمل قارئ العزيز، وتفكر وتدبر في قول الله في سورة آل عمران الآية (159) وهو يأمر النبي ويعلمه كيف يخاطب الناس بلين ورحمة ولا يكون فظاً في قوله وهو يدعوهم للواحد القهار.
"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ ….". فهل يمتلك من سأتحدث عنهم لاحقاً صفة من هذا الصفاة وهم يظنون أنهم دعاة توحيد. حتى أنني قلت مرة لواحد ممن دعا بدعوتهم في مقابر بحري: " والله لو الإسلام الذي تدعو له هو الإسلام لكفرت به اليوم" . فهؤلاء دعاة فتنة وتفريق. وإن كانوا يحاربون القبور ويدعون بتسويتها فإني أوجه لهم الدعوة أن يعودوا للأرض التي نشأت فيها فرقتهم وأفرخت في بلاد المسلمين وشهوت الإسلام بالسب والسخرية من الأخر، والقتل لمن خالفهم. عليهم أن يذهبوا لهدم وتسوية قبور الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. أو يدعوا حكامها لهدم تلك القبور. ومن بعدها سنلحق بهم.
ومن هؤلاء مزمل فقيري الذي قال: " لا يجوز الترحم على الشيوعية فاطمة أحمد إبراهيم وقال أنها كافرة" .
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذباً.
أما شهاب عوض من لف لفه فقد قال عنها: "أنها مشركة شيوعية لا تؤمن بالله …" وفي زمرة هؤلاء يأتي محمد مصطفى عبدالقادر، الذي تبنى طريقتهم في الدعوة للإسلام، فجميعهم من طينة واحدة، وجليس السوء خير من الجلوس في حلقاتهم التي كلها سب وسخرية وتندر.
قبل أن أوجه سؤالاً لكل من كفر فاطمة فإني أدعوهم لقراءة الآيات الأخيرة من سورة المائدة ليعلموا أن من أشرك بالله واتخذ من عيسى وأمه إلاهين من دون الله، ما زال سيدنا عيسى يحمل لهم الأمل في مغفرة من الله فما بالكم بفاطمة؟ ولنقرأ الآية (118) من سورة المائدة:
"إن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "
وأعود لسؤال المكفرين لفاطمة، لنتفق معهم أن فاطمة كافرة كافرة كافرة، بالله ورسوله. وقد شأن فاطمة هذا شأن من استباح رسول الله دماءهم ولو تستروا بأعتاب الكعبة. منهم عبدالله بن أبي السرح، وعكرمة بن أبي جهل (وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة) وقد كان عكرمة وأباه من أأمة الكفر، وكذا الحال لأبي سفيان ومعاوية وخالد بن الوليد وهند بنت عتبة، آكلة كبد سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب. ووحشي بن حرب الحبشي، قاتل حمزة. بعد كل فجورهم هذا، وعدائهم لدين الله ورسول الإسلام، أسلموا وحسن إسلامهم وصاروا صحابة لرسول الله.
إذن ما أدراكم بحال فاطمة؟ فهي قد ابتعدت عنكم لأكثر من عقدين من الزمان؟ هل هناك ما يمنع أن يقع لها ما وقع لهند بنت عتبة؟ أن تتوب وتستغفر لذنبها، أم كنتم شهداء عليها عند موتها؟
ربما نحن نجهل قدر عمن يسمون أنفسهم بالمشايخ. فربما في الآخرة هم من خزنة جهنم ونحن لا ندري، وآخرين منهم خزنة الفردوس نزلا. فهم اصحاب وكالة الآهية أطلق الله لهم فيها سلطانه، ليدخلوا الجنة من أحبوا، والنار من كرهوا.
أما حملة الأعلام الحمراء المصطادون في ماء الحزن والذين أتوا بأقبح الأعمال، وجعلوا من التشييع مظاهرة سياسية ضد المعزين فهذا ليس من خلق المسلم ولا من خلق الأمة السودانية، التي تترفع في مثل هذه اللحظات عن كل ضغينة وشحناء. وإني لأكبر في أصحاب السلطة قدومهم لمرافقة جثمان فاطمة فهي بذلك جديرة، وقد رافقها سواد شعبنا وكانوا أكثر جمعاً من أصحاب الأعلام الحمراء.
فأمتنا أمة عظيمة. وصدق القائل: " ولكن يقودها اغزام". فلولا أننا أمة عظيمة لما خرج الحاكم وسط هذه الجموع وهو يضمن سلامة نفسه وبدنه. فهذا إرث عندنا لم يأت به رجال الإنقاذ. وما عليكم إلا النظر للشعوب التي حولنا، والتي تلي التي حولنا. دلوني على حاكم واحد يستطيع حتى مخاطبة مجلس الأمة أو قادة حرسه وجيشه دون أن يخضعوا لتفتيش دقيق؟ والله ما رأيت هذا إلا في بلدي المتفرد بصفات تفغر فاه غيرنا من الشعوب.
أدعو الله مخلصاً له الدين سائلاً المولى أن يسقي فاطمة من يد أبو فاطمة شربة لن تظمأ من بعدها أبداً، وأن يجعل الجنة مثواها مع الصديقين والشهداء وحسن أؤلئك رفقياً. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأختم مقالي بما قاله كليم الله موسى (قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين)