4-17 فأنام عند صَدْرِكِ أو عند كتفيك، كطفل رضيع أرْتَوى من ثدي أمه حتى تَجَشأ، وحمد الله بتسبيح لا يعلم كنهه إلا الله، فأنام على صدرك لأحلم، وأرى في المنام أني أذبحك، فأصحو مذعوراً ملهوفاً، وتستعيذِ خديجتي الصغرى، بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وهامة، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لأمة، فتلمين شعثي وهلعي وخوفي، وأنا أفزع اليك، خديجتي الصغرى، مستغيثاً بك، دثروني، دثروني، زملوني، زملوني، فتدعو الله ليذهب عني الرجس والخوف، ويعود قلبي مطمئناً جزلاً، وانام على صدرك أو كتفيك حتى آذان الفجر، وما كان لآذان الفجر أن ينادي دون صلاة خديجتي الصغرى، وما كان للخيط الأبيض أن يتبين من الخيط الأسود، وأنت غافلة عن صلاة القيام وتلاوة القرآن، سماح، كنتِ سماحة تمشي على قدمين بين الناس، كنتِ اسم على مسمى، كنتِ تتمنين لو أنك عايشت أمي، ولكني في شخصك عايشت أمٌ عرفتُ من خلالها عظمة الأم ونبلها وعَطَاؤها. 5-17 لا أنسى رحلتنا لقريتنا الواقعة بين الدويم وكُوستي، كثيراً ما كنا نذهب سوياً لزيارة أهلي بقريتي، بعد وصولنا بساعات قلائل، جاءنا طفل في التاسعة من العمر يُدْعى (عمر)، لم يكن يتيم الوالدين فحسب، بل فقد جدته وجده اللذانِ كًفلاه بعد وفاة والديه، أتاني يحمل تقارير طبية ووصفة دواء من مستشفى ربك، تقول أنه مصاب بمرض (الربو) و(السُلْ) ويريد ثمن الدواء. كان مالي عندك، طلبتُ منك أن تعطيه ما يحتاج، ولكنك رفضت منحه ثمن الدواء. تعجبتُ لأمرك وغضبتُ، فما كان حريٌ بك أن تمسكي عن منحه ما يريد. كان غضبي سابقاً لردك الذي أذهلني وادهشني. فإذا بك تمسكين بيد عمر، وتخرجين معه لِيَدُلُكِ على بيت أهله، فطلبت منهم أن يسمحوا له بمُرافقتنا للخرطوم، لعَرضه على أطباء أخصائيين، وافق أهله مندهشين لمبادرتك الإنسانية، خاصة لا رابط يجمعهم بكِ أو بي. جئت فرحة جزلة، ينير وجهك الابتسامة المطبوعة عليه دائماً، ما كان لي من بد إلا أن أوافق على مبادرتك، ولكن كان الحذر يشوب مفرداتي، ومقاطع وجهي، لأن مرض عمر مرضٌ معدٍ، وقد تفضل الله علينا بتوأمين،