مناظير
drzoheirali@yahoo.com
* بسذاجة شديدة ( تحسد عليها) وقعت الحكومة فى الفخ الذى نصبته لها بذكاء كبير الحركة الشعبية لتحرير السودان لجرها لاحتلال منطقة ابييى وخرق اتفاقية السلام الشامل والظهور بمظهر (دراكيولا) ذلك المخلوق الدموى البشع الذى لا يشبع من سفك الدماء وقتل وتشريد الأبرياء و( الفوز) بإدانة كل دول العالم وأجهزته الأممية ( وما خفى أعظم ) .. وذلك بالهجوم المحدود الذى نفذته مجموعة صغيرة من قوات الحركة على قافلة تضم سرية من القوات المسلحة السودانية (من الوحدات المشتركة) وبعض قوات الأمم المتحدة المرافقة لها لحمايتها ..!!
* وكأن الحكومة لم تصدق ان تتيح لها الحركة الشعبية تلك الفرصة العظيمة لاثبات سذاجتها، فما هى إلا بضع ساعات قليلة حتى اصدرت اوامرها للقوات المسلحة باحتلال منطقة أبيى بكلملها وخرق اتفاقية السلام الشامل.. وفى حساباتها المختلة الساذجة أن العالم سيصفق لها باعتبار انها وقعت ضحية العدوان الغاشم ومن حقها ان ترد بالاضافة الى انها قامت (مشكورة) بحماية قوات الامم المتحدة من اعتداء قوات الحركة الشعبية المعتدية الغادرة التى بادرت بالانسحاب السريع من أرض المعركة بل من أبييى بأكملها وتركتها لقمة سائغة للحكومة السودانية التى التهمتها بشراهة كبيرة كأى فأر جائع يشتم رائحة (قطعة جبن) فيقوم بابتلاعها بسرعة كبيرة بدون ان يعطى نفسه اية فرصة للتفكير فى سبب وجودها فى ذلك المكان والزمان أو نوعها او حتى صلاحيتها للاستهلاك الفأرى .. وما هى إلا بضع لحظات حتى يكتشف الفخ الذى وقع فيه وأن قطعة الجبن التى إلتهمها ما هى الا آخر وجبة له فى حياته فيأخذ بالقفز الى أعلى والصراخ .. ولكن بماذا يفيد القفز والصراخ داخل الفخ المحكم ؟!
* هذا هو الموقف بالضبط الذى وجدت فيه الحكومة نفسها عندما تعجلت باحتلال أبييى، وهاهى كل كل دول العالم والأجهزة الأممية تدينها وتطالبها بالانسحاب الفورى غير المشروط وتهددها باتخاذ اجراءات صارمة ضدها ان لم تفعل، بينما هى لا تجد ما تفعله الا الصراخ، فتارة تقول انها لن تنسحب الا وفق ترتيبات امنية جديدة ( أى باتفاق جديد يجب كل ما قبله من اتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية السلام الشامل)، وتارة تصيح بأنها لن تنسحب إلا بضمانات من الحركة والوسطاء، وتارة ثالثة ُتصرح بأنها لن تنسحب أبدا ..إلخ، ولا يعرف أحد حتى هى نفسها، ماذا ستفعل غدا، ويا خوف فؤادى من غد .. على رأى شاعرنا الكبير فى رائعته التى صدحت بها كوكب الشرق .. (.أغدا ألقاك)، مع الفارق الكبير بين الموقفين والحالتين والأشخاص ..!!
* كل ذلك بينما الحركة الشعبية لتحرير السودان تتفرج من بعيد باستمتاع شديد على الفأر وهو يقفز فى الهواء بلا هدى ويصرخ بأعلى صوته ولا يدرى ماذا يفعل بعد ان ابتلع بسذاجة كبيرة الطعم اللذيذ ( ابييى كيرى) الذى وضعته له داخل المصيدة ..!!
جريدة الأخبار، 26 مايو 2011