ماذا سيجني الانقلابيون من تعيين رئيس وزراء؟

 


 

 

عندما اكتمل المشهد الانقلابي لما سميت بمجموعة الميثاق الوطني أمام القصر الجمهوري، هتف شاديهم بمليء فيه، "الليلة لن نرجع حتي البيان يطلع"! وفي الحقيقة أن البيان الذي كان منتظر طلوعه من تلك المجموعة، أُعد سلفا في ردهات فنادق جوبا، في غياب أو غفلة من الشق المدني للحكومة الانتقالية، وعندما طلع البيان الانقلابي كما هو متفق عليه في 25 اكتوبر، قال قائلهم: "الآن بإمكاننا أن نشكل حكومتنا" !
تلك العبارتان فضحت هوية الانقلاب، لذا لم يجد احد من رموز مجموعة الميثاق الوطني حرجا من الكشف عن المخبوء "تحت التربيزة" بجوبا، وبعد الخامس والعشرين من اكتوبر جرت مياه كثيرة تحت جسور الانقلابين، اذ جاء اتفاق الحادي والعشرين من نوفمبر ليربك المشهد قبل ان يتنفس المجموعة الإنقلابية الصعداء باستقالة رئيس الوزراء تحت ضغط الرفض الثوري لاتفاق حمدوك ــ البرهان المريب.
تنفسوا الصعداء طويلا، ولكن قد طال انتظارهم، واستبد بهم الشوق لتشكيل حكومتهم الموعودة، وتنامت مخاوفهم من غدر حلفائهم (اللجنة الأمنية)، والآن الحكومة المنظرة علي وشك التشكيل، لكن لا نظنهم سيجدون فيها أنفسهم، ونشك أنها ستلبي تطلعات مؤامراتهم علي الثورة السودانية في فنادق جوبا المظلمة، والاستفراد بالسلطة، نكاية في (حقت)، التي يتهمونها بتهميشهم.
قائدا الانقلاب الآن مهمومين بارضاء المجتمع الدولي والكفلاء الإقليمين اكثر من مكافاة مجموعة الميثاق علي تامرهم معهما، تلك المجموعة التي سولت لهم انفسهم، الأمّارة بالخيبة، أنّ المجتمع الدولي سيعترف بانقلاب 25 اكتوبر كأمر واقع علي مضض، وانّ البنوك الدولية ستفتح خزائنها للانقلابين بمجرد تعين رئيس وزراء بديل للدكتور حمدوك، وأنّ توصيات الكفلاء ستكون حاسمة في تثبيت أركان الحكم الانقلابي، لكن اتضح لهم أنّ للحقيقة وجه آخر غير مشرق، وأنّ "أحزاب 4 طويلة" ليست معزولة كما توهموا، وإن اختلف الناس حولهم، وأنّ ثورة ديسمبر الظافرة وإن همدت، لها سبع أرواح، وانّ حاويات التتريس المضاد لن ترتاح في القريب العاجل، وان مجموعة الميثاق، كحاضنة إنقلابية، أشد رخاوةً من "الموز التالف" ولا يمكن الاتكاء عليها ولو مؤقتا. هذه الحقائق المرة، أطلّت بقرونها، لتكون حاضرة في مشهد تعيين رئيس الوزراء المرتقب.
فاعلية رئيس الوزراء المرتقب ليست بكاريزميته، وليست بحاضنته السياسية، وإنما بقبول لجان المقاومة وانسحاب القوات المسلحة والدعم السريع من المشهد السياسي وعودتهم للثكنات، حينها قد يفكر المجتمع الدولي في التعاطي مع رئيس الحكومة المقبلة، غض النظر عن خلفيته السياسية أو حاضنته.
هذه حقيقة، يحاول الإنقلابيين القفز فوقها، والاهم من ذلك ضرب موعد جدي واتخاذ إجراءات موثوقة للانتخابات العامة. من مطلوبات نجاح الحكومة المرتقبة، حل مجلس السيادة وتدغيم صلاحياته لرئيس الوزراء.
لا شك أنّ الانقلابين قد احبطوا أيما إحباط، من خفة أوزان الكيانات الكرتونية التي وقعت مؤخرا علي الحاضنة السياسية البديلة، والتي بلغت تعدادها 79 "كرتونة فارغة"، فقد سخرت منها وترفع عنها حتي بعض الحركات المسلحة الرئيسية في الميثاق الوطني، كانت فاعلة في مجموعة اعتصام القصر، ناهيك عن نفور الأنصار والختمية عن هذا المولود الأجرب، وبالطبع أنّ المجتمع الدولي يراقب ويرصد هذه المشاهد الهزلية، ومما لاريب فيه أنّ الانقلابين الآن في موقف لا يحسدون عليه، ومحتارين بين الإبقاء علي الوضع الحالي، والاحتفاظ بشعرة معاوية مع مجموعة الميثاق الوطني المتململة، أم تشكيل حكومة بديلة، وخسران د. جبريل ومجموعته علي أمل إقناع المجتمع الدولي واستمالة كيانات اكبر رغم ضآلة العرض.
الخلاصة، .أنّ تعين رئيس وزراء مع استمرار العسكر في الإمساك بخيوط اللعبة السياسية زي عدمه .
ebraheemsu@gamil.com

 

آراء