أنظمة البيانات وتنمية الابتكار
د. نازك حامد الهاشمي
9 December, 2021
9 December, 2021
تُعرف البيانات بأنها هي المادة الخام والأولية للمعلومات، وأن المعلومات هي المادة التي خضعت للمعالجة. وتختلف البيانات عن المعلومات في العديد من النواحي، مثل الإختلاف من حيث الشكل، كما يمكن أن تكون البيانات عبارة عن أرقام أو حروف أو رموز، بينما يعبر عن المعلومات بمفاهيم واضحة مثل درجات الحرارة، والكمية والنوع. ولتحويل البيانات إلى معلومات يجب أن تخضع للمعالجة أو التنظيم لجعلها مفيدة وذات معنى.
وحديثاً أصبح للبيانات منتجين ومستخدمين في القطاعين العام والخاص حول العالم، يستخدمها صانعو السياسات والباحثون الأكاديميون والمجتمع المدني للاستفادة من البيانات في أغراض التنمية المستدامة. كما أصبح هنالك وجود واسع للبيانات في حياة الناس اليومية، حيث أصبح التزايد المطلق في إنشاء البيانات أحد الحقائق المؤكدة، لأن الثورة الرقمية هي من غيرت الحياة بشكل غير مسبوق ومتسارع. ومع حدوث الأزمات المختلفة التي مرت على العالم يتضح جلياً دور البيانات وتأثيرها على التنمية.
وتتميز البيانات بإمكانية إعادة استخدمها مرة أخرى، ولأكثر من غرض معين، مما يخلق قيمة اقتصادية للبيانات نفسها، وذلك لتعدد أسباب إستخدامها. كما تعد جودة البيانات عنصرا أساسيا محددا لقيمتها، حيث يعتبر ضعف البيانات أحد أهم أسباب الإفتقار إلى الثقة في القرارات وتضارب الأنظمة في أداء أعمالها. ورغم تعدد استخدام البيانات على كافة المستويات العلمية والتقنية والتجارية وغيرها، إلا أن دقتها عند إعداد السياسات العامة تؤدي إلى نواتج إنمائية إيجابية وذلك للإمكانات الهائلة للبيانات في المساعدة على تحسين الحياة، من خلال تحسين إستخدام البيانات وإعادة إستخدامها من خلال تصميم البرامج العامة والسياسات ومستويات تقديم الخدمات. كما تسهم هيكلة أنظمة البيانات في القطاع العام عند وضع الاستراتيجيات الإنمائية إلى تحقيق قرارات واقعية، وتسهم في تحسين مستوى التقدم لمشروعات التنمية المستهدفة. لذلك أصبحت البيانات تُعْرَفُ بأنها شريان الحياة لعملية اتخاذ القرارات. كما يؤدي حسن تدفق البيانات الجيد إلى إمكانية استخدامها المتكرر من قبل طيف واسع من أصحاب المصلحة. ومن جانب آخر، تتعدد مخاطر سوء استخدام البيانات في عدد واسع من القرارات على كافة المستويات. غير أن وجود أساسيات الحوكمة والبنية التحتية لقاعدة البيانات وفق آطر قانونية ثابتة يعزز من استخدام البيانات لتحقيق المنافع المحتملة، وفق تدابير وقائية للتأكد من سلامتها والحد من المخاطر، وقياس التحديات التي تحول دون تحقيق المكاسب منها. كذلك تعد التدابير الوقائية لحماية المستخدمين من أساسيات حقوق الانسان وذلك ضمن قوانيين حماية البيانات الشخصية، والرقابة، والمعلومات غير الحقيقية، والهجمات على أنظمة البيانات.
وفي جانب القطاع التجاري، يفضي سوء الإستعمال المحتمل للبيانات لمخاطر التفاوت والتحيز عند المستخدمين بين من يملكون البيانات ومن لا يملكونها، حيث أنه يمكن استخدامها بصورة غير جيدة لإغراض تنميط المستهلك وقولبة الخدمات لتناسب الحاجات الشخصية للأفراد والمجتمعات عبر التسويق والإعلان، خاصةً في ظل وجود فوارق اجتماعية ومجتمعية بين البلدان المختلفة، أو حتى داخل البلد الواحد. وتدعم الفوارق هذه بإختلاف القدرات الفردية والتعليمية والحواجز اللغوية في المجتمعات، وباختلاف قدرات الدول في توفير عادل للبيانات والمعلومات. وكل ذلك من شأنه تقويض قيمة البيانات التي تساهم في التنمية الاقتصادية.
لقد أصبح معلوما الآن أن الاستخدام الأمثل لتقنيات المعلومات والاتصالات يقودان إلى تغيرات واسعة في المجتمعات من حيث طريقة التواصل التي تتم بين أطياف المجتمع المختلفة، والتي تعزز التواصل بين النسيج المجتمعي، ويوصل إلى المكونات التي تشكل اقتصاد وسلوك المجتمعات. وكما ورد في تقرير للأمم المتحدة عنوانه "عقد من الاستفادة من البيانات الضخمة من أجل التنمية المستدامة" تعمل الرؤى الناتجة عن البيانات الكبيرة، والتي تنقل عبر الهواتف والحواسيب المحمولة على إحداث أثر جم في العديد من المشاكل للصالح الاجتماعي، مثل حجم التشرد عقب حدوث الكوارث الطبيعية أو الكوارث العارضة، وكذلك نشر المعلومات عن الأوبئة وإنتشار الامراض المعدية، فتعمل على توعية وتقويم السلوك المجتمعي للتعامل معها، وتقديم المساعدات للمتضررين عبر الدولة أو المنظمات العالمية والمحلية تحويل العديد من البيانات لتصبح وثائق معرفية ووثائقية عند الاستجابات في حالات الطوارئ الإنسانية، ومنع أعمال الإرهاب والجرائم المالية والفساد. وعادة ما يتم تحويل البيانات العامة إلى معلومات قابلة للتنفيذ لمساعدة البلدان في كل أنحاء العالم. كذلك يتبادل الناس في كل أنحاء العالم تغريدات، تعد بمئات آلاف الملايين بعشرات اللغات، حول معلومات آنية بشأن عديد القضايا مثل كلفة الغذاء والوظائف، وإمكانية الحصول على الرعاية الطبية، وجودة التعليم، والتقارير بشأن الكوارث الطبيعية وغيرها.
وعلى المستوى الاقتصادي أصبح من الأمور المعتادة الآن التعامل مع عمليات الشراء عبر الهاتف المحمول، بل ويسر ذلك قياس مستوى الإستهلاك للمنتجات والخدمات، وجميعها تعتبر بيانات يمكن إستخدامها في قياس المؤشرات الاقتصادية وتقدير التدفقات التجارية، مثل التجارة الإلكترونية، ومقدمي الخدمات المالية، وغيرها. وتتيح التغييرات في استخدام البيانات الاقتصادية - التي أصبحت سريعة التطور - فرصًا جديدة لإطلاق قيمة البيانات الضخمة من أجل اتخاذ مزيد من القرارات التي يمكن أن تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأصبح من الممكن الآن الحصول على معلومات عامة في الوقت المناسب حول عدد من الأحداث الوقتية في حياة الناس، مثل آثار الفيضانات على المحاصيل، وأسعار الغذاء، كذلك يمكن قياس وتحليل مواقف الناس تجاه كثير من القضايا التي تشغل الرأي العام مثل المستجدات الصحية مثل التطعيم ضد الأمراض، وحتى القضايا السياسية . وتتباين هذه الآثار بين المجتمعات حيث أن هنالك مجتمعات معزولة، وتحصل فقط على بيانات متقطعة وغير موثوقة، وذلك ومن واقع البلدان منخفضة الدخل التي تعاني من ضعف للبنية التحتية للبيانات، وانعدام أطر العمل القانونية والتنظيمية والقدرات المؤسسية اللازمة لإنشاء البيئة المناسبة لازدهار الاقتصاد القائم على البيانات، أو حتى إتاحة المجال للاستفادة اقتصاديا من التدخلات المبتكرة التي تستند إلى البيانات.
ورغما عن هذا النمو غير المسبوق للبيانات حول العالم، لا يزال هناك جانب كبير من قيمة البيانات غير مستغل في المجتمعات الأقل نمواً، لأسباب عديدة منها حواجز كثيرة تقف حائلا في طريق إستخدام هذه البيانات، منها مثلا الإفتقار الأساسي إلى الثقة في تلك البيانات وتضاربها أحياناً، وكذلك ضعف البنية التحتية للاتصالات وقلة جودتها وكلفتها المرتفعة، بالإضافة إلى عدم استمراريتها وما يرتبط بها من خدمات داعمة مثل إستمرارية خدمة الكهرباء وانتشار الأمية الإليكترونية. كذلك يؤدي ضعف تواصل الدول الفقيرة مع المحافل الدولية التي يجري فيها وضع قواعد الحوكمة الدولية للاقتصاد الجديد القائم على البيانات، وعدم وجودهم ومشاركتهم فيها إلى عدم القدرة على طرح المشكلات التي تواجههم، وبالتالي عدم إدراجها ضمن قواعدهم.
ذلك يساهم الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو واحد من الوكالات الخاصة التابعة للأمم المتحدة، في مساعدة البلدان النامية في جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمرا مهما، وقليل الأسعار بحيث يمكن للجميع تقريبا استخدامها ، فعلى سبيل المثال، يدعم الاتحاد البلدان في وضع برامج لإقامة البنى التحتية المادية اللازمة وتعزيز الأمن السيبراني وتطوير المهارات الرقمية للشباب وغيرهم، وتعزيز البيئة التنظيمية والسوقية لزيادة النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال فيها، مما يساهم في إنتقال البلدان إلى العصر الرقمي، وتسخير قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تسريع وتيرة التقدم المحرز أهداف التنمية المستدامة. وأطلقت مبادرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وهي متماشية مع "هدف الابتكار"، الذي هو الهدف التاسع لخطة التنمية المستدام 2030 ،حيث يساعد على إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، ويشجع على التصنيع الشامل والمستدام للتكنولوجيا.
لذلك يجب على الدول الأقل نمواً، ومنها السودان، العمل على تحقيق ذلك الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة، لما يحدثه من تأثير كبير في مجالات الشمول المالي والحد من الفقر وتحسين الصحة. حيث أنه بإمكان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقيق نتائج على نطاق واسع وسريع ويتسم بالجودة والدقة وبتكاليف لم تكن ممكنة أو متاحة سابقاً، في جميع مناحي الحياة.
ويرتبط تحقيق "الابتكار" - الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة 2030 - بإقامة بنى تحتية قادرة على خلق وتشجيع الابتكار. يتم دعم أساسيات ذلك الهدف من خلال تمكين النفاذ إلى مجالات الاتصالات المفتوحة مثل الإنترنت وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الأخرى، عبر عدد من المحاور تتمثل في توسيع الاتفاقيات الدولية لتوزيع وتنسيق الطيف العالمي لوسائل الاتصالات المختلفة حيث تسمح بإستعمال جميع أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أي مكان على نفس نطاقات التردد. كذلك ينبغي إلزام الدول والحكومات بتطبيق المعايير الدولية، وخاصة بالممارسات التقنية التي تضمن تشغيل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الرئيسية بسلاسة وكفاءة وسلامة وتوفر المزيد من الفرص لاقتصادات سريعة النمو.
nazikelhashmi@hotmail.com
///////////////////
وحديثاً أصبح للبيانات منتجين ومستخدمين في القطاعين العام والخاص حول العالم، يستخدمها صانعو السياسات والباحثون الأكاديميون والمجتمع المدني للاستفادة من البيانات في أغراض التنمية المستدامة. كما أصبح هنالك وجود واسع للبيانات في حياة الناس اليومية، حيث أصبح التزايد المطلق في إنشاء البيانات أحد الحقائق المؤكدة، لأن الثورة الرقمية هي من غيرت الحياة بشكل غير مسبوق ومتسارع. ومع حدوث الأزمات المختلفة التي مرت على العالم يتضح جلياً دور البيانات وتأثيرها على التنمية.
وتتميز البيانات بإمكانية إعادة استخدمها مرة أخرى، ولأكثر من غرض معين، مما يخلق قيمة اقتصادية للبيانات نفسها، وذلك لتعدد أسباب إستخدامها. كما تعد جودة البيانات عنصرا أساسيا محددا لقيمتها، حيث يعتبر ضعف البيانات أحد أهم أسباب الإفتقار إلى الثقة في القرارات وتضارب الأنظمة في أداء أعمالها. ورغم تعدد استخدام البيانات على كافة المستويات العلمية والتقنية والتجارية وغيرها، إلا أن دقتها عند إعداد السياسات العامة تؤدي إلى نواتج إنمائية إيجابية وذلك للإمكانات الهائلة للبيانات في المساعدة على تحسين الحياة، من خلال تحسين إستخدام البيانات وإعادة إستخدامها من خلال تصميم البرامج العامة والسياسات ومستويات تقديم الخدمات. كما تسهم هيكلة أنظمة البيانات في القطاع العام عند وضع الاستراتيجيات الإنمائية إلى تحقيق قرارات واقعية، وتسهم في تحسين مستوى التقدم لمشروعات التنمية المستهدفة. لذلك أصبحت البيانات تُعْرَفُ بأنها شريان الحياة لعملية اتخاذ القرارات. كما يؤدي حسن تدفق البيانات الجيد إلى إمكانية استخدامها المتكرر من قبل طيف واسع من أصحاب المصلحة. ومن جانب آخر، تتعدد مخاطر سوء استخدام البيانات في عدد واسع من القرارات على كافة المستويات. غير أن وجود أساسيات الحوكمة والبنية التحتية لقاعدة البيانات وفق آطر قانونية ثابتة يعزز من استخدام البيانات لتحقيق المنافع المحتملة، وفق تدابير وقائية للتأكد من سلامتها والحد من المخاطر، وقياس التحديات التي تحول دون تحقيق المكاسب منها. كذلك تعد التدابير الوقائية لحماية المستخدمين من أساسيات حقوق الانسان وذلك ضمن قوانيين حماية البيانات الشخصية، والرقابة، والمعلومات غير الحقيقية، والهجمات على أنظمة البيانات.
وفي جانب القطاع التجاري، يفضي سوء الإستعمال المحتمل للبيانات لمخاطر التفاوت والتحيز عند المستخدمين بين من يملكون البيانات ومن لا يملكونها، حيث أنه يمكن استخدامها بصورة غير جيدة لإغراض تنميط المستهلك وقولبة الخدمات لتناسب الحاجات الشخصية للأفراد والمجتمعات عبر التسويق والإعلان، خاصةً في ظل وجود فوارق اجتماعية ومجتمعية بين البلدان المختلفة، أو حتى داخل البلد الواحد. وتدعم الفوارق هذه بإختلاف القدرات الفردية والتعليمية والحواجز اللغوية في المجتمعات، وباختلاف قدرات الدول في توفير عادل للبيانات والمعلومات. وكل ذلك من شأنه تقويض قيمة البيانات التي تساهم في التنمية الاقتصادية.
لقد أصبح معلوما الآن أن الاستخدام الأمثل لتقنيات المعلومات والاتصالات يقودان إلى تغيرات واسعة في المجتمعات من حيث طريقة التواصل التي تتم بين أطياف المجتمع المختلفة، والتي تعزز التواصل بين النسيج المجتمعي، ويوصل إلى المكونات التي تشكل اقتصاد وسلوك المجتمعات. وكما ورد في تقرير للأمم المتحدة عنوانه "عقد من الاستفادة من البيانات الضخمة من أجل التنمية المستدامة" تعمل الرؤى الناتجة عن البيانات الكبيرة، والتي تنقل عبر الهواتف والحواسيب المحمولة على إحداث أثر جم في العديد من المشاكل للصالح الاجتماعي، مثل حجم التشرد عقب حدوث الكوارث الطبيعية أو الكوارث العارضة، وكذلك نشر المعلومات عن الأوبئة وإنتشار الامراض المعدية، فتعمل على توعية وتقويم السلوك المجتمعي للتعامل معها، وتقديم المساعدات للمتضررين عبر الدولة أو المنظمات العالمية والمحلية تحويل العديد من البيانات لتصبح وثائق معرفية ووثائقية عند الاستجابات في حالات الطوارئ الإنسانية، ومنع أعمال الإرهاب والجرائم المالية والفساد. وعادة ما يتم تحويل البيانات العامة إلى معلومات قابلة للتنفيذ لمساعدة البلدان في كل أنحاء العالم. كذلك يتبادل الناس في كل أنحاء العالم تغريدات، تعد بمئات آلاف الملايين بعشرات اللغات، حول معلومات آنية بشأن عديد القضايا مثل كلفة الغذاء والوظائف، وإمكانية الحصول على الرعاية الطبية، وجودة التعليم، والتقارير بشأن الكوارث الطبيعية وغيرها.
وعلى المستوى الاقتصادي أصبح من الأمور المعتادة الآن التعامل مع عمليات الشراء عبر الهاتف المحمول، بل ويسر ذلك قياس مستوى الإستهلاك للمنتجات والخدمات، وجميعها تعتبر بيانات يمكن إستخدامها في قياس المؤشرات الاقتصادية وتقدير التدفقات التجارية، مثل التجارة الإلكترونية، ومقدمي الخدمات المالية، وغيرها. وتتيح التغييرات في استخدام البيانات الاقتصادية - التي أصبحت سريعة التطور - فرصًا جديدة لإطلاق قيمة البيانات الضخمة من أجل اتخاذ مزيد من القرارات التي يمكن أن تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأصبح من الممكن الآن الحصول على معلومات عامة في الوقت المناسب حول عدد من الأحداث الوقتية في حياة الناس، مثل آثار الفيضانات على المحاصيل، وأسعار الغذاء، كذلك يمكن قياس وتحليل مواقف الناس تجاه كثير من القضايا التي تشغل الرأي العام مثل المستجدات الصحية مثل التطعيم ضد الأمراض، وحتى القضايا السياسية . وتتباين هذه الآثار بين المجتمعات حيث أن هنالك مجتمعات معزولة، وتحصل فقط على بيانات متقطعة وغير موثوقة، وذلك ومن واقع البلدان منخفضة الدخل التي تعاني من ضعف للبنية التحتية للبيانات، وانعدام أطر العمل القانونية والتنظيمية والقدرات المؤسسية اللازمة لإنشاء البيئة المناسبة لازدهار الاقتصاد القائم على البيانات، أو حتى إتاحة المجال للاستفادة اقتصاديا من التدخلات المبتكرة التي تستند إلى البيانات.
ورغما عن هذا النمو غير المسبوق للبيانات حول العالم، لا يزال هناك جانب كبير من قيمة البيانات غير مستغل في المجتمعات الأقل نمواً، لأسباب عديدة منها حواجز كثيرة تقف حائلا في طريق إستخدام هذه البيانات، منها مثلا الإفتقار الأساسي إلى الثقة في تلك البيانات وتضاربها أحياناً، وكذلك ضعف البنية التحتية للاتصالات وقلة جودتها وكلفتها المرتفعة، بالإضافة إلى عدم استمراريتها وما يرتبط بها من خدمات داعمة مثل إستمرارية خدمة الكهرباء وانتشار الأمية الإليكترونية. كذلك يؤدي ضعف تواصل الدول الفقيرة مع المحافل الدولية التي يجري فيها وضع قواعد الحوكمة الدولية للاقتصاد الجديد القائم على البيانات، وعدم وجودهم ومشاركتهم فيها إلى عدم القدرة على طرح المشكلات التي تواجههم، وبالتالي عدم إدراجها ضمن قواعدهم.
ذلك يساهم الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو واحد من الوكالات الخاصة التابعة للأمم المتحدة، في مساعدة البلدان النامية في جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمرا مهما، وقليل الأسعار بحيث يمكن للجميع تقريبا استخدامها ، فعلى سبيل المثال، يدعم الاتحاد البلدان في وضع برامج لإقامة البنى التحتية المادية اللازمة وتعزيز الأمن السيبراني وتطوير المهارات الرقمية للشباب وغيرهم، وتعزيز البيئة التنظيمية والسوقية لزيادة النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال فيها، مما يساهم في إنتقال البلدان إلى العصر الرقمي، وتسخير قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تسريع وتيرة التقدم المحرز أهداف التنمية المستدامة. وأطلقت مبادرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وهي متماشية مع "هدف الابتكار"، الذي هو الهدف التاسع لخطة التنمية المستدام 2030 ،حيث يساعد على إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، ويشجع على التصنيع الشامل والمستدام للتكنولوجيا.
لذلك يجب على الدول الأقل نمواً، ومنها السودان، العمل على تحقيق ذلك الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة، لما يحدثه من تأثير كبير في مجالات الشمول المالي والحد من الفقر وتحسين الصحة. حيث أنه بإمكان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقيق نتائج على نطاق واسع وسريع ويتسم بالجودة والدقة وبتكاليف لم تكن ممكنة أو متاحة سابقاً، في جميع مناحي الحياة.
ويرتبط تحقيق "الابتكار" - الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة 2030 - بإقامة بنى تحتية قادرة على خلق وتشجيع الابتكار. يتم دعم أساسيات ذلك الهدف من خلال تمكين النفاذ إلى مجالات الاتصالات المفتوحة مثل الإنترنت وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات الأخرى، عبر عدد من المحاور تتمثل في توسيع الاتفاقيات الدولية لتوزيع وتنسيق الطيف العالمي لوسائل الاتصالات المختلفة حيث تسمح بإستعمال جميع أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أي مكان على نفس نطاقات التردد. كذلك ينبغي إلزام الدول والحكومات بتطبيق المعايير الدولية، وخاصة بالممارسات التقنية التي تضمن تشغيل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الرئيسية بسلاسة وكفاءة وسلامة وتوفر المزيد من الفرص لاقتصادات سريعة النمو.
nazikelhashmi@hotmail.com
///////////////////