أنيس منصور: أديبٌ مِصرِيٌّ مُتنَوِّع الاهتمامات

 


 

 

سلسلة مقالات تعريفيَّة 3
تتوزَّعُ كتابات الأديب المصري أنيس منصور فيما بين اهتمامات تاريخيَّة وأثريَّة ومرويَّاتِ خيالٍ عِلمِيٍّ وترجمات لمسرحيَّاتٍ عالميَّةٍ مختلفةِ وتأليف في مجال الفلسفة وأدب الرِّحلات والتمثيليَّات التَّلفزيونيَّة وتوثيقٍ للحراك الثقافي والفكري لكتَّابٍ مصريين كبار. ذلك فضلاً عن كتاباتِهِ الصَّحفيَّة المُتنوِّعةَ التي تناولت مواضيعَ وشِؤُونَ شَتَّىْ. وقد تمثَّلت تلك الكتابات في مؤلَّفاتٍ له من بينها "الذين هَبَطُوا من السماء" (خيال علمي) و"الذين عادُوا من السَّماء" (خيال علمي) و"لعنة الفراعنة" وترجماتٍ له لمسرحيات اشتملت على "هي وعشيقها" و"رومولوس العظيم" و"أمير الأرض البُور" و"زواج السَّيِّد مِسيسيبي" وسواها من مُؤلَّفات المسرح العالمي. ذلك بجانب مُخْتَلَفِ كتاباته الصَّحفية المشار إليها آنفَاً.

وفي إطار اهتمامِهِ الفلسفيِّ ساهم أنيس منصور في تعريفِ العالم العربي بالفلسفة الوجوديَّةِ في عمُومِهَا فيما، ككاتبٍ صحفيٍّ، قام، بحسب المُتابعين لسيرتِهِ ومسيرتِهِ الصَّحفيَّة، بتأسيسِ مِزاجٍ في الكتابةِ الصَّحفيةِ في كُبرياتِ صحف ومجلات العالم العربي اتَّسَمَ بالطَّرافة وأُسلُوبِ صِيَاغةٍ جمعَ، كما يقولُ عنه دارسُوهُ، فيما بين البساطة والعُمق والدِّقَّة والمِزاج السَّاخر ووُسعِ المعرفة والثَّقافَةْ. هذا وقد اشتملَ مَدَىْ توثيقِهِ للحراك الثَّقافي والفكري المصري على كتاب وأدباء مصريين كِبار من بينهم عبَّاس محمود العقَّاد وطه حسين وإبراهيم عبد القادر المازنِي وخلافهم من مشاهير الكتاب والأدباء المصريين.

عمل أنيس منصور، فضلاً عن اشتغالِهِ بالصَّحافة والأدب، مدرسا للفلسفة الحديثة بكلية الآداب، جامعة عين شمس فيما بين العامين 1954م و1963م وعاد للعمل بالتَّدريس، مرة أخرى، في العام 1975م. وقد يرى هو نفسَهُ أقرب، مِزاجيَّاً، إلى الفلسفة منها إلى الأدب أو الصَّحافة أو سواهما من مجالي الاهتمامات الإنسانيَّة وذلك قد يُلمَحُ في ميلِهِ، في مختلفِ كتاباتِهِ، إلى التَّأمُّلِ في ما هو وراء المرئي.

وفيما يخصُّ أشغالَ أنيس منصور الأدبيَّة تميَّزت تلك الأشغال بالتقاط عنفُوان الحياة المصرية الصاخبة بعين فيلسوفٍ، أو مُفكِّرٍ، اجتماعيٍّ إذ هي قد احتوت على تحليلٍ عميقٍ لعدة ظواهر اجتماعيَّة في المجتمع المصري. وقد حُوِّلت بعضُ تلك الأشغال إلى مسلسلات تلفزيونية نذكر منها هنا، على سبيلِ التَّمثيل، "من الذي لا يحب فاطمة" و"القلب أبداً يدق" و"غاضبون وغاضبات".

هذا وقد حازَ أنيس منصور على عدَّةِ شهادات وجوائز تقديريَّة منها شهادة الدِّكتوراة الفخريَّة من جامعة المنصورة المصريَّة، جائزة الفارس الذَّهبي من التلفزيون المصري لأربع سنوات متتالية، جائزة كاتب الأدب العلمي الأوَّل من أكاديميَّة البحث العلمي المصريَّة وجائزةٍ أخرى تمثَّلت في فوزِهِ بلقب الشَّخصيَّة الفِكريَّة العربيَّة الأولى من مؤسَّسة السُّوق العربيَّة في لندن.

وفي ختام مساهمتي البسيطة هذي في التَّعريف المُوجزَ جِدَّاً بالأديب المصري أنيس منصور أُشيرُ إلى أنَّه كانت له صلاتٌ ببعضِ من اشتهروا في مجالِ الفلسفة الوُجُوديَّة مثل الفيلسوفة الوجوديَّة الفرنسيَّة سيمون دي بوفوار، كما إلى أنَّ عموم الشَّارع السياسيَّ العربيَّ ما كان "مُستمزِجَاً" مِنُه موقفه التصالحي من إسرائيل ومرافقته للرئيس المصري الراحل أنور السادات في زيارته الشهيرة إلى العاصمة الإسرائيليَّة، تل أبيب، علماً بأنَّ رؤيته في ذلك السِّياق كانت قد بُنِيَتْ، حينذاكَ، على فِكرةٍ مُؤَدَّاهَا أنَّهُ بِوُسْعِ مِصرَ، بما لديها من ثقل سياسيٍّ واجتماعيٍّ وثقافِيٍّ كبيرٍ في العالم العربي ، أداءَ دورِ وسيطٍ للسُّلمِ فيما بين العرب وإسرائيل.

لندن، يونيُو 2011م
إبراهيم جعفر.

khalifa618@yahoo.co.uk

 

آراء