إطار وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار (مرحلة التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن)
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
3 September, 2023
3 September, 2023
إطار وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار
1. مرحلة التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري
تمهيد:
أفضى الإحتراب المدمر الذي اندلع في الخرطوم منتصف أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع إلى كارثة وطنية انداحت آثارها الاقتصادية والاجتماعية لبقية ولايات السودان ودول الجوار الإفريقي والعربي. وألقى الاقتتال الطاحن بظلام قاتم علي الفترة الانتقالية المتعثرة التي كابدها السودان بعد نجاح ثورة ديسمبر الظافرة في القضاء على حكم الإنقاذ الشمولي في أبريل 2019. وفي خضم فشل الفترة الانتقالية في تحقيق استحقاقات السلام والانتعاش الاقتصادي وتهيئة البيئة المؤدية لانتخابات حرة ونزيهة، استعر الإحتراب الكارثي منتصف أبريل 2023 ليضيف أعباء واستحقاقات متراكمة على الفترة الانتقالية، ويسلط الضوء على الأوزار التي لازمت الممارسات السابقة من السياسيين والعسكريين.
وعلى هذه الخلفية الحالكة فإن الإطار المقترح لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار السودان ينطوي على مهام واختصاصات محددة للنهوض بالسودان ويضع حداً لتراكم الآثار الوخيمة للصراعات الهدامة التي لازمت الخمسين سنة الماضية. وقد تم تصميم هذا الإطار لمساعدة الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين على تصور وتنظيم وتحديد أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة انتقالية رصينة محددة التوقيت والمهام والاختصاصات. كما يرمي الإطار المقترح إلى المساعدة في تحديد أوجه القصور والثغرات في تجربة الانتقال السابقة، ويمهد الطريق لانتقال حقيقي يراعي التسلسل والتدرج في تنفيذ المهام المؤدية للحكم المدني الراسخ والتحول الديمقراطي المنشود بعيداً عن الرغبوية الجامحة والتشاؤم المستكين. وتحقيقاً لهذه الغايات المأمولة ينطوي الإطار المقترح على عملية تخطيط استراتيجي واقعي يحدد أولويات الانتقال ويقسم المهام المسندة بشكل منسق بين الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية بما يضمن تحاشي الانتكاسات التي لازمت فترة الانتقال السابقة.
وتأسيساً على العبر من تجارب عشرات الدول التي لا زالت تعاني من الصراع، وتلك التي خرجت منه، ينطوي الإطار المقترح لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار السودان على ثلاث مراحل تشمل (1) التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن (2) ترسيخ التحول والانتقال (3) تمكين القدرات المحلية لتحقيق الاستدامة. وتستند كل مرحلة على أربع ركائز تشمل (1) بسط الأمن (2) العدالة الانتقالية والوئام المجتمعي (3) الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي (4) الحوكمة والتشاركية.
ونظراً لأن الفترة الانتقالية القادمة تتحمل أعباء إخفاقات تجربة الانتقال السابقة منذ سقوط نظام الإنقاذ في أبريل 2019، وأوزار حرب أبريل 2023، فإن تحديد مدة الفترة الانتقالية ينبغي أن يضع في الحسبان فترة كافية للإيفاء بعقد اجتماعي بين الدولة والشعب يكسبها الشرعية المطلوبة. وينطوي هذا العقد الاجتماعي على مجابهة الحكومة لتحديات الانتقال المتراكمة التي تشمل، فيما تشمل، وقف الأعمال العدائية، ومراجعة اتفاقية سلام جوبا، والتسريح ونزع السلاح وإعادة الإدماج، وإدماج الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة في الجيش السوداني، وعودة اللاجئين والنازحين، وإرساء أسس الدولة الناهضة، وتحقيق الاندماج المجتمعي وإدارة العلاقات المجتمعية، وتوفير الوظائف للشباب، والتركيز على حقوق المرأة، توطئة للشروع في تحقيق الانتعاش الاقتصادي، وتهيئة البيئة الصالحة لقيام انتخابات حرة ونزيهة.
وفيما يلي استعراض للمهام والاختصاصات الدقيقة لمراحل وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في السودان:
المرحلة الأولى: التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن:
تهدف هذه المرحلة إلى إنشاء بيئة آمنة ومأمونة في السودان وتشمل أربع ركائز على النحو التالي:
1. بسط الأمن:
يتطلب نشر الأمن ومراقبة وقف إطلاق النار تدخلات عسكرية إقليمية مدعومة دولياً للفصل بين المتحاربين وحفظ الأمن بالتنسيق بين مبادرات الإيقاد، والاتحاد الإفريقي، ودول الجوار السوداني، والتي يعوّل جميعها على التكامل مع منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. ذلك أن تواصل الفشل الموافقة على المبادرات المطروحة يهدد بالتخل الأممي تحت البند السابع. وتنبع أهمية التدخل العسكري الإقليمي من فشل الفاعلين المحليين في وقف الاقتتال، وذلك فضلاً عن أن بسط الأمن يمثل شرطاً مسبقاً لتحقيق نتائج ناجحة في مهام الانتقال المتراكمة الأخرى.
وتشمل ركيزة بسط الأمن المهام التالية:
• السيطرة على المقاتلين من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى، ويشمل ذلك فرض وقف إطلاق النار وإنفاذ اتفاق السلام ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR).
• السيطرة الجغرافية على كافة مناطق الصراع، وتشمل مراقبة الحدود وحرية تنقل المراقبين الإقليميين، وتقديم العون الإنساني وتنظيم الحركة البرية والجوية.
• حماية المواطنين وتشمل حماية اللاجئين والنازحين من كافة الصراعات وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
• حماية البنية التحتية والمؤسسات والأفراد وتشمل حماية الممتلكات الخاصة الإنتاجية والسكنية، وتأمين البنية التحتية الحيوية بما في ذلك المطارات والطرق والجسور والمستشفيات والاتصالات والبنوك ومحطات الكهرباء والسدود ومصادر المياه وخطوط الأنابيب.
• إعادة تشكيل القوات المسلحة بدمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى، وإعادة تنظيم وبناء قدرات قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية، ومراعاة التوازن الإقليمي.
• مراجعة الترتيبات الأمنية مع دول الجوار: مصر وليبيا وإثيوبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان وإريتريا.
2. العدالة الانتقالية:
تنطوي هذه الركيزة على تنصيب نظام قانوني محايد وخاضع للمساءلة وللتعامل مع الانتهاكات وجرائم الحرب في كافة بؤر وحقب الصراع، وإنشاء أجهزة فعالة لإنفاذ القانون، وتكوين نظام قضائي نزيه، وسن قوانين عادلة، وآليات رسمية وغير رسمية لحل المظالم الناشئة عن الصراع. وتشمل هذه الركيزة المهام التالية:
• العدالة الانتقالية وتتضمنن آلياتها الشرطة، والقضاة، والمدعين العامين، ومحامي الدفاع، ومديري المحاكم، والقواعد والإجراءات.
• إنفاذ القانون ويشمل فحص وإعادة تشكيل قوات الشرطة الموجودة بالتعاون مع خبرات شرطية دولية، وتدريب الشرطة المحلية وتزويدها بمعايير الشرطة الدولية، ونشر مراقبي الشرطة في كافة مناطق الصراع.
• تفعيل المساءلة بإنشاء مكتب للمفتش العام للتحقيق في فشل الشرطة في حماية المواطنين وممتلكاتهم طيلة فترات الصراع، وإنشاء ديوان للتظلمات لمعالجة شكاوى المواطنين وانتقاداتهم لتطبيق القانون.
• تطوير النظام القضائي ويشمل مراجعة النظام القضائي الحالي، ووضع قواعد السلوك المهني للجهاز القضائي، وتطوير البنية التحتية المتمثلة في المحاكم وكليات القانون وتنظيمات المهنيين، والانفتاح على المواطنين بإنشاء آلية اتصال بينهم وبين الجهات الانتقالية المحلية والدولية بشأن المسائل القانونية وجبر الضرر.
• معاقبة انتهاكات حقوق الإنسان وتشمل بناء قدرات مجموعات حقوق الإنسان المحلية بدعم دولي، وتطوير القدرة المحلية على مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب.
• تفعيل المحاكم والهيئات القضائية الدولية وضمان توافق المحكمة الدولية مع الآليات القانونية الوطنية، وتوثيق وحفظ الأدلة على الفظائع الجماعية، وتنسيق الجهود مع تحقيقات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتواصل مع المواطنين لنشر لوائح الاتهام والبيانات.
• التعافي الفردي وتمكين المواطنين بتقديم المشورة المحلية لضحايا ومرتكبي الصراع، وتأسيس مبادرات الأشخاص المفقودين، وتحديد الاحتياجات الفردية لكافة المتأثرين بالصراع.
3. الرعاية الاجتماعية والانتعاش الاقتصادي:
تتناول الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، وتوفير الإغاثة في حالات الطوارئ، واستعادة الخدمات الأساسية للسكان، وإرساء الأساس للانتعاش الاقتصادي، والتمهيد للتنمية المستدامة بعد الفترة الانتقالية.
الرعاية الاجتماعية:
• معالجة قضايا اللجوء والنزوح بتوفير الغذاء والماء والمأوى والدواء في حالات الطوارئ وإنشاء مخيمات اللاجئين، وإنشاء نظام التسجيل وتحديد هوية اللاجئين والنازحين، وإقامة حملة إعلامية عامة لإدارة شؤونهم.
• تحقيق الأمن الغذائي ويشمل تأمين قنوات توزيع المساعدات الغذائية الطارئة، وحماية شبكة توزيع المواد الغذائية، وتوفير مرافق التخزين المناسبة لمنع تلوث الأغذية، وإعادة إعمار الأسواق التي دمرها الإحتراب واسترداد سلاسل الإنتاج والتسويق في كافة مناطق وحقب الصراع.
• إصلاح الصحة العامة بتأهيل إدارة المياه والنفايات، وتعزيز القطاع الطبي بدعم تخزين وتوزيع الإمدادات الطبية الطارئة والأدوية للتعامل مع المشاكل الصحية الطارئة الناتجة عن الصراع (المرض، العدوى، الجروح)، ومعالجة تكدس جثث الضحايا.
• توفير المأوى بتطوير استراتيجية للإسكان لمعالجة مشاكل اللاجئين والنازحين وكذلك إعادة إدماج المقاتلين السابقين، والفصل في منازعات الملكية في المناطق المتأثرة بالصراع، ووضع معايير وآليات لحل نزاعات الملكية في كافة مناطق وحقب الصراع.
• تأهيل النظام التعليمي بإصلاح البنية التحتية المدمرة وإصلاح المدارس والجامعات، والاهتمام بأوضاع المعلمين والإداريين بالقطاع التعليمي، وتطوير المناهج والمقررات التي تراعي التنوع والمواطنة، وتكثيف حملات محو الأمية.
• توسيع شبكة الأمان الاجتماعي بتقييم أنظمة التقاعد الحالية لموظفي الحكومة وشبه الحكومية، وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي الحالي.
الانتعاش الاقتصادي:
• وضع استراتيجية اقتصادية لا تتجاوز مدتها الفترة الانتقالية تستند على مسح الوضع الاقتصادي الكلي، وتقييم الأضرار والاحتياجات الناتجة عن الإحتراب، وتحديد الاحتياجات المالية من الموارد الذاتية والموارد الخارجية، وتطوير آلية عالية الكفاءة للتنسيق مع الجهات المانحة والاهتمام بتعزيز القدرة الاستيعابية للمعونات.
• النأي عن المشروعات النهضوية ونماذج المحاكاة بعيدة المدى خلال الفترة الانتقالية التي ينبغي ألا يتجاوز تفويضها وصلاحيتها التدرج الواقعي في الانتقال من اقتصاد الصراع الذي يقع نحو 70% منه خارج سيطرة الدولة (اقتصاد الظل)، إلى اقتصاد السلام (الاقتصاد الرسمي). ذلك أن إضاعة الموارد الشحيحة في التحول من اقتصاد الصراع مباشرة إلى اقتصاد التنمية المستدامة يمثل تنظيراً أكاديمياً يجتر نهج الانقاذ الاقتصادي الفاشل.
• استعادة التطبيع مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالاستمرار في تنفيذ برنامج التسهيل الائتماني المعزز (Enhanced Credit Facility - ECF) بما في ذلك الاستدامة المالية من خلال زيادة تعبئة الإيرادات المحلية وخفض الإنفاق على الدعم، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والخدمات الحيوية الأخرى لتحسين مستويات المعيشة ورفع النمو على المدى الطويل، ودعم مرونة سعر الصرف واعتماد نظام استهداف الأموال الاحتياطية، وضمان استقلالية البنك المركزي ، وتعزيز القطاع المالي بتطبيق نظام مصرفي مزدوج، ومعالجة مخاطر التعثر في النظام المصرفي.
• تعزيز الحوكمة والشفافية خاصة في قطاع الشركات المملوكة للدولة.
• التفاوض للوصول لنقطة الإنجاز في مبادرة هيبيك في فترة عامين تنتهي في أكتوبر 2025.
• تخفيض الدين العام الخارجي بأكثر من 50 مليار دولار تمثل أكثر من 90% إذا تم الوصول لنقطة الإنجاز عام 2025.
• تأهيل البنية التحتية بإعادة الكهرباء للمؤسسات الحيوية، وتوفير وسائل المواصلات وإعمار الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ للقيام بالوظائف الإنسانية والاقتصادية المترتبة على الإحتراب.
• استعادة قدرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الضرورية للسلام وإعادة الإعمار.
• توليد فرص العمل بتصميم مبادرات لتوفير فرص العمل الفوري، والتماس أفكار المشاريع كثيفة العمالة من القطاع الخاص والمجتمعات المحلية خاصة المشروعات الصغيرة.
• تشجيع التدخلات المستدامة للقطاع الخاص بجعل مشاركته جزءاً من منظومة أكبر من المجموعات السياسية ومجموعات المجتمع المدني التي تعمل من أجل بناء السلام وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
• إعادة تشكيل الأسواق التي دمرها الإحتراب، واستبدال أنشطة الاقتصاد الموازي بالبدائل القانونية، وتشجيع التحول للاقتصاد الرسمي.
• الإصلاح القانوني والتنظيمي بصياغة القوانين والمدونات لإنشاء وتعزيز حقوق الملكية، وتحسين بيئة الأعمال بتصميم القوانين وتوفير الأنظمة التي تحفز النمو الاقتصادي، وتوفر الحماية للعاملين.
• تسهيل التجارة العالمية بتقييم التعريفات والهياكل الضريبية والحواجز أمام التجارة، وتحديد أولويات التجارة واستكشاف فرص تجارية جديدة تمكن من إعادة الإعمار، وبدء الحوار بين الفريق الاقتصادي الوطني والجهات الفاعلة الدولية المسؤولة عن منح الوضع التجاري التفضيلي.
• تحفيز الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بخلق بيئة أعمال محفزة للنمو الاقتصادي، والنظر في أهم الاحتياجات المؤدية لتعزيز الاستثمار العام بالشراكة مع القطاع الخاص، والاستمرار في توجيه الدعم للمستحقين، وحوكمة عائدات الموارد الطبيعية خاصة الذهب.
• إصلاح الخدمات المصرفية والمالية بتطوير أداء البنك المركزي للقيم بدوره في الإدارة الرشيدة للمعاملات المالية التي تقوم بها البنوك والجهات الخاصة والعامة.
4. الحوكمة والتشاركية:
تنطوي هذه الركيزة على مخاطبة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، ولا سيما توفير الإغاثة في حالات الطوارئ، واستعادة الخدمات الأساسية للسكان، وإرساء الأساس لاقتصاد قابل للنهوض، والتمهيد لوضع برنامج تنمية شامل ومستدام.
الحوكمة:
• تحديد مدة الفترة الانتقالية القادمة بمنأى عن الرغبات السياسية والتركيز على المدة الزمنية الكافية لتنفيذ المهام المعقدة الي فشلت الفترة الانتقالية السابقة في تنفيذها، شاملة توفير الأمن والسلام وتحقيق العدالة والتصالح وتوفير الرعاية الاجتماعية والانتعاش الاقتصادي وتحقيق الحوكمة في إطار تشاركي وتهيئة البيئة الصالحة لإقامة انتخابات حرة ونزيهة. وفي ضوء الفشل الذي لازم الفترة الانتقالية التي سبقت حرب 15 أبريل 2023، وفي ضوء ما نتج عن حرب أبريل 2023 من دمار وخراب، فإن المهام والاستحقاقات المتراكمة التي تسبق الانتخابات يتعذر تنفيذها في فترة انتقالية تقل مدتها عن خمس سنوات.
• تفعيل العملية الانتقالية الوطنية بدعم الحوار الوطني على كافة المستويات القومية والإقليمية والمحلية لضمان تمثيل آراء المواطنين، وتوفير المستشارين امن مختلف التخصصات للإعداد للمؤتمر الدستوري.
• وضع القواعد والأسس والمهام والجدول الزمني للحكومة الانتقالية توطئة لتشكيلها من الكفاءات المدنية الوطنية غير المنتمية لأي من الكيانات السياسية بالتشاور بين الجهات الفاعلة المحلية لتشكل حاضنة سياسية موثوقة تلتزم بتنفيذ العقد الاجتماعي بين الحكومة والشعب.
• إصلاح الخدمة المدنية بتحديد هيكلها وحجمها المناسب لتلبية الاحتياجات الانتقالية والمتطلبات المتعلقة بالتحول الديمقراطي.
• تحديد المصادر وتصميم نظام عملي وفعال قادر على توليد إيرادات للخدمات الحكومية الضرورية لتحقيق السلام.
• تحديد الأفراد الرئيسيين في السلطة التنفيذية على كافة المستويات لتلقي دورات مكثفة لبناء القدرات، والتثقيف حول مبادئ الحوكمة المسؤولة ومهام واختصاصات الفترة الانتقالية.
• تشجيع المغتربين ذوي المهارات المكتسبة للعودة إلى البلاد.
• بناء قدرات الجهاز التشريعي وتحديد دور وولاية السلطة التشريعية في عمليات صنع القرار القومية والمحلية، وإزالة معوقات وصول المواطن للجهاز التشريعي.
• إقامة مؤتمر نظام الحكم لإصلاح الحكم اللامركزي بوضع الأسس القانونية لهياكل ومستويات الحكم وتحديد أسلوب تمثيل السكان المحليين ومشاركتهم في إطار الحكم اللامركزي.
• تحديد القدرات والاحتياجات المحلية لتحقيق الإصلاح المؤسسي ومراعاة دور الهياكل المجتمعية التقليدية في تحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي في كافة مناطق وحقب الصراع.
• الشفافية ومكافحة الفساد بتطوير القوانين التي تعزز المساءلة داخل الحكومة والقطاع الخاص والهياكل المجتمعية التقليدية، وإنشاء آليات للحد من الفساد بما في ذلك حماية المدعين الخاصين والشهود والقضاة.
• تشكيل منظمات رقابية من المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص لمراقبة أداء المؤسسات الدولية والوطنية.
• التحضير للانتخابات بوضع الجدول الزمني والأهداف وتحديد طريقة التمثيل، وإجراء التعداد السكاني، وإنشاء مفوضية وطنية مستقلة للانتخابات وإعداد سجل الناخبين والتحقق منه، ووضع آلية فاعلة لمراقبة الانتخابات، والتواصل مع المواطنين بإعلان الجدول الزمني للانتخابات وتشجيع مشاركتهم.
• وضع أسس قانونية للأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية، ووضع خطة لتحويل لجان المقاومة والحركات المسلحة لكيانات سياسية وإخضاعهم لبرامج مكثفة لبناء القدرات لضمان التنافس الحر.
• تشجيع مشاركة المجتمع المدني في التحول الديمقراطي من خلال إنشاء النقابات والجمعيات المهنية والجماعات الدينية والجمعيات المدنية وفقاً للممارسات الديمقراطية المتعارف عليها، ومراجعة اللوائح الحالية المتعلقة بالمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
• إصلاح الوسائط الإعلامية واستخدامها كأداة إعلامية عامة لتوفير المعلومات الواقعية والسيطرة على الشائعات، وبناء قدرات الإعلاميين وتطوير قواعد السلوك الإعلامي المناهض للتخوين والتهاتر.
melshibly@hotmail.com
1. مرحلة التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن
بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري
تمهيد:
أفضى الإحتراب المدمر الذي اندلع في الخرطوم منتصف أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع إلى كارثة وطنية انداحت آثارها الاقتصادية والاجتماعية لبقية ولايات السودان ودول الجوار الإفريقي والعربي. وألقى الاقتتال الطاحن بظلام قاتم علي الفترة الانتقالية المتعثرة التي كابدها السودان بعد نجاح ثورة ديسمبر الظافرة في القضاء على حكم الإنقاذ الشمولي في أبريل 2019. وفي خضم فشل الفترة الانتقالية في تحقيق استحقاقات السلام والانتعاش الاقتصادي وتهيئة البيئة المؤدية لانتخابات حرة ونزيهة، استعر الإحتراب الكارثي منتصف أبريل 2023 ليضيف أعباء واستحقاقات متراكمة على الفترة الانتقالية، ويسلط الضوء على الأوزار التي لازمت الممارسات السابقة من السياسيين والعسكريين.
وعلى هذه الخلفية الحالكة فإن الإطار المقترح لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار السودان ينطوي على مهام واختصاصات محددة للنهوض بالسودان ويضع حداً لتراكم الآثار الوخيمة للصراعات الهدامة التي لازمت الخمسين سنة الماضية. وقد تم تصميم هذا الإطار لمساعدة الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين على تصور وتنظيم وتحديد أولويات السياسات الاقتصادية والاجتماعية خلال فترة انتقالية رصينة محددة التوقيت والمهام والاختصاصات. كما يرمي الإطار المقترح إلى المساعدة في تحديد أوجه القصور والثغرات في تجربة الانتقال السابقة، ويمهد الطريق لانتقال حقيقي يراعي التسلسل والتدرج في تنفيذ المهام المؤدية للحكم المدني الراسخ والتحول الديمقراطي المنشود بعيداً عن الرغبوية الجامحة والتشاؤم المستكين. وتحقيقاً لهذه الغايات المأمولة ينطوي الإطار المقترح على عملية تخطيط استراتيجي واقعي يحدد أولويات الانتقال ويقسم المهام المسندة بشكل منسق بين الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية بما يضمن تحاشي الانتكاسات التي لازمت فترة الانتقال السابقة.
وتأسيساً على العبر من تجارب عشرات الدول التي لا زالت تعاني من الصراع، وتلك التي خرجت منه، ينطوي الإطار المقترح لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار السودان على ثلاث مراحل تشمل (1) التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن (2) ترسيخ التحول والانتقال (3) تمكين القدرات المحلية لتحقيق الاستدامة. وتستند كل مرحلة على أربع ركائز تشمل (1) بسط الأمن (2) العدالة الانتقالية والوئام المجتمعي (3) الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي (4) الحوكمة والتشاركية.
ونظراً لأن الفترة الانتقالية القادمة تتحمل أعباء إخفاقات تجربة الانتقال السابقة منذ سقوط نظام الإنقاذ في أبريل 2019، وأوزار حرب أبريل 2023، فإن تحديد مدة الفترة الانتقالية ينبغي أن يضع في الحسبان فترة كافية للإيفاء بعقد اجتماعي بين الدولة والشعب يكسبها الشرعية المطلوبة. وينطوي هذا العقد الاجتماعي على مجابهة الحكومة لتحديات الانتقال المتراكمة التي تشمل، فيما تشمل، وقف الأعمال العدائية، ومراجعة اتفاقية سلام جوبا، والتسريح ونزع السلاح وإعادة الإدماج، وإدماج الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة في الجيش السوداني، وعودة اللاجئين والنازحين، وإرساء أسس الدولة الناهضة، وتحقيق الاندماج المجتمعي وإدارة العلاقات المجتمعية، وتوفير الوظائف للشباب، والتركيز على حقوق المرأة، توطئة للشروع في تحقيق الانتعاش الاقتصادي، وتهيئة البيئة الصالحة لقيام انتخابات حرة ونزيهة.
وفيما يلي استعراض للمهام والاختصاصات الدقيقة لمراحل وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في السودان:
المرحلة الأولى: التدخل الوطني والإقليمي المباشر لبسط الأمن:
تهدف هذه المرحلة إلى إنشاء بيئة آمنة ومأمونة في السودان وتشمل أربع ركائز على النحو التالي:
1. بسط الأمن:
يتطلب نشر الأمن ومراقبة وقف إطلاق النار تدخلات عسكرية إقليمية مدعومة دولياً للفصل بين المتحاربين وحفظ الأمن بالتنسيق بين مبادرات الإيقاد، والاتحاد الإفريقي، ودول الجوار السوداني، والتي يعوّل جميعها على التكامل مع منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. ذلك أن تواصل الفشل الموافقة على المبادرات المطروحة يهدد بالتخل الأممي تحت البند السابع. وتنبع أهمية التدخل العسكري الإقليمي من فشل الفاعلين المحليين في وقف الاقتتال، وذلك فضلاً عن أن بسط الأمن يمثل شرطاً مسبقاً لتحقيق نتائج ناجحة في مهام الانتقال المتراكمة الأخرى.
وتشمل ركيزة بسط الأمن المهام التالية:
• السيطرة على المقاتلين من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى، ويشمل ذلك فرض وقف إطلاق النار وإنفاذ اتفاق السلام ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR).
• السيطرة الجغرافية على كافة مناطق الصراع، وتشمل مراقبة الحدود وحرية تنقل المراقبين الإقليميين، وتقديم العون الإنساني وتنظيم الحركة البرية والجوية.
• حماية المواطنين وتشمل حماية اللاجئين والنازحين من كافة الصراعات وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
• حماية البنية التحتية والمؤسسات والأفراد وتشمل حماية الممتلكات الخاصة الإنتاجية والسكنية، وتأمين البنية التحتية الحيوية بما في ذلك المطارات والطرق والجسور والمستشفيات والاتصالات والبنوك ومحطات الكهرباء والسدود ومصادر المياه وخطوط الأنابيب.
• إعادة تشكيل القوات المسلحة بدمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى، وإعادة تنظيم وبناء قدرات قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية، ومراعاة التوازن الإقليمي.
• مراجعة الترتيبات الأمنية مع دول الجوار: مصر وليبيا وإثيوبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان وإريتريا.
2. العدالة الانتقالية:
تنطوي هذه الركيزة على تنصيب نظام قانوني محايد وخاضع للمساءلة وللتعامل مع الانتهاكات وجرائم الحرب في كافة بؤر وحقب الصراع، وإنشاء أجهزة فعالة لإنفاذ القانون، وتكوين نظام قضائي نزيه، وسن قوانين عادلة، وآليات رسمية وغير رسمية لحل المظالم الناشئة عن الصراع. وتشمل هذه الركيزة المهام التالية:
• العدالة الانتقالية وتتضمنن آلياتها الشرطة، والقضاة، والمدعين العامين، ومحامي الدفاع، ومديري المحاكم، والقواعد والإجراءات.
• إنفاذ القانون ويشمل فحص وإعادة تشكيل قوات الشرطة الموجودة بالتعاون مع خبرات شرطية دولية، وتدريب الشرطة المحلية وتزويدها بمعايير الشرطة الدولية، ونشر مراقبي الشرطة في كافة مناطق الصراع.
• تفعيل المساءلة بإنشاء مكتب للمفتش العام للتحقيق في فشل الشرطة في حماية المواطنين وممتلكاتهم طيلة فترات الصراع، وإنشاء ديوان للتظلمات لمعالجة شكاوى المواطنين وانتقاداتهم لتطبيق القانون.
• تطوير النظام القضائي ويشمل مراجعة النظام القضائي الحالي، ووضع قواعد السلوك المهني للجهاز القضائي، وتطوير البنية التحتية المتمثلة في المحاكم وكليات القانون وتنظيمات المهنيين، والانفتاح على المواطنين بإنشاء آلية اتصال بينهم وبين الجهات الانتقالية المحلية والدولية بشأن المسائل القانونية وجبر الضرر.
• معاقبة انتهاكات حقوق الإنسان وتشمل بناء قدرات مجموعات حقوق الإنسان المحلية بدعم دولي، وتطوير القدرة المحلية على مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب.
• تفعيل المحاكم والهيئات القضائية الدولية وضمان توافق المحكمة الدولية مع الآليات القانونية الوطنية، وتوثيق وحفظ الأدلة على الفظائع الجماعية، وتنسيق الجهود مع تحقيقات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والتواصل مع المواطنين لنشر لوائح الاتهام والبيانات.
• التعافي الفردي وتمكين المواطنين بتقديم المشورة المحلية لضحايا ومرتكبي الصراع، وتأسيس مبادرات الأشخاص المفقودين، وتحديد الاحتياجات الفردية لكافة المتأثرين بالصراع.
3. الرعاية الاجتماعية والانتعاش الاقتصادي:
تتناول الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، وتوفير الإغاثة في حالات الطوارئ، واستعادة الخدمات الأساسية للسكان، وإرساء الأساس للانتعاش الاقتصادي، والتمهيد للتنمية المستدامة بعد الفترة الانتقالية.
الرعاية الاجتماعية:
• معالجة قضايا اللجوء والنزوح بتوفير الغذاء والماء والمأوى والدواء في حالات الطوارئ وإنشاء مخيمات اللاجئين، وإنشاء نظام التسجيل وتحديد هوية اللاجئين والنازحين، وإقامة حملة إعلامية عامة لإدارة شؤونهم.
• تحقيق الأمن الغذائي ويشمل تأمين قنوات توزيع المساعدات الغذائية الطارئة، وحماية شبكة توزيع المواد الغذائية، وتوفير مرافق التخزين المناسبة لمنع تلوث الأغذية، وإعادة إعمار الأسواق التي دمرها الإحتراب واسترداد سلاسل الإنتاج والتسويق في كافة مناطق وحقب الصراع.
• إصلاح الصحة العامة بتأهيل إدارة المياه والنفايات، وتعزيز القطاع الطبي بدعم تخزين وتوزيع الإمدادات الطبية الطارئة والأدوية للتعامل مع المشاكل الصحية الطارئة الناتجة عن الصراع (المرض، العدوى، الجروح)، ومعالجة تكدس جثث الضحايا.
• توفير المأوى بتطوير استراتيجية للإسكان لمعالجة مشاكل اللاجئين والنازحين وكذلك إعادة إدماج المقاتلين السابقين، والفصل في منازعات الملكية في المناطق المتأثرة بالصراع، ووضع معايير وآليات لحل نزاعات الملكية في كافة مناطق وحقب الصراع.
• تأهيل النظام التعليمي بإصلاح البنية التحتية المدمرة وإصلاح المدارس والجامعات، والاهتمام بأوضاع المعلمين والإداريين بالقطاع التعليمي، وتطوير المناهج والمقررات التي تراعي التنوع والمواطنة، وتكثيف حملات محو الأمية.
• توسيع شبكة الأمان الاجتماعي بتقييم أنظمة التقاعد الحالية لموظفي الحكومة وشبه الحكومية، وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي الحالي.
الانتعاش الاقتصادي:
• وضع استراتيجية اقتصادية لا تتجاوز مدتها الفترة الانتقالية تستند على مسح الوضع الاقتصادي الكلي، وتقييم الأضرار والاحتياجات الناتجة عن الإحتراب، وتحديد الاحتياجات المالية من الموارد الذاتية والموارد الخارجية، وتطوير آلية عالية الكفاءة للتنسيق مع الجهات المانحة والاهتمام بتعزيز القدرة الاستيعابية للمعونات.
• النأي عن المشروعات النهضوية ونماذج المحاكاة بعيدة المدى خلال الفترة الانتقالية التي ينبغي ألا يتجاوز تفويضها وصلاحيتها التدرج الواقعي في الانتقال من اقتصاد الصراع الذي يقع نحو 70% منه خارج سيطرة الدولة (اقتصاد الظل)، إلى اقتصاد السلام (الاقتصاد الرسمي). ذلك أن إضاعة الموارد الشحيحة في التحول من اقتصاد الصراع مباشرة إلى اقتصاد التنمية المستدامة يمثل تنظيراً أكاديمياً يجتر نهج الانقاذ الاقتصادي الفاشل.
• استعادة التطبيع مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالاستمرار في تنفيذ برنامج التسهيل الائتماني المعزز (Enhanced Credit Facility - ECF) بما في ذلك الاستدامة المالية من خلال زيادة تعبئة الإيرادات المحلية وخفض الإنفاق على الدعم، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والخدمات الحيوية الأخرى لتحسين مستويات المعيشة ورفع النمو على المدى الطويل، ودعم مرونة سعر الصرف واعتماد نظام استهداف الأموال الاحتياطية، وضمان استقلالية البنك المركزي ، وتعزيز القطاع المالي بتطبيق نظام مصرفي مزدوج، ومعالجة مخاطر التعثر في النظام المصرفي.
• تعزيز الحوكمة والشفافية خاصة في قطاع الشركات المملوكة للدولة.
• التفاوض للوصول لنقطة الإنجاز في مبادرة هيبيك في فترة عامين تنتهي في أكتوبر 2025.
• تخفيض الدين العام الخارجي بأكثر من 50 مليار دولار تمثل أكثر من 90% إذا تم الوصول لنقطة الإنجاز عام 2025.
• تأهيل البنية التحتية بإعادة الكهرباء للمؤسسات الحيوية، وتوفير وسائل المواصلات وإعمار الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ للقيام بالوظائف الإنسانية والاقتصادية المترتبة على الإحتراب.
• استعادة قدرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الضرورية للسلام وإعادة الإعمار.
• توليد فرص العمل بتصميم مبادرات لتوفير فرص العمل الفوري، والتماس أفكار المشاريع كثيفة العمالة من القطاع الخاص والمجتمعات المحلية خاصة المشروعات الصغيرة.
• تشجيع التدخلات المستدامة للقطاع الخاص بجعل مشاركته جزءاً من منظومة أكبر من المجموعات السياسية ومجموعات المجتمع المدني التي تعمل من أجل بناء السلام وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
• إعادة تشكيل الأسواق التي دمرها الإحتراب، واستبدال أنشطة الاقتصاد الموازي بالبدائل القانونية، وتشجيع التحول للاقتصاد الرسمي.
• الإصلاح القانوني والتنظيمي بصياغة القوانين والمدونات لإنشاء وتعزيز حقوق الملكية، وتحسين بيئة الأعمال بتصميم القوانين وتوفير الأنظمة التي تحفز النمو الاقتصادي، وتوفر الحماية للعاملين.
• تسهيل التجارة العالمية بتقييم التعريفات والهياكل الضريبية والحواجز أمام التجارة، وتحديد أولويات التجارة واستكشاف فرص تجارية جديدة تمكن من إعادة الإعمار، وبدء الحوار بين الفريق الاقتصادي الوطني والجهات الفاعلة الدولية المسؤولة عن منح الوضع التجاري التفضيلي.
• تحفيز الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بخلق بيئة أعمال محفزة للنمو الاقتصادي، والنظر في أهم الاحتياجات المؤدية لتعزيز الاستثمار العام بالشراكة مع القطاع الخاص، والاستمرار في توجيه الدعم للمستحقين، وحوكمة عائدات الموارد الطبيعية خاصة الذهب.
• إصلاح الخدمات المصرفية والمالية بتطوير أداء البنك المركزي للقيم بدوره في الإدارة الرشيدة للمعاملات المالية التي تقوم بها البنوك والجهات الخاصة والعامة.
4. الحوكمة والتشاركية:
تنطوي هذه الركيزة على مخاطبة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية، ولا سيما توفير الإغاثة في حالات الطوارئ، واستعادة الخدمات الأساسية للسكان، وإرساء الأساس لاقتصاد قابل للنهوض، والتمهيد لوضع برنامج تنمية شامل ومستدام.
الحوكمة:
• تحديد مدة الفترة الانتقالية القادمة بمنأى عن الرغبات السياسية والتركيز على المدة الزمنية الكافية لتنفيذ المهام المعقدة الي فشلت الفترة الانتقالية السابقة في تنفيذها، شاملة توفير الأمن والسلام وتحقيق العدالة والتصالح وتوفير الرعاية الاجتماعية والانتعاش الاقتصادي وتحقيق الحوكمة في إطار تشاركي وتهيئة البيئة الصالحة لإقامة انتخابات حرة ونزيهة. وفي ضوء الفشل الذي لازم الفترة الانتقالية التي سبقت حرب 15 أبريل 2023، وفي ضوء ما نتج عن حرب أبريل 2023 من دمار وخراب، فإن المهام والاستحقاقات المتراكمة التي تسبق الانتخابات يتعذر تنفيذها في فترة انتقالية تقل مدتها عن خمس سنوات.
• تفعيل العملية الانتقالية الوطنية بدعم الحوار الوطني على كافة المستويات القومية والإقليمية والمحلية لضمان تمثيل آراء المواطنين، وتوفير المستشارين امن مختلف التخصصات للإعداد للمؤتمر الدستوري.
• وضع القواعد والأسس والمهام والجدول الزمني للحكومة الانتقالية توطئة لتشكيلها من الكفاءات المدنية الوطنية غير المنتمية لأي من الكيانات السياسية بالتشاور بين الجهات الفاعلة المحلية لتشكل حاضنة سياسية موثوقة تلتزم بتنفيذ العقد الاجتماعي بين الحكومة والشعب.
• إصلاح الخدمة المدنية بتحديد هيكلها وحجمها المناسب لتلبية الاحتياجات الانتقالية والمتطلبات المتعلقة بالتحول الديمقراطي.
• تحديد المصادر وتصميم نظام عملي وفعال قادر على توليد إيرادات للخدمات الحكومية الضرورية لتحقيق السلام.
• تحديد الأفراد الرئيسيين في السلطة التنفيذية على كافة المستويات لتلقي دورات مكثفة لبناء القدرات، والتثقيف حول مبادئ الحوكمة المسؤولة ومهام واختصاصات الفترة الانتقالية.
• تشجيع المغتربين ذوي المهارات المكتسبة للعودة إلى البلاد.
• بناء قدرات الجهاز التشريعي وتحديد دور وولاية السلطة التشريعية في عمليات صنع القرار القومية والمحلية، وإزالة معوقات وصول المواطن للجهاز التشريعي.
• إقامة مؤتمر نظام الحكم لإصلاح الحكم اللامركزي بوضع الأسس القانونية لهياكل ومستويات الحكم وتحديد أسلوب تمثيل السكان المحليين ومشاركتهم في إطار الحكم اللامركزي.
• تحديد القدرات والاحتياجات المحلية لتحقيق الإصلاح المؤسسي ومراعاة دور الهياكل المجتمعية التقليدية في تحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي في كافة مناطق وحقب الصراع.
• الشفافية ومكافحة الفساد بتطوير القوانين التي تعزز المساءلة داخل الحكومة والقطاع الخاص والهياكل المجتمعية التقليدية، وإنشاء آليات للحد من الفساد بما في ذلك حماية المدعين الخاصين والشهود والقضاة.
• تشكيل منظمات رقابية من المجتمع المدني والقطاعين العام والخاص لمراقبة أداء المؤسسات الدولية والوطنية.
• التحضير للانتخابات بوضع الجدول الزمني والأهداف وتحديد طريقة التمثيل، وإجراء التعداد السكاني، وإنشاء مفوضية وطنية مستقلة للانتخابات وإعداد سجل الناخبين والتحقق منه، ووضع آلية فاعلة لمراقبة الانتخابات، والتواصل مع المواطنين بإعلان الجدول الزمني للانتخابات وتشجيع مشاركتهم.
• وضع أسس قانونية للأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية، ووضع خطة لتحويل لجان المقاومة والحركات المسلحة لكيانات سياسية وإخضاعهم لبرامج مكثفة لبناء القدرات لضمان التنافس الحر.
• تشجيع مشاركة المجتمع المدني في التحول الديمقراطي من خلال إنشاء النقابات والجمعيات المهنية والجماعات الدينية والجمعيات المدنية وفقاً للممارسات الديمقراطية المتعارف عليها، ومراجعة اللوائح الحالية المتعلقة بالمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
• إصلاح الوسائط الإعلامية واستخدامها كأداة إعلامية عامة لتوفير المعلومات الواقعية والسيطرة على الشائعات، وبناء قدرات الإعلاميين وتطوير قواعد السلوك الإعلامي المناهض للتخوين والتهاتر.
melshibly@hotmail.com