الاحتياطي المركزي .. عَزفٌ على أوتَارِ الخِيانَه

 


 

 

الاحتياطي المركزي قوّات أُنشئت في اول سبعينات القرن الماضي. كانت قوّه شُرطيه شكّلَت إضافه فعليه ملموسه داخل الحوش السوداني وكانت تُسمى الدفاع المدني. كانت قوات في قمة الانضباط العسكري والصّرامه المِهَنيّه والإستقامه وحرصت الإدارات على أن ترفِدَها بخيرة الضباط فمَرّت الأيام والشهور والسنوات وهي تزداد تألّقاً وتنتقل من نجاحٍ إلى نجاح في تخصصها الذي تمثل حينها في ازالة الكرب عند المُلِمّات وفي تقديم العون للمواطن وفي حفظ ألأمن وتفريق الشغب دون الخروج عن القانون او الحِس السوداني الأصيل.
كان ضباط هذه القوات يأخذون كورسات تأهيليه خارج السودان عن كيفية فض النزاعات المسلحه والإفراج عن الرهائن والفصل بين الحروبات القبليه وحقن الدماء حتى صارت هذه القوات هي الاقوى شكيمةً والمُهابَه بين رصيفاتِها وحققت نجاحات مُدَوّيه على امتداد البلاد. كل ذلك اكسب منسوبيها ثقةً في النفس تترجمت ، هذه الثقه ، الى إعتداد لا يقبل الهزيمه ولا يقبل ، بعد تدخُّلِهِ ، إلّا بالنصر البيّن.
بعد أن جَثَمَ كابوس الإنقاذ على صدر البلاد تمت الاستعانه بهذه القوات في مناطق التماس في دارفور وكردفان والنيل الازرق وصارت مهمتها قتاليه اكثر من كونها قوات شرطيه تخدم الأمن بوجهة النظر الشرطيه التي أنشأتَها وتلك التي ظلّت أمينه على رعايتِها عاماً بعد عام حتى عام الحريق الذي لم تَذُق بَعدَهُ البلاد طعم الوطنيه او المبادئ.
كان العشم بعد الثوره أن تأني قياده تؤمن بمبادئ الثوره ومِن قلبِها ومن أحشائها لتكون أوّل ما تلتفت أليه هو إعادة تأهيل هذه القوّات نفسيّاً ومعنوياً لإعادَتِها الى الحقل الشرطي والعقل الشُرطي المَعني بالتعامُل مع المدنيين وإعادَتِها لمهمتها الأساسيه في حمايتهم وحماية الأمن الداخلي ونشر الطمأنينه بينهُم وأن تكونَ سيفاً مُسَلّطاً على كل المُسَلّحين ذوو الأجندات التي تُهدد ثورة ديسمبر المجيده.
أقولُ بكلّ القوّةُ والثقه أنّ هذه القوات ( لا تُهزَم ) بكلّ قوات الجنجويد الموجوده داخل السودان ولو كان بعضهُم لبعضٍ ظهيرا. وأقولُ بكل الثقه أنّ هنالك خِيانةٌ ما .. هذه الخيانه رَمَت إلى تسليمِ هذه القوّه وما يستتبِعُها من هزيمةٍ نفسيه ومعنويّه ومادّيّه إلى الجنجويد بهذه الصوره الفَجّه. عندما نعلَم أن اللجنه الأمنيّه الإسلامَويّه على قيادة البلد وأنّ هنالك قيادات من الجيش على رأس الجنجويد ممن غَلّبوا الولاء القَبَلي والإسلامَوي على الولاء القومي وعندما نعلم أن كتائب الاسلامويين كانت داخل الاحتياطي المركزي لا تَبرُز علامات إستفهام فقط في إتّجاه التثاقُل في حسم هذه الحرب ولكن يتَقَدّم اليقين في إتّجاه المؤامَره التي تَصِم وتجمع بين الأطراف المذكوره في خيانَةٍ يندى لها جبين الإنسانيّةِ جمعاء.
كانت هزيمة الاحتياطي المركزي جريمةً نَكراء وكانت هزيمة الاحتياطي المركزي ( تسليم مفتاح ) ستتبعهُ الكثير من الخيانات في ظلّ إنعدام الضمير لقيادات رُزِئنا بها في هذا العهد المُنحَط قيماً وأخلاقاً لم يكن يتصوّرها العقل السوداني.
عندما تمّ حجب قوّات الشرطه عن ما يحدُث من نهب وسلب واغتصاب وإنسداد أمني دُهِشنا ونحنُ نعلم أن هذه القوّات هيَ قَمينَةٌ بهذه المُهِمّه واعتقَدنا أنّهُم يحتَفِظونَ بها ليَومٍ قادمٍ أكثرُ سواداً ولكننا فُجِعنا من سهولَةِ التآمُر وسُهولَةِ الفُقدان ( وتَفاهَة ) البيانات الرسميّه التي أعقَبَت الكارثه.
وحتى لا ننسى أُذَكّر الجميع وبالأخَص السيّد حمدوك ومَن تحدّثنا إليهِم من ( مساعديه ) وحاضِنَتَهُ التي ما زالت تُعِدُّ للعَوْده بأنّ ما يحدُث الإن هو غَرسَهُم الذي حاوَلنا ( خَلعَهُ ) من هذه الأرض الطيّبَه قبل أن تقوى جُذورَهُ الحَرام فَتَمتَدُّ فُروعَها إلى أصلِ الجحيم.

melsayigh@gmail.com

 

آراء