التدخل في الشئون الداخلية

 


 

عباس خضر
15 February, 2014

 





"التدخل في الشئون الداخلية"

نسمع ونقرأ هذه العبارة كثيراً وتستنكر الكثير من الدول التدخل في شئونها الداخلية ورغم ذلك الكل يتدخل في الدول النايمة والدول الصاحية تتدخل في شئون الدول الغائبة والدول المتقدمة في المتأخرة، وتحتج وتستنكر وتتصايح هذه الدول كل مرة وتدبج الخطب النارية  وتعلن الشعارات لن نسمح برهن إرادتنا السياسية وقرارنا السيادي لأي دولة وسنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وأن أمريكا روسيا قد دنا عذابها وسنحررنحن قرارنا وبلادنا وسنفوق العالم أجمع، فإذا بالأمور تصبح ما بين ليلة وضحاها كلها مقلوبة.
وقد إتضح جلياً للشعوب أن الدولة التي تملك قراراتها ولايتدخل في شئونها الداخلية والخارجية والتي تريد أن تكون مستقلة وحرة السيادة والقرار هي من تحمي وطنها ومواطنيها وأرضها وعزها وتحفظ كرامتها وشأنها وتحصن نفسها وتصينها بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات والديموقراطية وتقوية جميع مؤسساتها وخدمتها المدنية والعسكرية والأمنية وحرية إستقلاليتها والسير مرفوع الرأس في الطريق الصحيح  والممارسات السليمة وإستغلال الموارد بصورة معقولة لتنمية الدولة  وكبح ومحاسبة المفسدين بقوة وهيبة القانون والقضاء النافذ الحر القوي المستقل ،وأمثلتها كثيرة كأمريكا وإسرائيل ودول أوربا عامة و الغربية خاصة ودول النمور الآسيوية ونجاحها وتوفيقها في العدالة الإجتماعية والمواطنة والمساواة وإعتمادها على كفاءة مواطنيها وليس إقصاءهم و طردهم وتهجيرهم كما يفعل المتأسلمين. الدول ذات الحكم الديكتاتوري هي من أكثر الدول المنتهكة السيادة ولاتمتلك أي قرار سياسي حر وذلك لأنها داخلياً تنتهك بكل جلافة وصفاقة  وصلف حرمات الشعب المقدسة من كرامة وعزة نفس وحريات عامة وعدم مساواة في المواطنة وترفع بكل لؤم شأن عضويتها المهترئة ومواليها ومطبليها فقط وتترفع تفتري وتتعالى وتستفز باقي الشعب  وتنحني وتركع في طاعة ومذلة لجلاديها من الدول التي تهدد إستمرار بقاءها فيعبثوا ويلجوا ويلغوا في حوض كل شئونها الداخلية والخارجية كذلك.

وأخطر وأحط الديكتاتوريات على الإطلاق هي الديكتاتوريات الدينية والتي تجعل كافة شعاراتها متلونة برنين وبريق وسماحة الكتب السماوية من الأحزاب المتأسلمة في بلاد المسلمين والمتمسمحة في بلاد المسيحيين تجارة بالدِين تغدو أشد خطورة وفتكاً من الإتجار في الكوكا والهيروين.

مثل هذه الدول المنافقة المتاجرة بالدين تتدخل بل تتحشرفي الشئون الداخلية لمواطنيها أخطر من تدخل الدول الكبرى في الصغرى والثرية في الفقيرة فهنا قد تجد بعض مصالح متبادلة لكن تحشرها يكون في خصوصيات المواطن وقهره بسياسة مدعي أو شيخ متخلف متزمت وقهره في عمله وزراعته وأكله وشربه وحقوقه وواجباته وممارساته  وحريته وحتى دينه عبادته صلاته وصيامه وزكاته وحجه وإجباره للموت في سبيل بقائهم بدعاوي الشهادة ودخول الجنان وتجويعه وإفقاره وإدخاله المسجد ودخولهم السوق.

حتى الأنبياء والرسل لايتدخلون في شئون الناس الدنيوية فهذه أمور دنياكم وأنتم أدرى بها وحتى الآخروية مثل هؤلاء المتأسلمين فالرسل يدعون لها بالحسنى وبالتي هي أحسن ويتممون مكارم الأخلاق والمتأسلمون يدمرونها ويقسمون أوطانهم ويشردون العاملين والمواطنين.

على الشعوب الإسلامية أن تعي أين مصالحها والعمل من أجل تقوية مؤسساتها وبنيتها الإنتاجية  ولاتنخدع بالكلام الديني المعسول والشعارات الدينية البراقة فإنها لاتأكل عيش في الدنيا  ولا تدخل جنة في الآخرة فكل ملاقي حسابه فردا إذاً أخي المسلم وأختي المسلمة أينما كنتم إتعظوا ولا تدع متأسلم أو منافق زنديق يخدعك ويجبرك بإسم الدين وشعاراته لإنتخابه والتصويت له فلكم في السودان ومصر وتونس عظة يا أٌؤلي الألباب.لقد ررأينا التدخل الشنيع في شئون سوريا الداخلية من حزب الله وإيران وتدخلهم مع
تركيا وقطرفي شئون مصر لمصلحة الإخوان   وهم مازالوا يتدخلون في شئون
السودان منذ سنة89م فأوصلوه للحضيض وأدخلوه للدرك الأسفل ولن يرتاحوا إلا بتدمير كامل سوريا ومصر والسودان وتشليعها لتحقيق طموحهم المادي في الثراء بإسم خلافة المسلمين.

ونحن هنا في السودان تكفينا حتى اليوم تجربتين إسلاميتين تدخلوا في شئون العباد فأبادوا العباد:
1/الخليفة الراشد الأول وإمام المسلمين والكشاف الأعظم الأول جعفر بن نميري 2/ثم أمير المؤمنين الحالي عمر بن البشير الذي بقى في ملكه أكثر من سنين الخلفاء الراشدين الأربعة مجتمعة.
فتضعضع الإسلام والأخلاق السودانية الفاضلة بسبب تدخلهم الشنيع في الشئون الداخلية لشعب السودان فمزقوا أرضه وخدمته العامة وكل مؤسساته ومشاريعه الحيوية، وتجرأت الإنقاذ بالتدخل في الشئون الداخلية العميقة أي داخل البيوت المسلمة نفسها فصار في البيت الواحد كوزمتأسلم وكوز مجاهد والبقية مسلم ساكت وقد يكون فيهم مسلم صالح عام ومسلم متحرر ومسلم جمهوري ومسلم دعوني أعيش ومسلم دائش وفصلت بين الأب وأبنائه والزوج وزوجته لدرجة الطلاق بالتلاتة فكانوا سبب في أكبر الهجرات في التاريخ السوداني القديم والحديث.

أفسدت دولة الإنقاذ وخورنت من رأسها حتى أٌخمس قدميها، وعندما رأى الشعب
كل هذا الفساد المستفحل والتهميش بدأت الحركات المسلحة والثورات الشعبية والطلابية وإنعكس الوضع برمته وصار الشعب يتدخل في الشئون الداخلية للحركة الإنقاذية المتأسلمة: والمطالبة بإعادة كل المفصولين وتعويضهم تعويضاً شاملاً مادي وأدبي ومحاكمة الفاسدين والإقصائيين المجرمين،  محاسبة كل من أجرم في حق الشعب، تكوين حكومة قومية ،حل الجيش والقضاء والشرطة والأمن الإنقاذي،إعادة كافة الأموال المنهوبة،إعادة قومية الجيش والشرطة والأمن والخدمة والهيئة القضائية، إسقاط النظام الفاسد برمته ، تشكيل حكومة إنتقالية تقود المرحلة وتشرع لدستور قومي شامل وإنتخابات قومية عامة.

فالتدخل في الشئون الداخلية ليس مضراً على إطلاقه بل مفيد جداً في معظم الأحوال الإنقاذية ، لذلك فلنكثف من التدخل في شئون الإنقاذيين الداخلية جميعهم دون إستثناء وخاصة المنزلية  منها ونبحث عن ذوي الثراء والنعمة  البادي ونلج بيوتهم ونقول لهم  من أين لك هذا ونحيلهم للصالح العام حتى يقول القضاء كلمته فيهم!؟
abbaskhidir@gmail.com

 

آراء