الجنجويد (1-3)

 


 

 


helhag@juno.com <mailto:helhag@juno.com>
د. حسين آدم الحاج
الولايات المتحدة الأمريكية
تمهيد:
لم يحدث فى تاريخ دارفور القديم أو الحديث أن حدثت حملات تصفية عرقية مثلما ظلَّ يحدث خلال العقدين الأخيرين, وينطبق وصف التصفية العرقية ((Ethnic Cleansing على هذه الحالات نسبة لطبيعة ونوعية الجرائم التى حدثت, والتى أخذت منحى عرقى قَبَلى صرف حيث وضعت القبائل ذات الأصول العربية فى مواجهة القبائل ذات الأصول الأفريقية تحديداً, ومهما يكن من حجم تلك المواجهة إلاَّ أنَّه لا يجب تعميمها بشكل مطلق ليشمل كل القبائل العربية أوالأفريقية حصراً, كما تحاول وكالات الإعلام تصويرها, إلاَّ أنَّه لا ينفى كذلك وقوعها على خطوط التماس الإثنى بصورة واضحة لا تخطئها العين قبل أن تتمدد رويداً رويداَ لتضرب فى أعماق ديار القبائل الأفريقية المستقرة المجاورة لخطوط الإحتكاك. هذه المقدمة ضرورية حتى نتجنب فى هذا المقال زلل الوقوع فى نقاط حساسة فى طبيعة الصراع القبلى فى دارفور قد تثير بعض الإشكالات إذا حاولنا التعميم المطلق والذى قد يجافى الحقائق الموضوعية أحياناً.
من هم الجنجويد, أو الجانجويد, أو الجنجويت؟ وكيف تطورت نشأتهم؟ وهل حقاً أنهم وراء المجازر البشرية الحادثة الآن فى دارفور؟ ولماذ ولأى هدف يقومون بذلك؟ وهل للحكومة السودانية دور فى رعايتها وتسليحها؟ تلك وغيرها بعض الأسئلة التى يتساءل عنها كل السودانيون والعالم أجمع, خاصة فى الآونة الأخيرة, والتى وصلت فيها تواتر المجازر بصورة مخيفة ومروعة لا تذكر المتابعين إلاَّ بمجازر الهوتو والتوتسى فى رواندا وبورندى أو تلك التى ظلت الجماعات الإسلامية المتطرفة ترتكبها فى الجزائر خلال عدة سنوات خلت, ونسبة لأنَّ هذه القضية أضحت محورية فى شأن الحرب والسلام فى دارفور من جانب, والتعايش والإنسجام القبلى بين المكونات الإثنية التى تقطنها من جانب آخر فيجدر دراستها بعمق ووعى شديدين ومحاولة تلمس المداخل السليمة للتعامل معها. إنَّ تحليل هذه الظاهرة, وهى فعلاً ظاهرة, تحتاج لخبرات متباينة من علماء الإجتماع والأنثروبولوجى والإقتصاد والتنمية والبيئة لأنها ظاهرة متعددة الأوجه ويجب تبعاً لذلك تناولها بمدخل حصرى يشمل كل تلك الجوانب.
سنتناول الحديث عن ظاهرة الجنجويد على مدى ثلاث حلقات فى هذا المقال, حيث سنستعرض فى الحلقة الأولى الجرائم التى ظلت هذه الجماعات ترتكبها بحق الأهالى المستقرين بدارفورمكتفين بما أرتكبوه تحديداً من تجاوزات أليمة خلال فترة هدنة وقف إطلاق النار التى وقعتها حركة تحرير السودان بدارفور مع الحكومة السودانية, والتى إمتدت فى الفترة من 3 سبتمبر إلى 20 أكتوبر الماضى, وذلك من أجل دحض الإدعاء الحكومى بأنَّ الأمور فى دارفور ظلت هادئة خلال تلك الفترة وإنَّ ما كان يحدث من خروقات لا يعدو أن يكون مجرد إحتكاكات فردية غير مؤثرة فى الوقت الذى يتم فيه إبادة الألوف من سكان الإقليم الأبرياء. ثم نعرج فى الحلقة الثانية لتناول موضوع الجنجويد عن قرب وسنحلل الظروف التاريخية والداخلية والجيوسياسية التى مكنت هذه الجماعات من النمو والتفرُّخ مثل النبت الشيطانى, مع التركيز بصفة خاصة للأهداف الغير المعلنة وراء إستخدام هذه الجماعات وبتلك الطرق الغير مشروعة خلقاً أو ديناً,ً وكشف الأصابع التى تلعب خلف مسرح العرائس وتوجه الأمور فى وجهات مشبوهة. ثم ننهى المقال فى الحلقة الثالثة والأخيرة بإستعراض أفكار ومقترحات لإمكانية الخروج من هذا النفق المظلم الذى أُدخلت فيه دارفور وأهلها تشمل جملة إقتراحات كمحاذير ضد عودة مثل هذه الظواهر مرة أخرى فى المستقبل.
وبالرغم من عدم توفر مصادر تحليلية لهذه الجماعات فإننا سنعتمد فى معلوماتنا على مصادر قليلة أشارت إلى ظاهرة المليشيات القبلية فى السودان عامة, ودارفور خاصة, منها كتاب الدكتور شريف عبدالله حرير بعنوان "السودان الإنهيار أو النهضة (1997م), كتاب الدكتور محمد سليمان محمد بعنوان "السودان حروب الموارد والهوية (2000م), تقرير المسح الأساسى لإقليم دارفور, إعداد برنامج الأمم المتجدة للتنمية بالتعاون مع جامعة الخرطوم (1987), تقريرعن الصراع القبلى بإقليم دارفور, إعداد الأستاذ يوسف تكنة (1997م), بالإضافة إلى بعض المعلومات التى وردت فى أركان النقاش بالإنترنت وتقارير الصحف ووكالات الأنباء السودانية والعالمية والأخبار العامة الواردة من دارفور. ونحن إذ نستعين بكل هذه المصادر نود أن نلتزم جانب الحذر بحيث لا نورد من المعلومات إلا ما كان موثقاً حتى لا يقفز علينا البعض بإتهام زائف, ثم إنَّ هدفنا الأساسى هو التوثيق لهذه الظاهرة ومحاولة المساعدة فى فهمها ثم تبصر مداخل الحلول بالنسبة لتبعاتها المؤسفة, وبدورى أدعو كل المثقفين من أبناء دارفور بضرورة التصدى لهذه الظاهرة عبر المداخل العلمية المناسبة ومساعدة أهل دارفور فى تجاوزها برغم المرارات التى خلفتها.
سيكون مدخلنا فى هذا المقال عرض سلسلة الإعتداءات والمجازر التى تمت فى دارفور خلال فترة هدنة والتى نسبت إلى هذه الجماعات, الجنجويد, فمن المعروف أنَّ الحكومة السودانية إلتزمت فى البند الثانى من  إتفاقية الهدنة بتعهدها للسيطرة على هذه الجماعات, والتى هى نفسها تسميها الجماعات المنفلتة أحياناً والراكبة أحياناً أخرى, ونزع سلاحها, الشيئ الذى إعتبره المراقبون إعترافاً ضمنياً منها بتبعية تلك الجماعات لها, وقد ورد على لسان بعض المسئولين الحكوميين من الإشارات ما قد يوحى بذلك بالرغم من إنكار بعضهم لها, وحقيقة فإنَّ الحكومة وبعدم سيطرتها على تلك الجماعات قد خرقت بوضوح تعهدها فى تلك الإتفاقية وتركت (وربما أطلقت) تلك الجماعات تسرح وتمرح فى أرض دارفور دون رادع يكفها بعد أن حيدت الحكومة أيادى الحركة المسلحة بتلك الإتفاقية ولم تحاول أن تفعل بالمثل مع القوات الراكبة كما تسميها, وتبعاً لذلك فقد أعلنت حركة تحرير السودان فى مفاوضات أبَّشى الثانية التى إنعقدت مؤخراً فى الفترة بين 26-30 أكتوبر الماضى أنَّ إطلاق الحكومة ليد الجماعات المسلحة (الجنجويد) قد أدى لمقتل الآلاف خلال فترة ال45 يوماً, هى هدنة وقف أطلاق النار, يفوق ما تم من قتل طيلة فترة إستمرار المعارك منذ تفجرها نهاية شهر فبراير الماضى (الصحافة 30/10/2003م), وتبعاً لذلك إشترطت الحركة نزع أسلحة الجنجويد كواحدة من 4 شروط أساسية من أجل العودة لطاولة التفاوض رفضتها الحكومة وأصرَّت عليها الحركة فتوقفت المفاوضات (صحيفة الخليج الإماراتية 30/10/2003م).
لقد أشار أندرو ناتسيوس رئيس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بعد زيارة له إلى السودان ودارفور مؤخراً إلى أنَّ النزاعات المختلفة بدارفور قد أدى إلى قتل 7000 شخص وتشرد نحو 600 ألف آخرين منذ بدء تلك النزاعات مطلع العام الحالى (سودانايل 31/10/2003م), لكنَّ مصادر أخرى أشارت إلى أنَّ الحرب نفسها بين ثوار حركة تحرير السودان والقوات الحكومية قد تسبب في سقوط 3000 قتيل (صحيفة الخليج الإماراتية 24/10/2003), فإذا عرفنا أنَّ النزاعات الصغيرة لا تؤدى عادة إلى فقد كبير فى الأرواح فيمكن الإستنتاج بأن غارات قوات الجنجويد لوحدها قد أزهق ما يربو على 4000 نفس خلال العشرة أشهر الماضية فقط قد يكون معظمه تم خلال فترة الهدنة مما يؤكد تقديرات حركة تحرير السودان.
إنَّ الجانب المؤلم فى هذه القضية والمجازر التى تصاحبها عادة هى إصرارالحكومة على نفى حدوثها فى الوقت الذى تمتلئ به وكالات الأنباء العالمية وصحف الخرطوم كل صباح بأخبار مفزعة تحمل حصيلة ما تم من قتل ودمار وحرق للقرى خلال اليوم السابق, ولذلك فحتى نمكن القارئ من الإطلاع على حقيقة ما حدث من مجازر خلال فترة الهدنة, وإصرار الحكومة على نفى وقوعها, فقد حصرنا كل ما ورد فى الصحف السودانية والعالمية من أخبار تلك المجازر والإنتهاكات خلال فترة الهدنة فقط, وهى الفترة منذ توقيع إتفاقية الهدنة فى 3 سبتمبر الماضى إلى إنعقاد محادثات أبَّشى الثانية فى 26 أكتوبر, الشيئ الذى يدعم موقف الحركة فى رفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات ما لم يتم التوصل إلى بروتوكول لحماية المواطنين ونزع سلاح الجنجويد.
نورد أدناه قائمة موثقة بما تمكنَّا من جمعه, وننبه بصورة خاصة من أنَّ الأحداث المسجلة أدناه هى التى وردت فى الصحف أو وجدت طريقها إلى وكالات الأنباء فقط, لكن نعتقد أنها لا تمثل إلا رأس جبل الجليد الطافى, فكثير من الإنتهاكات لا تجد طريقها إلى مضابط الشرطة, وإن حدثت فإنَّ معظمها لا تجد درباً للصحف ووكالات الإعلام, وإن وصلت إليها فقد لا تنشرها مخافة السيف الحكومى المسلط على رؤوسها والتى رسمت خطاً أحمراً لا يمكن تجاوزها بالنسبة لأخبار دارفور, فكم من قرى معزولة بين الأودية والجبال أبيدت عن بكرة أبيها دون أن يشعر بهم أحد, ولذلك فإنَّ المعلومات التالية يمكن إعتبارها نماذج فقط لما حدث حقيقة:
* 3 سبتمبر: قتل 18 شخصا يوم الأربعاء 3/9/2003 في كندير شرق جبل مرة من بينهم أثنان من ضباط الشرطة وستة من أفرادها (الأيام 4/9/2003).
* 7 سبتمبر: أقرت حكومة شمال دارفور بوجود إشتباكات قبلية خارج إطار القوات المسلحة (الصحافة 9/9/2003).
* 11 سبتمبر: قتل 34 من الرجال والنساء والأطفال ونهب كميات كبيرة من الحيوانات والأموال وتشريد المواطنين بواسطة مليشيات الحكومة السودانية الجنجويد فى منطقة أدارة دار الحمرة, محلية ريفى كتم, يوم الخميس 11/9/2003, وتم تدمير 11 قرية هى حلة قوز, قرية عراشو, قرية مجيخا, قرية درم, قرية وسطانى, قرية أم فاقة, قرية واهب, قرية تيتا, قرية دبس, قرية جميولى, قرية دالنقا (موقع سودانيز أون لاين 14/9/2003).
* 12 سبتمبر: قتل 75 مدنيا يوم الجمعة 12/9/2003 في هجوم للجنجويد على سكان منطقة خشبة شمال ولاية كتم (الشرق الأوسط 15/9/2003).
* 14 سبتمبر: قتل 16 راعيا يوم الأحد 14/9/2003 في هجوم للجنجويد على منطقة أبو ليحا (الشرق الأوسط 15/9/2003).
* 18 سبتمبر: إعترف والى شمال دارفور بوجود اشكاليات أمنية ذات طبيعة مختلفة عن الصراع الذي كان دائرا بين الجيش السودانى وحركة تحرير السودان (أخبار اليوم 19/9/2003).
* 22 سبتمبر: طالبت حركة تحرير السودان المنظمات الدولية بتقديم مساعدات إنسانية فورية لمواجهة تدفق المجموعات البشرية إلى إحتمت بمناطقها فى جبل مرة ووادي صالح والطينة وشمال كتم وكبكابية ونيرتيتي بعدما أحرقت المليشيات التي تسلحها الحكومة (الجنجاويت) عددا من القرى فى يوم الأثنين 22/9/2003 (موقع الجزيرة نت 23/9/2003).
* 24 سبتمبر: نفى والى حكومة ولاية شمال درافور وجود حركة نزوح للمواطنين من مناطق جبل مرة ووادي صالح والطينة وكبكابية ونيرتتي إلى المناطق التي يسيطر عليها جيش تحرير السودان بدارفور كما نفى وجود هجمات على بعض القرى من مليشيات الجنجويد وأشار إلى أن الحكومة لا تسلح هذه الميليشيات، وقال إن ما ذكرته الحركة بهذا الصدد كذب وافتراء (صحيفة الخرطوم 25/9/2003م).
* 2 أكتوبر: قالت هيئة شورى قبيلة الداجو إن عدد من قرى القبيلة تعرضت لاعتداءات متكررة من الجنجويت فى بداية شهر أكتوبر جنوب وشرق نيالا أفضت إلى حرق 24 قرية تشتمل على 2200 قطية وإصابة 20 مواطنا بجروح فضلا عن نزوح 5000 مواطن إلى نيالا والقرى المجاورة، إلى جانب نهب 3000 رأس من الماشية (الصحافة 8/10/2003).
* 4 أكتوبر: نزوح مواطني 12 قرية فى منطقة كدنير بجنوب دارفور ولجوءهم بمنطقة الملم بسبب هجوم مليشيات الجنجويد (الأنباء 6/10/2003).
* 4 أكتوبر: تمكنت القوات المشتركة من الجيش والشرطة ((والفرسان)) من إلقاء القبض علي 9 متهمين بمنطقة نوقيا بولاية جنوب دارفور بعد تنفيذهم لإعتداء مسلح علي قوة من الشرطة كانت في طريقها من منطقة هبيلا إلي الجنينة وكانت تعمل علي حراسة مدير شرطة هبيلا (الحياة الخرطومية 6/10/2003).
* 6 أكتوبر: تبنت حركة العدل والمساواة مسئولية الهجوم على كلبس من أجل تدمير معسكر للجنجويد المحسوبة على الحكومة فى دارفور (صحيفة الخرطوم 7/10/2003).
* 7 أكتوبر: إعتداء قوات الجنجويت على قرية سنقطة بجنوب دارفور وحرق الجزء الجنوبي منها ونهب جميع ممتلكات الأهالى بها (صحيفة الازمنة 9/10/2003).
* 7 أكتوبر: إعتداء الجنجويت على قرية حلوق شرق نيالا راح ضحيتها 28 شخصاً (صحيفة الازمنة 9/10/2003).
* 7 أكتوبر: أعلن والي شمال دارفور رداً على سؤال حول ما تردد من هجمات تقوم بها مليشيات الجنجويد في دارفور قائلاً "الجنجويد إستنفروا ضمن الإستنفار الذي شمل كل القبائل لمعالجة الوضع في دارفور لكن المشكلة الآن ظهور أشخاص يدعون أنهم مع الحكومة ويقومون بشن الهجمات (الأيام 9/10/2003).
* 8 أكتوبر: أشار والي جنوب دارفور إلى وجود فئات منفلتة تمارس النهب المسلح والسرقات وبعض الصراعات القبلية المحدودة (الراى العام 10/10/2003).
* 12 أكتوبر: صرَّح على عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية فى لقائه بنواب دارفور بالمجلس الوطنى بأن الحكومة الإتحادية ليست مسئولة عن الأمن فى دارفور (الرأى العام 13/10/2003).
* 12 أكتوبر: والى شمال دارفور يعترف بوجود قوات الجنجويد ويقول نعم هناك منفلتون من مختلف الجهات وعانينا منهم لفترة... والآن اعددنا خطة محكمة بامكانيات جيدة لملاحقة ومداهمة أي منفلت مستفيدين من جهات ذات صلة عبر محور اجتماعي وآخر دعوي (الرأى العام 13/10/2003).
* 12 أكتوبر: قامت مجموعة مسلحة من مليشيات الجنجويد بهجوم على 7 قرى بغرب دارفور يوم الجمعة 12/10/2003 أسفر عن مقتل 24 شخصاً ونزوح أكثر من 5 آلاف مواطن (البيان 14/10/2003).
* 12-13 أكتوبر: تعرضت قرية دامرة الشيخ عبدالباقي التي تبعد حوالي "13" كيلومتر غرب كتم شمال دارفور لإعتدائين متتالين من قوات الجنجويد يومي الجمعة 12/10 والسبت 13/10 أدى لمقتل 7 وجرح عدد من المواطنين ومن المجموعة المهاجمة (الرأى العام 16/10/2003).
* 13 أكتوبر: صرح أركو ميناوى الأمين العام لحركة تحرير السودان أن مليشيات القبائل العربية "الجنجويد" لا تزال تواصل هجومها على بعض المناطق بدارفور (الأيام 14/10/2003).
* 13 أكتوبر: تجنب مستشار الرئيس الامني الإشارة إلى مجازر مليشيات الجنجويد فى بيانه بالمجلس الوطني حول الموقف على الطبيعة وتقييم الأوضاع بدارفور بعد إتفاقية أبَّشي (أخبار اليوم 14/10/2003).
* 13 أكتوبر: قامت مليشيات مسلحة بالإعتداء على منطقة وادي صالح بولاية غرب دارفور يوم 13/10/2003 قتلت فيه 30 شخصاً, كما قامت مجموعات مسلحة أخرى بحرق 20 قرية وتشريد نحو 15 ألف مواطن (صحيفة الازمنة 15/10/2003).  
* 14 أكتوبر: قتلت مجموعة مسلحة من الجنجويد يوم الأحد 14/10/2003م 5 أشخاص في منطقة شطاية بمحلية كاس بولاية جنوب دارفور منهم 3 مهندسين مساحة يتبعون لهيئة مياه جنوب دارفور كانوا يقومون باجراء مسوحات ميدانية لاقامة حفائر وخزانات في المنطقة (الرأي العام 15/10/2003).
* 14 أكتوبر: نفى العميد ركن طيار "م" أحمد أنقابو معتمد محلية كاس بولاية جنوب دارفور أن تكون قوات الجنجويد هى التى قامت بالهجوم على فريق من المهندسين كانوا يقومون بدراسة سد الكلكل بالمنطقة وإتهم  مجموعة من مليشيات الفور وليس الجنجويد القيام بذلك (ألوان 16/10/2003).
* 14 أكتوبر: طالب نواب دارفور بالمجلس الوطني الحكومة بتوجيه الجهاز التنفيذي بالتصدي لحسم ظاهرة قوات الجنجويد والقوات غير معروفة الهوية بعد أن تبين قيامها بعمليات الضرب العشوائية المتعمدة وممارستها لعمليات النهب والسلب والتقتيل، مشيرين إلي أن عمليات قتل حدثت لثلاثين شخصا في غرب دارفور وحرق ست قري إضافة إلي عمليات ضرب حدثت في محلية كاس راح ضحيتها أربعة من المهندسين المساحين والإعتداء علي ثلاثة أشخاص في غرب شطايا (اخبار اليوم 15/10/2003).
* 14 أكتوبر: قال عضوالمجلس الوطنى بيتر إبراهيم أن أكثر من عشرين قرية فى منطقة كلبس قد تعرضت للحرق, وطالب الحكومة بتحديد هوية مرتكبي عمليات النهب والحرق في المنطقة (أخبار اليوم 15/10/2003).
* 15 أكتوبر: قضت محكمة بمدينة الفاشر في غرب السودان بإعدام 13 متهماً بتهمة قتل أثنين وحرق قريتي جغمة وجبرة بمنطقة دارفور بأقصى غرب السودان, كما نسبت إليهم إستخدام أسلحة غير مرخصة والزي العسكري في إرتكاب الجرائم, ومن بين المدانين مغنية تدعى مريم أزرق وكنيتها (الحكامة) وهي متهمة بإثارة حمية الرجال لإرتكاب أعمال القتل, وصدرت أحكام مماثلة بالإعدام على 150 في حوادث سابقة (رويترز 17/10/2003).
* 16 أكتوبر: فنَّد د. إدريس يوسف أحمد عضو المجلس الوطني عن الدائرة "76" شطاية الحماية بجنوب دارفور ما جاء على لسان معتمد محلية كاس والذي أشار إلى أن المهاجمين الذين إعتدوا على مهندسى المساحة في محلية كاس بالقرب من قرية شطاية من مليشيات قوات الفورغير صحيح مؤكداً بأن الذين إستشهدوا كان فيهم أفراد من الفور على رأسهم رئيس المحلية السابق ورئيس الوحدة الإدارية الحالية المرحوم محمد آدم والمواطن أبكر آدم جمعة وعدد من الجرحى, وأشار د. إدريس إلى أنهم حضروا لتوهم أمس من نيالا التي قدموا إليها في معية وفد من رئاسة الجمهورية للتعازي وزيارة الجرحى في المستشفى وبعض الناجين والذين أكدوا أن المعتدين يمثلون راكبي الخيول والجمال (ألوان 17/10/2003).
* 16 أكتوبر: أكد الأستاذ أحمد عبد الرحمن أبو لؤلؤ عضو المجلس الوطني الدائرة 75 جنوب جبل مرة أنه خلال شهر أكتوبر تم حرق ونهب قرية سقدة وقتل 9 من أفراد القوات المسلحة كماتم نهب قرية اوده وحرقها (الشارع السياسى 17/10/2003).
* 16 أكتوبر: شهدت منطلقة مورني غرب دارفور يوم الخميس 16/10/2003 نزوح خمسة آلاف مواطن جراء إعتداءات من قبل بعض لقبائل العربية, وذكر والي غرب دارفور اللواء سليمان عبد الله آدم إن المناطق المتضررة تقع في المناطق الجنوبية لمدينة مورني (الأيام 19/10/2003).
* 16-17 أكتوبر: قامت مجموعات مسلحة بهجوم على القرى فى محلية زالنجي يومي الخميس16/10 وصباح الجمعة 17/10 أدى لحرق 15 قرية ومقتل مائة شخص ونزوح 15 ألف نسمة من قرى وريسة، كربي، بنيرة، رتو، كرنقا، نارجيا، أدرا، دلول، دورو وحرازة وجونقو إضافة لقرى أخرى بالمحلية وتعرض الأهالي للنهب والسلب (ألوان 20/10/2003).  
* 18 أكتوبر: أعلن والي شمال دارفور أن السلطات المختصة ألقت القبض على مجموعة من «المتفلتين» الذين يمارسون النهب المسلح وترويع المواطنين ورحلتهم إلى الفاشر توطئة للمحاكمة (الرأى العام 19/10/2003).
* 18 أكتوبر: أدى هجوم شنه مليشيات الجنجويد يوم السبت 18/10/2003 إلى مقتل 100 وجرح 15 وحرق 15 قرية ونزوح 15 ألف بمحلية دريسة التابعة لزالنجي غرب دارفور (الأيام 20/10/2003).
* 19 أكتوبر: أصدرت "رابطة أبناء دارفور فى دول الشتات" بياناً عن إعتداءات مليشيات الحكومة السودانية (الجنجويد) على ضواحى مدينة نيالا بجنوب دارفور نشرتها موقع سودانايل (19/10/2003), جاء فيه: قامت مليشيات الحكومة السودانية (الجنجويد) بأعتداءات متكررة على مجموعة من القرى التابعة لمحافظة  نيالا بجنوب دارفور فى الفترة من سبتمبر و حتى أكتوبر الجارى 2003 , حيث قاموا بقتل المواطنين وإغتصاب الفتيات، و حرق القرى، و نهب المواشى و الممتلكات الأخرى, و قد نزح من تبقى على قيد الحياة من سكان هذه القرى الى أطراف مدينة نيالا، حيث لا مأوى أو مأكل أو ملبس أو دواء لهم, هذه الجرائم تفاصيلها كالآتى:
أولاً: قتل 34 شخص فى القرى الواقعة شمال وغرب مدينة نيالا وهى قرى: تينقلانى، حلوف، تانجة، جرف، يارا، قسة أنجمت، تاما، عمار جديد. وفى قرية حلوف تم إغتصاب 4 فتيات فى سن 13, 14, 17, و20 سنة حيث تم حجزهن بمستشفى نيالا الملكى فى حالات بالغة الخطورة.
ثانياً: تم قتل 49 شخصاً وجرح 27 وحرق أكثر من 3000 قطية فى القرى الواقعة جنوب و شرق مدينة نيالا وهى قرى: أموري، كدم طوي، كيري، اقليري، فرنقو، أم تبلديات، زقلو، كبقى، أم جناح، ميرو، مريخة، تعاشا غرب، أم دريساي، أم ترينا الام، أم ترينا حلة أبوسن، أم زمام، عمار جديد، فاس كداب، حميضة¡  أم القري، ياوياو، دردمة، أرديبه، رهد تونوا. أما جملة الخسائر فكانت كالآتى: المعدات المنزلية المحروقة و المفقودة و الحلي الذهبية قدرت بحوالي 10000000 دينار, المواشى التى نهبت فقد بلغت 4500 راس من البقر و 2000 راس من الماعز و 1750 راس من الضان و 100حصان و 200 حمار و المبالغ النقدية 13000000 دينار.
* 19 أكتوبر: صرَّح الأمين العام للمؤتمر الوطني أن الأحداث التي تقع فى دارفور بين الآونة والأخرى بأنها «فردية» وتبدر من أطراف لا علاقة لهم بإتفاقية أبَّشى (الراى العام 20/10/2003).
* 20 أكتوبر: قامت مجموعة مسلحة من الأشخاص المجهولين بالهجوم على قرى ملية و كاس بجنوب دارفور وأحدثوا في ها أضراراً بالغة وأن قرية كاري أحرقت فيها حوالي 485 منزل وقرية كسيس50 منزلاً وقرية تاما 30 منزلاً و أن هذه القرى أحرقت ونهبت تمامأً وأن سكانها الذين ظلوا  يفترضون الأرض ويلتحفون السماء (الشارع السياسى 23/10/2003).
* 25 أكتوبر: تعهد الرئيس البشير خلال لقاء مطول عقده بنواب دارفور أن الدولة ستبسط هيبتها في كل مناطق الإختلال الامني بدارفور و ستجمع السلاح من أيدي المواطنين بولايات دارفور وتعهد بحسم المليشيات الخارجة عن القانون والنهب المسلح وفرض هيبة الدولة في كل ولايات دارفور (الصحافة 26/10/2003).
* 25 أكتوبر: أعلنت المجموعة السودانية لحقوق الانسان برئاسة المحامى غازى سليمان عزمها إرسال فريق إلى دارفور في غضون الايام المقبلة للتقصي حول إنتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبت إبان الاحداث التي شهدتها المنطقة, وأشارت إلى أن المجموعة سترسل لجنة حقوق انسان برئاسة ذو النون التجاني احمد وعضوية آخرين للتقصي حول الأحداث الدائرة في دارفور، موضحا أن المجموعة لا يهمها من إرتكب الانتهاكات التي جرت ولكن يهمها توضيح الحقائق (الصحافة 26/10/2003).
26 أكتوبر: حذرت مفوضية العون الانساني في السودان، من خطورة الاوضاع الانسانية بولايات دارفور غربي السودان، إضافة إلى عدم تمكن الحكومة والمنظمات الانسانية من ايصال المساعدات الانسانية الي المناطق المتأثرة في دارفور بسبب التجاوزات الأمنية من بعض المجموعات المسلحة ــ لم يسمها ــ من حين إلي آخر (الزمان: 27/10/2003).
من هذه الأحداث المؤسفة نلاحظ الآتى:
(1) إن القتل المتعمد مع الترصد وسبق الإصرار قد تمت بوتيرة متسارعة, خاصة فى وسط وشمال وغرب دارفور, وكأن القتلة على لهف من أمرهم.
(2) تركزت المجازر كلها فى قلب ديار القبائل ذات الأصول الأفريقية وتتم معظمها بطريقة بشعة تصاحبها عادة تمثيل بالجثث وكأنَّ القتلة يتشفون من شيئ ما.
(3) الإستيلاء على الأرض من خلال حرق القرى حتى التراب وإجبار الأهالى المستقرين النزوح من الأراضى التى يقيمون فيها ظلَّ هدفاً ثابتاً بعد تحقيق المجازر التى لا تراعى رجلاً أم إمرأة, شيخاً أم رضيعاً.
(4) بعد حرق القرى عادة ما يصاحبها تخريب موارد المياه وتسميم الآبار ودفنها بإلقاء جثث الحيوانات فيها ثم ردمها بعد ذلك.
(5) تستر الحكومة على ما يجرى ومحاولة تعتيمها كلياً عن وكالات الأنباء, لقد أخبر صحفى بالخرطوم كاتب هذا المقال بأنَّ الحكومة قد أصدرت أمراً مشدداً للصحف بعدم الخوض فى قضية دارفور.
(6) كشف مدير المعونة الأمريكية لقتل 7000 شخص منذ بدء تفجر الصراعات فى إقليم دارفور هو أول تصريح يصدر من نوعه مما يؤكد تكتم الحكومة على مآسى دارفور.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو لماذا تتستر الحكومة على هذه الكوارث إلى الدرجة التى تتهمها مباشرة فى المشاركة فيها؟ أوليس أنَّ هؤلاء الناس بشر مثل بقية خلق الله, ظلوا وأسلافهم يعمرون تلك الأراضى قروناً عديدة حتى قبل تكوين سودان اليوم؟ هذا ما سنجيب عليه فى الحلقة القادمة.

 

آراء