الدولة الحديثة نتاج نزعة انسانية لا تتحمّل تلفيق رجال الدين
طاهر عمر
3 December, 2022
3 December, 2022
الشعب السوداني ضحية سببها أن نخبه وضعته في خط الحضارة العربية الاسلامية التقليدية التي تقاوم الحداثة بشكل مخيف. و كل جهود مفكريه لا تسير نحو ترسيخ فكرة قيم الجمهورية حيث أصبح الشرط الانساني يحتم بأن تكون مسألة حقوق الانسان هي نقطة المبتدأ و في نفس الوقت نقطة الوصول كما يقول عالم الاجتماع الفرنسي مارسيل غوشيه أي أن مواثيق حقوق الانسان لم تعد مسألة ممارسة للسياسة بل أصبحت قاعدة الشرط الانساني و لا يعني الشرط الانساني غير السياسة التي عبر فكرة النشؤ و الإرتقاء قد تجاوزت كل فكر ينطلق من العرق و الدين.
و النخب السودانية لم تتجاوز بعد منعطف العرق و الدين لذلك نجدهم يتخفون حول فكرة إستشارة الشعب أو مؤتمر دستوري عندما يحاصرهم سؤال علمانية الدولة و مسألة فصل الدين عن الدولة. قد أصبح الشعب السوداني في موقع و أصبح الأفق الذي لا يمكن تجاوزه أي مسألة ترسيخ فكرة دولة الحق في الحقوق بعيدا عن أفق لا يمكن تجاوزه بالنسبة للنخب و هو مسألة فكرة الدولة الارادة الالهية.
و بالتالي قد أصبح الشعب السوداني يعاني من غياب شخصية تاريخية تستطيع تجاوز العقل التقليدي الجمعي و بالتالي تستطيع أن تخلق قطيعة مع تراثه و عقله التقليدي الذي لا يظهر على أفقه غير التوفيق الكاذب من نخب تجيد الترقيع كما رأيناهم في تخليد فكر الامام الصادق المهدي كرجل دين قضى عمره في محاولة التوفيقالذي يفتح على التلفيق ما بين الفكر الديني و السياسة و النتيجة كانت إطمحلال فكره لدرجة أنه لم يستطيع التنبؤ بثورة ديسمبر المجيدة بل عندما بدأت عواصفها قد وصفها بأنها بوخة مرقة.
الامام الصادق المهدي بحكم أنه يريد المحافظة على موقع أسرته على رأس طائفة دينية لا يستطيع أن يقوم بدور الخالدين و هو هو مسألة إنزال فكر يقوم على القطيعة مع التراث و هذا يفتح باب ضرر على أسرته كأسرة على رأس طائفة و لكن يفتح باب مصلحة للشعب في مفارقته للعقل التقليدي و هذا يحتاج للحكماء و الفلاسفة و الأنبياء و قطعا لم يكن الصادق المهدي كامام للأنصار من بينهم.
نضرب مثلا على ذلك يوضح كيف تختلف الشخصيات التاريخية في طريقة تفكيرها و مقارباتها عن تفكير الامام الصادق المهدي مثلا روزفلت لحظة الكساد الاقتصادي العظيم قد أحاط نفسه بمشرعيين في مجابهة لحظة إنقلاب زمان حيث كانت نهاية الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة.
أدرك روزفلت أن زمانه يتطلب منه أن يقوم بعمل لصالح الشعب يتعارض مع مصالح طبقته و بالفعل قد أخرج الشعب الأمريكي من لحظة الكساد الاقتصادي العظيم و هذا هو العمل الجبار الذي عجز الامام الصادق المهدي على فعله أي مصلحة الشعب السوداني و لو تطلب الأمر أن يتعارض مع طائفية أسرة المهدي.
قد ساعد الامام الصادق المهدي عاملين على أن يكون فكره فكر تلفيقي لا يجد معارضة من الريادات الوطنية السودانية غير الواعية. عامل خارجي يتعلق بارتباط الشعب السوداني بالعالم العربي و الاسلامي المتعثر بحضارته الاسلامية التقليدية المقاومة للحداثة و لم تخرج غير الدواعش كنتيجة لمحاولة بائسة فيما يتعلق بمقارباتها فيما يتعلق بالأصالة و الحداثة.
في وقت قد أيقن ورثة عقل الأنوار أن الحداثة واحدة و النور يأتي من الغرب أي من الحضارة الغربية كما يقول داريوش شايغان حيث أصبحت الديمقراطية كثورة بديلا للفكر الديني و لا يمكن المصالحة ما بين الحداثة و الاصالة كما يتوهم أمثال امام الأنصار.
المضحك و مبكي في نفس الوقت أن ما يعتقده الصادق المهدي يتطابق مع ما كان يعتقده الكاثوليك في ظنهم قبل قرنين من الزمن بأنهم يستطيعون تطوير الكاثوليكية و يستطيعون الوصول لتحقيق تطبيق الديمقراطية كما يعتقد الصادق المهدي بأنه يستطيع الوصول للديمقراطية عن طريق تفكيره الذي لا يخرج من وحل الفكر الديني.
و لكن قبل قرنيين كان توكفيل في مواجهة مع الكاثوليك و الكاثوليكية و قد أوضح لهم بأن الديمقراطية هي بديلا للفكر الديني أي دين فمن من النخب السودانية يلعب دور توكفيل في مواجهة كاثوليكية الامام الصادق المهدي؟ و قد رأينا تهافتهم في تخليد فكره.
و توكفيل عندما يتحدث عن أن الديمقراطية قد أصبحت بديلا للفكر الديني كان يرى التحول الهائل في مفاهيم البرجوازية الصغيرة فيما يتعلق بمسألة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد و قد تطورت الى أن أصبحت نواة فكرة الضمان الاجتماعي. و قد طبقها بإدراك و وعي بعده بقرن من الزمن روزفلت و هو يواجه مشكلة الكساد الاقتصادي العظيم.
قرنيين من الزمن قد انقضيا منذ لحظة ميلاد أفكار توكفيل و ملاحظاته عن فكرة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد و لم تطور الأحزاب السودانية فكرة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد حيث تصبح فكرة الضمان الاجتماعي مركز الدائرة و تصبح مسالة مجانية التعليم و العلاج المجاني كما نجده في أغلب دول الغرب مسألة مفروغ منها و بجانبها مسالة الحد الأدنى للدخل و يقابل المحافظة على كرامة الانسان.
ما أود أن أقوله مسألة ميلاد دولة حديثة في السودان تحتاج لتحول هائل في مفاهيم النخب السودانية و لا يكون ذلك باليسير بغير خروجهم من أحزاب وحل الفكر الديني و تحطيمهم للأصنامهم الذهنية المتمثلة في المرشد عند الكيزان و الامام عند الانصار و مولانا عند الختمية و الاستاذ عن أتباع النسخة الشيوعية السودانية.
و عندما نقول دولة حديثة نعني التحول الاجتماعي الذي يفتح على تحول ديمقراطي و لا يكون في ظل أحزاب وحل الفكر الديني. قد حان الوقت بأن تدرك النخب السودانية أن الديمقراطية تعني بديلا للفكر الديني و بالتالي لا يمكننا الخروج من حالة الكساد الفكري السائد بغير فك إرتباط ثقافتنا من ثقافة العالم العربي و الاسلامي التقليدية الذي قد ظل منذ قرن مع فكرة مقاربة الحداثة و الاصالة و قد جاء الزمن الذي يجب أن تعرف فيه النخب السودانية بأن أفكار الامام محمد عبده قد أصبحت امام الرياح هباء.
الفرق بين النخب السودانية الفاشلة و الشخصيات التاريخية أمثال روزفلت أن النخب السودانية أسيري وحل الفكر الديني و يشغل ضميرهم ايمان تقليدي يشغل أكبر المفكرين السودانيين بفكرة الخلاص الأخروي في وقت قد توصلت الانسانية بأن مسألة الدين شأن فردي بين الشخص و ربه بعيدا عن تجار الدين و أن المفكرين و الفلاسفة منذ أماد قد توصلوا لفكرة أن الدين ظاهرة اجتماعية و في ظل الظواهر الاجتماعية يفترض الفلاسفة و المفكرين أخلاقية و عقلانية الفرد.
ما أحوجنا للمفكرين يفارقون طريق المؤرخ التقليدي السوداني و المثقف التقليدي و المفكر التقليدي في وقت قد توصل فيه الفلاسفة و المفكرين لمسألة فصل الميتا عن الفيزيقيا و بالتالي فصل الدين عن الدولة دون خوف النخب السودانية و تخفيها خلف جدار التأجيل و استشارة الشعب أو الإرجاء لمؤتمر دستوري. ان الشعب في شعار ثورة ديسمبر قد أوحى لكم بأن الحرية هي قيمة القيم و بالتالي لا يمكننا التحدث عن الحرية و نحن نرز تحت قيود الفكر الديني.
الدولة الحديثة هي نتاج فكر ذو نزعة انسانية نتاج تجربة الانسان وفقا لعقله البشري و ضمير الوجود و بعيد عن أكاذيب رجال الدين من كل شاكلة و لون.
taheromer86@yahoo.com
/////////////////////
و النخب السودانية لم تتجاوز بعد منعطف العرق و الدين لذلك نجدهم يتخفون حول فكرة إستشارة الشعب أو مؤتمر دستوري عندما يحاصرهم سؤال علمانية الدولة و مسألة فصل الدين عن الدولة. قد أصبح الشعب السوداني في موقع و أصبح الأفق الذي لا يمكن تجاوزه أي مسألة ترسيخ فكرة دولة الحق في الحقوق بعيدا عن أفق لا يمكن تجاوزه بالنسبة للنخب و هو مسألة فكرة الدولة الارادة الالهية.
و بالتالي قد أصبح الشعب السوداني يعاني من غياب شخصية تاريخية تستطيع تجاوز العقل التقليدي الجمعي و بالتالي تستطيع أن تخلق قطيعة مع تراثه و عقله التقليدي الذي لا يظهر على أفقه غير التوفيق الكاذب من نخب تجيد الترقيع كما رأيناهم في تخليد فكر الامام الصادق المهدي كرجل دين قضى عمره في محاولة التوفيقالذي يفتح على التلفيق ما بين الفكر الديني و السياسة و النتيجة كانت إطمحلال فكره لدرجة أنه لم يستطيع التنبؤ بثورة ديسمبر المجيدة بل عندما بدأت عواصفها قد وصفها بأنها بوخة مرقة.
الامام الصادق المهدي بحكم أنه يريد المحافظة على موقع أسرته على رأس طائفة دينية لا يستطيع أن يقوم بدور الخالدين و هو هو مسألة إنزال فكر يقوم على القطيعة مع التراث و هذا يفتح باب ضرر على أسرته كأسرة على رأس طائفة و لكن يفتح باب مصلحة للشعب في مفارقته للعقل التقليدي و هذا يحتاج للحكماء و الفلاسفة و الأنبياء و قطعا لم يكن الصادق المهدي كامام للأنصار من بينهم.
نضرب مثلا على ذلك يوضح كيف تختلف الشخصيات التاريخية في طريقة تفكيرها و مقارباتها عن تفكير الامام الصادق المهدي مثلا روزفلت لحظة الكساد الاقتصادي العظيم قد أحاط نفسه بمشرعيين في مجابهة لحظة إنقلاب زمان حيث كانت نهاية الليبرالية التقليدية و بداية الليبرالية الحديثة و نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و بداية فلسفة التاريخ الحديثة.
أدرك روزفلت أن زمانه يتطلب منه أن يقوم بعمل لصالح الشعب يتعارض مع مصالح طبقته و بالفعل قد أخرج الشعب الأمريكي من لحظة الكساد الاقتصادي العظيم و هذا هو العمل الجبار الذي عجز الامام الصادق المهدي على فعله أي مصلحة الشعب السوداني و لو تطلب الأمر أن يتعارض مع طائفية أسرة المهدي.
قد ساعد الامام الصادق المهدي عاملين على أن يكون فكره فكر تلفيقي لا يجد معارضة من الريادات الوطنية السودانية غير الواعية. عامل خارجي يتعلق بارتباط الشعب السوداني بالعالم العربي و الاسلامي المتعثر بحضارته الاسلامية التقليدية المقاومة للحداثة و لم تخرج غير الدواعش كنتيجة لمحاولة بائسة فيما يتعلق بمقارباتها فيما يتعلق بالأصالة و الحداثة.
في وقت قد أيقن ورثة عقل الأنوار أن الحداثة واحدة و النور يأتي من الغرب أي من الحضارة الغربية كما يقول داريوش شايغان حيث أصبحت الديمقراطية كثورة بديلا للفكر الديني و لا يمكن المصالحة ما بين الحداثة و الاصالة كما يتوهم أمثال امام الأنصار.
المضحك و مبكي في نفس الوقت أن ما يعتقده الصادق المهدي يتطابق مع ما كان يعتقده الكاثوليك في ظنهم قبل قرنين من الزمن بأنهم يستطيعون تطوير الكاثوليكية و يستطيعون الوصول لتحقيق تطبيق الديمقراطية كما يعتقد الصادق المهدي بأنه يستطيع الوصول للديمقراطية عن طريق تفكيره الذي لا يخرج من وحل الفكر الديني.
و لكن قبل قرنيين كان توكفيل في مواجهة مع الكاثوليك و الكاثوليكية و قد أوضح لهم بأن الديمقراطية هي بديلا للفكر الديني أي دين فمن من النخب السودانية يلعب دور توكفيل في مواجهة كاثوليكية الامام الصادق المهدي؟ و قد رأينا تهافتهم في تخليد فكره.
و توكفيل عندما يتحدث عن أن الديمقراطية قد أصبحت بديلا للفكر الديني كان يرى التحول الهائل في مفاهيم البرجوازية الصغيرة فيما يتعلق بمسألة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد و قد تطورت الى أن أصبحت نواة فكرة الضمان الاجتماعي. و قد طبقها بإدراك و وعي بعده بقرن من الزمن روزفلت و هو يواجه مشكلة الكساد الاقتصادي العظيم.
قرنيين من الزمن قد انقضيا منذ لحظة ميلاد أفكار توكفيل و ملاحظاته عن فكرة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد و لم تطور الأحزاب السودانية فكرة المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد حيث تصبح فكرة الضمان الاجتماعي مركز الدائرة و تصبح مسالة مجانية التعليم و العلاج المجاني كما نجده في أغلب دول الغرب مسألة مفروغ منها و بجانبها مسالة الحد الأدنى للدخل و يقابل المحافظة على كرامة الانسان.
ما أود أن أقوله مسألة ميلاد دولة حديثة في السودان تحتاج لتحول هائل في مفاهيم النخب السودانية و لا يكون ذلك باليسير بغير خروجهم من أحزاب وحل الفكر الديني و تحطيمهم للأصنامهم الذهنية المتمثلة في المرشد عند الكيزان و الامام عند الانصار و مولانا عند الختمية و الاستاذ عن أتباع النسخة الشيوعية السودانية.
و عندما نقول دولة حديثة نعني التحول الاجتماعي الذي يفتح على تحول ديمقراطي و لا يكون في ظل أحزاب وحل الفكر الديني. قد حان الوقت بأن تدرك النخب السودانية أن الديمقراطية تعني بديلا للفكر الديني و بالتالي لا يمكننا الخروج من حالة الكساد الفكري السائد بغير فك إرتباط ثقافتنا من ثقافة العالم العربي و الاسلامي التقليدية الذي قد ظل منذ قرن مع فكرة مقاربة الحداثة و الاصالة و قد جاء الزمن الذي يجب أن تعرف فيه النخب السودانية بأن أفكار الامام محمد عبده قد أصبحت امام الرياح هباء.
الفرق بين النخب السودانية الفاشلة و الشخصيات التاريخية أمثال روزفلت أن النخب السودانية أسيري وحل الفكر الديني و يشغل ضميرهم ايمان تقليدي يشغل أكبر المفكرين السودانيين بفكرة الخلاص الأخروي في وقت قد توصلت الانسانية بأن مسألة الدين شأن فردي بين الشخص و ربه بعيدا عن تجار الدين و أن المفكرين و الفلاسفة منذ أماد قد توصلوا لفكرة أن الدين ظاهرة اجتماعية و في ظل الظواهر الاجتماعية يفترض الفلاسفة و المفكرين أخلاقية و عقلانية الفرد.
ما أحوجنا للمفكرين يفارقون طريق المؤرخ التقليدي السوداني و المثقف التقليدي و المفكر التقليدي في وقت قد توصل فيه الفلاسفة و المفكرين لمسألة فصل الميتا عن الفيزيقيا و بالتالي فصل الدين عن الدولة دون خوف النخب السودانية و تخفيها خلف جدار التأجيل و استشارة الشعب أو الإرجاء لمؤتمر دستوري. ان الشعب في شعار ثورة ديسمبر قد أوحى لكم بأن الحرية هي قيمة القيم و بالتالي لا يمكننا التحدث عن الحرية و نحن نرز تحت قيود الفكر الديني.
الدولة الحديثة هي نتاج فكر ذو نزعة انسانية نتاج تجربة الانسان وفقا لعقله البشري و ضمير الوجود و بعيد عن أكاذيب رجال الدين من كل شاكلة و لون.
taheromer86@yahoo.com
/////////////////////