الذكرى الثامنة لرحيل الاستاذ المناضل: سعودي دراج
أمير شاهين
29 January, 2023
29 January, 2023
الذكرى الثامنة لرحيل الاستاذ المناضل: سعودي دراج
اضاءة عن ود حلتنا الذى صار ايقونة مدينتنا وبطل بلدنا
بقلم : أمير شاهين
كلمات الى روح الاستاذ سعودى دراج :
"ن مدينة انجبتك لها الحق ان تفتخر بك و وطن عشت انت فيه وناضلت من اجله لهو جدير بالحب والتضحية من اجله "
فى مثل هذا اليوم 30 يناير قبل ثمانية سنوات توفى الاستاذ سعودى دراج ابن مدينة بحرى البار و القائد و المناضل النقابى العتيد و الانسان الراقى الجميل صاحب الشعبية الجارفة والمحبوب من الجميع حتى الذين كانوا يخالفونه افكاره اليسارية ولا يستسيغونها . و المرحوم الاستاذ عبدالله دراج المشهور بسعودى دراج والذى رحل عن دنيانا الفانية فى 30يناير2015م . كان شخصية مرحة جدا تبعث السرور و و تنثر البهجة فى كل مكان يكون هو موجودا به , ويدهشك هذا الرجل الدائم الابتسامة و الضحك و الميال الى المرح وفى بعض المرات الهزل يدهشك بقوة تمسكه بافكاره و قناعاته فهو كان مشهودا له بالصلابة و قوة الارادة و العزيمة فى نضاله ضد كل الانظمة العسكرية الديكتاتورية ابتداء بنظام عبود و انتهاء بحكم البشير و الكيزان ! حيث عرفته معتقلات عبود والنميرى الى البشىير, وفى عهد نميرى كانت ايامه فى المعتقلات باكثر منها من ايامه خارج المعتقلات وكان يقول ضاحكا لقد اصبحت الزبون رقم واحد عند ناس الامن ولا يوجد سجن و لامعتقل بطول السودان و عرضه لا اعرفه او نزلت فيه ضيفا مرحبا به من قبل الجميع اصحاب السجن و النزلاء على حد سواء ! وفى هذا الصدد فان هنالك الكثير من القصص و الروايات التى تدور اقامة سعودى الطويلة جدا فى المعتقلات , ومن الطرائف بان اتيام الامن المكلفة بالاعتقال كانوا يعرفونه بطول تردده عليهم وعند الذهاب اليه فى منزله لاعتقاله كانوا يجدونه جاهزا بشنطة اليد الصغيرة التى تحتوى على اغراضه التى يحتاج اليها فى المعتقل وكانوا يلقون عليه التحية قائلين السلام عليكم يا استاذ هل انت جاهز ؟فيرد عليهم و يقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ايوة جاهز اها المرة دى على وين ؟ وكانوا يتبادلون المجاملات مع بعضهم البعض و الاستاذ سعودى كان شخصية فذة لا تملك الا ان تحبه و تعجب به قد تختلف معه فى افكاره السياسية ولكنك تحترمه وقد تكره لونه السياسى ولكنك تحبه فى شخصه , وفى هذا المقال سوف يكون تركيزى على سعودى دراج الانسان الرائع البهيج و الذى اهدته مدينته الولود بحرى للسودان بل لكل البشرية جمعاء فى مدينة بحرى الهادئة الوديعة وفى احيائها الشعبية القديمة حيث البيوت متداخلة و العوائل مترابطة و حيث ان الجار ينطبق عليه تماما المثل السودانى " جارك القريب ولا ود امك البعيد" وحيث الجميع يعرفون بعضهم البعض على امتداد الحى او المنطقة وهكذا كانت علاقتنا بالاستاذ المرحوم سعودى دراج ابن حى الختمية غرب والذى كنا ونحن ومنذ ان تفتحت مداركنا على الدنيا نراه نجما ساطعا و شخصية يحبها الجميع و يسعد ويفرح بلقائها و التمتع بصحبتها .
نشأ بطلنا سعودى دراج وترعرع فى منزل العائلة و تفتحت مواهبه و مارس رياضة كرة القدم وكان حريفا جدا فيها حتى انه قد لعب مع فريق التحرير و ما ادراك ما التحرير فى ذالك الزمن حيث كان يزلزل الارض تحت اقدام الهلال و المريخ ,
وقد لا يعرف الكثيرين ان المرحوم سعودى دراج بالاضافة الى الى اجادته لكرة القدم كان فنانا و موسيقيا لا يشق له غبار و كان صاحب صوت جميل و قد ذكر بعض زملاءه فى المعتقل انه كان كلما يشتد عليهم الضيق و التضييق كانوا يجدون العزاء فى غناء سعودى دراج و الذى كان يجيد بصورة خاصة ترديد اغانى ابراهيم عوض ولكن يبقى اسهامه الاكبر فى تطوير موسيقى الجاز فى السودان حيث كان عازفا جيدا على الغيتار و شارك مع رواد فن الجاز الرواد فى 1952 مثل عثمان المو و شرحبيل احمد و احمد مرجان فى العزف و تكوين الفرق الاولى و لكن يبدو ان شغفه وولعه بالسياسة كان طاغيا فحرمنا من ابداعات كانت سوف تظل خالدة ابد الدهر , وكان لسعودى علاقات مع نجوم المجتمع فى الفن و الرياضة ومن أصدقاؤه الاعزاء كان المرحوم دكتور عوض دكام احد ظرفاء بحرى المشهورين بنكاته و قفشاته واذكر مرة كنا جالسين مع الاستاذ سعودى لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل فى غرفة الضيوف فى منذلهم بالختمية غرب وذلك قبل انتقاله للسكن فى ديوم بحرى قرب سعد قشرة وهو المنزل الذى توفى فيه وعندها حضر دكتور عوض دكام لنفس الغرض و لك ان تتخيل كم كانت فرحتهم العارمة لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل بلقاء بعضهم البعض و ظلوا متماسكين محتضنين بعضهم فى السلام لفترة طويلة جدا مما يدل على عمق العلاقة التى كانت تجمعهما عليهما الرحمة
وفى العام 1985 ترشح الاستاذ سعودى ممثلا للحزب الشيوعى عن الدائرة 31 بحرى القديمة فى الانتخابات البرلمانية التى اعقبت ثورة ابريل وكان رمزه القندول وبالرغم من شعبيته الجارفة و الزخم الذى رافق حملته الانتخابية و الا انه لم يفز وكان من المدهش فوز مرشح الكيزان والذى لا تربطه بالدائرة اية صلة لا من قريب و لا من بعيد ولم يكن فى الحسبان فوزه فى ظل وجود مرشحين اقوياء من الحزب الاتحادى الديمقراطى و بالطبع فان الكيزان ومنذ ذلك الزمن كانوا خبراء و اساتذة فى مثل هذه الامور !! وكان رد فعل الاستاذ سعودى ساخرا طريفا كالعادة فقد قال ضاحكا " الحمدلله ان الكيزان لم يخذلونا ابدا فهذه هى افعالهم فى كل زمان و مكان الى ان تقوم الساعة .
هنالك اشخاص نلتقيهم فى حياتنا و من اول وهلة يتركون ذلك الاثر الذى يستمر و لا ينقطع ابدا وعندما يرحلون ويغادروننا جسدا لا روحا فاننا لا ننساهم لانهم ببساطة عصيون على النسيان و لا اخال الاستاذ سعودى دراج الا من من هؤلاء . الا رحم الله الاستاذ سعودى دراج و اسكنه فسيح جناته
amirrshahin@gmail.com
اضاءة عن ود حلتنا الذى صار ايقونة مدينتنا وبطل بلدنا
بقلم : أمير شاهين
كلمات الى روح الاستاذ سعودى دراج :
"ن مدينة انجبتك لها الحق ان تفتخر بك و وطن عشت انت فيه وناضلت من اجله لهو جدير بالحب والتضحية من اجله "
فى مثل هذا اليوم 30 يناير قبل ثمانية سنوات توفى الاستاذ سعودى دراج ابن مدينة بحرى البار و القائد و المناضل النقابى العتيد و الانسان الراقى الجميل صاحب الشعبية الجارفة والمحبوب من الجميع حتى الذين كانوا يخالفونه افكاره اليسارية ولا يستسيغونها . و المرحوم الاستاذ عبدالله دراج المشهور بسعودى دراج والذى رحل عن دنيانا الفانية فى 30يناير2015م . كان شخصية مرحة جدا تبعث السرور و و تنثر البهجة فى كل مكان يكون هو موجودا به , ويدهشك هذا الرجل الدائم الابتسامة و الضحك و الميال الى المرح وفى بعض المرات الهزل يدهشك بقوة تمسكه بافكاره و قناعاته فهو كان مشهودا له بالصلابة و قوة الارادة و العزيمة فى نضاله ضد كل الانظمة العسكرية الديكتاتورية ابتداء بنظام عبود و انتهاء بحكم البشير و الكيزان ! حيث عرفته معتقلات عبود والنميرى الى البشىير, وفى عهد نميرى كانت ايامه فى المعتقلات باكثر منها من ايامه خارج المعتقلات وكان يقول ضاحكا لقد اصبحت الزبون رقم واحد عند ناس الامن ولا يوجد سجن و لامعتقل بطول السودان و عرضه لا اعرفه او نزلت فيه ضيفا مرحبا به من قبل الجميع اصحاب السجن و النزلاء على حد سواء ! وفى هذا الصدد فان هنالك الكثير من القصص و الروايات التى تدور اقامة سعودى الطويلة جدا فى المعتقلات , ومن الطرائف بان اتيام الامن المكلفة بالاعتقال كانوا يعرفونه بطول تردده عليهم وعند الذهاب اليه فى منزله لاعتقاله كانوا يجدونه جاهزا بشنطة اليد الصغيرة التى تحتوى على اغراضه التى يحتاج اليها فى المعتقل وكانوا يلقون عليه التحية قائلين السلام عليكم يا استاذ هل انت جاهز ؟فيرد عليهم و يقول عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ايوة جاهز اها المرة دى على وين ؟ وكانوا يتبادلون المجاملات مع بعضهم البعض و الاستاذ سعودى كان شخصية فذة لا تملك الا ان تحبه و تعجب به قد تختلف معه فى افكاره السياسية ولكنك تحترمه وقد تكره لونه السياسى ولكنك تحبه فى شخصه , وفى هذا المقال سوف يكون تركيزى على سعودى دراج الانسان الرائع البهيج و الذى اهدته مدينته الولود بحرى للسودان بل لكل البشرية جمعاء فى مدينة بحرى الهادئة الوديعة وفى احيائها الشعبية القديمة حيث البيوت متداخلة و العوائل مترابطة و حيث ان الجار ينطبق عليه تماما المثل السودانى " جارك القريب ولا ود امك البعيد" وحيث الجميع يعرفون بعضهم البعض على امتداد الحى او المنطقة وهكذا كانت علاقتنا بالاستاذ المرحوم سعودى دراج ابن حى الختمية غرب والذى كنا ونحن ومنذ ان تفتحت مداركنا على الدنيا نراه نجما ساطعا و شخصية يحبها الجميع و يسعد ويفرح بلقائها و التمتع بصحبتها .
نشأ بطلنا سعودى دراج وترعرع فى منزل العائلة و تفتحت مواهبه و مارس رياضة كرة القدم وكان حريفا جدا فيها حتى انه قد لعب مع فريق التحرير و ما ادراك ما التحرير فى ذالك الزمن حيث كان يزلزل الارض تحت اقدام الهلال و المريخ ,
وقد لا يعرف الكثيرين ان المرحوم سعودى دراج بالاضافة الى الى اجادته لكرة القدم كان فنانا و موسيقيا لا يشق له غبار و كان صاحب صوت جميل و قد ذكر بعض زملاءه فى المعتقل انه كان كلما يشتد عليهم الضيق و التضييق كانوا يجدون العزاء فى غناء سعودى دراج و الذى كان يجيد بصورة خاصة ترديد اغانى ابراهيم عوض ولكن يبقى اسهامه الاكبر فى تطوير موسيقى الجاز فى السودان حيث كان عازفا جيدا على الغيتار و شارك مع رواد فن الجاز الرواد فى 1952 مثل عثمان المو و شرحبيل احمد و احمد مرجان فى العزف و تكوين الفرق الاولى و لكن يبدو ان شغفه وولعه بالسياسة كان طاغيا فحرمنا من ابداعات كانت سوف تظل خالدة ابد الدهر , وكان لسعودى علاقات مع نجوم المجتمع فى الفن و الرياضة ومن أصدقاؤه الاعزاء كان المرحوم دكتور عوض دكام احد ظرفاء بحرى المشهورين بنكاته و قفشاته واذكر مرة كنا جالسين مع الاستاذ سعودى لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل فى غرفة الضيوف فى منذلهم بالختمية غرب وذلك قبل انتقاله للسكن فى ديوم بحرى قرب سعد قشرة وهو المنزل الذى توفى فيه وعندها حضر دكتور عوض دكام لنفس الغرض و لك ان تتخيل كم كانت فرحتهم العارمة لتهنئته باطلاق سراحه من المعتقل بلقاء بعضهم البعض و ظلوا متماسكين محتضنين بعضهم فى السلام لفترة طويلة جدا مما يدل على عمق العلاقة التى كانت تجمعهما عليهما الرحمة
وفى العام 1985 ترشح الاستاذ سعودى ممثلا للحزب الشيوعى عن الدائرة 31 بحرى القديمة فى الانتخابات البرلمانية التى اعقبت ثورة ابريل وكان رمزه القندول وبالرغم من شعبيته الجارفة و الزخم الذى رافق حملته الانتخابية و الا انه لم يفز وكان من المدهش فوز مرشح الكيزان والذى لا تربطه بالدائرة اية صلة لا من قريب و لا من بعيد ولم يكن فى الحسبان فوزه فى ظل وجود مرشحين اقوياء من الحزب الاتحادى الديمقراطى و بالطبع فان الكيزان ومنذ ذلك الزمن كانوا خبراء و اساتذة فى مثل هذه الامور !! وكان رد فعل الاستاذ سعودى ساخرا طريفا كالعادة فقد قال ضاحكا " الحمدلله ان الكيزان لم يخذلونا ابدا فهذه هى افعالهم فى كل زمان و مكان الى ان تقوم الساعة .
هنالك اشخاص نلتقيهم فى حياتنا و من اول وهلة يتركون ذلك الاثر الذى يستمر و لا ينقطع ابدا وعندما يرحلون ويغادروننا جسدا لا روحا فاننا لا ننساهم لانهم ببساطة عصيون على النسيان و لا اخال الاستاذ سعودى دراج الا من من هؤلاء . الا رحم الله الاستاذ سعودى دراج و اسكنه فسيح جناته
amirrshahin@gmail.com