السودان الشقيق

 


 

جعفر فضل
5 January, 2023

 

في منتصف ثمانيات القرن الماضي ذهبت لمنزل المرحوم السفير كمال داؤود بالدوحة احمل معي رسائل و وصايا للسودان بعد ان علمت بانه مغادر في اجازته السنوية . لم تكن وقتها وسائل الاتصال و الحوالات متاحة كما هو الان فكانت الرسائل التي يحملها الاصدقاء هي و سيلتنا .
بعد الترحيب فاجأني بانه ذاهب في اجازته لمصر و ليس السودان و سوف يلتقي باسرته التي ستلحق به هناك .
و بسخرية الحلفاوي المعهودة قال لي تقصد ( السودان الشقيق ) الرجل كان احد مرافيت نميري مما جعله يكون رأيا سلبيا عن الوطن .
قبل يومين عدت من السودان و تذكرت عبارة المرحوم كمال . و علي قول الشيخ محمد عبده عندما ذهب لباريس شعرت بانني وجدت السودانيين و لم اجد السودان . استمتعنا بلقاء الاهل و بالدفء العائلي ، تسامرنا مع الاهل والاصدقاء ، اكلنا حتي زاد وزننا ، ابتهجنا و طربنا خصوصا وقد كانت لنا مناسبة زواج ابن شقيقي المرحوم السر، جمعت لنا كل الاهل و الاصدقاء و المعارف .
اقمت بالخرطوم و ذهبت في زيارة لمدني لثلاثة ايام .
لا اعتقد يمكننا بكل المعايير ان نطلق علي المدينتين اسم مدينة . و لا يمكن ان نعتبر باي حال من الاحوال ان بالسودان الان توجد حكومة او دولة .
لدي مشاهدات كثير لا يسع المجال لسردها .
من المظاهر الواضحة كمية الكوش و الوسخ تدخل المنازل نظيفة و رايحة البخور تتمخض ، تفاجأ عندما تخرج اما المنزل الطين و الكوش ، الدقداق والحفر ، لا توجد شوارع بالمعني المعروف . حتي الطرق السفرية شارع مدني الذي كنا نطويه في ساعتين اصبحت الرحلة تستغرق ثلاثة و اربع ساعات . مع الحفر و زحمة الشارع اصبح سكان القري علي الطريق يضعون اما قرائهم مطبات كالجبال في غياب كامل للدولة .
نحن مجموعة من الاسرة اخذنا بص خاص في الطريق من الخرطوم الي مدني . داخل ولاية الخرطوم حتي حدود الولاية (تفتيش سوبا ) ، تم ايقاف البص من الجهات الامنية ستة مرات !! معقولة !! لا اعتقد يمكن ان يوجد مبررا لذلك . في اوربا تجوب بسيارتك كل دول اوربا دولة دولة دون يوقفك احد علي الحدود بين الدول . ما بالك داخل دولة واحدة بل داخل الولاية !!!
من الملاحظ اصبح هناك تباين باين في كثير من المظاهر يخرج الناس من سرادق العزاء الي صيوان الفرح في انسجام تام . قد تكون هذه من المحاسن .
. رغم ما عرف به الانسان السوداني الطيب المسالم الا ان مظهر السلاح الذي يحمله البوليس و الجهات الأمنية وسط المارة و في الاماكن العامة تدعوا للرعب . نسمع عن تدهور التعليم و قلة المعينات و لكن عندما تتحدث مع الشباب تلتمس قدر كبير من الوعي و الادراك و يحملون ذخيرة ضخمة من المعرفة ،. اما الساسة كما وصفهم
الطيب صالح بمقولته - يزحمون شاشات التلفزيون وميكرفونات الإذاعة. يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته.
رغم الحزن علي حال البلد لكن يظل السودان بي ناسوا . و نسال الله ان يولي من يصلح .
لقد عبر عن حال البلد محمود محمد طه في مقولته ( شعب عملاق يتقدمه اقزام)

gafargadoura@hotmail.com

 

آراء