السينما السودانية “ستموت في العشرين”
منصة حرة
manasathuraa@gmail.com
"أشعر بالفخر والسرور، لأني كنت أشاهد الحفل في التلفزيون لنحو 20 عاماً، ولم أكن أعرف أنني سأقف هنا يوماً، لأنني من بلد لا تعرف السينما، ولأنني من بلد كانت تحت نظام كان لا يدعم السينما، وأقول (كان) لأن بلدي شهدت ثورة طردت هذا النظام".
هكذا خاطب مخرج فلم "ستموت في العشرين" أمجد أبو العلا، مهرجان فينيسيا السينمائي في لحظة استلامه جائزة "أسد المستقبل"، التي تمنح للعمل السينمائي الأول للمخرج، وبهذا العمل سجل أبو العلا "السينما السودانية في قائمة المبتدئين" بعمل إبداعي عبر قضية حقيقية.
انقطع التطور الطبيعي للمجتمع السوداني في كل القطاعات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية، منذ مجيء "الإنقاذ" إلى الحكم بقوة السلاح، وفرضها بذات القوة "فكر" لا ينتمي لهده الأرض، ولا علاقة له بالثقافة المحلية، ولا تقاليد المجتمع، زرع العنصرية والجهوية، وأشعل الحروبات الأهلية، وجيش الشباب بدعاوي "الجهاد"، ودمر الثقافة والفن والإبداع والتراث ووصفها بالكفر.
وفي الوقت الذي كانت تمارس فيه "الحركة الإسلامية" في شذوذها الفكري في المجتمع السوداني، شهدت السينما العالمية تطوراً كبيراً خلال الـ 30 عاماً الماضية، وبدأت دول كثيرة في تطوير هذا القطاع ببداية متواضعة، ونجحت اليوم في تصدير هذه الصناعة إلى العالم.
في المقابل، حظرت "الإنقاذ" السينما في السودان، وأغلقت دورها في المدن، وأدلجت القنوات الفضائية، وفتحت المجال لعديمي الخبرة ليعرضوا أعمال "هابطة" في كل المجالات، الغناء، الرقص، التمثيل، المسرح، الفلكلور، الشعر.. إلخ، حتى أصبح كل ما يعرض عبارة عن "مسخ"، وكل هذا بهدف تشويه الإبداع، ورميه في قاع المجتمع، وتفرغوا لنهب المال العام وبناء الأبراج وادخار الأرصدة في ماليزيا ودبي وغيرها.
ورغم كل هذا، ظل الأبداع في الصالونات المغلقة، لا يرى النور، حتى أصبحنا فعلاً كما قال أمجد أبوالعلا "بلد لا يعرف السينما"، والسبب في هذا التدمير ببساطة هو "الخوف"، نعم الخوف من سلاح "الثقافة" الذي يعكس معاناة المجتمع، ونبض الشارع، وينقل الحقيقة للعامة عبر مادة إبداعية، ولكثرة سوءات "النظام"، كان لابد له من تدمير "الإبداع"، ولكن في النهاية، سقط النظام عبر ذات الإبداع.
والآن بعد أن طرد الشعب السوداني "نظام الحركة الإسلامية الفاسد" شر طردة، ننتظر قرارات شجاعة بعودة السينما السودانية التي "قتلت في العشرين"، حتى تعود كل الكفاءات التي هجرت البلد، ومنهم الأبطال الذين أخرجوا وأنتجوا فلم "ستموت في العشرين"، أمجد أبوالعلا، عمر حلاق، وغيرهم من الشباب المبدع.
ونطالب، بوزارة خاصة بـ"الثقافة"، لتعيد بناء ما دمرته "الإنقاذ"، ولينتقل الفن السوداني إلى العالمية من جديد، ولنعكس للعالم ثقافتنا، وتراثنا، وسياحتنا، وقضايانا، بكل حرية دون وصاية من "فكر"، وأنا على يقين بعودة جيوش من المخرجين والممثلين والكتاب والمنتجين ليعمروا هذا القطاع الحيوي.
ولـ "حكومة الثورة" نقول، إن قطاع السينما سيولد آلاف الوظائف لشابات وشبان الوطن، وسيكون له عائد اقتصادي كبير سيدعم خزينة الدولة، وسنحقق جزء من أهداف الثورة السودانية المجيدة، ونرجو ألا تتأخر هذه القرارات فالوطن ينتظر الكثير، ومن ضحك أخيراً ضحك كثيراً.
وماشين في السكة نمد
دمتم بود
الجريدة