الغناء للسلام في زمن الحرب السودانية

 


 

 

عندما تنشط الحروب و تندلع الصراعات، يصبح السلام أمرًا غاليًا جدًا. يتضاءل الأمل، و تتبدد الأحلام، وتهبط الروح المعنوية للناس. ولكن على الرغم من ذلك، يظل الغناء قوة قادرة على إشعال شرارة الأمل والوحدة وإحداث تغيير إيجابي في زمن الحرب. تعتبر الموسيقى من وسائل التعبير القوية التي تتجاوز الحدود الثقافية واللغوية، وتصل إلى قلوب الناس بصورة مباشرة. تعتبر الأغاني والأناشيد التي ترتبط بالسلام رسالة مؤثرة تذكر الناس بأهمية التعاون والتسامح والحب. في زمن الحرب، يعتبر الغناء للسلام وسيلة فعالة للتعبير عن الأمل في نهاية الصراع واستعادة السلام. يقوم الفنانون والمغنون بخلق أغانٍ ترفع روح المعنوية وتدفع الناس للتفكير في قيمة الحياة والتسامح والسلام.
تتنوع أشكال الغناء للسلام في زمن الحرب، حيث يمكن أن يتم تقديمها بأشكال مختلفة مثل الأناشيد الوطنية أو الأغاني الهادئة التي تعزز السلام الداخلي. يتم غالبًا تلحين هذه الأغاني بأصوات طربية تهدف إلى نقل الأمل والسلام إلى القلوب. من المثال البارز على قوة الغناء للسلام في زمن الحرب، نجد "أغاني الحرب العالمية الثانية". خلال تلك الفترة الصعبة، كان للأغاني دور هام في رفع معنويات الجنود وتوحيد المواطنين. تم تأليف أغانٍ قوية تتحدث عن الوحدة والصمود والأمل، مما ساهم في تقديم الدعم النفسي للناس المتضررين من الحرب و إلهامهم بالاستمرار في النضال من أجل السلام. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للغناء أن يلعب دورًا في توحيد الناس وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. يمكن للفنانين من خلفيات مختلفة أن يتعاونوا معًا ويقدموا أداءً مشتركًا للتعبير عن السلام والتسامح. تكون الأغاني محايدة بشكل عام، تنقل رسالة السلام والمحبة، وتذكر الناس بأننا جميعًا إنسانية واحدة. يمكن القول بأن الغناء للسلام في زمن الحرب يمثل أداة فعالة للتعبير عن الأمل والوحدة والتسامح. يساهم في إلهام الناس ورفع روح المعنوية في الظروف الصعبة، ويعزز التفاهم والتواصل بين الثقافات المختلفة. وعلى الرغم من أن الحرب قد تكون مظلمة ومأساوية، إلا أن الغناء يمكنه أن يبث الضوء والأمل ويساهم في إحلال السلام في النهاية.
شاهدت مؤخراً أغنية (الحرب الضرب) والتي صدر في طياتها "البيت اتحرق المال اتسرق .. ليه يعني كان لشنو .. المستفيد فيها منو" ببساطة وعفوية تلقائية هكذا خط الشاعر الشاب أمجد حمزة أبيات القصيدة المعبرة عن الحرب وغنتها الفنانة عشة الجبل. بالمقابل تناولت وسبقت عائشة، الفنانة إيلاف عبد العزيز التي تغنت للسلام وضرورة وقف الحرب حتى يعود المواطنين الى منازلهم مع بث روح التفاؤل بانفراج حتمي يعانق بعده السودانيين مجدداً الأماكن التي ألفوها وحبوها في مختلف أنحاء العاصمة الخرطوم. جسدت إيلاف لكل هذه المعاني من التفاؤل وتصوير ويلات الحرب بأغنية كتب كلماتها أيضاً أمجد حمزة:"بُكرة الهم يفوتنا ونرجع الى بيوتنا والخرطوم أمان". كل هذه الكلمات تعتبر ايجابية وهو نوع من الحراك الثقافي في المجتمع السوداني وتسهم في رفع الوعي الجمعي وتشكيله وبث رسائل تدعو للسلام ولكن أختلف مع الشاعر أمجد حمزة الذي يصور السياسة بأنها بطش من الخباثة والسلبية بكتابته "السياسة من أساسها الأذية والخباثة" فليعلم الشاعر ومن بعده المستمع السوداني بأن السياسة هي علم وفن يهدف إلى إدارة الشؤون العامة وتنظيم الحكم واتخاذ القرارات في إطار المجتمع. تعد السياسة من العوامل الرئيسية التي تؤثر في حياة الناس وتشكل الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات. وتحمل السياسة أهدافًا نبيلة ومبادئ تسعى لتحقيقها في خدمة المجتمع بشكل عام. كما للفن أهداف نبيلة فإن الساسة كذلك. ومن بين تلك الأهداف النبيلة للسياسة؛ تحقيق العدالة الاجتماعية التي نشدتها ثورة ديسمبر المجيدة ومطالب الجماهير بإنشاء أنظمة تكفل توزيع الثروة والفرص بطريقة عادلة بين جميع أفراد المجتمع، وتحقيق المساواة في الفرص والحقوق والمزايا. كما تهدف السياسة إلى توفير بيئة آمنة ومستقرة للمجتمع، حيث يتمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، وتحميهم من التهديدات الداخلية والخارجية. فإن تحقيق الأهداف النبيلة للسياسة يبقى هدفًا يستحق السعي لتحقيقه، حيث أنها تسهم في بناء مجتمع أفضل وتعزز رفاهية الأفراد والتقدم الشامل.
د. سامر عوض حسين
19 يوليو 2023

Samir Al Awad, PhD
samir.alawad@gmail.com

 

آراء