الفوضى الامنية: الحرية لمن يحترمها فقط

 


 

 

روح النص
(1)
في كل ديمقراطيات العالم وغيرها من الانظمة لا توجد حريات مطلقة وكثيرا مايساء فهم الحرية لدى البعض في بلادنا بمعنى ان يفعل مايريد دون مراعاة حقوق الاخرين سواء في القول او الفعل او السلوك . وهناك من يستغل أجواء الحرية لاحداث الفوضى والتخريب المادي او المعنوي او اثارة البلبلة او التعدي على حقوق الاخرين او تهديد امن الطريق والاماكن العامة , وفي الآونة الأخيرة تعددت الوان الجرائم وصور القتل وهي مشاهد لم تكن موجودة او معتادة من قبل كما اصبح التفلت الأمني سمة من بعض الفئات الخارجة على القانون سواء من المتفلتين القادمين من مناطق السودان المختلفة للعاصمة او من المتفلتين المتسربين من دول الجوار عبر الحدود المفتوحة دون ادنى رقابة .

(2)
في كل الدول التي تكفل الحريات تتمتع الشرطة واجهزة الأمن الداخلي بقدرات تقنية وصلاحيات قانونية تمكنها من الرقابة وضبط المخالفين والمنتهكين لتلك الحريات دون تهاون . وتميزت الشرطة السودانية بكافة افرعها على مر الحقب بالكفاءة والمهنية غير ان المستجدات السياسية الأخيرة التي سمحت لبعض المجموعات بحمل السلاح دون تقييد تحت بند السلام وتضارب الصلاحيات وتهاون الحكومة قد جعلت من صوت اطلاق الرصاص متوقعا في كل مكان ولعل حادثة سوبا الأخيرة وحوادث مماثلة تستدعي وقفة جادة وقرارات حاسمة من قبل المسؤولين دون مجاملات سياسية على حساب امن المواطنين . فأي سلام يبيح حمل السلاح والفوضى والمظاهر الأمنية غير الرسمية واي سلام يبيح لبعض افرارد هذه المليشيات الاختلاط مع المواطنين باسلحتهم وركوب المواصلات العامة باسلحتهم الآلية ومايسببه ذلك من مخاطر وكأننا في حالة حرب شوارع .

(3)
حالات الإنفلات الأمني وتكاثر المتفلتين والمجرمين وتعدد حوادث القتل والنهب والسرقات في وضح النهار وفي قلب العاصمة لم تأتي من فراغ بل من البيئة المواتية التي تخلقها تجمعات المتفلتين حول اماكن بائعات الشاي والباعة الهامشيين امام واجهات المحلات التجارية واماكن المهن الأخرى التي يتخذها البعض ستارا لاصطياد فريسته مما يستوجب اعادة تنظيم قلب العاصمة وتحديد اماكن آمنة لتنظيم بيع الشاي بطريقة حضارية وفي اماكن معينة حيث لا يعقل ان تكون في شارع الجمهورية فقط حسب احدى الاحصائيات اكثر من ثلاثة الاف بائعة شاي يتحلق حولهن اكثر من 50 الف لا مهام لهم او لاكثرهم وذلك لاكثر من مرة في اليوم بالاضافة للمهن الأخرى وتشديد الرقابة عليها وملاحقة المتفلتين والمتسولين الذين تؤكد احصائيات الشؤون الاجتماعية تجاوزهم لسقف الخمسين الف متسول في طرقات العاصمة وحدها ومن ضمن هؤلاء متفلتين متخصصون في عمليات خطف حقائب النساء وعمليات نهب الهواتف المحمولة والنقود .

(4)
لقد اثبتت التجربة التي قادتها وزارة الداخلية بشان تنظيم المرور والتوقف وتنظيم الوقوف في شوارع الخرطوم نجاحها من خلال فرض القانون وتطبيق الغرامات التي تتناسب مع حجم المخالفات كما في كل دول وعواصم العالم مما يشجع لاتخاذ خطوات مماثلة لتنظيم الأسواق والباعة والمشاة واماكن المشروبات والأطعمة وغيرها بما يتسق مع ضرورات النظام العام وتثقيف المواطنين والزامهم بالانضباط العام لينعموا بالأمن والنظام .

(5)
وتبقى ضرورة ان تنتبه وزارة الداخلية لتدريب وتأهيل منسوبيها وتثقيفهم بالتعامل الحضاري مع المواطنين بما يعكس الوجه المشرق للشرطة السودانية وتبنى ورش مشتركة بين الشرطة المدنية والمواطنين في مؤسساتهم المدنية المختلفة والاعلام للمشاركة في استتباب الأمن وارساء دعائم النظام والتعاون في تنظيم وتطوير الشارع العام بالتعاون مع جهات الاختصاص .
ويبقى اخيرا رسالة خاصة لولاية الخرطوم ان عمليات تنظيم اصطفاف السيارات قد كشف عن ضرورة الاسراع بتنظيف الطرقات من القمامة والأتربة الكثيفة التي كانت تغطيها فوضى و عشوائية توقف السيارات مما يستوجب الاسراع في عمليات التظيف وجلب الأوعية الكبيرة الحجم للقمامة في كل المدن والاحياء والاسراع في افراغها لنحلم بمدن نظيفة وآمنة ومنضبطة خالية من المتفلتين وحملة السلاح وقادرة على تأكيد هوية مواطنيها وتنظيم ضيافة من ياتي اليها وفق القانون .

نقلا من صفحة الاستاذ حسن احمد الحسن على الفيس

 

آراء