تفكيك القضائية الفاسدة (28)

 


 

 

ushari@outlook.com
وقائع غير قابلة للتصديق
(1)
بتاريخ 22/10/2010، أرسلت من محل إقامتي في صنعاء باليمن رسالة رقيقة إلى رئيس القضاء، جلال الدين محمد عثمان. طلبت منه أن يسمح لي بنشر نتائج تحقيقاتي عن الفساد القضائي في السودان.
بل طلبت من جلال أن يكلِّف لجنة من القضاة لمراجعة مسودة كتابي الذي أرفقته مع الرسالة الرقيقة. وأبديت استعدادي لإدخال تعديلات في نص الكتاب قبل نشره.
هذا ما أنهيت به رسالتي الرقيقة المكتوبة الموجودة كاملة في نهاية هذا المقال التوثيقي:
...
"وبالنسبة لمسودة هذا الكتاب "[الفساد القضائي في السودان] تُحظَرُ المحضونةُ من السفر"، ألتمس أن تكلفوا من ترون من القضاة لدراستها والسماح لي بنشرها ككتاب يتم توزيعه بصورة أساسية في السودان.
وإذا رأيتم أنه ينبغي أن يتم تعديل أي جزء في مسودة الكتاب، أو تصحيح، أو إضافة،  فأنا على استعداد للنظر بعين الاعتبار لمقترحاتكم".
...
(2)
أيضا، أورِد الفقرة المقتبسة من رسالتي لرئيس القضاء أبو سن بتاريخ 20/4/2014، وذاتها الرسالة أرسلتُها بعد أسبوع واحد إلى خلفه حيدر، قبل أن أنشر شيئا في سودانايل:
...
"فأريد أن أعطيك الفرصة، قبل نشر الكتاب على الملأ. وأنت رئيس القضاء الجديد. أن تنظر في الأمر، وهو معروف لدى قضاتك في المحاكم وفي مكتبك.
أعطيك الفرصة لاتخاذ قرار على وجه السرعة، ليس للفصل مباشرة في النزاع بيني وبين القضاة موضع الاتهام. ذلك سيأتي. ولكن، لاتخاذ القرار بشأن الكيفية الإجرائية التي يمكن بها أن تتم تهيئة المجال للفصل في هذا النزاع وطي ملفه على أساس الحق والعدل، وبطريقة مبدئية ..."
...  
(3)
فيستبين من الفقرتين المقتبستين أعلاه أني تعاملت مع هذا الموضوع الخطير بأعلى درجات المسؤولية والكرم والسماح، والحذر والحيطة، واحترمت حقوق القضاة خصومي، قبل أن أنشر في سودانايل، أو في أي مكان، أي مقال عما كيفته على أنه فساد القضاة أو فساد السلطة القضائية.
(4)
أنشر في هذا المقال النصوص الكاملة للمذكرات الثلاثة التي كنت أنذرت فيها رؤساء القضاء الثلاثة، تباعا، جلال وأبو سن وحيدر. أنذرتهم بأن كارثة ستحيق بالقضائية السودانية إن هم لم ينظروا، مجرد نظر، في مظلمتي ضد القضاة.
وقد حذرت أبو سن وحيدر بلغة واضحة أني سأنشر تحقيقاتي عن فساد القضاة إن لم يصلني رد خلال مهلة أسبوعين بشأن ما ورد في المذكرة لأبو سن، وقد أحلتها لاحقا إلى حيدر بعد عزل أبو سن.
(5)
في صلفهم وغرورهم، كقضاة، ثلاثتهم سفهوا مذكراتي، مستهترين بحقوقي وبحقوق ابنتي. تجاهلوني تماما. رغم أن المراسلات من جانبي كانت تدور على مدى أربعة أعواما.
وأمر جلال، مستقويا بعمر البشير، بتدابير انتقامية فاجرة ضدي، ثبَّتَها بعده أبو سن، ثم حيدر. والتدابير الانتقامية الحاقدة باقية سارية المفعول ضدي حتى هذا اليوم، وهي مسجلة في مذكرتي لأبو سن، تحت.
فهمتُ أن قيادات السلطة القضائية غير راغبة في إنصافي، وأنها لن تعوضني عن الضرر الذي سببه قضاتها ضدي. بل هي سخِرت مني، فقدمتْ الحماية للقضاة الذين اعتدوا عليَّ وعلى ابنتي بقراراتهم القضائية الفاسدة، وكافأتْهم بالترقية.  
(6)
فسَّرتُ سلوكَ رؤساء القضاء الثلاثة في البداية بأنه كان متعلقا بي شخصيا. قلت لنفسي، يقع علي كل هذا الظلم: لأني لم أكن إسلاميا. ليس لي حزب في المعارضة. ولا أحمل بندقية --يا ريت.
لكن تبين لي، وكل ذلك أعلاه سائغ، أن السبب الجوهري وراء سلوك رؤساء القضاء الثلاثة بل متعلق بطبيعة السلطة القضائية السودانية. كمؤسسة ركَّبها الإسلاميون بهذه الطريقة على مدى ربع قرن من الزمان، لصناعة الفساد.
وأدركتُ أن استخفاف رؤساء القضاء بي مشدود إلى طبيعة الدولة الإجرامية، دولة المثقفين الإسلاميين المتحالفين مع العسكر. يطغى فيها الموظفُ العام، مثل القاضي، كمثقف إسلامي، ويُفسد في الأرض يعلم يقينا أنه غير مساءل وسيفلت من العقوبة. فقط لأنه "إسلامي" وضحيته ليس كذلك على تلك شاكلته.
(5)
هكذا، تغير الموضوع، بالقرار الواعي من جانبي، من موضوع محصور في الخاص لتثبيت حقوقي وحقوق ابنتي في جبر الضرر الذي أحاق بنا نتيجة فساد القضاة، ليشمل مسائل كبرى تتعلق بالشأن العام.  
والآن لا فرق عندي بين الخاص والعام. فتجربتي الشخصية في المحاكم هي المصدر الأساس للمعرفة الجديدة عن فساد القضاة وفساد السلطة القضائية. وعلى عاتقي التزامات لأسهم في تجريد السلطة القضائية الفاسدة من أية شرعية أخلاقية تدعيها بالاحتيال على المواطن السوداني. وأعمل علنا للإعداد لحل هذه السلطة القضائية الفاسدة، حين يأتي الوقت، وإحلال بديل عقلاني نزيه في مكانها.
 (6)
أنشر المذكرات الثلاثة لتبيين خلفيات المقالات المائة ويزيد السابقة والآتية في سودانايل عن فساد القضاة. ولأسجل طبيعة رد الفعل بالتجاهل وبتصعير الخد من قبل رؤساء القضاء الثلاثة على رسالة مظلوم.  
وأنشر في مقال لاحق مذكرتي إلى رئيس الجمهورية عمر البشير، التي استلمها في يده مع مسودة كتابي عن الفساد القضائي في السودان في أديس أبابا في العام 2012.
فوجه عمر البشير باتخاذ تدابير انتقامية ضدي. وهي التي تم تنفيذها من قِبل جلال والأجهزة الأخرى.
...
سأعود في المقالات التالية لإكمال تقديم الإثبات عن فساد القضاة المحددين بأسمائهم، جميعهم، والمحاميين، والموظفين، والمتقاضين.
(7)
إن النقطة الأساس هنا هي أني لم أنشر المقالات في سودانايل إلا بعد استنفاذ جميع خطوات التظلم لدى الجهات الحكومية ذات العلاقة، بما فيها قيادات القضائية، ورئيس الجمهورية.
دون جدوي، وكمان معاها قلة أدب، بتلك الإجراءات الانتقامية ضدي وأنا الضحية المشتكي.
...
أما الآن وقد سبق السيف العذل، فلا مجال للتباكي أو لومي على كشف قتاع القضائية الفاسدة أو على تناول ما يسمى موضوعات حساسة، أو مسائل "شخصية". وكذا، لا فائدة من ابتعاث المراسيل في مساع يائسة للتهديد ونشر الأكاذيب، تِحِت تحِت. لأن الحقيقة هي التي تنتصر، في النهاية.
بالإضافة إلى أن الأمر لم يعد في مجمله أمرا خاصا بي محصورا في دائرته الضيقة السابقة، على مدى أعوام. فهو اليوم في صميم الشأن العام، وهو في ملكية الشباب في السودان، أصحاب الحق ليعرفوا مني حقيقة السلطة القضائية. مدعومة هذه الحقيقة بدليلها، في مئات الوثائق عندي أو التي أعرف مصادرها ومكانها.
والتقدير متروك لي وحدي لتحديد ما أكتبه وتحديد اللغة التي أستخدمها أو أقرر أن أسقطها أو أن أعود إليها.  وكذا الحق معي لاسترداد حقوقي وحقوق ابنتي، بكافة الوسائل والموارد والقدرات المتاحة لي، أهمها قدرتي على الكتابة المسنودة بالبينات المستندية في آلاف الصفحات.
فإلى المذكرات الثلاثة:
أولا،
مذكرتي بتاريخ 27/4/2014 إلى رئيس القصاء الحالي حيدر أحمد دفع الله
سعادة رئيس القضاء د. حيدر أحمد دفع الله
الموضوع: فساد القضاة المحددين بأسمائهم
(1)
فلقد كنت، قبل أسبوع فقط، أرسلت إلى سلفك رئيس القضاء السابق، محمد حمد أحمد أبو سن، الرسالة [مرفقة] تحت. وأرسلت مرفقا معها نسخة من مسودة كتابي عن الفساد القضائي في السودان.
فيظل الموضوع هو ذاته. فهأنذا أحيل ذات تلك الرسالة إليك، رغم أنها ينبغي أن تكون في ملف أمامك.  
وقد قرأت باهتمام بعض كلامك المنشور في وسائل الإعلام، عند تأديتك القسم كرئيس القضاء الثالث خلال أقل من عام ونصف العام:
"وتعهد رئيس القضاء بأن يعطي الأمانة التي كلف بها حقها من الرعاية والاهتمام حتي تصبح المحاكم رائدة في قيم العدل وذلك باستقلال القضاء تحقيقا للعدالة.
وشدد رئيس القضاء علي أنه سيعمل علي إنفاذ القانون وسيادته وإشاعة قيم العدل بين الناس ....".
(2)
لكني لا أصدق أية كلمة من أقوالك أعلاه. إلى أن أرى ما ستفعله إزاء قضيتي المرفوعة إليك. وهي في صميم ما أنت ادعيت أنك ستفعله بشأن "المحاكم"، و"قيم العدل"، و"تحقيق العدالة"، و"إنفاذ القانون وسيادته"، إلخ من عبارات الطنطنة سئم من تردادها أهل السودان.
وكان حريا بك أن تقل، عند أدائك القسم: "انظروا ما أنا فاعل، كرئيس القضاء الجديد. المختلف. بشأن الفساد القضائي. ثم أحكموا علي".
 وأرى، إن لم تكن أنت ذاتك قاضيا فاسدا، وأنا لا أعرف أي شيء عنك، أرى أن تجعل أحد أولوياتك تفكيك شبكات الجريمة القضائية المنظمة وعصاباتها. رؤساء العصابات قضاة في محاكم السودان، في معية محامين وموظفين فاسدين. وإلا فستكون أنت أيضا، مثلك مثل جلال وأبو سن، رئيس "النظام القضائي السوداني الفاسد".
(3)
وأدرك أنها مصيبة أن أجد نفسي لا أثق في رئيس القضاء الجديد، ولَمَّا تمضِ أيامٌ على تعيينه. لكني بل أكون من السذج الغافلين عديمي العقل إن أنا أعطيتك الثقة. قبل المعرفة التجريبية. وذلك لأسباب أنت على علم بها، وهي لا تستدعي أي تبيان إضافي من أحد. وأعتقد أن كثيرين يشاطروني في رأيي.
وتقبل وافر التقدير والاحترام
عشاري أحمد محمود خليل
...
ثانيا،
مذكرتي بتاريخ 20/4/2014 إلى رئيس القضاء محمد حمد أحمد أبو سن
سعادة رئيس القضاء محمد حمد أحمد أبو سن
الموضوع: فساد القضاة المحددين بأسمائهم
(1)
فأرفق قرين مذكرتي هذي نسخةً من المسودة قبل الأخيرة لكتابي بعنوان "الفساد القضائي في السودان: تحظر المحضونة من السفر" (1000 صفحة + 500 صفحة مستندات).  
وكنت قدمت إلى رئيس القضاة السابق أكثر من مسودة أولية لذات الكتاب، وطلبت منه تشكيل لجنة من القضاة للنظر في الإسنادات الخطيرة التي وجهتها ضد قضاة محددين بأسمائهم. لكن رئيس القضاء السابق جلال الدين محمد عثمان لم يرد على طلبي.
فهذا الكتاب المرفق هو كذلك شكواي أتقدم بها مجددا إلى رئيس القضاء. ضد قضاة محددين ترد أسماؤهم في مسودة الكتاب. وأتهمهم بالفساد القضائي، وباقتراف جرائم ضدي، وبتسبيب الضرر لي ولابنتي. وفق بينات مادية واضحة ومتاحة في الملفات لديكم. وهي بينات مقدمة في الكتاب أو مشار إلى مظانها في المحاكم ومكاتب القضائية. والقضاة هم: (1) كوثر عوض عبد الرحمن، (2) فادية أحمد عبد القادر كريم الدين، (3) آسيا بابكر مختار، و(4) آدم محمد أحمد إبراهيم. وأضيف إليهم المحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك، بسبب اشتراكهما الجنائي مع القضاة الأربعة في الجرائم التي أعرض لها في الكتاب.
(2)
ولعلكم تقبلون تعريفي البسيط للفساد القضائي. بأنه الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي، بها ينسج القاضي في النص أفعال الانحراف عن القانون، والخداع، والتدليس. في سياق اتفاق جنائي، لأجل غرض شرير. فمتى ما ثبت بصورة بينة أن نص القرار القضائي اشتمل على أخطاء قانونية، وكذا ثبت في معية ذلك الانحراف أن القاضي استخدم أفعال الخداع والتدليس في نص القرار القضائي لاقتراف تلك الأخطاء القانونية، وأنه القاضي كذب، وشوه الوقائع، واقترف أفعال التزوير والتحشير والتلفيق، واختلق وقائع، وأقصى وقائع جوهرية، وأتى بغير ذلك من أفعال غير أخلاقية في النص، في سياقه، لا يمكن أن يكون هذا القاضي إلا فاسدا. كقاض وكشخص. وفساده القاضي يسبب الضرر العظيم لضحاياه. مما هي حالتي، تحولت مع ابنتي إلى لاجئين فقيرين معدمين. تحديدا، بسبب فساد قضاتك المحددين موضوع كتابي المرفق.
(3)
وأضيف إلى القائمة أعلاه قضاة في المحكمة العليا، أحدد من بينهم في هذه المذكرة (5) وهبي أحمد دهب، و(6) عبد الباسط عبد الله حامد، و(7) برعي محمد سيد أحمد. وهنالك آخرون من قضاة المحكمة العليا يرد ذكرهم في الكتاب.
وأسند الفساد كذلك إلى قضاة أوشك على الانتهاء من كتابهم (أزهري شرشاب، يحيى أحمد محمد خير، أحمد الطيب عمر، أنس حسن مالك، عثمان عطا المنان، ويوسف جاد كريم). جميعهم، فيما عدا يوسف جاد كريم، كنت سابقا كتبت عن فسادهم في مذكرات مفصلة في مئات الصفحات إلى رئاسة القضائية ورئيس الجهاز القضائي والمحاكم. عندما كنت في السودان. دون جدوى.
(4)
ولا تستغربن هذا تكثر إسناد الفساد من قبل متقاض واحد لعدد مقدر من القضاة. فالمِعلاق بيني، من جهة، وتعدد القضاة الذين أسند إليهم الفساد، من جهة أخرى، هو المحامي علي أحمد السيد والمحامية إيمان المك. محاميان يعملان في مجال إفساد القضاة. وهما مثَّلا خصومي في أكثر من عشرين قضية. وليست لدي تحفظات إزاء قولي الثابت هنا إن هذين المحاميين كانا اشتريا كل واحد من القضاة الخمسة في المحكمة العامة للأحوال الشخصية، الذين نظروا في القضايا التي كنت طرفا فيها. وهما المحاميان اشتريا كذلك القاضي عثمان عطا المنان في محكمة حلة كوكو. وثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف (فادية وآسيا وآدم). وغيرهم في المحكمة العليا (مثل: عبد الباسط عبد الله حامد، ويوسف جاد كريم). وأقصد المعنى اللغوي الواضح، لا الاستعاري، لكلمة «اشتريا». حيث لا يفسد القاضي نص قراره القضائي بالانحراف عن القانون وبالخداع والتدليس لأجل التسلية.
...
(5)
السيد رئيس القضاء،
لا جديد اليوم في هذا الأمر. غير أنه آن الأوان لأن أنشر كتابي. بعد أن استنفذت جميع الطرق المتاحة  للفصل في النزاع بيني وقضاتك. دون جدوى. على مدى أربعة أعواما ويزيد. بعد ان خاطبت رئيس القضاء السابق عدة مرات، ووزراء العدل، والداخلية، والمخابرات، والنائب العام، ورئاسة مجلس الوزراء. وبعد أن خاطبت رئيس الجمهورية ذاته الذي استلم في يده مذكرتي ومسودة الكتاب في عدة مجلدات (1200 صفحة). في إثيوبيا. ومن بعده، قبل شهور، خاطبت نائب رئيس الجمهورية، علي عثمان محمد طه. دائما، بدون جدوى.
(6)
فأريد أن أعطيك الفرصة، قبل نشر الكتاب على الملأ. وأنت رئيس القضاء الجديد. أن تنظر في الأمر، وهو معروف لدى قضاتك في المحاكم وفي مكتبك. أعطيك الفرصة لاتخاذ قرار على وجه السرعة، ليس للفصل مباشرة في النزاع بيني وبين القضاة موضع الاتهام. ذلك سيأتي. ولكن، لاتخاذ القرار بشأن الكيفية الإجرائية التي يمكن بها أن تتم تهيئة المجال للفصل في هذا النزاع وطي ملفه على أساس الحق والعدل، وبطريقة مبدئية:  
أن تُصدِر، من موقعك كرئيس للقضاء، أمرا يلغي جميع القرارات الانتقامية ضدي والمتصلة بمنع تجديد جواز سفري، وبالأمر بالقبض علي، وبتقديمي إلى المحاكمة، وبمنعي من السفر إلى الخارج إن عدت إلى السودان. فهذه القرارات لا تعدو كونها فصلا إضافيا من فصول فساد النظام القضائي الذي أنت الآن رئيسه، وفساد النيابات المعروف.
فأنا لم أقترف أي فعل مجرَّم، أو مخالفة للقانون، من أي نوع. بل أنا وابنتي ضحيتان من ضحايا قضاتك الفاسدين المحددين بأسمائهم.
(7)
فساد هؤلاء قضاتك، وثَّقتُه في آلاف الصفحات، منها هذا الكتاب. بلغة قوية وواضحة. ربما لم تكن هي اللغة التي تعوَّدها القضاة أو توقعوها. لكنها تظل هي اللغة المتاحة القاصر، والعاجزة عن التعبير عن استفظاعي القضاة الفاسدين والفساد القضائي.
فالقاضي فساده لا يقتصر على أفعاله الإجرامية والخبيثة المحددة. بل يمتد إلى شخصه، وروحه، وعقله، ودماغه. فأجده هذا القاضي الفاسد مستحوذا بالشطن مجسدَنا في كيانه الشرُّ العظيم. يفسد النظام القضائي، والمجتمع، والأرض. وهو هذا الفاسد يحتقر الإسلام ويزدريه. فأين هي اللغة الملائمة؟
...
(8)
وحتى لا يظل هذا الأمر مصدر عذاب عقلي مستمر لي ولابنتي، أو أن يصبح مثار تصعيد قابل للتفلت لست راغبا فيه. ولأني لا أحسب أن القضاة النزيهين في القضائية، على قلة عددهم،  يستحقون أن يصيبهم الشرر المتطاير لا محالة سيتأتى من صدام مرتقب بسبب زملاء لهم في القضائية أتهمهم بالفساد. أرى أن تولي هذا الأمر اهتماما.
(9)
وأصدقك القول إني، في جميع الأحوال، نذرت ما تبقى من سنين عمري لمشروع وحيد، هو تخريب معمار الفساد القضائي في السودان. بالعمل العلني، كما أفعل دائما، في العلن، مع مواطنين آخرين، من ذوي الهمة، لمراقبة القضاة في محاكمهم. وتفكيك القرارات القضائية الصادرة، بحثا عن أدلة الانحراف عن القانون والخداع والتدليس فيها. وتحريض المتقاضين وغيرهم، علنا، ليطالبوا بحقوقهم في قضاء نزيه، دون خوف من طغيان قضاة فاسدين. وملاحقة رئاسة القضائية، بشتى الوسائل المتاحة في إطار الدستور، لتطرد القضاة الذين يثبت فسادهم. ولتنشر القرارات القضائية الصادرة من المحاكم. ولتتمثل القضائيةُ الشفافيةَ ومحاسبية القضاة بصورة جادة. وهو التخريب يكون، بالدرجة الأولى، بوسائل تشمل البحث العلمي في «الفساد القضائي» في السودان، مُعرَّفا الفساد القضائي باسمه، «الفساد القضائي»: تكييفه، وكيفية دورانه، وأسبابه، وأثره، وفنون سرد قصصه، وبرامج دراساته. وتعزيز القدرات لإنفاذ ذلك كله. مما قدمت بيان إمكاناته في أربعة كتب عن الفساد القضائي تصدر في معية هذا الكتاب.
...
(10)
ذلك، كان على مستوى الشأن العام.
أما على مستوى الحق الخاص، فأنا غير قادر ولا أنا راغب في أن أترك قضاتك الذين لدى القضائية، ولدي، ما يكفي من البينات لإثبات جرائمهم ضدي. لا يمكن أن أتركهم وكأن شيئا لم يكن. لن أتركهم دون أن يتم التحقيق معهم، وتقديمهم إلى المحاكمة التي يجب أن أكون حاضرا وشاهدا فيها. وأن يتم عقابهم بالقصاص منهم، في حال إثبات جرمهم، في محكمة عادلة. وأن يتحملوا، في معية النظام القضائي الذي أنت رئيسه، المسؤولية الكاملة عن جبر الضرر الفظيع الذي تسببوا فيه لي ولابنتي.
وكنت خاطبت سلفك رئيس القضاء السابق جلال الدين محمد عثمان. طلبت منه أن يتخذ التدابير اللازمة لمنع هؤلاء القضاة من أية محاولة لتدمير ملفات القضايا التي كنت طرفا فيها. وأتقدم إليك بذات الطلب الآن. أن تتحفظ على جميع هذه الملفات. أكثر من ثلاثين، في درجات المحاكم الأربع. تكثرها بسبب تكثر فساد هؤلاء قضاتك المحددين بأسمائهم، وفساد المحاميين، وكيد خصومي الذين عادوا من كيدهم ومن رشوتهم للقضاة بالخراب المبين على أنفسهم.
(11)
فسيكون بيني وقضاتك البيِّنة. وفي حال تدميرهم لأي ملف، أو إخفائهم لأية ورقة، من نوع ما فعلوه في السابق، يصدق مباشرة كل ما قلته وما سأقوله عنهم. ولعلك تدرك، من اطلاعك على مسودة كتابي المرفق، أن في حوزتي صورة منقولة، تقارب الكمال، لكل واحد من الملفات المتكثرة من نوع ما «يثقل حمله»، كما كتب عن أحد هذه الملفات القاضي د. أحمد محمد عبد المجيد. وأن تضيف إلى ذلك ملفاتي التي في مكتبك، وفي مكتب رئيس الجهاز القضائي. وكله يتجاوز الأربعة ألفا من الصفحات. جميعها توثق فساد القضاة المحددين بأسمائهم.
(12)
إن مكتب المحامي علي أحمد السيد هو وكر أغلب الجرائم القضائية ضدي، ولابد ضد مواطنين آخرين. وآثار هذه الجرائم وبيناتها موجودة في الملفات، وكذا في أجهزة الحاسوب في هذا المكتب. فأرى أن يكون المكتب والمحامي والمحامية، محط ناظريك.
 فثابت في الأوراق أن المحاميين كانا، عندئذ في العام 2007-2008، عضوين أساسيين في عصابة القاضية كوثر، وفي عصابات مع قضاة آخرين. ثابت من خصائص جرائمهما. ومن خصائص جرائم القضاة المشاركين معهما. من حيث نوع الجرائم، وتكرارها. ونسقها. واستمراريتها، وأطرافها. ويمكنني أن أمدكم بمزيد البينات، بعضها موجود عندي حصرا، بشأن القضايا التي لم أعرض لها في مسودة كتابي المرفق، وهي موضوعات كتب أخرى ستأتي. مما كله يقدم صورة واضحة المعالم لمشروع المحاميين الاحتيالي لإفساد المحاكم بقضاتها وبموظفيها وبإجراءاتها.
...
(13)
وآمل في اتفاقك معي بأن مثل هذا الأمر الذي أثيره عن القضاة، في مذكرتي، لا يجوز الرد عليه بخطاب عن استقلال القضاء، وحصانة القاضي، وإدارة تأديب القضاة، أو بغيره من مآلات التستر على جرائم القضاة. فالذي أعرفه يقينا، من تجربتي المباشرة مع القضائية السودانية، أن تدابير تأديب القضاة المُتقوَّل بها من قبل قيادات النظام القضائي بل هي محض كذب. لخدع المواطن الذي يشكو بالطرق القانونية مقدما الإثبات لفساد القضاة، وللاحتيال عليه.
(14)
(أ)
 فلقد كنت قدمت إلى رئاسة القضائية، وإلى رئيس الجهاز القضائي، البينات المادية التي تثبت أن القاضية كوثر عوض عبد الرحمن اصطنعت المستند، وحشرته، وزورت فيه، ودسته في الملف، وقدمته إلى محكمة الاستئناف، بالتنقيل الإجرامي، ليتم استخدامه كبينة مختلقة معروفة حقيقتها. لتغطي على جريمة كانت ارتكبتها وبدأت تتكشف معالمها. وأن القاضية اقترفت الكذب. وأنها انتزعت الأوراق من ملفاتها وأخفتها بين أثوابها. وأنها راودت مرؤوسها الموظف الصغير ابراهيم محمد حامد، ومرؤوستها الموظفة أماني سليمان، لاقتراف التزوير والتحشير والتلاعب في أوراق القضايا، نيابة عنها. وأنها القاضية كانت تعمل، من داخل المحكمة، رئيسة لعصابة، مع قضاة آخرين في ذات محكمتها وفي محكمة الاستئناف، ومع المحاميين. وأنها تسببت في فظيع الضرر لي ولابنتي. وقد كنت يومها شارفت الموت، بشكل تجريبي مادي، بسبب فساد هذه القاضية المدللة من قبل سلفكم جلال. وقد تمت ترقيتها إلى قاضية استئناف.
(ب)
وقدمت إلى سلفكم جلال بينات فساد القاضية فادية أحمد عبد القادر كريم الدين. هي الأخطر والأشد دهاء من جميع القضاة الفاسدين رجالا ونساء مجتمعين. عبر درجات المحاكم. بسبب فساد دماغها، وذكائها الإجرامي الحاد. ولا أسعى إلى المبالغة. فقد خصصت في كتابي أكثر من مائة وخمسين صفحة لتفكيك فسادها في نص قرارها القضائي من صفحتين. القاضية فادية أحمد عبد القادر تُعرِّف الفساد القضائي. وهي لا تزال موجودة. وجودها يُثْبت فساد النظام القضائي. ويُثَبت أركان الفساد فيه.
(ج)
والقاضي أزهري شرشاب. قدمت إثبات تزويره في محضر التحقيق القضائي، بشطبه الوقائع الجوهرية في المحضر، خارج الجلسة، وبغير ذلك من أفعال إجرامية وغير أخلاقية، لصالح ذات المحامي علي أحمد السيد. فتم انتدابه للإفساد في محاكم دولة الإمارات العربية المتحدة.  
(د)
والقاضي يحيى أحمد محمد خير. قدمت بشأنه إلى رئيس القضاء السابق تسجيلا صوتيا سريا مع مستندات. لإثبات أنه يحيى غيَّر الوقائع الجوهرية في محضر التحقيق القضائي. بإعادتة كتابة المحضر وتلفيقه ثلاث مرات، دائما في السر خارج الجلسة. ووثقت بالتفصيل في الأوراق جرائمه المتعددة في قضيتين. كذلك فساده لصالح ذات المحامي علي أحمد السيد. وأراك، يا رئيس القضاء، تستمر في المحافظة على هذا الفاسد، يحيى أحمد محمد خير. ترسله الآن قاضيا إلى ولاية البحر الأحمر. قلبي على الفقراء المغلوبين من المتقاضين والمتقاضيات في هذه الولاية. لا يعرفون كيف يكون التسجيل الصوتي السري، ولا كيف يكون تفكيك نص القرار القضائي الفاسد، ولا كيف يكون تحدي صلف القضاة الفاسدين وطغيانهم. ولا أقول هذا على سبيل المماحكة مع رئيس القضاء، وهو في عمري. بل لأذكرك بأن القاضي الفاسد ميئوس من صلاحه. وأنت تعلم أن الفساد القضائي معرف في النص القرآني بأنه الكفر ذاته.
...
(15)
فتلك مجرد أمثلة للتوضيح وللاعتبار. تأتيك من شخص يعرف الكثير عن فساد القضاة في السودان. من التجربة الشخصية في المحاكم. ومن الدراسة العلمية الممتدة. فلقد أنفقت الستة أعواما الماضية أنقب وأدرس وأحقق بصورة مستمرة ودؤوبة. في فساد هؤلاء قضاتك المحددين بأسمائهم.
ويمكنني اليوم أن أجزم بأن هؤلاء قضاتك المحددين بأسمائهم بل هم أعضاء في عصابات للجريمة المنظمة. عصابات تعمل في شبكات أفقية ورأسية عبر درجات المحاكم الأربع. داخل ذات النظام القضائي الذي أنت اليوم رئيسه.
(16)
وإن أنت أمرت بإلغاء الإجراءات الانتقامية الفاسدة ضدي، غرضها أصلا التستر على جرائم قضاتك، فأنا على استعداد للمخاطرة بالعودة إلى السودان. لمواجهة هؤلاء قضاتك الذين حددت أسماءهم. مواجهتهم بالبينات المادية وبالحجة. أقول «المخاطرة»، بسبب وجود ذلك الضابط في القوات المسلحة السودانية، العميد الركن ابراهيم محمد ابراهيم. الذي كان تم إرساله لاغتيالي. في يوم الأحد 9/9/2007. جاء يترصدني متخفيا في سيارة مملوكة لوزارة الدفاع. جريمته وهروبه وتصنعه الجنون وحمايته، كله معروف للحكومة.  
(17)
وبالرغم من ذلك كله، ولأنها ميتة واحدة، فأنا أريد العودة إلى السودان. لا ليتلقفني في المطار مأمورو النيابات أصحاب القرارات الفاسدة ضدي. ومن ثم حبسي في مكان بعيد، مما هي الخطة المرسومة من قبل رئاسة القضائية. ولكنها العودة إلى السودان لمواجهة قضاتك الفاسدين. ففي مثل هذه المواجهات، داخل السودان، بالبينات وبالحجة، يكمن خير عظيم لأهل السودان وللوطن. وفيها كذلك خير لك أنت أيضا، إن كنت تريد الخير.
(18)
ولا ضير إن أنت رأيت مصلحتك في السير في طريق سلفك جلال الدين محمد عثمان. فإن لم يصلني من مكتبك رد خلال أسبوعين، سأكون عرفت، للذكرى وللتاريخ، أن رئيس القضاء الجديد، محمد حمد أحمد أبو سن، يخادع نفسه. يحسب أنه بحبر الصمت السري يمكنه أن يمحو الكتابة عن فساد قضاته وعن فساد نظامه القضائي. وهي مخادعة الذات، وخدْع المواطنين، مما أدمنه ردحا من الزمان القضاة الفاسدون، أعرفهم بأسمائهم.
وتقبل وافر التقدير والاحترام.
عشاري أحمد محمود خليل.
...
ثالثا،
مذكرتي بتاريخ 22/10/2010 لرئيس القضاء جلال الدين محمد عثمان
السيد رئيس القضاء، الموقر
(1)
فهذه مسودة كتابي بعنوان «تحظر المحضونة من السفر»، الأول في سلسلة كتب عن تجربتي الشخصية مع فساد قضاة أحددهم دائما بأسمائهم، حتى لا يتطاير الشرر فيصيب القضاة النزيهين. وكنت شكوت إليكم ضد هؤلاء القضاة في مذكرات انطوت على ذات المحتويات في هذا الكتاب.
وحيث إني قد قررت أن أنشر هذه الكتب، ولإدراكي بالأثر الذي قد تحدثه، رأيت أن أطلعك على المسودة الأولية لهذا الكتاب؛ وسأرسل إليك تباعا المسودات للكتب الأخرى -جميعها عن ذات موضوع الفساد القضائي في السودان.
(2)
إن النزاع لابد سينشب بشأن البينات والأدلة. عليه، أتوجه إليكم بالطلب التالي أرجو قبوله وموافاتي بما إذا كنتم قبلتم به: وهو أن توجهوا، من موقعكم كرئيس للقضاء، بحفظ جميع ملفات القضايا التي تخصني في المحاكم السودانية، والاحتفاظ بصورة ضوئية ملونة موثقة منها، ذلك في مكان واحد في رئاسة القضائية أو في مكان تحددونه.
وأرجو أن تمدوني بنسخة في صور ضوئية لجميع هذه الملفات والوثائق ذات الصلة بي، وأنا على استعداد للتكفل بتكلفة التصوير.
(3)
علما أن بعض القضاة الذين اتهمهم بالفساد ثابت أنهم كانوا يغيرون في محاضر القضايا التي تخصني، خارج جلسات المحكمة، وأنهم كانوا ينزعون منها الأوراق، وأنهم كانوا يخفون المستندات الجوهرية، مما كله شكوت منه إليكم ولرئاسة الجهاز القضائي بالخرطوم وسجلته في مذكراتي للمحاكم.  
إن هؤلاء القضاة لابد سيسمعون عن مسودة هذا الكتاب. فسيكون أول ما يتوجهون إليه هو تدمير الأدلة ضدهم الموجودة في ملفات القضايا وفي الأوراق الأخرى.
هذه الملفات والمستندات ذات العلاقة موضحة في الجدول المرفق مباشرة بعد هذه الرسالة.
(4)
وبالنسبة لمسودة هذا الكتاب "تحظر المحضونة من السفر"، ألتمس أن تكلفوا من ترون من القضاة لدراستها والسماح لي بنشرها ككتاب يتم توزيعه بصورة أساسية في السودان. وإذا رأيتم أنه ينبغي أن يتم تعديل أي جزء في مسودة الكتاب، أو تصحيح، أو إضافة،  فأنا على استعداد للنظر بعين الاعتبار لمقترحاتكم.
عشاري أحمد محمود خليل
...
تلك كانت الرسائل التي بعثتها إلى رؤساء القضاء، قبل أن أبدأ في نشر المقالات في سودانايل.
...
عشاري أحمد محمود خليل
ushari@outlook.com

 

آراء