ثورة المهمشين في دارفور علي خطى الثورة الفرنسية بقيمها الداعية (للعدل والمساواة) المستمدة من فلاسفة التنوير مثل جان جاك روسو
أبوبكر القاضي
4 May, 2024
4 May, 2024
هذا هو الفصل التاسع من كتابنا (التمرد والتغيير.. منذ حامية توريت وحتى الدعم السريع (٩-10) : وبحول الله تعالى سوف نعالج هذا الفصل تحت رؤوس المواضيع التالية:
++ القاسم المشترك بين الثورة الفرنسية ١٧٨٩ م وبين ثورة المهمشين في دارفور ٢٠٠٣ هو قضية العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص الوظيفية بين المواطنين وإلغاء احتكار ابناء (الجلابة من القبائل النيلية/الجعليين/ الشايقية/ الدناقلة) للوظائف الدولارية بوزارة الخارجية والوزارات السيادية والجيش والأمن والشرطة.
++ الطاغية ماري أنطوانيت وقصة موتها المهين كانت فداية لكل ثورات العالم اللاحقة.. لا نرغب ابدا ..ابدا في الانتقام.. ونرفض من حيث المبدأ عقوبة الإعدام لأننا نقدس حق الحياة لكل انسان ونؤمن بحقوق الانسان!!
++ مقولة ماري أنطوانيت المستهترة للفقراء الثائرين (إذا لم يجدوا خبزا ما
++ يأكلوا كيك .. أيش المشكلة) هذه المقولة تعادلها مقولة الطاغية عمر
++ البشير: ( الدارفورية حين يغتصبها جعلي .. اليس هذا شرف لها ؟!! ) الاعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية.. ونظرائهم من الاعداء الذين الذين استهدفهم الكتاب الأسود السوداني؟ اوجه الشبه بين غطرسة ماي أنطوانيت ملكة فرنسا علي فقراء وجوعي فرنسا.. مقابل غطرسة عمر البشير علي شعب دارفور الذي تعرضت نساؤه للاغتصاب؟!
++ الادلة القاطعة من الكتاب الاسود التي تثبت استئثار الاقليم الشمالي بالسلطة رغم انهم اقلية من حيث تعداد السكان!!
++ الاستعمار الثقافي للجلابة من خلال الراديو والتلفزيون القومي وقناة النيل الأزرق.. برنامج اغاني وأغاني كان (قبيحا ) لغياب التنوع وللحجب المتعمد لثراء فن الغناء السوداني في الهامش السوداني!!
(١) القواسم المشتركة بين الثورة الفرنسية العظيمة ١٧٨٩ .. وبين ثورة المهمشين في دارفور ٢٠٠٣ هي الثورة الفرنسية كانت محصلة لأفكارك فلاسفة عصر التنوير في كل اوروبا لاسيما فكرة العدالة الاجتماعية لدى روسو.. وبالمقابل قامت حركة العدل والمساواة على الكتاب الاسود ومسألة الاختلال في قسمة السلطة والثروة في السودان.. والدعوة للمساواة في الفرص من مرجعية المواطنة:
أهم ما يميز الثورة الفرنسية انها (ثورة وعي ) استندت إلى تراكم فكر عصر التنوير في كل اوروبا (هوبز /جون لوك ..الخ) وليس قصرا على رؤي افكار الفلاسفة الفرنسيين على شاكلة فولتير وجان جاك روسو.. الخ.
في المقتطف ادناه يخبرنا المدون المغربي محسن المحمدي عن اعتراف الجماهير الباريسية الثائرة ضد الطغيان اثناء الثورة الفرنسية بالدور الذي لعبه فكر الفيلسوف السويسري/ الفرنسي الأصل جان جاك روسو في الهام الجماهير الثائرة آنذاك في شوارع باريس:
( والأكثر من كل ما قيل، هو أن روسو قد قرر ألا يموت إلا بعد أن يترك نظرية في السياسة، تجلت في كتابه ذائع الصيت «في العقد الاجتماعي»، المترجم إلى العربية مرات عدة (انظر ترجمة عبد العزيز لبيب، عن المنظمة العربية للترجمة)، الذي يجعل منه المؤرخون المحرك الأول للثورة الفرنسية سنة 1789. ويقال إن الثوار حملوا كتابه ولوحوا به، وهذا يعني أن الكتاب يحمل أفكارا ألهمتهم وعبرت عن همومهم وآمالهم؛ إذ سيعلن روسو أن التدبير العام يجب أن يتم بمعزل عن الأشخاص، نحو التجريد الجماعي وقوة الإرادة العامة والمتعالية.. بكلمة واحدة، لا أحد أصبح مع روسو سيدًا، بل السيادة للقانون المفروض من طرف الكل، فالشعب هو من سيختار نوع الميثاق الممارس عليه، وينصاع لقرار ساهم هو في صنعه. وكأن روسو يريد أن يقول: إن السلم الاجتماعي لن يتأتى إلا إذا عنف الشعب نفسه بنفسه، فالإكراه يجب أن يكون حرا.) انتهى .
المرجع : محسن المحمدي/ جان جاك روسو.. فيلسوف متشرد متأرجح بين العقل والعاطفة / جريدة الشرق الاوسط/ ٣٠ مارس/ ٢٠١٦ .
الثورة الفرنسية كما قلنا كانت ثورة وعي تراكمي عبارة عن حصيلة فكر التنوير في كل أوروبا . والاهم من من ذلك أنها كانت ملهمة لكل الثورات في كل العالم بما في ذلك الثورة الامريكية ١٧٩٧ .. وقد استمد ميثاق الامم المتحدة اروع واقوي بند فيه بالحرف من روسو .. وهو ذلك البند المتعلق بالحرية كحق طبيعي بالميلاد لكل انسان ( جميع الناس يولدون احرارا متساوين - من ابتكار جان جاك روسو) .
(ب) استمدت حركات الزرقة في دارفور -جملة اعتراضية.. قبائل الزرقة التي تمرد ابناؤها عام ٢٠٠٣ هي قبائل الفور / الزغاوة / والمساليت وهي التي تعرضت للابادة الجماعية والتطهير العرقي- والزرقة تعني اللون الأسود ومنها جاءت تسمية السلطنة الزرقاء وجاء اسم السودان- شاهدنا استمدت حركات الزرقة في دارفور فكرة (مشروع التحرير) من الحركة الشعبية لتحرير شعوب السودان بقيادة د جون غرنق - والتحرير المقصود هو : (التحرير من استعمار الجلابة الشماليين وهم سكان المنطقة من الجيلي إلى حلفا) .. ومشروع السودان الجديد يقصد به (التراضي علي سودان موحد / الديمقراطي / العلماني)..وقد استلهمت معظم حركات التحرر في افريقيا شعاراتها من الثورة البلشفية الروسية، او من شعارات الثورة الفرنسية .. ونعلم جميعا أن حركتي العدل والمساواة وحركة التحرير الموحدة (قبل مؤتمر حسكنيتا ) .. كلها خرجت من رحم الحركة الشعبية لتحرير (شعوب) السودان. كما استندت حركات المقاومة المنطلقة من دارفور لمقاومة نظام الأبرتهايد في الخرطوم استندت إلى مفردات وأدبيات (الكتاب الأسود) الذي جري توزيعه في الخرطوم في ليلة واحدة عقب المفاصلة الجهوية والعنصرية بين الإسلاميين داخل الحركة الإسلامية ودولة الإنقاذ نهاية القرن العشرين.
الكتاب الأسود السوداني يمثل (الميثاق الوطني لثورة المهمشين في السودان ضد الجلابة الأبارتايد في السودان) .. لأنه - الكتاب ألأسود- جسد (بالادلة والبراهين القاطعة مدي استئثار الجلابة الشماليين- من الجيلي إلى حلفا - ممثلين في ثلاثة قبائل هي (الجعليون الشوايقة / الدناقلة) .. والكتاب الأسود كسر حاجز الخوف من ( تهمة اللاسامية) وهي الاشارة بالاسم للقبائل الثلاثة المذكورة بانها تستأثر بالسلطة والثروة في السودان. وتجدر الاشارة إلى ان كل من يتحدث عن التهميش في السودان واستئثار النخبة النيلية وقبائلها الثلاثة المذكورة بالوظائف والثروات في السودان يسقط عليه الجلابة بطريقة بلهاء خالية من الذكاء الفطري.. تسقط عليه تهمة (عنصري حاقد ) .. وهي عبارة لا محل لها من إعراب السياسة والاقتصاد وفي غير محلها تماما.. وتدعو للسخرية.. ان يتهم الجاني الضحية بالعنصرية.. وهي مغالطة ( النفس بإصرار ).. تلك النكتة الشعرية الرائعة الواردة في الشعر الغنائي السوداني: للشاعر (تاج السر عباس ) : وأداء الفنان خليل اسماعيل.. وشاهدنا في هذه القصيدة / الاغنية البيت الثاني الذي يقول:
( أغالط نفسي في اصرار واقول يمكن أنا اللي ما جيت ) .. وبيانا للسياق الذي جاءت فيه المغالطة الإسقاطية المتعسفة اورد البيت مصحوبا بالبيت السابق وبيتين لاحقين:
(كلمات اغنية قبل ميعادنا
قبال ميعادنا بساعتين أبيتو أنا وأباني البيت أغالط نفسي في أصرار وأقول يمكن أنا اللى ماجيت وطالت وقفة الأشواق معاي جمب المكان ذاته أنا ورعشة ظلال الليل وقلبي حزينة دقاته وفات ميعادنا فات روح وشال الليل حكاياته)
شاهدنا أن الكتاب الأسود قد أزال و اسقط (مغالطة النفس الكبرى) التي يسقطها الجلابة على ابن الهامش الواعي الذي يتحدث عن استئثار الجلابة بالوظائف الدولارية.. ويقال له (عنصري حاقد) .. فالكتاب الأسود حين وفّر المعلومات بالأدلة والبراهين والتي تثبت استئثار الجلابة الشماليين بالوظائف قد حرر رقاب والسنة وأصوات ابناء وبنات الهامش من قهر الجلابة لهم وعلمهم الجرأة ليقولوا (البقلة في الإبريق) .. ومنحهم الثقة ليتحدثوا بكل جرأة وبمعرفة وعلم ووعي عن الظلم الاجتماعي الواقع عليهم وغياب (العدالة في الفرص الوظيفية) .. لقد رفع الجنوبيون السلاح في فجر الاستقلال احتجاجا علي الظلم الذي وقع عليهم بسبب القسمة غير العادلة لوظائف السودنة حيث نال الجنوبيون فقط 4 وظائف من جملة (800 وظيفة ) !! فالظلم الاجتماعي سبب كافي لإشعال الحروب. وهكذا وفر الكتاب ألأسود (الغبن الكافي واللازم لاشتعال الحرب في دارفور عام ٢٠٠٣ ) .. ليس فقط لمنسوبي حركة العدل والمساواة وحدهم .. وانما لكل المهمشين في كل انحاء السودان.. وبحول الله سوف نورد هذه الأدلة القاطعة في الفقرة (٥) من هذا الفصل.
(٢) الاعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية .. ونظرائهم في الكتاب الأسود الذي يمثل الميثاق الوطني لثورة المهمشين في دارفور وحركة العدل والمساواة بصورة خاصة؟
(أ) القاسم المشترك الأعظم بين الثورة الفرنسية وثورة المهمشين في دارفور ليس فقط ان (مساحة دارفور = مساحة فرنسا) .. لا .. لا .. المسألة جوهرية وأكبر من ذلك بكثير.. باختصار القاسم المشترك الأعظم هو (قضية العدالة الاجتماعية والمساواة في (فرص العمل) .. وقضية الحرية) .. ولبيان هذا الأمر نحيل إلى المقتطف ادناه للمدون طارق الحائك الذي يشرح لنا فيه باختصار اسباب الثورة الفرنسية .. والأعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية وهم ( طبقة النبلاء وطبقة رجال الدين) ثم نورد النصوص ذات الصلة من الكتاب الأسود والتي تبين اسباب ثورة المهمشين في دارفور واعداء الثورة حسب ما ورد فى الكتاب ألأسود لنقدم الدليل على القاسم المشترك بين ثورة المهمشين في دارفور وقيم الثورة الفرنسية .. فالي مقتطف الكاتب طارق الحائك:
( غياب العدالة الاجتماعية كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية أيضاً، فالمجتمع الفرنسي كان يتكوّن من ثلاث طبقات: طبقة النبلاء، وطبقة رجال الدين، وهما الطبقتان اللتان كانتا تحتكران الامتيازات مثل الحصول على الوظائف وعدم دفع الضرائب، وتمتلكان الأراضي ووسائل الإنتاج، أما الطبقة الثالثة وهي طبقة العمال أو طبقة عامة الشعب؛ والتي كانت تشكل غالبية المجتمع، فكانت محرومة من كل الامتيازات، إذ كان أبناؤها يدفعون الضرائب ويقومون بأعمال السخرة، ويتم إجبارهم على الذهاب إلى الحروب، ولذلك نقموا على النبلاء ورجال الدين.) انتهى.
المرجع/ طارق الحائك / الثورة الفرنسية .. حين بدل غياب العدالة الاجتماعية وجه العالم / الجزيرة نت / ١٢ /يونيو ٢٠٢٠ .
(ب) إذا كانت الثورة الفرنسية قد حددت اعداءها وأهدافها في طبقتي النبلاء ورجال الدين حسب البيان الوارد في الفقرة ( أ) اعلاه.. فان الكتاب الأسود الميثاق الوطني لحركة العدل والمساواة السودانية قد حدد خصومه أيضاً بشكل واضح ومحدد .. وهم ( اهالي ولايتي النيل والشمالية.. وبشكل اكثر تحديدا ووضوحا في ثلاث قبائل هي الشايقية / الجعليون / الدناقلة ) .. المقتطف التالي من مقدمة الكتاب ألأسود يعكس لنا (حجم محاباة) وتفضيل الأنظمة السياسية الشمالية الحاكمة في الخرطوم منذ الاستقلال وحتى دولة الأنقاذ الاسلاموية العنصرية لسكان ولايتي نهر النيل والشمالية:
( يعكس هذا الكتاب بشاعة الظلم الذي مارسته الأنظمة السياسية المتعاقبة علي البلاد منذ الاستقلال الي اليوم بصرف النظر عن توجهاتها وألوانها.. علمانية كانت أم إسلامية, ديمقراطية مزعومة سواء أكانت أم دكتاتورية. هذا الظلم البشع المتمثل في محاباة جهة واحدة من السودان علي حساب باقي جهاته. مؤثرة إياها بالعناية والرعاية والرعاية والاهتمام والتنمية. لقد جعلت الحكومات المختلفة, من الحكم أداة لتكريس سلطة الإقليم الشمالي (ولايتي نهر النيل والشمالية) علي باقي أقاليم السودان الأخري, والتي قسمناها لأغراض الكتاب الي لخمسة اقاليم بما فيها الإقليم الشمالي وهي:- الإقليم الشرقي (القضارف, كسلا, البحر الأحمر), الإقليم الأوسط ويضم ولايات (الجزيرة, سنار, النيل الأزرق, النيل الأبيض, الخرطوم), الأقليم الجنوبي ويضم ولايات (أعالي النيل, بحر الغزال, الاستوائية), الإقليم الغربي ويضم ولايات (كردفان ودارفور). انتهى.
المرجع: الكتاب الأسود .. اختلال تقسيم السلطة والثروة في السودان / ملحوظة: صدر الكتاب الأسود عقب المفاصلة التاريخية بين الاسلاميين في السودان عام ١٩٩٩ والتي كانت على اساس عنصري جهوي، صدر الكتاب دون ذكر لاسم المؤلف/ او مجموعة المؤلفين مما يعكس اوضاع الاستبداد السياسي التي صدر فيها الكتاب!!
(٣) أوجه الشبه بين غطرسة ماري أنطوانيت علي فقراء فرنسا.. في مقابل غطرسة عمر البشير علي شعب دارفور الذي تعرضت نساؤه للاغتصاب!
هذه المقارنة الرمزيّة مهمة جدا في بيان أوجه الشبه بين الثورة الفرنسية وبين ثورة المهمشين في دارفور.. اما قصة غطرسة الملكة ماري أنطوانيت ابان الثورة الفرنسية وهي من اشهر السخافات التي حفظها تاريخ العالم .. لا مثيل لها سوى سخافة وغطرسة عمر البشير موضوع المقارنة.
اما غطرسة ماري أنطوانيت المشهورة فقد اقتربت مظاهرات الجوعي الفرنسيين واقترابهم من قصر فرساي.. فتساءلت ماري أنطوانيت عن اسباب هذه الحشود.. فقيل لها انهم جوعي لا يجدون الخبز .. هنا قالت ماري أنطوانيت قولتها المشهورة: ( اذن فليأكلوا الجاتوه ) !! وقد دفعت ثمن غطرستها حينما وضعها الثوار في سيارة مكشوفة طافت بها مدينة باريس وكان الشعب يقذف سيارتها بالقاذورات على راسها وشعرها.. لتذوق الذلة حية قبل أن يقطع راسها علي المقصلة في اكتوبر ١٧٩٣ !!
اما سردية عمر البشير الأكثر سخافة من قصة ماري أنطوانيت آنفة الذكر فهي. : ان وسائل التواصل الاجتماعي الدارفورية قد تناقلت أنباء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب في دارفور.. فكان رد عمر البشير رئيس دولة الإنقاذ السلاموية : ( المرأة في دارفور إذا اغتصبها (جعلي) .. اليس هذا تشريف لها ؟!!) والجعلي هو الرجل الذي ينتمي لقبيلة الجعليين وهي ذات قبيلة عمر البشير) .. ان مثل هذا الكلام المتغطرس القبيح لا يمكن أن يصدر عن انسان يمتلك ( مثقال ذرة من الكرامة البشرية لنفسه ) دع عنك كون جريمة الاغتصاب تعتبر من اخطر الجرائم في الاسلام الذي يتستر به عمر البشير !
(٤) اننا في مشروع الهامش نسترشد بتجربة جنوب افريقيا ونيلسون مانديلا وديزموند توتو في التسامح والدعوة للمكاشفة والاعتراف والعفو والصفح الجميل، نرفض الانتقام .. وفي ذات الوقت نرفض سياسة الافلات من العقاب ،ونتمسك بتسليم المتهمين المطلوبين للمحاكمة الجنائية الدولية:
لقد سنحت لحركة العدل والمساواة السودانية فرصة الانتقام والمعاملة بالمثل مع نظام عمر البشير.. وذلك في العاشر من مايو ٢٠٠٨ عندما دخلت قوات حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل ابراهيم.. حتى وصلت قواته كبري المهندسين وهي متجهة نحو الخرطوم.. وقد صلى د خليل المغرب امام الكبرى.. وقد كان بين يدي د خليل ابراهيم وقوات جيش العدل والمساواة اسلحة تضرب على بعد 50 كيلومتر.. مما يعني انه كان بامكانه ضرب وتدمير جميع المواقع الاستراتيجية باحداثيات دقيقة كانت بين يديه ردا على الضربات العشوائية بالبراميل المتفجرة التي كانت تطلقها طائرات الانتينوف على المدنيين في قري دارفور.. ولكنه (اي د خليل) لم يفعل ذلك احتراما لذاته ولقيمه ! ولأنه يريد أن يقدم نفسه وحركته بديلا لنظام الإنقاذ.. ولو تعامل مع نظام الإنقاذ بالمثل إذن لصار مثله !
(٥) الأدلة القاطعة من الكتاب الأسود والتي تثبت استعمار الجلابة لبقية أقاليم وولايات السودان، وتثبت أن عبارة (تحرير السودان - حيث وردت في ادبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة د جون غرنق او الحركات المنشقة عنها او حركة تحرير السودان في دارفور ) تعني ( تحرير السودان)من استعمار الجلابة الشماليين:
قدم الكتاب ألأسود أدلة دامغة (بالارقام والجداول) تبين نصيب الاقليم الشمالي من المناصب الدستورية مقارنة بالأقاليم الأربعة الاخرى والنسبة المئوية لكل اقليم.. وهي لذلك تعتبر ( أدلة قاطعة) .. فأذا كان (الكاش يقلل النقاش في السوق ) .. فان الادلة الواردة في الكتاب ألأسود فهي ادلة قاطعة وحاسمة تماما في اثبات استئثار سكان الاقليم الشمالي بالوظايف والثروة في السودان منذ عام ١٩٥٤ وحتى تاريخ صدور الكتاب الاسود في ديسمبر ١٩٩٩ . الأدلة والبراهين المعنية هي عبارة عن اربعة جداول لأربعة عهود متتالية تبين حصة كل اقليم من الاقاليم الخمسة من المناصب الدستورية ويعنيني في هذه الجزئية حصة الاقليم الشمالي:
الفترة الأولى هي (1954 _ 1964)كانت حصة الاقليم الشمالي نسبة 79.50% من المناصب الدستورية الفترة الثانية هي (١٩٦٩ - ١٩٨٥ ) كانت حصة الاقليم الشمآلي نسبة 68.7% من المناصب الدستورية.
الفترة الثالثة هي (١٩٨٦ _1989) كانت حصة الاقليم الشمالي نسبة 47.4% من المناصب الدستورية الفترة الرابعة هي ( ١٩٨٩ _ 1999) كانت حصة الأقليم الشمآلي نسبة 59.4% من المناصب الدستورية الارقام اعلاه والمستمدة من جداول قسمة السلطة الواردة في الفصل الثالث من الكتاب الاسود الذي بعنوان (صور من اختلال ميزان تقسيم السلطة ) .
واستكمالاً لبيان صور اختلال ميزان السلطة اتقدم بأربع جداول تغطي ذات الفترات الاربعة اعلاه تشتمل على بيان حصة كل اقليم من الاقاليم الخمسة من حيث عدد المناصب الدستورية التي حصل عليها اقليم والنسبة المئوية لحصة كل اقليم لتتم المقارنة مع حصة الاقليم الشمالي.. وتظهر المفارقة اذا علمنا أن نسبة سكان الاقليم الشمالي تساوي 12.2% من مجموع سكان السودان!
الجدول الاول:
أ- من العهد الوطني الي الاستقلال وحكومة الفريق ابراهيم عبود (1954 – 1964م)
بلغت جملة المناصب الدستورية خلال تلك الحقبة (73 ثلاثة وسبعين منصبا) كان نسبة تمثيل أبناء الأقاليم الخمسة المذكورة فيها كما يلي:-
الرقم إسم الإقليم نصيب من
المناصب الدستورية الاقليم نسبة التمثيل المئوية
1 الإقليم الشرقي 1 واحد 1.4%
2 الإقليم الشمالي 58 ثمانية وخمسون منصبا 79.5%
3 الإقليم الأوسط 2 فقط منصبان دستوريان 2.8%
4 الإقليم الجنوبي 12 فقط اثنا عشر منصبا دستوريا 16.4%
5 الإقليم الغربي صفر (لم ينجح أحد) صفر%
الجدول الثاني:
ب- حكومة الرئيس جعفر محمد نميري 1969 – 1985م
فقد كانت جملة المنصب الدستورية طيلة الحقبة المايوية 115 منصبا لكثرة التعديلات الوزارية في تلك الحقبة. توزع تمثيل الولايات فيها علي النحو التالي:-
1- الإقليم الشرقي 4 (اربعة مناصب) بنسبة 2.5%
2- الإقليم الشمالي 79 (تسعة وسبعون منصبا) بنسبة 68.7%
3- الإقليم الأوسط 19 (تسعة عشر منصبا) بنسبة 16.5%
4- الإقليم الجنوبي 9 (تسعة مناصب) بنسبة 7.8%
5- الإقليم الغربي 4 (اربعة مناصب) بنسبة 3.5%
ورغم البون الشاسع بين النظامين السابقين, فإن نسبة التمثيل وغلبة العنصر الشمالي ما زالت مستمرة, ومع تميز حكومة جعفر النميري بكثرة التعديلات وكثرة الوافدين علي التشكيلة الا ان اللواء والفريق فالمشير جعفر نميري آثر الإحتفاظ غلي التركيبة الجهوية كما هي, الأمر الذي أدي الي تمكين أبناء الشمال وتركيز التنمية في الشمال والوسط, مع اغلاق الباب أمام المبادرات الفردية المستقطبة لمشاريع التنمية من الخارج اذا كانت ذات وجهات غير الشمال وايقاف طريق الكفرة الفاشر ليس بخاف علي أحد.) آنتهى.
المرجع : الفصل الثالث من الكتاب الاسود
الجدول الثالث :
ه- الديمقراطية الثانية 86 – 1989م
فكانت حصيلتها في التمثيل الوزاري كما يأتي:-
1- الإقليم الشرقي 3 (ثلاث مناصب) بنسبة 2.6%
2- الإقليم الشمالي 55 (خمس وخمسون منصبا) بنسبة 47.4%
3- الإقليم الأوسط 17 (سبعة عشر منصبا) بنسبة 14.7%
4- الإقليم الجنوبي 15 (خمسة عشر منصبا) بنسبة 12.9%
5- الإقليم الغربي 26 (ستة وعشرون منصبا) بنسية 22.4%
بذا يكون الصادق المهدي هو الوحيد الذي قارب الكمال في تحقيقه المشاركة الكاملة في الحكم والتمثيل الشامل لجميع أقاليم السودان في حكومته, ورغم احتفاظ الإقليم الشمالي بتفوقه, الا أنه ولأول مرة يتولي أحد من أبناء الغرب والوسط منصب وزير المالية وهم: ابراهيم منعم منصور ود. بشير عمر, ود.عمر نور الدائم وللحق والتاريخ, فقد أنصف السيد الصادق المهدي جميع أهل السودان في حكومته. وان لم يكن التمثيل فيها بنسب الكثافة السكانية.) انتهى.
المرجع الفصل الثالث من الكتاب الأسود.
الجدول الرابع :
٣- ( والجدول أدناه خير ناطق وهو يشمل المناصب الدستورية في عهد الإنقاذ منذ الحكومة الأولي الي ما قبل قرارات الثاني عشر من ديسمبر 1999م حيث بلغت جملة المنصب 202 (مئتان واثنين منصبا) توزعت كما يلي:-
1- الإقليم الشرقي 6 مناصب (لمحمد طاهر إيلا منها 5 مواقع) بنسبة 3%
2- الإقليم الشمالي 120 (منصبا) بنسبة 59.4%
3- الإقليم الأوسط 18 (منصبا) بنسبة 8.9%
4- الإقليم الجنوبي 30 (ثلاثين منصبا) بنسبة 14.9%
5- الإقليم الغربي 28 (منصبا) بنسبة 13.8%
فحينما بلغت نسبة تمثيل الإقليم الشمالي في الحكم 59.4%, وهم بنسبة 12.2% من جملة مجموع سكان السودان, فيكون مصير 87,8% من سكان السودان معلق بارادة 12.2% فقط من جملة سكانه( وهذه النسبة السكانية الضئيلة في داخلها مجموعات اثنية تعاني من التهميش مثل المناصير والمحس,أولهم يمثل المهمشين من العناصر العربية والآخر يمثل المهمشين من العناصر النوبية وبهيمنة ثلاث مجموعات اثنية فقط في اطار الاقليم الشمالي هم الشايقية والجعليين والدناقلة).
هذه المعادلة الغريبة والصور المقلوبة )
الجداول الاربعة اعلاه ناطقة عن نفسها بلسان عربي مبين.. في بيان استئثار الاقليم الشمالي بالسلطة وهم اقلية في السودان.. وتمثل استعمارا اكثر جشعا من الاستعمار الاوروبي في افريقيا.. وهو ما دفع شعوب الهامش السوداني منذ حامية توريث ١٩٥٥ لرفع السلاح ضد استعمار الجلابة.
(٦) الاستعمار الثقافي للجلابة واحتكار الراديو والتلفزيون القومي وقناة النيل الأزرق.. برنامج اغاني واغاني اكثر خطورة من المشروع الحضاري الخاوي في اعادة صياغة الوجدان السوداني!
نؤكد في هذا الفصل ادراكنا بان الاستعمار الثقافي للجلابة من (احتكار الثقافة والفن والغناء والموسيقى) وقصر المعروض من الثقافة في الإعلام السوداني فقط على ثقافة الاقليم الشمالي.. وتعمد حجب ثقافات (شعوب السودان) في الجنوب الذي ذهب مغبونا من الحرمان.. وفي كردفان لاسيما منطقة جبال النوبة.. وغرب كردفان وشرق السودان وإقليم دارفور بتنوعه الغني بالفنون.. كل هذه المناطق غنية جدا بالفنون السودانية بكل أنواعها ولكنها بكل اسف تم حجبها عمدا من الإعلام حتى يرى المشاهد من خلال الإعلام أن الشعب السوداني هو فقط سكان الاقليم الشمالي وحدهم!!
لعل افضل عهد في دول ٥٦ شهد ازدهار الثقافة السودانية على المستوى القومي كان هو عهد مايو / النميري حيث شهد هذا العهد مهرجانات الثقافة التي تعكس الفنون والغناء والموسيقى السودانية التي تعكس التنوع الثقافي السوداني، وكذلك شهدت تلك الفترة الدورات المدرسية على مستوى القطر السوداني عكست الرياضة والمسرح والغناء والموسيقى السودانية بتنوعها.. وكانت هذه حسنة من حسنات اليسار السوداني.
بالمقابل اتي نظام الإنقاذ بمشروعه الحضاري الاسلاموي الاستعلائي الإقصائي الذي يصف الحالة السودانية ب(جاهلية القرن العشرين) .. وبالتالي زعم نظام الأنقاذ انه يسعي إلى (اعادة صياغة الانسان السوداني ) - استعلاء على الفاضي- ووجد نظام الأنقاذ مساحة زمانية كافية (٣٠ سنة ) ولم يعلم الشعب السوداني سوى فنون الارهاب من خلال الإتيان برموز الارهاب العالمي امثال بن لادن وكارلوس.. ومن خلال تدريب الشعب على الجهاد (الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا .. وامريكا روسيا قد دنا عذابها) .
الشيء المضحك المبكي ان برنامجا (مثل اغاني وأغاني- السر قدور ) قد حقق هذا الهدف الاستعماري بكفاءة اعلي من المشروع الحضاري عديم المحتوى. برنامج أغآني وأغاني كان هدفه (توحيد الوجدان السوداني من مرجعية ثقافة وغناء ولاية الخرطوم والإقليم الشمالي. واذا سلمنا جدلا بان الجمال يكمن فى التنوع السوداني فاننا سندرك حجم القبح في برنامج اغاني وأغاني الذي استمر زهاء عقدين من الزمان يقدم وجوها مكررة من اقليم واحد هو الاقليم الشمالي.. وقد كان بإمكان هذا البرنامج ان يتنقل في ربوع السودان كل سنة ويستخرج لنا كنوز الفن السوداني الجميل في تنوعه.. وليس غائبا أبدا عن الراحل السر قدور روعة وجمال التنوع وثراء اقاليم السودان الاخرى بفنون الغناء .. ولكنهم وبسوء قصد يتعمدون طمس هويات ومذاق الشعوب السودانية قسرا بفرض ثقافة عوراء وحيدة علي شعوب السودان هي ثقافة الاقليم الشمالي!! لقد جاء خليل فرح من اقصى الشمال مشبعا بثقافته النوبية.. يكتب الشعر ويتغني بلغته النوبية.. ولكن ثقافة المركز العصية على التنوع السوداني (اعادت صياغة خليل فرح بجلالة قدره ) .. سبح خليل فرح قليلا ضد تيار المركز الجارف ثم استسلم اخيرا.. وحين تمرد اهل الهامش ضد استعمار الجلابة وجدنا من ضمن مكونات الجبهة الثورية حركة (كوش الثقافية) تناضل مع الجبهة الثورية جنبا إلى جنب من اجل تحرير السودان!
(٧) حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل أبراهيم وفكرة ( ضرورة نقل المعركة للخرطوم) لإحداث التغيير :
لقد توصلت حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل ابراهيم منذ حوالي عام ٢٠٠٦ الي قناعة بأن تغيير النظام في الخرطوم لا يتم إلا بانتزاع السلطة بالقوة من النظام الحاكم في الخرطوم.. لذلك قررت حركة العدل والمساواة (نقل المعركة للخرطوم) .. وظهر هتاف الحركة: ( كل القوة .. الخرطوم جوة ) . تدرك حركة العدل والمساواة أن (حروب الاستنزاف) التي تقودها الحركات المسلحة في الهامش (في جنوب السودان وجبال النوبة والانقسنا وأخيرا دارفور) .. هي التي تغير النظام في الخرطوم.. ولكن ليس لصالح المهمشين وانما لصالح الجلابة .. كيف؟ حروب الاستنزاف التي تقودها الحركات المسلحة في الهامش بكلفتها الاقتصادية الكبيرة التي نسميها (فاتورة الحرب) تحرك الشرائح الضعيفة من ذوي الدخل المحدود.. في عطبرة والخرطوم في شكل مظاهرات احتجاجية ضد غلاء المعيشة.. وينحاز الجيش في الخرطوم للشارع ويستولي على السلطة لصالح الانتفاضة .. لتبدأ مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات ديمقراطية.. ولكن التجربة اثبتت أن مثل هذه الانتفاضة (وإن كانت من صناعة التمرد) ولكنها تسرق لصالح احزاب الجلابة ولجيش الجلابة الذي ينحاز لثوار الانتفاضة كما حدث في اكتوبر ١٩٦٤ وأبريل ١٩٨٥ .. لذلك اقتنعت حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل أبراهيم بأن الطريق الوحيد لانتزاع السلطة من (الجلابة في الخرطوم) هو طريق نقل المعركة للخرطوم وإجبار السلطة الحاكمة في الخرطوم على الفرار (كما كان يحدث في انجمينا / تشاد مثلا ) و أيلولة السلطة للمتمردين الفاتحين. وقد نجحت حركة العدل والمساواة بنسبة 90٪ من تحقيق هذا الهدف في العاشر من مايو عام ٢٠٠٨ من خلال عملية الذراع الطويل حيث نجحت حركة العدل والمساواة (منفردة) فى دخول الخرطوم نهارا جهارا.. وكادت أن تسقط نظام الإنقاذ.. وبذلك شكلت اكبر مهدد وجودي لنظام الإنقاذ.
وفي عام ٢٠١٤ زحفت حركات المقاومة المسلحة متحدة في (الجبهة الثورية) زحفت في اتجاه الخرطوم ووصلت حتى أم روابة وتندلتي على بعد 200 كيلو فقط عن العاصمة الخرطوم.. وقد تسببت مقاومة الجبهة الثورية لنظام الإنقاذ في خلق ضائقة معيشية في السودان عموماً وتسببت في خلق ثورة جياع انطلقت من الدمازين وعطبرة ومدني واخيرا الخرطوم وانتجت ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة. وهكذا فإن حركات التمرد في الجنوب هي صنعت ثورة أكتوبر المجيدة ١٩٦٤ .. وهي نفسها التي صنعت انتفاضة ابريل ١٩٨٦ .. ولكن واجهات دولة الجلابة من احزاب ونقابات (لمجرد وجودها في الخرطوم) تنسب الثورة لنفسها. وفي الفصل العاشر القادم بحول الله سوف نرى كيف استطاع تمرد الدعم السريع من (حسم اللعبة) من داخل الخرطوم والاستيلاء على رموز السلطة بدءا بهيئة العمليات ثم القيادة العامة للجيش السوداني.. والاستيلاء عنوة على مدرعات الشجرة واستلام ولايتي الخرطوم والجزيرة.. فأدرك العالم فقدان المجموعة الأمنية (البرهان وكباشي والعطا ) السيطرة على الدولة السودانية.. وصار الدعم السريع الجيش المسيطر حقيقة على الدولة السودانية.
ابوبكر القاضي
نيوبورت / ويلز / UK
٣/ مايو/ ٢٠٢٤
aboubakrelgadi@hotmail.com
++ القاسم المشترك بين الثورة الفرنسية ١٧٨٩ م وبين ثورة المهمشين في دارفور ٢٠٠٣ هو قضية العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص الوظيفية بين المواطنين وإلغاء احتكار ابناء (الجلابة من القبائل النيلية/الجعليين/ الشايقية/ الدناقلة) للوظائف الدولارية بوزارة الخارجية والوزارات السيادية والجيش والأمن والشرطة.
++ الطاغية ماري أنطوانيت وقصة موتها المهين كانت فداية لكل ثورات العالم اللاحقة.. لا نرغب ابدا ..ابدا في الانتقام.. ونرفض من حيث المبدأ عقوبة الإعدام لأننا نقدس حق الحياة لكل انسان ونؤمن بحقوق الانسان!!
++ مقولة ماري أنطوانيت المستهترة للفقراء الثائرين (إذا لم يجدوا خبزا ما
++ يأكلوا كيك .. أيش المشكلة) هذه المقولة تعادلها مقولة الطاغية عمر
++ البشير: ( الدارفورية حين يغتصبها جعلي .. اليس هذا شرف لها ؟!! ) الاعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية.. ونظرائهم من الاعداء الذين الذين استهدفهم الكتاب الأسود السوداني؟ اوجه الشبه بين غطرسة ماي أنطوانيت ملكة فرنسا علي فقراء وجوعي فرنسا.. مقابل غطرسة عمر البشير علي شعب دارفور الذي تعرضت نساؤه للاغتصاب؟!
++ الادلة القاطعة من الكتاب الاسود التي تثبت استئثار الاقليم الشمالي بالسلطة رغم انهم اقلية من حيث تعداد السكان!!
++ الاستعمار الثقافي للجلابة من خلال الراديو والتلفزيون القومي وقناة النيل الأزرق.. برنامج اغاني وأغاني كان (قبيحا ) لغياب التنوع وللحجب المتعمد لثراء فن الغناء السوداني في الهامش السوداني!!
(١) القواسم المشتركة بين الثورة الفرنسية العظيمة ١٧٨٩ .. وبين ثورة المهمشين في دارفور ٢٠٠٣ هي الثورة الفرنسية كانت محصلة لأفكارك فلاسفة عصر التنوير في كل اوروبا لاسيما فكرة العدالة الاجتماعية لدى روسو.. وبالمقابل قامت حركة العدل والمساواة على الكتاب الاسود ومسألة الاختلال في قسمة السلطة والثروة في السودان.. والدعوة للمساواة في الفرص من مرجعية المواطنة:
أهم ما يميز الثورة الفرنسية انها (ثورة وعي ) استندت إلى تراكم فكر عصر التنوير في كل اوروبا (هوبز /جون لوك ..الخ) وليس قصرا على رؤي افكار الفلاسفة الفرنسيين على شاكلة فولتير وجان جاك روسو.. الخ.
في المقتطف ادناه يخبرنا المدون المغربي محسن المحمدي عن اعتراف الجماهير الباريسية الثائرة ضد الطغيان اثناء الثورة الفرنسية بالدور الذي لعبه فكر الفيلسوف السويسري/ الفرنسي الأصل جان جاك روسو في الهام الجماهير الثائرة آنذاك في شوارع باريس:
( والأكثر من كل ما قيل، هو أن روسو قد قرر ألا يموت إلا بعد أن يترك نظرية في السياسة، تجلت في كتابه ذائع الصيت «في العقد الاجتماعي»، المترجم إلى العربية مرات عدة (انظر ترجمة عبد العزيز لبيب، عن المنظمة العربية للترجمة)، الذي يجعل منه المؤرخون المحرك الأول للثورة الفرنسية سنة 1789. ويقال إن الثوار حملوا كتابه ولوحوا به، وهذا يعني أن الكتاب يحمل أفكارا ألهمتهم وعبرت عن همومهم وآمالهم؛ إذ سيعلن روسو أن التدبير العام يجب أن يتم بمعزل عن الأشخاص، نحو التجريد الجماعي وقوة الإرادة العامة والمتعالية.. بكلمة واحدة، لا أحد أصبح مع روسو سيدًا، بل السيادة للقانون المفروض من طرف الكل، فالشعب هو من سيختار نوع الميثاق الممارس عليه، وينصاع لقرار ساهم هو في صنعه. وكأن روسو يريد أن يقول: إن السلم الاجتماعي لن يتأتى إلا إذا عنف الشعب نفسه بنفسه، فالإكراه يجب أن يكون حرا.) انتهى .
المرجع : محسن المحمدي/ جان جاك روسو.. فيلسوف متشرد متأرجح بين العقل والعاطفة / جريدة الشرق الاوسط/ ٣٠ مارس/ ٢٠١٦ .
الثورة الفرنسية كما قلنا كانت ثورة وعي تراكمي عبارة عن حصيلة فكر التنوير في كل أوروبا . والاهم من من ذلك أنها كانت ملهمة لكل الثورات في كل العالم بما في ذلك الثورة الامريكية ١٧٩٧ .. وقد استمد ميثاق الامم المتحدة اروع واقوي بند فيه بالحرف من روسو .. وهو ذلك البند المتعلق بالحرية كحق طبيعي بالميلاد لكل انسان ( جميع الناس يولدون احرارا متساوين - من ابتكار جان جاك روسو) .
(ب) استمدت حركات الزرقة في دارفور -جملة اعتراضية.. قبائل الزرقة التي تمرد ابناؤها عام ٢٠٠٣ هي قبائل الفور / الزغاوة / والمساليت وهي التي تعرضت للابادة الجماعية والتطهير العرقي- والزرقة تعني اللون الأسود ومنها جاءت تسمية السلطنة الزرقاء وجاء اسم السودان- شاهدنا استمدت حركات الزرقة في دارفور فكرة (مشروع التحرير) من الحركة الشعبية لتحرير شعوب السودان بقيادة د جون غرنق - والتحرير المقصود هو : (التحرير من استعمار الجلابة الشماليين وهم سكان المنطقة من الجيلي إلى حلفا) .. ومشروع السودان الجديد يقصد به (التراضي علي سودان موحد / الديمقراطي / العلماني)..وقد استلهمت معظم حركات التحرر في افريقيا شعاراتها من الثورة البلشفية الروسية، او من شعارات الثورة الفرنسية .. ونعلم جميعا أن حركتي العدل والمساواة وحركة التحرير الموحدة (قبل مؤتمر حسكنيتا ) .. كلها خرجت من رحم الحركة الشعبية لتحرير (شعوب) السودان. كما استندت حركات المقاومة المنطلقة من دارفور لمقاومة نظام الأبرتهايد في الخرطوم استندت إلى مفردات وأدبيات (الكتاب الأسود) الذي جري توزيعه في الخرطوم في ليلة واحدة عقب المفاصلة الجهوية والعنصرية بين الإسلاميين داخل الحركة الإسلامية ودولة الإنقاذ نهاية القرن العشرين.
الكتاب الأسود السوداني يمثل (الميثاق الوطني لثورة المهمشين في السودان ضد الجلابة الأبارتايد في السودان) .. لأنه - الكتاب ألأسود- جسد (بالادلة والبراهين القاطعة مدي استئثار الجلابة الشماليين- من الجيلي إلى حلفا - ممثلين في ثلاثة قبائل هي (الجعليون الشوايقة / الدناقلة) .. والكتاب الأسود كسر حاجز الخوف من ( تهمة اللاسامية) وهي الاشارة بالاسم للقبائل الثلاثة المذكورة بانها تستأثر بالسلطة والثروة في السودان. وتجدر الاشارة إلى ان كل من يتحدث عن التهميش في السودان واستئثار النخبة النيلية وقبائلها الثلاثة المذكورة بالوظائف والثروات في السودان يسقط عليه الجلابة بطريقة بلهاء خالية من الذكاء الفطري.. تسقط عليه تهمة (عنصري حاقد ) .. وهي عبارة لا محل لها من إعراب السياسة والاقتصاد وفي غير محلها تماما.. وتدعو للسخرية.. ان يتهم الجاني الضحية بالعنصرية.. وهي مغالطة ( النفس بإصرار ).. تلك النكتة الشعرية الرائعة الواردة في الشعر الغنائي السوداني: للشاعر (تاج السر عباس ) : وأداء الفنان خليل اسماعيل.. وشاهدنا في هذه القصيدة / الاغنية البيت الثاني الذي يقول:
( أغالط نفسي في اصرار واقول يمكن أنا اللي ما جيت ) .. وبيانا للسياق الذي جاءت فيه المغالطة الإسقاطية المتعسفة اورد البيت مصحوبا بالبيت السابق وبيتين لاحقين:
(كلمات اغنية قبل ميعادنا
قبال ميعادنا بساعتين أبيتو أنا وأباني البيت أغالط نفسي في أصرار وأقول يمكن أنا اللى ماجيت وطالت وقفة الأشواق معاي جمب المكان ذاته أنا ورعشة ظلال الليل وقلبي حزينة دقاته وفات ميعادنا فات روح وشال الليل حكاياته)
شاهدنا أن الكتاب الأسود قد أزال و اسقط (مغالطة النفس الكبرى) التي يسقطها الجلابة على ابن الهامش الواعي الذي يتحدث عن استئثار الجلابة بالوظائف الدولارية.. ويقال له (عنصري حاقد) .. فالكتاب الأسود حين وفّر المعلومات بالأدلة والبراهين والتي تثبت استئثار الجلابة الشماليين بالوظائف قد حرر رقاب والسنة وأصوات ابناء وبنات الهامش من قهر الجلابة لهم وعلمهم الجرأة ليقولوا (البقلة في الإبريق) .. ومنحهم الثقة ليتحدثوا بكل جرأة وبمعرفة وعلم ووعي عن الظلم الاجتماعي الواقع عليهم وغياب (العدالة في الفرص الوظيفية) .. لقد رفع الجنوبيون السلاح في فجر الاستقلال احتجاجا علي الظلم الذي وقع عليهم بسبب القسمة غير العادلة لوظائف السودنة حيث نال الجنوبيون فقط 4 وظائف من جملة (800 وظيفة ) !! فالظلم الاجتماعي سبب كافي لإشعال الحروب. وهكذا وفر الكتاب ألأسود (الغبن الكافي واللازم لاشتعال الحرب في دارفور عام ٢٠٠٣ ) .. ليس فقط لمنسوبي حركة العدل والمساواة وحدهم .. وانما لكل المهمشين في كل انحاء السودان.. وبحول الله سوف نورد هذه الأدلة القاطعة في الفقرة (٥) من هذا الفصل.
(٢) الاعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية .. ونظرائهم في الكتاب الأسود الذي يمثل الميثاق الوطني لثورة المهمشين في دارفور وحركة العدل والمساواة بصورة خاصة؟
(أ) القاسم المشترك الأعظم بين الثورة الفرنسية وثورة المهمشين في دارفور ليس فقط ان (مساحة دارفور = مساحة فرنسا) .. لا .. لا .. المسألة جوهرية وأكبر من ذلك بكثير.. باختصار القاسم المشترك الأعظم هو (قضية العدالة الاجتماعية والمساواة في (فرص العمل) .. وقضية الحرية) .. ولبيان هذا الأمر نحيل إلى المقتطف ادناه للمدون طارق الحائك الذي يشرح لنا فيه باختصار اسباب الثورة الفرنسية .. والأعداء الذين استهدفتهم الثورة الفرنسية وهم ( طبقة النبلاء وطبقة رجال الدين) ثم نورد النصوص ذات الصلة من الكتاب الأسود والتي تبين اسباب ثورة المهمشين في دارفور واعداء الثورة حسب ما ورد فى الكتاب ألأسود لنقدم الدليل على القاسم المشترك بين ثورة المهمشين في دارفور وقيم الثورة الفرنسية .. فالي مقتطف الكاتب طارق الحائك:
( غياب العدالة الاجتماعية كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية أيضاً، فالمجتمع الفرنسي كان يتكوّن من ثلاث طبقات: طبقة النبلاء، وطبقة رجال الدين، وهما الطبقتان اللتان كانتا تحتكران الامتيازات مثل الحصول على الوظائف وعدم دفع الضرائب، وتمتلكان الأراضي ووسائل الإنتاج، أما الطبقة الثالثة وهي طبقة العمال أو طبقة عامة الشعب؛ والتي كانت تشكل غالبية المجتمع، فكانت محرومة من كل الامتيازات، إذ كان أبناؤها يدفعون الضرائب ويقومون بأعمال السخرة، ويتم إجبارهم على الذهاب إلى الحروب، ولذلك نقموا على النبلاء ورجال الدين.) انتهى.
المرجع/ طارق الحائك / الثورة الفرنسية .. حين بدل غياب العدالة الاجتماعية وجه العالم / الجزيرة نت / ١٢ /يونيو ٢٠٢٠ .
(ب) إذا كانت الثورة الفرنسية قد حددت اعداءها وأهدافها في طبقتي النبلاء ورجال الدين حسب البيان الوارد في الفقرة ( أ) اعلاه.. فان الكتاب الأسود الميثاق الوطني لحركة العدل والمساواة السودانية قد حدد خصومه أيضاً بشكل واضح ومحدد .. وهم ( اهالي ولايتي النيل والشمالية.. وبشكل اكثر تحديدا ووضوحا في ثلاث قبائل هي الشايقية / الجعليون / الدناقلة ) .. المقتطف التالي من مقدمة الكتاب ألأسود يعكس لنا (حجم محاباة) وتفضيل الأنظمة السياسية الشمالية الحاكمة في الخرطوم منذ الاستقلال وحتى دولة الأنقاذ الاسلاموية العنصرية لسكان ولايتي نهر النيل والشمالية:
( يعكس هذا الكتاب بشاعة الظلم الذي مارسته الأنظمة السياسية المتعاقبة علي البلاد منذ الاستقلال الي اليوم بصرف النظر عن توجهاتها وألوانها.. علمانية كانت أم إسلامية, ديمقراطية مزعومة سواء أكانت أم دكتاتورية. هذا الظلم البشع المتمثل في محاباة جهة واحدة من السودان علي حساب باقي جهاته. مؤثرة إياها بالعناية والرعاية والرعاية والاهتمام والتنمية. لقد جعلت الحكومات المختلفة, من الحكم أداة لتكريس سلطة الإقليم الشمالي (ولايتي نهر النيل والشمالية) علي باقي أقاليم السودان الأخري, والتي قسمناها لأغراض الكتاب الي لخمسة اقاليم بما فيها الإقليم الشمالي وهي:- الإقليم الشرقي (القضارف, كسلا, البحر الأحمر), الإقليم الأوسط ويضم ولايات (الجزيرة, سنار, النيل الأزرق, النيل الأبيض, الخرطوم), الأقليم الجنوبي ويضم ولايات (أعالي النيل, بحر الغزال, الاستوائية), الإقليم الغربي ويضم ولايات (كردفان ودارفور). انتهى.
المرجع: الكتاب الأسود .. اختلال تقسيم السلطة والثروة في السودان / ملحوظة: صدر الكتاب الأسود عقب المفاصلة التاريخية بين الاسلاميين في السودان عام ١٩٩٩ والتي كانت على اساس عنصري جهوي، صدر الكتاب دون ذكر لاسم المؤلف/ او مجموعة المؤلفين مما يعكس اوضاع الاستبداد السياسي التي صدر فيها الكتاب!!
(٣) أوجه الشبه بين غطرسة ماري أنطوانيت علي فقراء فرنسا.. في مقابل غطرسة عمر البشير علي شعب دارفور الذي تعرضت نساؤه للاغتصاب!
هذه المقارنة الرمزيّة مهمة جدا في بيان أوجه الشبه بين الثورة الفرنسية وبين ثورة المهمشين في دارفور.. اما قصة غطرسة الملكة ماري أنطوانيت ابان الثورة الفرنسية وهي من اشهر السخافات التي حفظها تاريخ العالم .. لا مثيل لها سوى سخافة وغطرسة عمر البشير موضوع المقارنة.
اما غطرسة ماري أنطوانيت المشهورة فقد اقتربت مظاهرات الجوعي الفرنسيين واقترابهم من قصر فرساي.. فتساءلت ماري أنطوانيت عن اسباب هذه الحشود.. فقيل لها انهم جوعي لا يجدون الخبز .. هنا قالت ماري أنطوانيت قولتها المشهورة: ( اذن فليأكلوا الجاتوه ) !! وقد دفعت ثمن غطرستها حينما وضعها الثوار في سيارة مكشوفة طافت بها مدينة باريس وكان الشعب يقذف سيارتها بالقاذورات على راسها وشعرها.. لتذوق الذلة حية قبل أن يقطع راسها علي المقصلة في اكتوبر ١٧٩٣ !!
اما سردية عمر البشير الأكثر سخافة من قصة ماري أنطوانيت آنفة الذكر فهي. : ان وسائل التواصل الاجتماعي الدارفورية قد تناقلت أنباء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب في دارفور.. فكان رد عمر البشير رئيس دولة الإنقاذ السلاموية : ( المرأة في دارفور إذا اغتصبها (جعلي) .. اليس هذا تشريف لها ؟!!) والجعلي هو الرجل الذي ينتمي لقبيلة الجعليين وهي ذات قبيلة عمر البشير) .. ان مثل هذا الكلام المتغطرس القبيح لا يمكن أن يصدر عن انسان يمتلك ( مثقال ذرة من الكرامة البشرية لنفسه ) دع عنك كون جريمة الاغتصاب تعتبر من اخطر الجرائم في الاسلام الذي يتستر به عمر البشير !
(٤) اننا في مشروع الهامش نسترشد بتجربة جنوب افريقيا ونيلسون مانديلا وديزموند توتو في التسامح والدعوة للمكاشفة والاعتراف والعفو والصفح الجميل، نرفض الانتقام .. وفي ذات الوقت نرفض سياسة الافلات من العقاب ،ونتمسك بتسليم المتهمين المطلوبين للمحاكمة الجنائية الدولية:
لقد سنحت لحركة العدل والمساواة السودانية فرصة الانتقام والمعاملة بالمثل مع نظام عمر البشير.. وذلك في العاشر من مايو ٢٠٠٨ عندما دخلت قوات حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل ابراهيم.. حتى وصلت قواته كبري المهندسين وهي متجهة نحو الخرطوم.. وقد صلى د خليل المغرب امام الكبرى.. وقد كان بين يدي د خليل ابراهيم وقوات جيش العدل والمساواة اسلحة تضرب على بعد 50 كيلومتر.. مما يعني انه كان بامكانه ضرب وتدمير جميع المواقع الاستراتيجية باحداثيات دقيقة كانت بين يديه ردا على الضربات العشوائية بالبراميل المتفجرة التي كانت تطلقها طائرات الانتينوف على المدنيين في قري دارفور.. ولكنه (اي د خليل) لم يفعل ذلك احتراما لذاته ولقيمه ! ولأنه يريد أن يقدم نفسه وحركته بديلا لنظام الإنقاذ.. ولو تعامل مع نظام الإنقاذ بالمثل إذن لصار مثله !
(٥) الأدلة القاطعة من الكتاب الأسود والتي تثبت استعمار الجلابة لبقية أقاليم وولايات السودان، وتثبت أن عبارة (تحرير السودان - حيث وردت في ادبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة د جون غرنق او الحركات المنشقة عنها او حركة تحرير السودان في دارفور ) تعني ( تحرير السودان)من استعمار الجلابة الشماليين:
قدم الكتاب ألأسود أدلة دامغة (بالارقام والجداول) تبين نصيب الاقليم الشمالي من المناصب الدستورية مقارنة بالأقاليم الأربعة الاخرى والنسبة المئوية لكل اقليم.. وهي لذلك تعتبر ( أدلة قاطعة) .. فأذا كان (الكاش يقلل النقاش في السوق ) .. فان الادلة الواردة في الكتاب ألأسود فهي ادلة قاطعة وحاسمة تماما في اثبات استئثار سكان الاقليم الشمالي بالوظايف والثروة في السودان منذ عام ١٩٥٤ وحتى تاريخ صدور الكتاب الاسود في ديسمبر ١٩٩٩ . الأدلة والبراهين المعنية هي عبارة عن اربعة جداول لأربعة عهود متتالية تبين حصة كل اقليم من الاقاليم الخمسة من المناصب الدستورية ويعنيني في هذه الجزئية حصة الاقليم الشمالي:
الفترة الأولى هي (1954 _ 1964)كانت حصة الاقليم الشمالي نسبة 79.50% من المناصب الدستورية الفترة الثانية هي (١٩٦٩ - ١٩٨٥ ) كانت حصة الاقليم الشمآلي نسبة 68.7% من المناصب الدستورية.
الفترة الثالثة هي (١٩٨٦ _1989) كانت حصة الاقليم الشمالي نسبة 47.4% من المناصب الدستورية الفترة الرابعة هي ( ١٩٨٩ _ 1999) كانت حصة الأقليم الشمآلي نسبة 59.4% من المناصب الدستورية الارقام اعلاه والمستمدة من جداول قسمة السلطة الواردة في الفصل الثالث من الكتاب الاسود الذي بعنوان (صور من اختلال ميزان تقسيم السلطة ) .
واستكمالاً لبيان صور اختلال ميزان السلطة اتقدم بأربع جداول تغطي ذات الفترات الاربعة اعلاه تشتمل على بيان حصة كل اقليم من الاقاليم الخمسة من حيث عدد المناصب الدستورية التي حصل عليها اقليم والنسبة المئوية لحصة كل اقليم لتتم المقارنة مع حصة الاقليم الشمالي.. وتظهر المفارقة اذا علمنا أن نسبة سكان الاقليم الشمالي تساوي 12.2% من مجموع سكان السودان!
الجدول الاول:
أ- من العهد الوطني الي الاستقلال وحكومة الفريق ابراهيم عبود (1954 – 1964م)
بلغت جملة المناصب الدستورية خلال تلك الحقبة (73 ثلاثة وسبعين منصبا) كان نسبة تمثيل أبناء الأقاليم الخمسة المذكورة فيها كما يلي:-
الرقم إسم الإقليم نصيب من
المناصب الدستورية الاقليم نسبة التمثيل المئوية
1 الإقليم الشرقي 1 واحد 1.4%
2 الإقليم الشمالي 58 ثمانية وخمسون منصبا 79.5%
3 الإقليم الأوسط 2 فقط منصبان دستوريان 2.8%
4 الإقليم الجنوبي 12 فقط اثنا عشر منصبا دستوريا 16.4%
5 الإقليم الغربي صفر (لم ينجح أحد) صفر%
الجدول الثاني:
ب- حكومة الرئيس جعفر محمد نميري 1969 – 1985م
فقد كانت جملة المنصب الدستورية طيلة الحقبة المايوية 115 منصبا لكثرة التعديلات الوزارية في تلك الحقبة. توزع تمثيل الولايات فيها علي النحو التالي:-
1- الإقليم الشرقي 4 (اربعة مناصب) بنسبة 2.5%
2- الإقليم الشمالي 79 (تسعة وسبعون منصبا) بنسبة 68.7%
3- الإقليم الأوسط 19 (تسعة عشر منصبا) بنسبة 16.5%
4- الإقليم الجنوبي 9 (تسعة مناصب) بنسبة 7.8%
5- الإقليم الغربي 4 (اربعة مناصب) بنسبة 3.5%
ورغم البون الشاسع بين النظامين السابقين, فإن نسبة التمثيل وغلبة العنصر الشمالي ما زالت مستمرة, ومع تميز حكومة جعفر النميري بكثرة التعديلات وكثرة الوافدين علي التشكيلة الا ان اللواء والفريق فالمشير جعفر نميري آثر الإحتفاظ غلي التركيبة الجهوية كما هي, الأمر الذي أدي الي تمكين أبناء الشمال وتركيز التنمية في الشمال والوسط, مع اغلاق الباب أمام المبادرات الفردية المستقطبة لمشاريع التنمية من الخارج اذا كانت ذات وجهات غير الشمال وايقاف طريق الكفرة الفاشر ليس بخاف علي أحد.) آنتهى.
المرجع : الفصل الثالث من الكتاب الاسود
الجدول الثالث :
ه- الديمقراطية الثانية 86 – 1989م
فكانت حصيلتها في التمثيل الوزاري كما يأتي:-
1- الإقليم الشرقي 3 (ثلاث مناصب) بنسبة 2.6%
2- الإقليم الشمالي 55 (خمس وخمسون منصبا) بنسبة 47.4%
3- الإقليم الأوسط 17 (سبعة عشر منصبا) بنسبة 14.7%
4- الإقليم الجنوبي 15 (خمسة عشر منصبا) بنسبة 12.9%
5- الإقليم الغربي 26 (ستة وعشرون منصبا) بنسية 22.4%
بذا يكون الصادق المهدي هو الوحيد الذي قارب الكمال في تحقيقه المشاركة الكاملة في الحكم والتمثيل الشامل لجميع أقاليم السودان في حكومته, ورغم احتفاظ الإقليم الشمالي بتفوقه, الا أنه ولأول مرة يتولي أحد من أبناء الغرب والوسط منصب وزير المالية وهم: ابراهيم منعم منصور ود. بشير عمر, ود.عمر نور الدائم وللحق والتاريخ, فقد أنصف السيد الصادق المهدي جميع أهل السودان في حكومته. وان لم يكن التمثيل فيها بنسب الكثافة السكانية.) انتهى.
المرجع الفصل الثالث من الكتاب الأسود.
الجدول الرابع :
٣- ( والجدول أدناه خير ناطق وهو يشمل المناصب الدستورية في عهد الإنقاذ منذ الحكومة الأولي الي ما قبل قرارات الثاني عشر من ديسمبر 1999م حيث بلغت جملة المنصب 202 (مئتان واثنين منصبا) توزعت كما يلي:-
1- الإقليم الشرقي 6 مناصب (لمحمد طاهر إيلا منها 5 مواقع) بنسبة 3%
2- الإقليم الشمالي 120 (منصبا) بنسبة 59.4%
3- الإقليم الأوسط 18 (منصبا) بنسبة 8.9%
4- الإقليم الجنوبي 30 (ثلاثين منصبا) بنسبة 14.9%
5- الإقليم الغربي 28 (منصبا) بنسبة 13.8%
فحينما بلغت نسبة تمثيل الإقليم الشمالي في الحكم 59.4%, وهم بنسبة 12.2% من جملة مجموع سكان السودان, فيكون مصير 87,8% من سكان السودان معلق بارادة 12.2% فقط من جملة سكانه( وهذه النسبة السكانية الضئيلة في داخلها مجموعات اثنية تعاني من التهميش مثل المناصير والمحس,أولهم يمثل المهمشين من العناصر العربية والآخر يمثل المهمشين من العناصر النوبية وبهيمنة ثلاث مجموعات اثنية فقط في اطار الاقليم الشمالي هم الشايقية والجعليين والدناقلة).
هذه المعادلة الغريبة والصور المقلوبة )
الجداول الاربعة اعلاه ناطقة عن نفسها بلسان عربي مبين.. في بيان استئثار الاقليم الشمالي بالسلطة وهم اقلية في السودان.. وتمثل استعمارا اكثر جشعا من الاستعمار الاوروبي في افريقيا.. وهو ما دفع شعوب الهامش السوداني منذ حامية توريث ١٩٥٥ لرفع السلاح ضد استعمار الجلابة.
(٦) الاستعمار الثقافي للجلابة واحتكار الراديو والتلفزيون القومي وقناة النيل الأزرق.. برنامج اغاني واغاني اكثر خطورة من المشروع الحضاري الخاوي في اعادة صياغة الوجدان السوداني!
نؤكد في هذا الفصل ادراكنا بان الاستعمار الثقافي للجلابة من (احتكار الثقافة والفن والغناء والموسيقى) وقصر المعروض من الثقافة في الإعلام السوداني فقط على ثقافة الاقليم الشمالي.. وتعمد حجب ثقافات (شعوب السودان) في الجنوب الذي ذهب مغبونا من الحرمان.. وفي كردفان لاسيما منطقة جبال النوبة.. وغرب كردفان وشرق السودان وإقليم دارفور بتنوعه الغني بالفنون.. كل هذه المناطق غنية جدا بالفنون السودانية بكل أنواعها ولكنها بكل اسف تم حجبها عمدا من الإعلام حتى يرى المشاهد من خلال الإعلام أن الشعب السوداني هو فقط سكان الاقليم الشمالي وحدهم!!
لعل افضل عهد في دول ٥٦ شهد ازدهار الثقافة السودانية على المستوى القومي كان هو عهد مايو / النميري حيث شهد هذا العهد مهرجانات الثقافة التي تعكس الفنون والغناء والموسيقى السودانية التي تعكس التنوع الثقافي السوداني، وكذلك شهدت تلك الفترة الدورات المدرسية على مستوى القطر السوداني عكست الرياضة والمسرح والغناء والموسيقى السودانية بتنوعها.. وكانت هذه حسنة من حسنات اليسار السوداني.
بالمقابل اتي نظام الإنقاذ بمشروعه الحضاري الاسلاموي الاستعلائي الإقصائي الذي يصف الحالة السودانية ب(جاهلية القرن العشرين) .. وبالتالي زعم نظام الأنقاذ انه يسعي إلى (اعادة صياغة الانسان السوداني ) - استعلاء على الفاضي- ووجد نظام الأنقاذ مساحة زمانية كافية (٣٠ سنة ) ولم يعلم الشعب السوداني سوى فنون الارهاب من خلال الإتيان برموز الارهاب العالمي امثال بن لادن وكارلوس.. ومن خلال تدريب الشعب على الجهاد (الطاغية الأمريكان ليكم تدربنا .. وامريكا روسيا قد دنا عذابها) .
الشيء المضحك المبكي ان برنامجا (مثل اغاني وأغاني- السر قدور ) قد حقق هذا الهدف الاستعماري بكفاءة اعلي من المشروع الحضاري عديم المحتوى. برنامج أغآني وأغاني كان هدفه (توحيد الوجدان السوداني من مرجعية ثقافة وغناء ولاية الخرطوم والإقليم الشمالي. واذا سلمنا جدلا بان الجمال يكمن فى التنوع السوداني فاننا سندرك حجم القبح في برنامج اغاني وأغاني الذي استمر زهاء عقدين من الزمان يقدم وجوها مكررة من اقليم واحد هو الاقليم الشمالي.. وقد كان بإمكان هذا البرنامج ان يتنقل في ربوع السودان كل سنة ويستخرج لنا كنوز الفن السوداني الجميل في تنوعه.. وليس غائبا أبدا عن الراحل السر قدور روعة وجمال التنوع وثراء اقاليم السودان الاخرى بفنون الغناء .. ولكنهم وبسوء قصد يتعمدون طمس هويات ومذاق الشعوب السودانية قسرا بفرض ثقافة عوراء وحيدة علي شعوب السودان هي ثقافة الاقليم الشمالي!! لقد جاء خليل فرح من اقصى الشمال مشبعا بثقافته النوبية.. يكتب الشعر ويتغني بلغته النوبية.. ولكن ثقافة المركز العصية على التنوع السوداني (اعادت صياغة خليل فرح بجلالة قدره ) .. سبح خليل فرح قليلا ضد تيار المركز الجارف ثم استسلم اخيرا.. وحين تمرد اهل الهامش ضد استعمار الجلابة وجدنا من ضمن مكونات الجبهة الثورية حركة (كوش الثقافية) تناضل مع الجبهة الثورية جنبا إلى جنب من اجل تحرير السودان!
(٧) حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل أبراهيم وفكرة ( ضرورة نقل المعركة للخرطوم) لإحداث التغيير :
لقد توصلت حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل ابراهيم منذ حوالي عام ٢٠٠٦ الي قناعة بأن تغيير النظام في الخرطوم لا يتم إلا بانتزاع السلطة بالقوة من النظام الحاكم في الخرطوم.. لذلك قررت حركة العدل والمساواة (نقل المعركة للخرطوم) .. وظهر هتاف الحركة: ( كل القوة .. الخرطوم جوة ) . تدرك حركة العدل والمساواة أن (حروب الاستنزاف) التي تقودها الحركات المسلحة في الهامش (في جنوب السودان وجبال النوبة والانقسنا وأخيرا دارفور) .. هي التي تغير النظام في الخرطوم.. ولكن ليس لصالح المهمشين وانما لصالح الجلابة .. كيف؟ حروب الاستنزاف التي تقودها الحركات المسلحة في الهامش بكلفتها الاقتصادية الكبيرة التي نسميها (فاتورة الحرب) تحرك الشرائح الضعيفة من ذوي الدخل المحدود.. في عطبرة والخرطوم في شكل مظاهرات احتجاجية ضد غلاء المعيشة.. وينحاز الجيش في الخرطوم للشارع ويستولي على السلطة لصالح الانتفاضة .. لتبدأ مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات ديمقراطية.. ولكن التجربة اثبتت أن مثل هذه الانتفاضة (وإن كانت من صناعة التمرد) ولكنها تسرق لصالح احزاب الجلابة ولجيش الجلابة الذي ينحاز لثوار الانتفاضة كما حدث في اكتوبر ١٩٦٤ وأبريل ١٩٨٥ .. لذلك اقتنعت حركة العدل والمساواة بقيادة د خليل أبراهيم بأن الطريق الوحيد لانتزاع السلطة من (الجلابة في الخرطوم) هو طريق نقل المعركة للخرطوم وإجبار السلطة الحاكمة في الخرطوم على الفرار (كما كان يحدث في انجمينا / تشاد مثلا ) و أيلولة السلطة للمتمردين الفاتحين. وقد نجحت حركة العدل والمساواة بنسبة 90٪ من تحقيق هذا الهدف في العاشر من مايو عام ٢٠٠٨ من خلال عملية الذراع الطويل حيث نجحت حركة العدل والمساواة (منفردة) فى دخول الخرطوم نهارا جهارا.. وكادت أن تسقط نظام الإنقاذ.. وبذلك شكلت اكبر مهدد وجودي لنظام الإنقاذ.
وفي عام ٢٠١٤ زحفت حركات المقاومة المسلحة متحدة في (الجبهة الثورية) زحفت في اتجاه الخرطوم ووصلت حتى أم روابة وتندلتي على بعد 200 كيلو فقط عن العاصمة الخرطوم.. وقد تسببت مقاومة الجبهة الثورية لنظام الإنقاذ في خلق ضائقة معيشية في السودان عموماً وتسببت في خلق ثورة جياع انطلقت من الدمازين وعطبرة ومدني واخيرا الخرطوم وانتجت ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة. وهكذا فإن حركات التمرد في الجنوب هي صنعت ثورة أكتوبر المجيدة ١٩٦٤ .. وهي نفسها التي صنعت انتفاضة ابريل ١٩٨٦ .. ولكن واجهات دولة الجلابة من احزاب ونقابات (لمجرد وجودها في الخرطوم) تنسب الثورة لنفسها. وفي الفصل العاشر القادم بحول الله سوف نرى كيف استطاع تمرد الدعم السريع من (حسم اللعبة) من داخل الخرطوم والاستيلاء على رموز السلطة بدءا بهيئة العمليات ثم القيادة العامة للجيش السوداني.. والاستيلاء عنوة على مدرعات الشجرة واستلام ولايتي الخرطوم والجزيرة.. فأدرك العالم فقدان المجموعة الأمنية (البرهان وكباشي والعطا ) السيطرة على الدولة السودانية.. وصار الدعم السريع الجيش المسيطر حقيقة على الدولة السودانية.
ابوبكر القاضي
نيوبورت / ويلز / UK
٣/ مايو/ ٢٠٢٤
aboubakrelgadi@hotmail.com