جدل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب

 


 

محمد بدوي
16 October, 2019

 

 

1))
المراقب للحالة السودانية بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني يقف على  تصريحات سياسية  في كلا فترتي  سيطرة المجلس العسكري الانتقالي او بعد تولي الدكتور عبدالله ادم حمدوك رئاسة الوزراء انصبت حول  التواصل مع الادارة الامريكية بغرض رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ، في تقديري أن  الوقت مبكر للحديث حول الامر  لانه ليس رهين  بسقوط السلطة السابقة  فقط بل باستقرار السلطة الراهنة " حكومة الفترة الانتقالية " و اتخاذ خطوات عملية في الاصلاح السياسي لكي يساهم الامر في دفع الامر الي اتخاذ قرار مسبب من قبل الادارة الامريكية ، كما يجدر ان نستصحب ان ذلك يمر عبر نوافذ  سياسة علي قائمتها المصالح في ظل السباق الدولي المحموم بين الولايات المتحدة و روسيا و لا سيما ان الاخيرة كانت علي علاقة  مناصرة سياسية مع النظام السابق بالاضافة الي علاقة اقتصادية احداثياتها الرغبة في الاستفادة من الموارد الجدية و لا سيما الذهب .

2))
لا تثريب بأن  وجود اسم السودان في تلك القائمة يضاعف من تقليل فرص إصلاح الاقتصاد الوطني كاعفاء الديون و التسهيل لقروض أو حتى فتح الفرص في السوق العالمية  ، يمتد التأثير إلى تأجيل أو تأخير  إعادة تأهيل البنيات الاقتصادية  المفترض مساهمتها في الحل للراهن أو  التاسيس لمستقبل اقتصادي ، الامر الذي يجعل التعجيل بالوفاء بالشروط التي تساهم في فك وثاق الدولة بعيدا بنية محمولات الاصولية و الارهاب أمر يجدر التعامل مع بالتخطيط  ووضع جدول زمني لإنجاز المتطلبات علي المستوي الوطني الذي بالضرورة سينعكس في الوفاء بالالتزامات الدولية  مع ضرورة استصحاب ان الخروج من تلك القائمة ذات فوائد اخرى اهمها ان تفتح الطريق لتعزيز مبدأ السيادة الوطنية في سياق علاقات الدولة السودانية جنبا إلى جنب مع جهود الاصلاح الرامية لتعزيز ( راجح) لمدنية الدولة وتتمثل هذه الواجبات في عدة نقاط اوجزها في  الجدية في استكمال السلطات بالدولة أمر في غاية الاهمية لان باكتمالها يمكن الحديث عن خطة استراتيجية للفترة الانتقالية ،مما يقود الي مرحلة التنفيذ ومراقبته ،  النظر الي رفع اسم السودان من زوايا متعددة وليست اقتصادية تمكن من رؤية الصورة الكلية بما فيها انعكاس ذلك في حالة الاستقرار السياسي في الراهن  لما بعد الفترة الانتقالية " مرحلة الانتخابات "   .

3))
 من العسير في هذا الحيز الاشارة الى  سجل  متكامل لمتطلبات الإصلاح مطلوبات على المستوى الوطني لذا  ساكتفي بتناول  البنية المرتبطة بالتطرف و تفكيكها و التي تتمثل على سبيل المثال لا الحصر  إعادة النظر مراجعة تكوين والتبعية السياسية واهداف وأنشطة  الاجسام الدينية التي يمكن تصنيفها روافد للإسلام السياسي والتطرف  سواء عبر مناهجها وأنشطتها و أنشطة  فاعليها منها   هيئة علماء السودان فقط اكتفي بدورها في نعي بن لادن عبر موقعها الالكتروني او  معارضتها لوفاء السودان بأحد التزاماته الدولية مثل المصادقة على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة سيداو هذا إلى جانب سجل آخر تناولناه في مقالنا السابق " هيئة علماء السودان الدور الديني والولاء السياسي "، ثانيا مجمع الفقه الإسلامي الذي في آخر تصريحات  لرئيسة الدكتور عبدالحي يوسف أعاد التذكير بأن حرية التدين لا تزال على المحك  عبر اتهامه وزيرة الشباب والرياضة الاستاذة ولاء البوشي بالردة  الامر الذي يدفع الي تعقيدات المشهد الي مسرح  اصولي من جانب و دولة بها قوانيين من نصوصها جريمة الردة .

4))
مراجعة التعليم الديني و مراكزه  التي تمثل أحد  روافد التطرف مثل معهد السديرة بالخرطوم بحري الذي التحق بعض  طلابه بالتنظيمات الارهابية بكل من مالي و ليبيا ، و علي ذات النسق المراكز التعليمية التي ظلت تعزز من التعبئة علي التطرف مثل جامعة افريقيا العالمية فلا نحتاج إلى تذكير باستبعاد  السلطات السودانية  الطالب النيجيري، أمينو صادق أوغوشي، في نوفمبر من العام ا 2014 م، على خلفية اتهامه بالاعتداء الذي نفذته مجموعة (بوكو حرام) وأسفر عن مقتل ” 74 ” شخصاً بمدينة أبوجا النيجيرية بل ان هنالك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة ماهي  الاسباب وراء مشاركات واسعة لطلاب الجامعات السودانية بشكل واسع النطاق بالتنظيمات المتطرفة بكل من ليبيا ، العراق ، سوريا و مالي ؟  ،في تصريح لوزير الداخلية السوداني السابق محمد بشارة دوسة  إلي أن أعداد المنضمين إلي داعش بسوريا وليبيا بلغ (70) و معظمهم من طلاب وخريجي كليات علمية و أن إثنين منهما فقط عادا إلي السودان ، . غير أن تقرير  سابق لما ذهب إليه وزير الداخلية أشار إلي أن عدد الملتحقين  من السودانيين بتنظيم الدولة الاسلامية (داعش)  في كل من العراق و ليبيا 100 شخص      في يناير 2016 أشار تقرير للمركز الليبي لدراسات الإرهاب أن عدد السودانيين الملتحقين بداعش بلغ 455 شخص  ، 
استمرار لسلسة الاسباب يثور سؤال مرتبط لما توقفت تلك المشاركات  في العام 2017 مع بداية التفاوض مع الإدارة الأمريكية برفع العقوبات الاقتصادية ؟  أليس ذلك يجعل الإجابة والتقصي اكثر الحاحا لارتباطها بأن هنالك جهات  تدير العلاقة المجموعات و التنظيمات بل انها ربما في فترة خمول قد تتجدد.

5))
بالتزامن مع موكب الشهداء أصدر الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري انذاك تصريحا بان هنالك جهات تتربص بقوات الدعم السريع ، لاحقا في أكتوبر 2019 تكرر ذات الاتهام الى ان هنالك جهات تنتهك حالة حقوق الإنسان بدارفور و تلقي المسؤولية على قوات الدعم السريع ايضا ، كلا التصريحين أشار إلى وجود طرف ثالث ؟ عدم الكشف عنها يعني ان هنالك مجموعات خارج سيطرة الدولة يمكن تصنيفها في خانة المليشيات ، من جانب آخر عجز السلطة الراهنة من صيانة حالة الأمن في كلا الحالتين تعني هشاشة الوضع الامني و تضعه تحت التهديد كما ان اثرها من " الممكن او المحتمل " ان يمتد لتهديد الامن الاقليمي ولا سيما ان السودان علي حدود تشهد نزاعات مسلحة و اخري تعاني  عدم الاستقرار السياسي و الامني معا .


6))
في الفترة من 1989 الى 2019  كونت  السلطة السابقة عددا كبيرا من المليشيات الحزبية التي ارتبطت بالتطرف الديني ما يشير الي  ذلك بداهة تتمثل في الصبغة الدينية للحرب الاهلية في مواجهة الحركة الشعبية آنذاك  ، استضافة قادة الجماعات المتطرفة بالعاصمة الخرطوم من بن لادن الي كارلوس ...الخ  ، العلاقة مع حماس التي عززتها  الغارات التي استهدفت أشخاص وقوافل السلاح بشرق السودان ، استضافة المجموعات الاسلامية المعارضة من دول الجوار سواء اريتريا او مصر هذا السجل يمثل الرابط التاريخي للعلاقة الامر الذي يتطلب استراتجية واضحة تشير الي المعالجات السابقة والمطلوب الان  مرورا بحادثة خلية الدندر  و مصير وراهن المجموعة الشبابية التي ارتبطت به ، و ماهي المناهج الفكرية التي اعتمدت عليها السلطة في راجعة افكارهم حسبما اعلنت عن ذلك في وقت سابق ؟

7))
علي المستوي الدولي و  الاقليمي هنالك التزامات مرتبطة بدول اخري لا تزال قيد الانتظار فالسودان ضامن لاتفاق الفرقاء الجنوب سودانيين وكان من المخطط أن يمضي التنفيذ في مايو 2019 لكن ظروف عدم الاستقرار لم تساهم في المضي في ذلك الالتزام و لا زال الامر قائما ، استقرار جنوب السودان أحد الشروط المهمة للإدارة الامريكية لسبب بسيط أنها ترغب في التعامل مع السودان و جنوب السودان بذات المنهج و السياسيات و بادارة واحدة ، كما انها تعلم أدركت بعد 28 عاما أي منذ ( 1989-2017) بأنها في الاستفادة من موقع السودان الجغرافي و موارده  المتنوعة  التي تشكل بنية اساسية واحتياطية وهي ميزة تعوزها اقتصاديات دول أخرى ذات الموارد الفردية القابلة للنفاذ

(8)
اخيراً  من الناحية الدولية هنالك  بعض التعقيدات دفع بها النظام السابق في تعامله مع ملف رفع العقوبات الاقتصادية  منها الموافقة  لشرط قطع العلاقة مع  مع كوريا الشمالية  ، ثم المراوغة بعد  بعد رفع العقوبات  الامر الذي يتطلب من حصافة سياسية للابتعاد عن ( تركة النظام السابق  )  السالبة و التي شكلت نمط اصبحت الادارة الامريكية تتعامل به كمفاتيح في الحالة السودانية .


badawi0050@gmail.com

 

آراء