حرب التناقضات

 


 

جعفر فضل
8 May, 2023

 

gafargadoura@hotmail.com

ما كنت اود آن اتطرق للحرب اللعينة التي تدور فوق رؤوس اهلنا المغلوب علي امرهم . فقد عبرت عن رأي بعد أربعة ايام من نشوء الحرب علي الفيس مطالبا بعدم الاصطفاف و مناشدا الجميع للعمل علي وقفها وفك الاسر القسري للمدنيين .
الحرب التي وصفها قائد الجيش بالعبثية و قال عنها قائد الدعم السريع انها حرب ليس فيها منتصر اي ان الكل خسران . و قد صدق كليهما فيما ذهبا اليه . الا انه من الوضح ان لا احد منهما يملك الارادة لوقف هذا العبث والخسران !. حتي الهدنة التي يوافق عليها الطرفان لم يلتزما بها و لم تصمد لسويعات . تناقض يثير الدهشة ويوحي بعدم امتلاك الرجلين قرار ايقافها و ربما كان قرار اشعالها .
هذا التناقض امتد لكثير من الاطياف السياسية و الصحفية وحتي في نقاشات الصوالين .
ما ان نطلع علي بيان احد الاطراف حتي ياتيك نقيضه من الطرف الاخر ، الحقيقة غائبة ، لم يقتصر الامر علي- افة الاخبار رواتها - التناقض و التغبيش متوفر وبكثرة عند ما يعرفون بالخبراء الاستراتيجيين و المحللين الذين يزحمون شاشات التلفزيونات .
مثلا في التوصيف ، فعندما توصف الدعم السريع بانه متمرد ، تكون قد سلمت جدلا ان فصيل من الجيش تمردعلي قيادته ، و من هنا يجب معاقبته اما اداريا او بالردع ، اما ان تضيف اليه صفة مليشيا عائلية و اجانب ،وعملاء الخ من الصفات اظنه تناقض .
كثير من هولاء ينتصبون امام شاشات التلفزيون و يحاولون اقناعنا بان الحرب سببها الاتفاق الاطاري و يبدا الردحي في قحت و الاحزاب الصغيرة (ما عارف المعيار شنو لصغر الحزب ! ) و كلنا يعلم ان طرفي الصراع كانا قد توافقا و تواضعا علي الاطاري و مهرا توقيعيهما علي بنوده . فلا يستقيم عقلا ان يتقاتلا علي عهد تواثقا عليه ؟! حتي اثناء اشتعال الحرب فان القائد و الناطق الرسمي للجيش اكدا التزامهما بالعملية السياسية . اما قائد الدعم السريع ما فتأ يزعم بانه الداعم القوي للاتفاق .
هولاء الخبراء يعيبون علي الاطاري انه جعل تبعية الدعم السريع و القوات المسلحة بعد الدمج (للقائد الاعلي للقوات المسلحة ) وهو رأس الدولة في الدولة المدنية . وده شي طبيعي . المفارقة ان هذا الوضع كان سائدا و فقال قانون الدعم السريع الذي اجازه برلمان الانقاذ بالاجماع عام 2017 . و تم الغاء اهم بنوده الذي اسقط خضوعهم لاحكام القوات المسلحة بمرسوم من البرهان نفسه عام 2019 ! وقتها لم يعترض هولاء علي قرار البرهان و لم يعترضوا عندما كانت تبعيتها للبشير (رأس الدولة)! علاما الاعتراض الان !
في فبراير الماضي ذكر البرهان في تصريح مبثوث علي القنوات الرسمية انه وافق علي الاطاري لانه يدمج قوات الدعم السريع داخل الجيش . وهو نفسه الذي اصدر قراره عام 2019 بعدم خضوعها لاحكام الجيش .!

في اعتقادي علينا وعلي هولاء الخبراء و المحللين ان نحكم صوت العقل و ان نصطف بقوة لايقاف الحرب التي لاتبقي و لا تذر . الناس اتشردوا و اصابهم الخوف و الجوع و المرض ، عدد الشهداء اكثر من خمسمائة ، الجثث تتحلل في الشوارع ، طالب الهندسة ظل جثمانه اربعة ايام دون ان يستر الي ان بدا يتحلل حتي وافقت إدارة الجامعة علي دفنه داخل الكلية دون ان يشيعه او يراه اهله ، قبل يومين دفنت ارملة الشاعر الكبير الفيتوري داخل مدرسة لتعثر تشيعها الي المقابر ، و كثير من المآسي تحكي ، الاطفال و النساء نشاهدهم بملابس نومهم و هم يخرجونهم من تحت انقاض منازلهم التي دمرت فوق رؤوسهم و قصص لا تحصي عن اهوال الحرب ، البنية التحتية تنهار . الذين يعيشون علي قوت اليوم باليوم و الموظفين الذين ينتظرون اخر الشهر ما عاد لديهم ما يسد رمقهم و يطعم اطفالهم من جوع .
للاسف مازل بيننا من ينفخ في نار الفتنة و يخون البعض لانه لم يقف في صف الجيش او ضد الجيش !! دعونا الان نقف في صف واحد لاسكات البندقية و حقن الدماء و بعدها لكل حادثة حديث . حفظ الله البلاد و العباد

gafargadoura@hotmail.com

 

آراء