حرب الكَفَّرة الفَجَّرة !

 


 

 

مناظير الجمعة 30 اغسطس، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com

* لا ادري لماذا يعتقد قادة الجيش والدعم السريع ان هنالك من يصدق اكاذيبهم المفضوحة عن إلتزامهم بالقانون الدولي الانساني وميثاق حقوق الانسان واتفاقيات جنيف في التعامل مع المدنيين في مناطق القتال أو المناطق التي يسيطرون عليها، فيصرون على ترديدها كل يوم وكأن الذين يستمعون إليهم بما فيهم المجتمع الدولي أغبياء لا يعرفون ولا يرون ولا يسمعون شيئا، بل إن قائد الجيش ظل يصم آذاننا كلما لاحت بادرة للمفاوضات وانقاذ الناس من ويلات الحرب بضرورة إلتزام قوات الدعم السريع باعلان جدة كشرط للتفاوض معها، بينما ينتهك الطرفان كل يوم وفي وضح النهار القانون الدولي الإنساني وميثاق حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف التي تمنع انتهاك حقوق المدنيين بكافة أشكالها وتعتبر المساس بها جريمة حرب (لا تسقط بالتقادم)،

* كما أن اعلان جده تأسس على هذه المواثيق ونص على اولويتها عليه بما يعني أن المساس بها يقوض الاعلان من أساسه، إلا أن الطرفين ظلا يتلاعبان ويعبثان بارواح المدنيين وأمنهم وممتلكاتهم ويظنان انهما في مأمن من العقاب، لدرجة تصوير جرائمهما ضد المدنيين والمحتجزين وبثها على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاخر بارتكابها، ليس ذلك فقط بل اعتبار المدنيين الأبرياء في المناطق التي يسيطر عليها الطرف الآخر أهدافا مشروعة، والتعامل معهم بكل اشكال القوة المتاحة بدون وازع من دين او أخلاق أو قانون، الأمر الذي جعل عدد الضحايا من المدنيين الابرياء، وجلهم من الأطفال والنساء والعجزة يصل حتى الآن الى ما يزيد عن 60 الف قتيل (حسب الأرقام الرسمية) ــ وأكثر من 100 ألف قتيل (حسب الأرقام غير الرسمية) ومئات الآلاف من المصابين والجرحى، عدا ملايين المشردين والنازحين واللاجئين، وكل هذه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية في إنتظار القصاص من مرتكبيها، وحتما سيأتي يوم القصاص !

* إستيقظ فجر أمس (29 أغسطس) مواطنو الريف الشمالي لمدينة بحري على وقع مجزرة بشعة نفذتها المسيرات التابعة للجيش السوداني بسوق الجيلي الكبير (محطة قطار الجيلي)، راح ضحيتها (12) مواطنا وعشرات الجرحى، رغم أن المنطقة التي هوجمت خالية من قوات الدعم السريع، حسب بيان صادر من اعلام لجان أحياء بحري.

* وكانت تلك هى المرة الثانية في أقل من اسبوعين التي تُستهدف فيها منطقة الجيلي بالقصف الجوي، حيث تعرضت منطقة الفزاراب شمال شرق مدينة الجيلي في 17 أغسطس، 2024 لقصف طيران الجيش راح ضحيته عشر مواطنين، واصيب ثلاثة عشر، ثلاثة منهم في حالة خطيرة، وجاء في بيان للجان أحياء بحري أن المنطقتين التي إستهدفتا في المرتين هما منطقتا تسوق شعبيتان بعيدتان عن أى اهداف عسكرية، وتساءل البيان لماذا يُستهدف المواطنون الأبرياء، وما هو سبب معاملة المدنيين الموجودين في مناطق سيطرة الطرف الآخر على أنهم أعداء ؟!

* كما استهدف الطيران الحربي للجيش وفي يوم الثلاثاء الماضي (27 أغسطس) مستشفى الضعين (لاحظ مستشفى) مما ادى لمقتل 18 شخصا بينهم ستة من موظفي المستشفى واصابة 21 معظمهم من النساء، وهى المرة الثانية أيضا التي تُستهدف فيها منطقة الضعين بعدة طلعات جوية في أقل من ثلاثة أيام، ادت لمقتل واصابة العشرات!

* ولم تُقِّصر قوات الدعم السريع كعادتها في استهداف المدنيين وقصفت بالمدافع مدينة سنار وقتلت ما يزيد عن اربعين مواطنا، وإصابة العشرات، فضلا عن طرد المواطنين من أحيائهم ومنازلهم ومواصلة عمليات النهب والسرقة تحت تهديد السلاح ، ولقد صارت هذه الجرائم البشعة ممارسة يومية عادية ضد المواطنين الابرياء الذين فقدوا ارواحهم وحياتهم واملاكهم ومستقبلهم في حرب قذرة بين طرفين لا دين ولا اخلاق ولا وطنية لهما !

* أين اعلان جده الذي إلتزمتم فيه أيها المجرمون بعدم التعرض للمدنيين والإلتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف التي تمنع إستهداف المدنيين وتعريض حياتهم وممتلكاتهم للخطر، أم أن الاعلان مجرد ذر للرماد في العيون لممارسة قتل المواطنين وترويعهم وتجويعهم وتشريدهم وتمريغ كرامتهم في الطين، وتدمير السودان من اجل السلطة والمال؟!

* إنها ليست حربا قذرة فقط .. ولكنها حرب الكَفَّرة الفَجَّرة !

 

آراء