حزب القوات المسلحة !!

 


 

 

(1)
الطرفة التي يذكرها الكثيرون حول التاريخ الأوروبي بمنهج المرحلة الثانوية السودانية؛ عن الطالب الذي سئل في الامتحان عن سياسة بسمارك الخارجية ( المستشار الألماني الروسي الأصل اوتو فون بسمارك) أو المستشار الحديدي.
و لأن الطالب لم يكن يعرف شيئاً عن سياسة بسمارك الخارجية ( لإهماله) فلجأ الي حيلة ظنها مخرجاً عندما كتب عن السياسة الداخلية للمستشار الألماني قائلا: " بما ان السياسة الخارجية تنطلق من السياسات الداخلية فمن الأفضل ان نتحدث عن سياسة بسمارك الداخلية".
و هي الطريقة التي ينتهجها جيشنا الوطني منذ إستقلال البلاد حتى تاريخ يومنا هذا.
اي ان الجيش آثر على التصدي للمارقين، المرجفين ، الفوضويين و المعارضين بشقيه( المدني السلمي و المسلح المقاتل ) في الداخل اولا ثم التفرغ لحماية البلاد و ربما( من تبقى من العباد) من اي غزو أو اعتداء خارجي ( إن وجد للأخير الوقت و الحماس المناسبين ).

(2)
بذلك الفهم العبقري كان قائد سلاح المدفعية بعطبرة اللواء أنذاك( و نائب رئيس هيئة الاركان -تدريب الحالي) عبدالمحمود حماد حسين يتواعد المتظاهرين السلميين بالويل و الثبور و يصفهم بأقذع المفردات وهو يقف على بعد كيلومترات من حلايب و شلاتين المحتلتين من قبل ساكن قصر الإتحادية و الذي يحج إليه قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان من حين الي آخر لأخذ أحدث الوصفات في إنهاك المدنيين السودانيين.

في أكثر من مناسبة تساءلت عن مصير ملايين الأطنان من الاسلحة التي اشتراها أو صنعها جيشنا خلال العقود السبع الماضية و خاصة أننا لم ندخل في اي حرب أقليمية أو دولية لحماية أراضي بلادنا أو مصالحها العليا ( على التوالي). ببساطة إستخدمت من قبل قوات شعبنا المسلحة في تقطيع أوصال الأطفال و النساء و الشيوخ و العجزة السودانيين.

(3)
مع بزوغ فجر ديسمبر ؛ غفر شعبنا موبقات أبنائه في القوات المسلحة أملاً في غد أفضل.
لكن (عادت حليمة لعادتها القديمة) عندما تهور قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بإنقلاب 25 أكتوبر المشؤوم.

ان يحتفظ السارق بالمسروق لأكثر من 55 سنة ؛ ذلك الإحتفاظ يعطيه الإنطباع بأن المسروق أصبح ملكاً له (بالتقادم).
هو ما يفسر تصريحات قادة الجيش في هذه الأيام.
الذي ظل غائباً عن قادة الجيش الوطني من الذين في دمائهم ( جينات إنقلابية) ان الدولة المدنية التي ظل الناس ينادون بها و يقدمون أرواحهم في سبيلها؛ منظومة متكاملة و الجيش الوطني و المؤسسة العسكرية أساس تلك المنظومة وفقاً للمهام الدستورية و ليست بالمغامرات الانقلابية.

(4)
برأيي المتواضع فإن أكثر الناس معرفة بنوايا قائد الجيش هو نائبه في انقلاب 25 أكتوبر و قائد قوات الدعم السريع.

الفريق أول محمد حمدان دقلو أكثر الناس إدراكاً لحجم جوع السلطة الذي يشعر به الاخ عبدالفتاح البرهان - ببساطة لأنهما تعشيا مع بعض.
مر حوالي عام على خيانة 25 أكتوبر و قائد الجيش مازال يبحث عن من يتبنى لقيط تهوره و لم يجد.
برغم ان اللعبة قد شارفت نهايتها إلا انه لا أمان مع السيد عبدالفتاح البرهان.
غدا سيطل براسه من حيث لا يتوقعه أحد .

للقوات المسلحة السودانية خبرة تراكمية في الحكم قاربت ست عقود من الزمان و هي فرصة لم تتسنى لغيرها. و تدير أكثر من نصف إقتصاد البلاد خارج المنظومة الإقتصادية للدولة و التي تحت ولاية وزارة المالية ( اليتيمة).
كما لديها صحيفة سياسية ناطقة بإسمها؛ يرأسها أمهر رئيس تحرير وهو ( النابغة و الناشط السياسي ) و العقيد ابراهيم الحوري.
لذا ندعوها و بكل طيب الخاطر ان تسجل حزب القوات المسلحة عند مسجل التنظيمات السياسية.
بذلك نحتكم مع الجيش الي صناديق الاقتراع بديلا لسماع بيان سرقة سلطة الشعب عبر المذياع !!.

 

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء