خطأ الدعم السريع الاستراتيجي
أبوذر بابكر
26 April, 2024
26 April, 2024
أبوذر بابكر
abuzar_mohd5@hotmail.com
وجهة نظر –
الاستراتيجية، حسب التعريف الموسوعي المتوفر، وفي معناه المبسط، هي الخطة الشاملة للوصول الى الهدف النهائي، في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي وربما مرحلى. تكون الإستراتيجية طويلة وبطيئة وبعيدة المدى، بينما التكتيك هو ردة فعل ويكون قصير المدى، وتوضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية يوكون التكتيك لنتائج حالية راهنة، والإستراتيجية تقوم على التخطيط والتفكير المنطقي، ويقوم التكيك ويعول أكثر على الفعل والخلق الآني.
يعي ويدرك كل أهل السودان أنه ومنذ اللحظة الأولى لإزاحة حكم الإنقاذ بشكله ووضعه الذي كان قائما عليه، أن الواقع العسكري بمشهده المنظور أمام الناس، كان يتألف من جسمين اثنين لا ثالث لهما، وهما القوات المسلحة وما يتبعها من أجسام عسكرية، وقوات الدعم السريع.
اشترك الجسمان في تسيد وإدارة الشأن العسكري في البلاد بكل تفاصيله، اضافة للإمساك بمفاصل الشأن والفعل السياسي بشكل كامل، مع ما عرفه الناس وما لم يعرفوه عما كان يدور بينهما في الخفاء وداخل الغرف المغلقة من تسويات وتوافقات لتقاسم كعكة نظام الإنقاذ، لكن ما هو مفروغ عنه ولا تتناطح فيه عنزتان كما يقال، هو أنه ومنذ اللحظة الأولى لم تكن هناك نية البتة في التخلي عن الحكم والسلطة لأي جهة كانت، وأن كل ما جرى وما يجري من مناورات ما هو إلا تلاعب بالعقول وخداع للناس أولا ولمن كانوا يسمون بالشركاء ثانيا، نعم، لم تكن وحتما لن تكون هناك نية للتخلي عن الحكم، بغض النظر عن صيغة الشراكة أو كيفية إعمال ذلك وتجسيده وتحقيقه على أرض الواقع بين الجسمين الشريكين، ومع تداعي الأحداث وتطور مجريات الشأن والواقع، حدثت تطورات وتغيرات عديدة في ولدى كل منهما، تشعبت الإرتباطات والتداخلات داخليا وخارجيا ومعها تغيرت وتطورت الطموحات والأحلام وترسخت قناعات لدى كل طرف بأنه يمكن له الاستفراد بالحكم، وأن يصبح قائد كل فريق منهما زعيما أو رئيسا أو ربما ملكا، ولم لا، للسودان.
ولسان حال كل منهما يقول (يعني البشير أو النميري احسن مننا في شنو ؟) بناء عليه، تقاطعت المصالح والمكاسب والفوائد، وهي بيت القصيد في كل ما حصل وما سيحصل لاحقا، وتشعبت وتفرقت الدروب بينهما، مع تخندق كل طرف وتمترسه بكل ما هو متاح له من دفوع داعمة يستقوي بها، سواء كانت حاضنات شعبية أو سياسية أو جهوية، وسواء كانت داخلية أو خارجية، واصبح اللقاء والاتفاق على حل مرض يلبي تلك الطموحات والأحلام التي استطالت ونمت وقويت، اصبح ذلك مستحيلا وايقن كل طرف أنه لابد من إزاحة الطرف الآخر وازالته تماما حتى يخلو لأي منهما الجو ليبيض ويصفر.
وهذا هو ما قاد الى الصدام الذي كان محتما في ظل تقاطع المصالح وتنافرها.
بدأ الصدام الذي لم يكن منه بد، بغض النظر عن تفاصيل بدايته وسؤال من الذي اشعل اولى الشرارات وكيف ومتى الخ.
بدأ الصدام ووقع ما كان متوقعا حدوثه، القوات المسلحة في جهة والدعم السريع في الجهة الأخرى.
وقبل بداية الصدام، وما سبقه من فترة كانت حبلى بكل التوجس والترقب، خصوصا بعد إنقلاب قائد الجيش على الشركاء المدنيين في الخامس والعشرين من اكتوبر، كان المشهد السياسي لكل من يراه من المراقبين أو من لدن عامة الناس، كان غالبية السودانيين، ما عدا فئة قليلة كانت مصالحها وتوجهاتها مرتبطة بقادة الجيش، كانت الغالبية تقف ضد قادة الجيش تحديدا لما قاموا به من انتهاكات معروفة ومبذولة، رغما عن شراكة قيادة الدعم السريع ومشاركتها الرسمية في جميع مفاصل اتخاذ القرار، والتي اصبحت بها شريكا اصيلا في كل ما جرى ويجري، ولكن، رغم ذلك كان الإحساس والشعور العام أن قادة الجيش هم الذين يعرقلون مسار التحول المنشود الذي قامت من اجله ثورة الشعب وضحى فيه الآلاف بحياتهم.
استصحابا لكل هذا، ومع بداية التقاتل بين الطرفين، لربما كان جل وكل الدعم الشعبي بكل انواعه سيكون موجها ومنصبا على قوات الدعم السريع ومؤيدا لها ضد قادة الجيش، ولكن اختارت قوات الدعم السريع، ولسبب أو اسباب يعلمونها، اختارت إستعداء المواطنين العاديين واتخاذهم عدوا مباشرا بكل ما تحمل العداوة من معنى، ومنذ اللحظات الأولى للقتال، اصبح المواطنون المدنيون العاديون اعداء مباشرين في نظر قوات الدعم السريع، مثلهم مثل الجيش، لماذا ؟ هذا ما لن يستطيع الإجابة عليه إلا قوات الدعم السريع.
لماذا اصبح المواطنون وحياتهم واملاكهم عدوا وهدفا مباشرا لقوات الدعم السريع؟ لماذا لم تقف قوات الدعم السريع، في الحد الأدنى، موقف الحياد تجاه المواطنين المدنيين العاديين ؟ الم يكن في وارد تفكير قوات الدعم السريع، ولو لبرهة، أن يقف في صفها ويدعمها هؤلاء المواطنين ؟ ما الذي خلق مثل هذه القناعة لدى الدعم السريع بأن كل الشعب ضدهم وأن الشعب مؤيد للجيش ويقف في صفه ؟
هل كانت تلك استراتيجية موضوعة مبيتة ومخطط لها بغية تحقيق أهداف يعلمها من خطط ودبر ؟ أم أن ما حدث ولا يزال يحدث هو مجرد تكيك اقتضته مجريات القتال بين الطرفين وما يتبعها من ظروف لوجستية، مكانا وزمانا ؟ في راي الشخصي، ارتكب الدعم السريع خطأ استراتيجيا قاتلا بإستعدائه لعامة المواطنين في العاصمة وغيرها من مدن وقرى البلاد، وهو الأمر الذي، حسب رأي الشخصي ايضا، لم يكن لديه داع ولا لزوم أو وجوب، الأمر الذي جعل من المواطنين، حتى اولئك الذين كانوا ضد قادة الجيش صراحة، جعلهم اعداء للدعم السريع ومناصرين للجيش، يقفون مع قيادة الجيش ويناصبون الدعم السريع صريح العداء، بل وقامت ونمت ثأرات واحقاد وكراهية لا يعلمها إلا الله فقد الدعم السريع دعما كان متاحا وفي ايديهم ولربما كان له تاثير عظيم في مجريات ما يحدث، بل ربما كان سيغير كل تاريخ السودان.
abuzar_mohd5@hotmail.com
وجهة نظر –
الاستراتيجية، حسب التعريف الموسوعي المتوفر، وفي معناه المبسط، هي الخطة الشاملة للوصول الى الهدف النهائي، في حين أن التكتيك هو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي وربما مرحلى. تكون الإستراتيجية طويلة وبطيئة وبعيدة المدى، بينما التكتيك هو ردة فعل ويكون قصير المدى، وتوضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية يوكون التكتيك لنتائج حالية راهنة، والإستراتيجية تقوم على التخطيط والتفكير المنطقي، ويقوم التكيك ويعول أكثر على الفعل والخلق الآني.
يعي ويدرك كل أهل السودان أنه ومنذ اللحظة الأولى لإزاحة حكم الإنقاذ بشكله ووضعه الذي كان قائما عليه، أن الواقع العسكري بمشهده المنظور أمام الناس، كان يتألف من جسمين اثنين لا ثالث لهما، وهما القوات المسلحة وما يتبعها من أجسام عسكرية، وقوات الدعم السريع.
اشترك الجسمان في تسيد وإدارة الشأن العسكري في البلاد بكل تفاصيله، اضافة للإمساك بمفاصل الشأن والفعل السياسي بشكل كامل، مع ما عرفه الناس وما لم يعرفوه عما كان يدور بينهما في الخفاء وداخل الغرف المغلقة من تسويات وتوافقات لتقاسم كعكة نظام الإنقاذ، لكن ما هو مفروغ عنه ولا تتناطح فيه عنزتان كما يقال، هو أنه ومنذ اللحظة الأولى لم تكن هناك نية البتة في التخلي عن الحكم والسلطة لأي جهة كانت، وأن كل ما جرى وما يجري من مناورات ما هو إلا تلاعب بالعقول وخداع للناس أولا ولمن كانوا يسمون بالشركاء ثانيا، نعم، لم تكن وحتما لن تكون هناك نية للتخلي عن الحكم، بغض النظر عن صيغة الشراكة أو كيفية إعمال ذلك وتجسيده وتحقيقه على أرض الواقع بين الجسمين الشريكين، ومع تداعي الأحداث وتطور مجريات الشأن والواقع، حدثت تطورات وتغيرات عديدة في ولدى كل منهما، تشعبت الإرتباطات والتداخلات داخليا وخارجيا ومعها تغيرت وتطورت الطموحات والأحلام وترسخت قناعات لدى كل طرف بأنه يمكن له الاستفراد بالحكم، وأن يصبح قائد كل فريق منهما زعيما أو رئيسا أو ربما ملكا، ولم لا، للسودان.
ولسان حال كل منهما يقول (يعني البشير أو النميري احسن مننا في شنو ؟) بناء عليه، تقاطعت المصالح والمكاسب والفوائد، وهي بيت القصيد في كل ما حصل وما سيحصل لاحقا، وتشعبت وتفرقت الدروب بينهما، مع تخندق كل طرف وتمترسه بكل ما هو متاح له من دفوع داعمة يستقوي بها، سواء كانت حاضنات شعبية أو سياسية أو جهوية، وسواء كانت داخلية أو خارجية، واصبح اللقاء والاتفاق على حل مرض يلبي تلك الطموحات والأحلام التي استطالت ونمت وقويت، اصبح ذلك مستحيلا وايقن كل طرف أنه لابد من إزاحة الطرف الآخر وازالته تماما حتى يخلو لأي منهما الجو ليبيض ويصفر.
وهذا هو ما قاد الى الصدام الذي كان محتما في ظل تقاطع المصالح وتنافرها.
بدأ الصدام الذي لم يكن منه بد، بغض النظر عن تفاصيل بدايته وسؤال من الذي اشعل اولى الشرارات وكيف ومتى الخ.
بدأ الصدام ووقع ما كان متوقعا حدوثه، القوات المسلحة في جهة والدعم السريع في الجهة الأخرى.
وقبل بداية الصدام، وما سبقه من فترة كانت حبلى بكل التوجس والترقب، خصوصا بعد إنقلاب قائد الجيش على الشركاء المدنيين في الخامس والعشرين من اكتوبر، كان المشهد السياسي لكل من يراه من المراقبين أو من لدن عامة الناس، كان غالبية السودانيين، ما عدا فئة قليلة كانت مصالحها وتوجهاتها مرتبطة بقادة الجيش، كانت الغالبية تقف ضد قادة الجيش تحديدا لما قاموا به من انتهاكات معروفة ومبذولة، رغما عن شراكة قيادة الدعم السريع ومشاركتها الرسمية في جميع مفاصل اتخاذ القرار، والتي اصبحت بها شريكا اصيلا في كل ما جرى ويجري، ولكن، رغم ذلك كان الإحساس والشعور العام أن قادة الجيش هم الذين يعرقلون مسار التحول المنشود الذي قامت من اجله ثورة الشعب وضحى فيه الآلاف بحياتهم.
استصحابا لكل هذا، ومع بداية التقاتل بين الطرفين، لربما كان جل وكل الدعم الشعبي بكل انواعه سيكون موجها ومنصبا على قوات الدعم السريع ومؤيدا لها ضد قادة الجيش، ولكن اختارت قوات الدعم السريع، ولسبب أو اسباب يعلمونها، اختارت إستعداء المواطنين العاديين واتخاذهم عدوا مباشرا بكل ما تحمل العداوة من معنى، ومنذ اللحظات الأولى للقتال، اصبح المواطنون المدنيون العاديون اعداء مباشرين في نظر قوات الدعم السريع، مثلهم مثل الجيش، لماذا ؟ هذا ما لن يستطيع الإجابة عليه إلا قوات الدعم السريع.
لماذا اصبح المواطنون وحياتهم واملاكهم عدوا وهدفا مباشرا لقوات الدعم السريع؟ لماذا لم تقف قوات الدعم السريع، في الحد الأدنى، موقف الحياد تجاه المواطنين المدنيين العاديين ؟ الم يكن في وارد تفكير قوات الدعم السريع، ولو لبرهة، أن يقف في صفها ويدعمها هؤلاء المواطنين ؟ ما الذي خلق مثل هذه القناعة لدى الدعم السريع بأن كل الشعب ضدهم وأن الشعب مؤيد للجيش ويقف في صفه ؟
هل كانت تلك استراتيجية موضوعة مبيتة ومخطط لها بغية تحقيق أهداف يعلمها من خطط ودبر ؟ أم أن ما حدث ولا يزال يحدث هو مجرد تكيك اقتضته مجريات القتال بين الطرفين وما يتبعها من ظروف لوجستية، مكانا وزمانا ؟ في راي الشخصي، ارتكب الدعم السريع خطأ استراتيجيا قاتلا بإستعدائه لعامة المواطنين في العاصمة وغيرها من مدن وقرى البلاد، وهو الأمر الذي، حسب رأي الشخصي ايضا، لم يكن لديه داع ولا لزوم أو وجوب، الأمر الذي جعل من المواطنين، حتى اولئك الذين كانوا ضد قادة الجيش صراحة، جعلهم اعداء للدعم السريع ومناصرين للجيش، يقفون مع قيادة الجيش ويناصبون الدعم السريع صريح العداء، بل وقامت ونمت ثأرات واحقاد وكراهية لا يعلمها إلا الله فقد الدعم السريع دعما كان متاحا وفي ايديهم ولربما كان له تاثير عظيم في مجريات ما يحدث، بل ربما كان سيغير كل تاريخ السودان.