خطورة التحالفات السياسيّة على العمليّة الانتخابيّة ! … بقلم: محمّد خير عوض الله

 


 

 

mohkhair765@hotmail.com

 

شكوك كثيرة ، وحالة من "الابهام" يعاني منها  المراقبون وهم يكابدون لمعرفة اتجاهات الريح التي ستصاحب العمليّة الانتخابيّة التي بدأت بالفعل في البلاد .. فموت تحالف جوبا ، ثمّ ظهوره مجدداً ، وعدم توحده على مرشح الرئاسة ، وجوده على هذه الوضعيّة الغريبة ، يجعل من الاجابة على السؤال البديهي حول قيام التحالف أصلاً ، أمراً عسيراً ، فقد اجتهدت مكونات جوبا في خلق تحالف مبكر يقوم في أساسه على القضاء على حزب المؤتمر الوطني ، كما تحدثت أجواء الملتقى في وقتها ، وكما تسرب من الأوراق والترتيبات الداخليّة للتحالف .. ولكن المفاجيء ، أنّ التحالف الذي تحدّثت الأوساط على رصد ملايين الدولارات لإنشائه وتثبيته لم يثبت لأسابيع قليلة !! ورغم الحضور الإعلامي والسياسي الكثيف وقت انعقاده ، فإنّه سرعان ما تبخّر وتلاشى كما تتلاشى فقاعات الصابون !! فقد بادر المؤتمر الشعبي مبكراً في إعلان الأستاذ عبد الله دينق نيال مرشحاً للرئاسة دون أي تنسيق مع بقيّة مكونات تحالف جوبا كما يبدو، ومن بعد توالت مظاهر التفكك لهذا التحالف الهش ، بإعلان الإمام مرشحاً للرئاسة عن حزب الأمة وسكرتير الحزب الشيوعي مرشحاً للرئاسة وكذلك سمّت الحركة الشعبيّة مرشحها للرئاسة ، وهكذا يستغرب المرء لداعي هذا التحالف أصلاً ومسبباته وأهدافه ، وقد كانت الأهداف التي تسربت للرأي العام تنحصر بشكل أساسي في إضعاف وإنهاك حزب المؤتمر الوطني ، وهو هدف كما تلاحظ "حقير" لايرقى لمتطلبات المرحلة ولايرقى لمقتضيات النزاهة  بعدم التأثير على خيارات الفرز لدى الجماهير كما تنص قواعد العمليّة الديمقراطيّة التي طالما تغنوا بها وتباكوا عليها وذرفوا لأجلها دموع التماسيح وصكوا بها الآذان !! كيف يتحدثون عن النزاهة وهم يقيمون المتاريس أمام الفرز الطبيعي للأصوات ؟ كيف سيجد الشعب خياراته الطبيعيّة بائنة حين يشوش عليها بمثل هذا التحالف الجائر ؟ كيف يصوّت الناخب من حزب المؤتمر الشعبي لمرشح شيوعي وفق مقتضيات هذا التحالف ؟ كيف يصوّت الناخب من حزب الأمة لمرشح الحركة الشعبيّة كما يقتضيه هذا التحالف ؟ أليس من الأجدر بالنزيهين داخل هذه الأحزاب أن يتحركوا لإيقاف مثل هذا العبث بالمناخ الانتخابي وبالبيئة الانتخابيّة ؟ ألا تلاحظ بوضوح أنّ هذا التحالف يعمل بشكل سافر على تلويث البيئة الانتخابيّة ؟ حين توجّه الجماهير لتتنازل عن خياراتها وانتماءاتها وتصوّت لمرشح يتم تحديده لا لبرنامج حزبه ، ولا لتنفيذ مشاريع تنموية ، ولكن فقط (لإضعاف مرشح حزب المؤتمر الوطني) !!.. وحينما تعلن النتيجة نقول جميعاً "هذا خيار الشعب" والشعب بريء من هذا التكتيك القذر  الذي يلغي المقررات الفكريّة والتنمويّة وكل البرامج الحزبيّة المطروحة ، كلها تلغى وتوضع مكانها تكتيكات ومكايدات تضر بالوطن ولاتفيد أحداً غير هذه الحفنة من الفائزين !! الذين أتوا بفوز زائف مزيّف ، بتزوير إرادة الناخبين وتزوير خيارات الشعب عبر خديعة التحالف الكيدي البغيض  .. !! لماذا لايترك للشعب خياراته كافة دون أن يلفها أي ساتر ؟ إذا كان كل حزب يثق في جماهيره وفي أفكاره وكوادره ، فلماذا يلبس قناع التحالف الذي تضيع فيه هوياتهم جميعاً وتطمس فيه الأوزان وتزيف به الحقائق والنتائج الانتخابيّة ؟ سأكون أسعد الناس إذا اندمجت مكونات جوبا في حزب واحد ، فذلك من أغلى المطالب في إندماجات الأحزاب التي طالما احتاجتها الساحة ، لأنّ الاندماج يوفر للشعب الجهد والوقت وييسر له الفرز وهو يتعامل مع هذا الازدحام الكثيف من الأحزاب !! من أغلى الأمنيات السياسية أن تندمج الأحزاب السودانيّة لتصبح حزبين أو ثلاثة فقط .. وحينها يكون التنافس على خيارات وبرامج واضحة ، ومن ثمّ تكون النتائج أيضاً صادقة ، ولكن في حال إبقاء البرامج والمقررات الفكرية والسياسية على تباينها بين الأحزاب ، ويتم الالتقاء فقط في التكتيك القائم على الإقصاء ، فهذه تصبح خديعة كبرى ، وتصبح عمليّة تزوير كبيرة تتم بالقانون وتحت سمع وبصر الشعب والمراقبين ، لأنّ القوانين تتيحها بكل سهولة .. وعليه فالأفضل أن تقطع القوانين الطريق أمام هذا التزييف المتستر باسم "التحالفات" ليعرف الشيوعي وزنه والأمة والشعبي والوطني والحركة وسائر الأحزاب  ، لتكن الأحزاب كلها واقفة أمام كاميرات التصوير ، لنعرف ــ بوضوح ــ  العملاق من القزم .

 

آراء