دارفور: في السودان أم جواره؟ … د. بقلم: مجدي الجزولي
د. مجدي الجزولي
13 April, 2009
13 April, 2009
فينيق
نشر البروفسير ر. س. أوفاهي، أستاذ التاريخ الافريقي بجامعة برغن (النرويج) والمحاضر السابق بجامعة الخرطوم (1967 – 1970) كلمة في "منبر فلتشر"، دورية تصدرها جامعة تفتس (الولايات المتحدة)، بعنوان "هل لدارفور مستقبل في السودان؟"، ذلك في العام 2006، وهي كلمة تكاد تكون مثالية في طي السياسة تحت إبط "الهوية" وبأسها، منهج امتد واتسع خلال التسعينات ووجد أرضا مناسبة في الصراعات الافريقية، حيث الهوية، بحسب الزعم الاستعماري، جوهر لا شرخ فيه. وقد سبق وقرأنا لأوفاهي "الدولة والمجتمع في دارفور، 1980"، الكتاب الذي صدر بترجمة عربية عن مركز الدراسات السودانية عام 2002، وهو على خلاف الكلمة المذكورة تاريخ على منهج الوصف والتقصي الوثائقي. انتهى أوفاهي في "صدر" كلمته إلى أن مستقبل دارفور مع السودان وليس في السودان، سودان يحكم بطريقة مختلفة عن اليوم، وذلك على أساس حجتين رئيستين، الأولى أن لدارفور المسلمة تاريخ أقصر من الجنوب غير المسلم في كيان السودان المعاصر، إذ ظلت حتى العام 1847، تاريخ اجتياحها من قبل الزبير باشا وقواته، دولة مستقلة، ثم تدهورت إلى الفوضى حوالي 1874 حتى استقام الأمر للسلطان علي دينار عام 1898، ثم ضمها الاستعمار البريطاني إلى حوش السودان عام 1916 مزاحما الفرنسيين. هذا بينما تعود رابطة الجنوب مع السودان المعاصر إلى العام 1839، تاريخ شق منطقة السدود على النيل الأبيض. والحجة الثانية اختلاف الهوية الإثنية بين صفوة السودان الشمالي الاستعمارية (أولاد البحر) وأهل دارفور "الأفارقة" (أولاد البلد)، الأمر الذي لم يكترث له البريطانيون فضموا الجميع تحت لواء الإسلام العربي، مقارنة مع حكمة الاستعمار الفرنسي الذي انتبه إلى البون "الإثني" الفاصل بين إسلام افريقي واسلام عربي، ومن ثم جعل لكل شيعة بلدا، السنغال للمسلمين السود متحدثي الولوف وسواها، وموريتانيا للبيضان متحدثي العربية شديدي الاعتزاز بأصلهم العربي. أضاف أوفاهي إلى الحجتين السابقتين مسألة الرق، واقترح في كلمته أن 30% من قاطني دارفور في القرن التاسع عشر كانوا رقيقا، إما من غير المسلمين في الجنوب، أو شبه المسلمين في مناطق السودان الأخرى، نسبة قد تنطبق ايضا على شمال السودان وشرقه. في هذا السياق اختار أوفاهي شطر الحركة السياسية السودانية على نصل الهوية إلى تيارين، الأول يحمل وعيا بهوية افريقية ابتدرته جمعية اللواء الأبيض بقيادة على عبد اللطيف، ثم اتصل ضمن الحزب الشيوعي السوداني، وصب بصورة غير مباشرة في الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ والثاني متمترس في العروبة غذاه شعراء وأدباء "الفجر" و"النهضة" في الثلاثينات ثم برز سياسيا في الختمية والأنصار وحزبيهما. متروك للقارئ محاولة توطين تاريخنا السياسي في هذا الانقسام الأولي، في أي جانب من ستار الهوية هذا نضع أكتوبر وأبريل، وفي أي صف سنجد على الحاج، مهندس الحكم الاتحادي، أو أحمد هارون، وزير الشؤون الإنسانية، وأين بالله موقع والي شمال دارفور، السيد كبر، وكيف القياس مع الدكتور منصور خالد؟13/04/09