رسالة شعريّة .. ثرثرةٌ أنيسةٌ مع خاطِرِ “ماضِيَةٍ”

 


 

 

وجهُكِ الأسمرُ، بَصَفْدَتِهِ الصّديقَةِ، يُضاحِكُنِي الآنَ من وراءِ فَضَاءِ الغيابِ الطّويْلْ. أيا عُصْفُورةً ضاحكَةً بالإلفِ أينَ ابتِسَامُ الأماسي، الغناءُ الحميمُ واعْتِوَارَاتُ اشْتِبَاهِ الغَرَامِ بالقَلْبِ حيثُ العيُونُ القديمةُ مُضِيْئَةً نوراً قَمَرِيَّاً شاحِبَاً، حِكْمَةً مَشُوْبَةً بعذابِ القَدَاسَةِ المُوْجِعَةِ البَهَاءِ، بالدّنْدَنَةِ اللا مُنْتَهَى وارتِعاشِ الغَرَقِ في حضْنِ ارْتِعَابٍ عميقٍ هو الجَّمَالُ، هو هذه الزّهرةُ-الضَّحْكَةُ-الشَّفَتَانُ المُمْتَلئَتَانُ بخريفِ عينٍ (أو نومٍ!) مُصطَبِغٍ بلونِ الطُّمأنينَةِ، السَّكِيْنَةِ. هل كانتا- تلكُمَا الشّفتان- تُنادِيَانِي من طرفِ رغبَةٍ خَفِيٍّ أم أنّنِي- ببرزَخِيَّتِي الخالدة!- رأيْتُهما غَسَقَاً، ريحانَ نداءٍ مُمَوَّجِ الزُّرْقَةِ وظِلاً- كما رقائقِ دُخانِ حريقِ جِرُوفِ شواطئٍ نهريَّةٍ بعيدةٍ ومُهَوِّمَةٍ في الذّاكِرَةِ- يُشَوِّشُ عينَ النَّهَارِ الشَّهِيِّ الطَّرِيِّ بليلِ انبِهَامٍ عتيدٍ، تلابُسَ شوقٍ بريحِ ضياعٍ سُدىً بِجَسَدِ استحالَةِ ذوبِ التَّوَحُّدْ:- هذا الكلامُ إليكِ "مَلِيْكَةُ طَيْرِ"* الأغاني الضَّحُوكِ الهَسُوْسِ ونُورُ الشِّفَاقِ الوضيئةِ، سُمْرَةُ قَدَحِ الإلهِ القَدِيْمِ ولونُ خُمَيْرَةِ وَصْلٍ وطيفٍ لحُلُمٍ عَصِيٍّ، لرُوحٍ عَصِيٍّ على دمعِ التَّهَجُّدِ، عَصِيٍّ عَلَيَّ.

إبراهيم جعفر،
2 سبتمبر، 1999م.

هامش:-

* من ذاكرةِ أغنيةٍ محبوبةٍ لمن أُهدِيَتْ لها القصيدة:- "مَلِكْ الطّيور"؛ أغنية حقيبة من كلمات الشاعر السوداني عبد الرحمن الريّح. شُهِرَتْ حديثاً حين غنّاها المطرب السوداني الراحل أحمد الجّابري.

khalifa618@yahoo.co.uk

 

آراء