ضلال النخب .. والخطاب السياسي الأجوف
زهير عثمان حمد
13 October, 2022
13 October, 2022
حقيقة نختلف ونضل ونكون أكثر حدة وأغلظ في خطابنا و خصومتنا فاجرة مع بعضنا البعض ونذهب في صراعاتنا الى مدى غير انساني نتقاتل وندخل في حروب كثيرة وطويلة كل شيء فيها مباح من اغتيال الشخصية الى السباب ونرفع العصي والسيخ , ونضلل صغارنا بأن النضال ان تموت من أجل مبدأ وان تسود بخطابك الخشبي وقبيلتك وجهويتك ولا نعرف الوطنية المثلى التي جُبل عليها أسلافنا في الزمن السابق أو الآباء المؤسسين للدولة السودانية..
ولا ننتبه جميعا إلى حقيقة ثابتة اتفقت عليها كل الرؤى والاجتهادات البحثية، المتخصصة في متابعة المتغيرات والتطورات التي تطرأ على الدولة والشعب، خلال مراحل التحولات الاجتماعية والسياسية الكبيرة والحادة، التي نمر بمثلها الآن، خلال الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها السودان الآن وفي سعينا الجاد للنهوض وتغيير الواقع وإحداث نقلة نوعية إلى الأفضل, هذه الحقيقة تشير إلى أن هناك دورا فعالا ونشيطا للعامل النفسي لهذه المجتمعات وتلك الشعوب، يتأثر ويؤثر بالسلب أو الإيجاب في مسيرتها وسعيها لتحقيق ما تهدف إليه وتعمل للوصول له. من أجل ذلك تعمل هذه الدول والشعوب في مثل هذه الظروف التي نمر بها نحن الآن، على تنشيط وتقوية الجهاز المناعي للدولة، والتركيز على الأسباب والدوافع والأفكار الداعمة للمعنويات العامة للمواطنين، ورفع حالة الوعي الجمعي المقاوم لدعاوى الاحباط والشعور باليأس.
تلك قضية بالغة الأهمية لا بد من أن تكون واضحة في أذهاننا الآن، بأكبر قدر من الوضوح، خاصة أننا نمر بمرحلة حرجة من مراحل النهوض والنمو والتقدم، في إطار محاولتنا الجادة وسعينا الهادف لتجاوز الواقع الذي نحن فيه على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، إلى واقع جديد يلبي طموحات الشعب ويحقق آماله في الغد الأفضل.. ولكن نجد سؤالا هنا ما هو مشروع النهضة السوداني الذي نحن عليه نبدأ وفي ذلك لا بد من أن نعي ونثق بأن التحديات التي نواجهها، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، رغم ضخامتها وخطورتها، لن تكون أكبر من قدرة الشعب السوداني على الإطلاق، وأننا قادرون على التغلب عليها بالعمل والجهد الصادق والأمين، والإصرار على النجاح والثقة بالنفس. ولكن هذا يتطلب منا جميعا عدم السماح للاحباط أو اليأس، للتسلل إلى نفوسنا في أي صورة من الصور، وعلينا أن نزرع الأمل في نفوس كل الناس، وأن نؤمن بقدرتنا على تجاوز العقبات وصنع النجاح.
أول الخطوات هي توحيد قوى الثورة الفاعلة وبناء جبهة عريضة ضد الانقلاب بل تحديد مسار الفترة الانتقالية ونبذ الانقلابيين ومن ناصر هذا الانقلاب. وعملت مع كوكبة فاعلة على مستوى التنظيمات السياسية وسط الطلاب ولكن الخطاب السياسي كان مختلفا في كل محفل وعلى كافة الاصعدة والمستويات الكل يسعى لتحقيق نصر سياسي على الآخر ويريدون السلطة بلا جهد وفوق دماء الشهداء.. هنا انتفى الطهر الثوري وظهرت قذارة الساسة وتعاسة طلاب السلطة.
ولكن بالأمس القريب عاد زخم الشارع وظهرت الحشود الشابة على امتداد البصر تؤكد انه لا خيار غير أن نوحد كلمة الثوار وخطنا السياسي كلهم غاضبون. ولكن يخترق هذا الغضب قدرٌ عالٍ من نفوسنا ويوقظ حس الانجاز والعمل من أجل وطن يسع الجميع
قد يحلم الحكم القامع بالاعتماد على القمع كأداة رئيسية لإدارة شؤون المواطن والمجتمع والدولة، على نحو يضمن الطاعة أو العزوف عن المعارضة وتضليل الأغلبية ويحد من حراك المعارضين.. وقد يقبل الحاكم ونخبته مخاطرة بتراجعهم عن فاعلية القمع، خوفا من تجريم المجتمع الدولي وجرائم القصاص لاحقا وإما تعويلا على الابتكار المستمر لممارسات قمعية أشد فتكا أو إلحاقا لأدوات إضافية بالقمع تستهدف أيضا اخضاع المواطن وضبط المجتمع والسيطرة على مؤسسات الدولة يبرز من بينها الإعلام ولكن نجدهم بالاعلام عاجزين تماما.
والحكم مليشياته وحملة السلاح من قبائل الصراع المسلح ونخبته واصحاب المصالح الاقتصادية والمالية وطلاب المناصب والجماعات الحزبية المتحالفة معهم أو الموالية لهم يجدون في وسائل الإعلام التقليدية كالصحافة والبرامج الإذاعية والتليفزيونية المساحة «الأسهل» لممارسة الهيمنة على الفضاء العام واحتكار الحديث باسم الوطن والمصلحة الوطنية، ولكن حتى هذا الخطاب فشل في خلق قاعدة شعبية مناصرة لهم..
أما القطاعات الطلابية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة والفعاليات السلمية الأخرى التي تريد لنا بحماسة الثوار العاطفية العودة لمسار تحول ديمقراطي حقيقي، وترفض الهجمة السلطوية على الحقوق والحريات، وتنأى بنفسها دوما عن التورط في خروج على القانون أو في عنف أو في تبرير للاجرام السائد الآن بيننا الكاره للحياة الذي لا تواجهه اليوم قوى أمنية.
لابد من الانتصار لمجتمع يسوده السلم الأهلي و تجريم حمل السلاح في قضايا الشأن العام ولا يسمح لاي كيان يحمل السلاح بالعمل السياسي والتسامح من أجل قيام دولة وطنية عادلة وقوية، كافة تلك المجموعات لم تعرالانتباه اللازم لم تقدم الرؤى والأفكار والتوجهات التفصيلية التي نرغب في دعوة أهل السودان إلى مساندتها لكي تنجو البلاد في حاضرها ومستقبلها من الهجمة السلطوية الاسلامية القادمة والتي سوف نعمل على هزيمتها من خلال النضال المدني السلمي الذي اضحى ثقافة جيل الشباب الآن.
نعلم أن هنالك قطاعات شعبية مؤثرة تساند هذا الحكم وتستريح لحضور الحاكم الفرد ذي الخلفية العسكرية وتتخوف من غيابه كي لا يضر بالوطن والمجتمع والدولة و البعض بين ظهرانينا يؤيد الحاكم ونخبته أملا في تحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمستويات المعيشية، ولمثل تلك الآمال تروج لها وسائل الإعلام ذات الملكية العامة والخاصة بكثافة بالغة.
ومن المضحك الآن ان هذا الطرح لا يمكن حتى الاشارة اليه في الإعلام لما نرى من غلاء وفرض جبايات لتمويل خزينة الدولة.. انهم لا يملكون رؤية اقتصادية بل كل الذي يسعون اليه اطالة أمد وجودهم في السلطة ولن نعجز نحن أنصار الديمقراطية عن اجتذاب القطاعات الشعبية المتململة وكذلك عن استعادة اهتمام العديد من المواطنات والمواطنين الذين صاروا يرون في العزوف عن الشأن العام فرصة التحايل الوحيدة لمواصلة الحياة.. وهل الحياة اصبحت ممكنة ومتاحة بعد هذا الكم من الفشل الاقتصادي والغرق في القبلية والجهوية وسيادة خطاب الكراهية؟!
تعالوا نصنع خطابنا السياسي معقولا متوازنا ،وندعو لوطن يسع الجميع ويجرم حمل السلاح ويخلق دولة مدنية تقوم على القانون والمؤسسات ونطور في ميثاق السلطة الذي طرحه أصحاب المستقبل من شبابنا الأماجد امتداداً للتغيير وميلاد وطن حقيقي لا يقصي أحداً والابتعاد عن صراع النخب والخطاب السياسي الأجوف
zuhairosman9@gmail.com
///////////////////////////
ولا ننتبه جميعا إلى حقيقة ثابتة اتفقت عليها كل الرؤى والاجتهادات البحثية، المتخصصة في متابعة المتغيرات والتطورات التي تطرأ على الدولة والشعب، خلال مراحل التحولات الاجتماعية والسياسية الكبيرة والحادة، التي نمر بمثلها الآن، خلال الظروف الاستثنائية التي يتعرض لها السودان الآن وفي سعينا الجاد للنهوض وتغيير الواقع وإحداث نقلة نوعية إلى الأفضل, هذه الحقيقة تشير إلى أن هناك دورا فعالا ونشيطا للعامل النفسي لهذه المجتمعات وتلك الشعوب، يتأثر ويؤثر بالسلب أو الإيجاب في مسيرتها وسعيها لتحقيق ما تهدف إليه وتعمل للوصول له. من أجل ذلك تعمل هذه الدول والشعوب في مثل هذه الظروف التي نمر بها نحن الآن، على تنشيط وتقوية الجهاز المناعي للدولة، والتركيز على الأسباب والدوافع والأفكار الداعمة للمعنويات العامة للمواطنين، ورفع حالة الوعي الجمعي المقاوم لدعاوى الاحباط والشعور باليأس.
تلك قضية بالغة الأهمية لا بد من أن تكون واضحة في أذهاننا الآن، بأكبر قدر من الوضوح، خاصة أننا نمر بمرحلة حرجة من مراحل النهوض والنمو والتقدم، في إطار محاولتنا الجادة وسعينا الهادف لتجاوز الواقع الذي نحن فيه على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، إلى واقع جديد يلبي طموحات الشعب ويحقق آماله في الغد الأفضل.. ولكن نجد سؤالا هنا ما هو مشروع النهضة السوداني الذي نحن عليه نبدأ وفي ذلك لا بد من أن نعي ونثق بأن التحديات التي نواجهها، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، رغم ضخامتها وخطورتها، لن تكون أكبر من قدرة الشعب السوداني على الإطلاق، وأننا قادرون على التغلب عليها بالعمل والجهد الصادق والأمين، والإصرار على النجاح والثقة بالنفس. ولكن هذا يتطلب منا جميعا عدم السماح للاحباط أو اليأس، للتسلل إلى نفوسنا في أي صورة من الصور، وعلينا أن نزرع الأمل في نفوس كل الناس، وأن نؤمن بقدرتنا على تجاوز العقبات وصنع النجاح.
أول الخطوات هي توحيد قوى الثورة الفاعلة وبناء جبهة عريضة ضد الانقلاب بل تحديد مسار الفترة الانتقالية ونبذ الانقلابيين ومن ناصر هذا الانقلاب. وعملت مع كوكبة فاعلة على مستوى التنظيمات السياسية وسط الطلاب ولكن الخطاب السياسي كان مختلفا في كل محفل وعلى كافة الاصعدة والمستويات الكل يسعى لتحقيق نصر سياسي على الآخر ويريدون السلطة بلا جهد وفوق دماء الشهداء.. هنا انتفى الطهر الثوري وظهرت قذارة الساسة وتعاسة طلاب السلطة.
ولكن بالأمس القريب عاد زخم الشارع وظهرت الحشود الشابة على امتداد البصر تؤكد انه لا خيار غير أن نوحد كلمة الثوار وخطنا السياسي كلهم غاضبون. ولكن يخترق هذا الغضب قدرٌ عالٍ من نفوسنا ويوقظ حس الانجاز والعمل من أجل وطن يسع الجميع
قد يحلم الحكم القامع بالاعتماد على القمع كأداة رئيسية لإدارة شؤون المواطن والمجتمع والدولة، على نحو يضمن الطاعة أو العزوف عن المعارضة وتضليل الأغلبية ويحد من حراك المعارضين.. وقد يقبل الحاكم ونخبته مخاطرة بتراجعهم عن فاعلية القمع، خوفا من تجريم المجتمع الدولي وجرائم القصاص لاحقا وإما تعويلا على الابتكار المستمر لممارسات قمعية أشد فتكا أو إلحاقا لأدوات إضافية بالقمع تستهدف أيضا اخضاع المواطن وضبط المجتمع والسيطرة على مؤسسات الدولة يبرز من بينها الإعلام ولكن نجدهم بالاعلام عاجزين تماما.
والحكم مليشياته وحملة السلاح من قبائل الصراع المسلح ونخبته واصحاب المصالح الاقتصادية والمالية وطلاب المناصب والجماعات الحزبية المتحالفة معهم أو الموالية لهم يجدون في وسائل الإعلام التقليدية كالصحافة والبرامج الإذاعية والتليفزيونية المساحة «الأسهل» لممارسة الهيمنة على الفضاء العام واحتكار الحديث باسم الوطن والمصلحة الوطنية، ولكن حتى هذا الخطاب فشل في خلق قاعدة شعبية مناصرة لهم..
أما القطاعات الطلابية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة والفعاليات السلمية الأخرى التي تريد لنا بحماسة الثوار العاطفية العودة لمسار تحول ديمقراطي حقيقي، وترفض الهجمة السلطوية على الحقوق والحريات، وتنأى بنفسها دوما عن التورط في خروج على القانون أو في عنف أو في تبرير للاجرام السائد الآن بيننا الكاره للحياة الذي لا تواجهه اليوم قوى أمنية.
لابد من الانتصار لمجتمع يسوده السلم الأهلي و تجريم حمل السلاح في قضايا الشأن العام ولا يسمح لاي كيان يحمل السلاح بالعمل السياسي والتسامح من أجل قيام دولة وطنية عادلة وقوية، كافة تلك المجموعات لم تعرالانتباه اللازم لم تقدم الرؤى والأفكار والتوجهات التفصيلية التي نرغب في دعوة أهل السودان إلى مساندتها لكي تنجو البلاد في حاضرها ومستقبلها من الهجمة السلطوية الاسلامية القادمة والتي سوف نعمل على هزيمتها من خلال النضال المدني السلمي الذي اضحى ثقافة جيل الشباب الآن.
نعلم أن هنالك قطاعات شعبية مؤثرة تساند هذا الحكم وتستريح لحضور الحاكم الفرد ذي الخلفية العسكرية وتتخوف من غيابه كي لا يضر بالوطن والمجتمع والدولة و البعض بين ظهرانينا يؤيد الحاكم ونخبته أملا في تحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمستويات المعيشية، ولمثل تلك الآمال تروج لها وسائل الإعلام ذات الملكية العامة والخاصة بكثافة بالغة.
ومن المضحك الآن ان هذا الطرح لا يمكن حتى الاشارة اليه في الإعلام لما نرى من غلاء وفرض جبايات لتمويل خزينة الدولة.. انهم لا يملكون رؤية اقتصادية بل كل الذي يسعون اليه اطالة أمد وجودهم في السلطة ولن نعجز نحن أنصار الديمقراطية عن اجتذاب القطاعات الشعبية المتململة وكذلك عن استعادة اهتمام العديد من المواطنات والمواطنين الذين صاروا يرون في العزوف عن الشأن العام فرصة التحايل الوحيدة لمواصلة الحياة.. وهل الحياة اصبحت ممكنة ومتاحة بعد هذا الكم من الفشل الاقتصادي والغرق في القبلية والجهوية وسيادة خطاب الكراهية؟!
تعالوا نصنع خطابنا السياسي معقولا متوازنا ،وندعو لوطن يسع الجميع ويجرم حمل السلاح ويخلق دولة مدنية تقوم على القانون والمؤسسات ونطور في ميثاق السلطة الذي طرحه أصحاب المستقبل من شبابنا الأماجد امتداداً للتغيير وميلاد وطن حقيقي لا يقصي أحداً والابتعاد عن صراع النخب والخطاب السياسي الأجوف
zuhairosman9@gmail.com
///////////////////////////