طلاب جامعة الخرطوم: حقا وجب علينا الافتخار بكم

 


 

 


abusamira85@hotmail.com
وجب الافتخار ... بعد أن أسهم ستة من طلاب جامعة الخرطوم وثلاثة من أساتذتها في رفع حالتنا المعنوية إلى درجة الفرح المبرر للافتخار.
ورغم الفخر هنا شعور يعود إلى احترام الذات والثقافة السودانية مليئة بالأمثلة الدالة على الفخر، إلا أنه يتعين علينا  أن نفتخر بطلاب جامعة الخرطوم وأستذتها ممثلين في ثمانية طلاب وثلاثة أساتذة أكدوا لنا بفوزهم أن الفرح لم تنته صلاحيته في بلادنا بعد.
في البداية نعيد على مسامعكم الخبر:
فاز فريق من طلاب جامعة الخرطوم بالمركز الأول عربيا والثاني دوليا في منافسات التناظر في البطولة الدولية لمناظرات الجامعات باللغة العربية الفحصى التي نظمها مركز مناظرات قطر، بعد منافسة شرسة مع 40 فريقا من 12 دولة ينتمون إلى 17 جامعة. 
وتعتبر هذه المنافسات التي نظمها مركز مناظرات قطر عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع اول بطولة دولية لمناظرات الجامعات بالعربية. وأقيمت فعاليات البطولة التي تعد الأولى من نوعها في العالم خلال الفترة من 23 - 28 من شهر أبريل الماضي في الدوحة.
وخاض فريق جامعة الخرطوم المباراة النهائية ضد الجامعة الإسلامية في ماليزيا، بعد فوزه على جامعات: الإسكنرية، قطر، الكويت، المغرب، تونس، والإمارات.
وتكون فريق جامعة الخرطوم الذي وصل المباراة النهائية من يحيى محمد عثمان هاشم بالسنة الرابعة كلية الاقتصاد، أمنة مبارك عوض الكريم بالسنة الرابعة كلية الصيدلة، وثابت محمد علي بالسنة الرابعة علوم إدارية، بينما ضم فريق الجامعة الثاني الطلاب: لبنى عبد الله بالسنة السادسة طب، نسيبة عبد الرحيم يالسنة الثالثة آداب، وعبد اللطيف حسن  بالسنة الخامسة إعلام.
وجاء اثنان من طلاب جامعة الخرطوم في العشرة الأوائل الأفضل متحدثين، حيث نال المركز السادس يحيى محمد عثمان بالسنة الخامسة كلية الاقتصاد، وجاءت في المركز الثامن لبنى عبد الله محمد  بالسنة السادسة كلية الطب.
ودفع هذا النجاح المبرر للفخر الدكتور محمد فتحي سعود مدير مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، إلى الإشادة بفريق جامعة الخرطوم الذي حقق المركز الثاني، مؤكدا أن (إحرازهم المركز الثاني يثبت دائما أن السودان في قلب الأمة العربية النابض).
ثلاثة أساتذة
يقف وراء الجهود التي قادت إلى هذا الفوز ثلاثة من أساتذة جامعة الخرطوم من الجيل الوسيط، أشرفوا على الفريق المشارك، وأسهموا في تدريبه وهم:
الدكتور الصديق عمر الصديق مدير معهد عبد الله الطيب، الدكتورة ابتسام ساتي نائبة عميدة كلية الاقتصاد، والدكتور عصمت محمود نائب عميد كلية الآداب.
ورغم أن الدكتور صديق عمر الصديق رئيس الوفد، لا يخفي فرحته بالنجاح الذي حققه الفريق، إلا أنه يشير إلى أن هذا الفوز يمثل الوضع الطبيعي والطليعي لجامعة الخرطوم.
على أن الأهم عند الدكتور صديق أن هذه النتيجة تمنح الثقة في شباب المستقبل باعتبارهم مفكرين وسياسيين وقادة.
ويؤكد أن هذا الفوز أبرز مظهرا مشرفا للسودان بين الجاليات العربية والعالمية في المهجر.
وحصاد القول عند الدكتور صديق إن الجالية السودانية بقطر شجعت الفريق بالهتاف والتصفيق والتلويح بعلم البلاد، مما أسهم في استلهام الروح الوطنية.
مبررات ومسوغات
وتكثر مسوغات الفرح وتتكاثر مبررات الفخر بهذا النجاح، فالبطولة الدولية لمناظرات الجامعات باللغة العربية، تعد إنجازا غير مسبوق على مستوى العالم وجاءت تتويجا لمسيرة من الأنشطة والجهود الدؤوبة لنشر ثقافة المناظرات باللغة العربية.
وحظت البطولة بقدر كبير من الأهمية لكونها أول بطولة مناظرات باللغة العربية ينظمها مركز مناظرات قطر، وأول بطولة باللغة العربية على مستوى العالم.
وشكلت هذه البطولة الدولية محطة مهمة في مشروع المركز لتأسيس قاعدة عريضة للمناظرات باللغة العربية على مستوى رفيع الجودة والكفاءة يوازي جودة برنامج المركز في مناظرات اللغة الإنجليزية.
ونظمت البطولة في وقت يشهد فيه الوطن العربي ثورات تغيير يقودها شباب المنطقة مما يؤكد حاجة الشباب إلى امتلاك مهارات التناظر التي تؤهلهم للتعاطي مع المتغيرات بدرجة عالية من التفكير والقدرة على التعبير.
رمزية الشعار
يتكون شعار البطولة من وجهين يمثل كل منهما وجهة نظر.  وتدل رمزية الاتجاهات المتعاكسة للوجهين على الاختلاف في الرؤى ووجهات النظر، بينما يرمز تلاصق الوجهين في مكان معين إلى القاسم المشترك وهو التناظر، ولذلك تم اختيار كلمة مناظرات لتتوسط الوجهين.
وتعبر كلمة مناظرات تعبر عن إطلاق القدرات والمواهب الإبداعية في التعبير عن الآراء والتفاعل مع الرأي الآخر وليس التصادم معه.
ويعكس دخول حرف الراء في أحد وجهي الشعار دلالة على تعميق وتوثيق أواصر الصداقة وروابط الأخوة والعمل على تقارب شباب الدول العربية والإسلامية.
ويتكون الشعار من لونين، الأول الأزرق يعبر عن العنصر الرجالي والثاني الوردي يعبر عن العنصر النسائي.
ويحتوي شعار البطولة على شجرة تشير إلى الرمز المعتمد لدى مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي ينضوي تحت لوائها مركز مناظرات قطر.  ويمثل جذع الشجرة الهوية العربية والإسلامية المشتركة، وتمثل أغصان الشجرة دول الجامعات المشاركة في البطولة، وتجسد الخصوصيات اللغوية والثقافية التي تمتاز بها كل دولة على حدة.
رسائل المناظرات
حرص مركز قطر للمناظرات على تقديم عدد من الرسائل التي توضح اهمية المناظرات. وقد تم طرح هذه الرسائل على اربع مراحل، الأولى تضمنت رسالة اقرأ وابحث وناقش. والناظر إلى مضمون هذه الرسالة يجدها بدأت بأول تكليف من الله إلى الرسول وهو أن يقرأ، فالإنسان بالقراءة يتعلم ويتعرف على كل شيء. وبعد القراءة تأتي عملية البحث والتدقيق ثم بعد ذلك النقاش حول ما تعلمه وعرفه الإنسان، لتبدأ المرحلة الثانية، التحدث والاستماع وهذه كانت المحطة الثانية من الرسائل التي حاول المركز ايصالها للناس فالإنسان عندما يتحدث يدرب نفسه على الحديث والعمل على تحليل المعلومات وعرضها من أجل أن يفهمها الآخرون، ومن ثم تأتي مرحلة الاستماع حيث يجب أن نستمع للآخرين حتى وإن كنا مختلفين معهم وبالتالي تأتي المرحلة الثالثة وهي الاكتشاف وهي أن نكتشف الحقائق، ويكتشف الشخص ملكات نفسه وقدراته وما هو موقفه من الموضوعات التي تثأر حوله، ثم تأتي المرحلة الرابعة وهي لنتحاور من أجل الوصول إلى الحقيقة بحيث يكون حوارا بالحسنى. وهذه كانت مجمل الرسائل التي سعى مركز قطر إلى توصيلها للجمهور في إطار الحملة التي تقوم بها مؤسسة قطر.
إطلاق المواهب
رغم أن علم المناظرات من العلوم القديمة، إلا أن قطر تعتبر أول دولة عربية تولي اهتماما بهذا العلم وتنشئ مركزا متخصصا له، ومناظرات قطر هي واحدة من المبادرات التي تقع تحت مظلة مؤسسة قطر التي تهدف إلى تشجيع حرية التعبير والنقاش في العالم العربي.
وتتجلى فلسفة مركز مناظرات قطر الذي باشر مهامة في 2007 في العمل من اجل إعداد مواطنين عالميين وقادة للمستقبل، ويعمل المركز على تعزيز ثقافة الحوار والمناظرات، وتطوير ودعم ورفع مستوى المناقشة المفتوحة بين طلاب قطر والشرق الأوسط والعالم.
ويدرب مركز مناظرات قطر الطلاب على حرية الكلمة والمناقشة الحرة واحترام الآخر، وتعلم التسامح والتفهم، والعلم والمنطق، والإحساس بالمسؤولية والانتماء لما يؤمن به، وتوسيع الدائرة الاجتماعية للطلاب بالتفاعل مع مجتمعات مختلفة.
وقد انبثقت فكرة إطلاق مركز مناظرات قطر من رؤية صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي تقوم على تنمية الإنسان بوصفة أغلى الثروات عبر خطين متوازيين: زرع العلم والمعرفة، وإطلاق المواهب الإبداعية عبر تعزيز مهارات: القدرة على التعبير والتفاعل مع الرأي الاخر وليس التصادم معه.
فن المناظرة
تتم المناظرات التنافسية بين فريقين من الطلاب، يمثل واحد منهم فريق (الموالاة أو الحكومة) ويجادل هذا الفريق لصالح موضوع أو قضية مهمة، على سبيل المثال: يدعو المجلس إلى سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، بينما يمثل الفريق الآخر المعارضة ويجادل هذا الفريق ضد هذه القضية. كما يفترض في المناظرة التنافسية أن تكون عقلانية ومركزة ومنظمة، وهذه هي المهارات التي نتعلمها من خلال المناظرة. تتم المناظرات بأشكال وأساليب عدة وبتوقيتات مختلفة وعدد متفاوت من المتحدثين بالإضافة إلى عدد آخر من العوامل التي تختلف من مناظرة إلى أخرى. تتولى لجنة من المحكمين تحكيم المناظرة إذا كانت تنافسية، بينما يتولى الجمهور تحكيم المناظرة الاستعراضية.
أما الفوائد التي تعود على الطلاب من المشاركة في المناظرات، فهي تزودهم بالمهارات، ففي مؤسسات التعليم ومؤسسات العمل تعتبر مهارات ابتكار الحجج والنقاش التحليلي والإقناعي والتعبير عن آرائك ومواقفك أمام الآخرين بالفعل مهارات نادرة ومهارات ذات قيمة وأهمية عالية.
أول كتاب
يعد كتاب المرشد في فن المناظرة أول كتاب عربي يتناول المناظرة، وقام بتأليفه الدكتور سايمون كوين من جامعة أكسفورد وترجمه إلى اللغة العربية الدكتور عبد الجبار الشرفي من جامعة السلطان قابوس في حين قامت الدكتورة حياة معرفية بمراجعته والإشراف عليه.
ويهدف مركز مناظرات قطر من وراء ترجمة كتاب المرشد في فن المناظرة إلى نشر ثقافة المناظرة، لأنها ذات بعد تعليمي وتربوي مهم، وهي فن أصيل في ثقافتنا العربية.
ويجمع الكتاب بين النظرية والتطبيق في تناوله لفن المناظرة وبه الكثير من الأمثلة التي يوردها المؤلف في الكثير من الموضوعات التي يتطرق إليها.
ويحتوي الكتاب على خمسة فصول يتناول الأول قضية الإعداد للمناظرة فيما يتناول الفصل الثاني موضوع التفنيد، وهو جوهر المناظرة أما الفصل الثالث فيعرض لمعالجة موضوع الأسلوب ودوره ومكانته في المناظرة، ويتناول الفصل الرابع المداخلات والخطب الختامية ويقدم الأسس التي يقوم عليها تقديم المداخلات بينما يستعرض الفصل الخامس والأخير موضوع التحكيم وأسسه وأساليبه وخصائصه.
أما بعد
فهذا نجاح سوداني مقدر في المحافل العربية والعالمية جققه ثمانية من طلاب جامعة الخرطوم وثلاثة من أساتذتها لا خلاف في إسهامه في تعميق الروابط والصلات وتوثيقها في الشؤون التعليمية والثقافية، وإيجاد فرص لزيادة أواصر الصداقة وتعميق روابط الأخوة والعمل على تقارب الشباب، وترسيخ ثقافة الحوار الهادئ البناء الذي ينتج المعرفة ويفسح المجال للاختلاف والتنوع.
كما أسهم تفعيل دور المرأة العربية من خلال المشاركة في المناظرات والارتقاء بمستوى لغة الحوار بشكل عام للمرأة، وتنشيط المناظرة النسائية والعناية بها عن طريق توسيع قاعدة المستفيدات من جميع الفئات العمريّة. 
إلا يستحق هذا النجاح أن نفرح به ونفتخر به ونعتز به ونجتهد جميعا حكومة وشعبا في أن نعيد لجامعة الخرطوم مكانتها وريادتها وأرضها حتى تصبح أم الجامعات في المنطقة.

 

آراء