عثمان ميرغني.. والهمس بالحرب والتضليل للخراب!

 


 

 

كتب الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار، مقالاً نشر يوم الحرب 15 أبريل 2023م بعنوان "الهمّاسون بالحرب" يحّذر فيه قيادات الجيش من الاستماع إلى من يهمسون في آذانهم، همسة بريئة يزينون لهم، أنها ضربة خاطفة وينتهي كل شيء لصالحك. مفنداً فيه أن أمد الحرب لا يمكن التنبؤ به، مستشهدا بحرب روسيا وأوكرانيا وحرب البشير في دارفور. وأختتم أستاذ عثمان مقاله (يوم الحرب) بمضمون قوله، أن الهمّاسين وسوسوا للبشير، أن أصدر الأوامر بالحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ثم لم يستطع أن يصدر أمراً بوقفها.. قائلا: "فما أسهل قرار إطلاق الرصاصة الأولى وما أصعب قرار آخر رصاصة.."
إلاّ أنّ رئيس تحرير صحيفة التيار، قدّم النصح لقادة الجيش، ونسي نفسه، في أقل من شهرين، ففي الثامن من شهر يونيو الماضي، أكد لقناة الغد من القاهرة، انتهاء الحرب في السودان، بقياس الأهداف العسكرية للطرفين، وأن ما يحدث مجرد عمليات عسكرية محدودة! زاعماً أنّ الجيش السوداني سيطر على كثير من قواعد الدعم السريع مثلما كان يخطط في بداية الحرب!
تناقضات الأستاذ عثمان ميرغني ليس غريبا، ومنهج كتاباته الرغائبية ليس جديداً، الجديد هو سرعة نقض غزله من بعد قوةٍ أنكاثاً، قد يكون معذورا، حين قدّر انتهاء الحرب بهذه السرعة، لأنه لم يحتمل مخاطرها، لذا جاء تقييم مجرياتها عن بعد، من مقر إقامته القسرية بالقاهرة.
جاءت تصريحات عثمان ميرغني ربيب الكيزان، لقناة الغد، قبل حسم المواجهات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع حول مجمع اليرموك للتصنيع الحربي، ومستودعات الشجرة، قبل سقوطهما في يد الأخيرة، وإن لم يكن عثمان تربية الإسلامين، لخجل من تصريحه بعد السقوط المدوي لمقر قوات الاحتياطي المركزي جنوب الخرطوم، في أيدي الدعامة بعد أسبوعين من تصريحه، تلك الخسارة، والتي تمّثل هزيمة ساحقة، وصفعة مهنية للجيش السوداني بقيادة المتواري جبناً في "البدروم" الفريق البرهان، وكذلك لكتائب الحركة الإسلامية، التي يدعمها السيد عثمان ميرغني معنوياً بتصريحاته المتّسقة إعلامياً مع مدرسة (إسحق ــ غزالة).
على ذمة قناة الغد، يزعم عثمان ميرغني أنّ الجيش السوداني سيطر على كثيرٍ من قواعد الدعم السريع، مثلما كان يخطط في بداية الحرب، وهو يعلم أكثر من غيره، باستثناء استرداد مطار مروي، لم ينتصر الجيش السوداني في أي معركة ضد قوات الدعم السريع، وعكس ادعائه تماماً، ظلت الأخيرة تتوسع ميدانياً على حساب مقرات ومساحات الجيش السوداني، بوتيرة متصاعدة، ولم يتبقَ في قبضته سوى قاعدة وادي سيدنا الجوية ومنطقة كرري، وقاعدة سلاح المدرعات، وقاعدة سلاح المهندسين، ونصف القيادة العامة، وبعد تصريحه سقطت قيادة الجيش في الجنينة وزالنجي، ولا تزال المعارك محتدمة بين الطرفين في نيالا والفاشر والأبيض.
رغم دعوته الصريحة خلال اللقاء التلفزيوني لوقف الحرب، بهذا الادعاء الأجوف، والمغرض عبر قناة الغد، يهمس الأستاذ عثمان ميرغني في أذن جنرالات الحرب، بصورة ضمنية، قائلا "أن استمروا فيها، في النصر قريب" سيما وأنه شدد على ضرورة الاتفاق على تسوية سياسية مشروط بدمج عناصر قوات الدعم السريع في الجيش السوداني!
عثمان ميرغني يزيّن للجيش هزائمه المدوية، ويصورها لهم انتصاراً، ويعّشمهم في دمج قوات الدعم السريع، في بقايا جيش دولة ــ 56 المنكسر! متجاهلاً واقع التغيرات على أرض المعركة، والتي تنبء بالانهيار الوشيك للجيش السوداني، تحت ضربات قوات الدعم السريع، الموجعة، ما لم تحدث معجزة ألوهية تقلب الموازين، رأساً على عقب.
عندما يقلل عثمان ميرغني من قيمة السقوط المحتمل في حينه لمجمع اليرموك للتصنيع الحربي، ويدّعي أن ما يجري مجرد عمليات عسكرية محدودة، أنه يمارس التضليل القاتل، ويهمس في أذن من يملك القلم الذي يوقع قرار إطلاق الرصاصة الأخيرة، أن الهدف المعلن للدعم السريع السيطرة على القيادة العامة، والقبض على قيادة الجيش، قد فشلوا في تحقيقه، لذا أن الحرب قد انتهت، في حين، أنها ربما لم تبدأ بعد، فلماذا يقلل عثمان من خطر أعظم الشرر، المتطايرة في أحياء العاصمة، وعواصم غرب السودان، وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟ هذا تضليل مخّرب، مفهوم في سياق الصعوبة على أمثاله، تسمية الأشياء بأسمائها، ووصف الواقع كما يُرى بالعين المجردة.
قيل عن ضليل الإخوان:
كُفوا عن التضليلْ
عن غسْلِ مخِّ الأبْرياءِ..
وحشْوِهِ بالتُّرَّهاتِ وبالهُراءِ..
كُفوا عن التضليلْ
تاريخُكُمْ عَسْفٌ وخَسفٌ
واغْتيالاتٌ سيبقَى عارُها
ومُؤامراتٌ نارُها سَقَريَّةُ التَّنكيلْ!
ـــ الشاعر حسن طلب ـــ
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد 106//

 

آراء