عواقب فقدان القادة العسكريين السيطرة على قواتهم
د. أحمد جمعة صديق
18 May, 2024
18 May, 2024
د. أحمد جمعة صديق
مقدمة
إن (بعض) ما يجري الآن في السودان من تفلتات أمنية مرده إلى فقدان القيادات العسكرية السيطرة على الأفراد في وحداتهم العسكرية وعدم القدرة على الاشراف المباشر على إدارة هؤلاء الأفراد والتزامهم بقواعد الاشتباك، وهي برتوكولات معروفة عند الجيوش المنضبطة تحدد كيفية العمل خلال المعارك في الحرب وبعد الحرب. وغياب السيطرة على القوات مرده لضعف التراتبية العسكرية أولاً، وثانياً لغياب هذه القيادات الفعلي عن ساحة المعركة. فالقيادات العليا كلها في الجيش استطاعت أن تؤمن لنفسها مسالك للهروب ومثال لذلك هروب البرهان من القيادة العامة واختفاء حميدتي بصورة مريبة حتى الآن. وكلا القائدين بعيدً فعلياً عن قيادته. وإن صدق (مبارك الفاضل) فيما اوردته وسائل الاعلام، فان القائد الثاني للدعم السريع عبد الرحيم دقلو قد صرح بأنه (فقد السيطرة على قواته). والواقع الذي تعيشه قوات الدعم السريع والتجاوزات التي لا يصدقها، عقل تقف دليلاً على صدق الكلام. فما يجري الآن في قرى الجزيرة ودارفور وكردفان ومن قبل في الخرطوم، من قتل وسلب ونهب وتهجير، هي مجرد أعمال عصابات وليس أفعال جيوش لديها أجندة على المستوى المحلي أو القومي. والسؤال يوجه بشكل مباشر للمستشارين وليس العسكريين هذه المرة: هل هذا القتل والنهب والسلب والاغتصاب والتهجير القسري للمواطنين مؤصل في أجندة الدعم السريع وفي رؤياه للحرب والسلام والحكم؟ أنا في ظني أن الأمر قد أفلت من أيدي القيادات العليا فتحولت الوحدات العسكرية الى بؤر إرهابية تحمل السلاح وتجني رزقها بالكلاشنكوف كما قال الامام الصادق عليه واسع الرحمات (يالكلاش نعيش بلاش). فالانضباط العسكري هو العمود الفقري لأي قوة مسلحة فعالة. إنه يضمن التماسك والتنسيق الاستراتيجي والنجاح العملياتي للقوة العسكرية. ومع ذلك، فقد أظهر التاريخ أن فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتها يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية، بما في ذلك جرائم الحرب، وانتهاكات حقوق الإنسان، وانهيار الهياكل المجتمعية. وامثلة من تاريخ الثورة الفرنسية، فقد تمرد الجيش الفرنسي في (1790)، اذ قاد الاستياء بين الجنود، الناتج عن الظروف المعيشية السيئة، وعدم دفع الرواتب، والاضطرابات السياسية، إلى سلسلة من التمردات. أضعفت هذه التمردات بشكل كبير فعالية الجيش الفرنسي وأسهمت في حالة الفوضى التي كانت تعم فرنسا في ذلك الوقت. وقد سمح نقص الانضباط والسيطرة للعناصر الراديكالية بكسب النفوذ، مما زاد من زعزعة استقرار الأمة. ويوفر الصراع السوداني، ولا سيما حرب دارفور، مثالاً مؤثراً على العواقب الوخيمة التي تنجم عن انهيار الضبط العسكري. في هذا المقال سنتحدث عن نتائج فقدان السيطرة ، مع التركيز على الصراع السوداني الحالي لتسليط الضوء على التداعيات الأوسع. ولكن قبل الدخول في صلب المقال لابد من ايراد بعض المصطلحات في المقصود بقواعد الاشتباك لدى القوات العسكرية في الحروب ، ما هي هذه القواعد وما حدودها؟
• ما المقصود بقواعد الاشتباك عند العسكريين؟
قواعد الاشتباك (Rules of Engagement - ROE) هي مجموعة من التعليمات التي تصدرها السلطات العسكرية لتحدد الظروف والضوابط التي يمكن للقوات العسكرية أن تفتح فيها النار أو تشارك في القتال مع العدو. تهدف هذه القواعد إلى تنظيم استخدام القوة في العمليات العسكرية لضمان الامتثال للقانون الدولي، وللحفاظ على الانضباط داخل القوات، ولحماية حقوق الإنسان وتقليل الخسائر بين المدنيين.
• عناصر قواعد الاشتباك:
- تعريف الأهداف: تحدد قواعد الاشتباك الأهداف التي يمكن مهاجمتها أو الاشتباك معها، وتفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية لضمان عدم استهداف المدنيين والمنشآت المدنية
- استخدام القوة: توضح القواعد متى وكيف يمكن استخدام القوة، بما في ذلك الأسلحة النارية والقنابل والهجمات الجوية. يتم تحديد مستويات القوة المسموح بها وفقًا للتهديدات المحتملة.
- التناسب: يجب أن تكون القوة المستخدمة متناسبة مع التهديد، بحيث لا تكون مفرطة بالنسبة للهدف المنشود.
- التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين: تفرض القواعد ضرورة التمييز بين المقاتلين والأشخاص غير المشاركين في القتال (مثل المدنيين)، لضمان عدم الإضرار بالأخيرين.
- الضرورات العسكرية: تتطلب قواعد الاشتباك أن تكون أي عملية عسكرية مبررة بضرورة عسكرية، أي أنها يجب أن تكون ضرورية لتحقيق هدف عسكري مشروع.
- الحماية: تتضمن القواعد إجراءات لحماية المدنيين والممتلكات المدنية، بما في ذلك الالتزام بالتحذيرات وإجراءات الإخلاء عند الضرورة.
• أهمية قواعد الاشتباك:
- الامتثال للقانون الدولي: تضمن قواعد الاشتباك أن العمليات العسكرية تتماشى مع القانون الدولي الإنساني وقوانين النزاعات المسلحة، مثل اتفاقيات جنيف.
- حماية المدنيين: تساعد القواعد في تقليل الخسائر بين المدنيين والأضرار الجانبية، مما يعزز الاحترام لحقوق الإنسان.
- الحفاظ على الانضباط: تساعد قواعد الاشتباك في الحفاظ على الانضباط داخل القوات المسلحة، من خلال وضع حدود واضحة للسلوك المقبول في ساحة المعركة.
- تقليل التصعيد: يمكن أن تساعد القواعد في منع تصعيد النزاعات من خلال تقييد استخدام القوة وجعلها محددة فقط عندما تكون ضرورية ومبررة.
• أمثلة على قواعد الاشتباك:
- إطلاق النار فقط في حالة الدفاع عن النفس: يسمح للجنود بإطلاق النار فقط إذا تعرضوا لهجوم مباشر.
- تحذير قبل استخدام القوة: يجب إعطاء تحذيرات واضحة قبل استخدام القوة ضد أهداف معينة.
- تجنب الأهداف المدنية: يحظر استهداف المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية المدنية.
- تقييم الضرر الجانبي: يجب تقييم الأضرار الجانبية المحتملة قبل تنفيذ أي هجوم.
• تطبيق قواعد الاشتباك:
يتم تدريب الجنود على فهم وتنفيذ قواعد الاشتباك من خلال التدريب المستمر والتعليم. قد يتم تحديث القواعد بانتظام وفقاً لتغير الظروف الميدانية والسياسية. في حالات الانتهاك، قد يخضع الأفراد للمساءلة القانونية من خلال المحاكم العسكرية أو الدولية.
ونخلص للقول أن قواعد الاشتباك هي أدوات حيوية لإدارة العمليات العسكرية بشكل مسؤول وأخلاقي. تساعد هذه القواعد في الحفاظ على الامتثال للقوانين الدولية، وحماية المدنيين، وضمان الانضباط داخل القوات العسكرية، ومنع تصعيد النزاعات بشكل غير ضروري. من خلال تطبيق هذه القواعد، يمكن للجيوش تنفيذ عملياتها بفعالية مع الحفاظ على القيم الإنسانية الأساسية.
• لمحة عامة عن الصراع السوداني
شهد السودان فترات طويلة من الصراع منذ الاستقلال في عام 1956. تشمل النزاعات الأكثر بروزاً الحرب الأهلية السودانية الأولى والثانية وصراع دارفور. بدأت حرب دارفور في عام 2003، حيث قامت الحكومة السودانية وميليشيات الجنجويد المتحالفة معها بارتكاب فظائع واسعة النطاق ضد السكان (غير العرب) في دارفور. توفر حرب دارفور دراسة حالة حاسمة لفحص تداعيات فقدان القيادات العسكرية السيطرة على مرؤوسيهم.
• العوامل المؤدية إلى فقدان السيطرة
يمكن لعدة عوامل أن تؤدي إلى فقدان القادة العسكرية السيطرة على قواتهم، بما في ذلك:
- الانقسامات العرقية والقبلية: في السودان، غالباً ما تتفوق الولاءات العرقية والقبلية على الولاء الوطني، مما يؤدي إلى هياكل قيادة مجزأة.
- نقص التدريب والانضباط:يتلقى العديد من الجنود السودانيين، وخاصة أولئك في مجموعات الميليشيات مثل الجنجويد، تدريباً رسمياً محدوداً، مما يؤدي إلى سلوك غير منضبط ومتقلب.
- التلاعب السياسي: قام القادة السياسيون، بمن فيهم الرئيس عمر البشير خلال صراع دارفور، بالتلاعب بالهياكل العسكرية لخدمة أجندات شخصية أو عرقية، مما أدى إلى تقويض سلسلة القيادة.
- ندرة الموارد: يمكن أن تؤدي الموارد المحدودة وظروف المعيشة السيئة إلى تآكل الانضباط وتشجيع النهب وغيرها من الأنشطة الإجرامية بين القوات. وخير دليل على ذلك ما قامت وتقوم به قوات الدعم السريع في الخرطوم والجزيرة ودارفور واجزاء اخر في كردفان.
• عواقب فقدان السيطرة
- جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان: عندما يفقد القادة العسكريون السيطرة على افرادهم من الجنود، تكون العواقب الفورية والأكثر خطورة غالباً هي ارتكاب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. ففي دارفور، كانت القوات العسكرية السودانية وميليشيات الجنجويد متورطة في حملات عنف ممنهجة ضد المدنيين. شملت هذه الحملات القتل الجماعي، والاغتصاب، وتدمير القرى. وقد سمح فقدان السيطرة على الجنود وأعضاء الميليشيات بالتصرف بدون محاسبة، مما أسفر عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. فعلى سبيل المثال، شهدت بعض القري في دارفور مذابح في العام 2004 حيث قُتل مئات المدنيين وتعرضت العديد من النساء للاغتصاب. أشارت التقارير إلى أن هذه الفظائع ارتُكبت بدون تدخل يُذكر من القيادات العسكرية، مما يبرز انهياراً كاملاً في القيادة والسيطرة.
- انهيار النظام الاجتماعي: يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة العسكرية إلى انهيار النظام الاجتماعي، مما يزيد من فوضى الحرب. ففي دارفور والخرطوم والجزيرة، أدى العنف الذي ارتكبه الجنود والميليشيات غير المنضبطة إلى نزوح جماعي، حيث أُجبر الملايين من الناس على الفرار من منازلهم. تمزق النسيج الاجتماعي في دارفور والخرطوم والجزيرة، حيث دُمرت المجتمعات وانحلت الهياكل الاجتماعية التقليدية.
وقد أثقلت أزمة النزوح هذه الموارد أيضاً في مخيمات اللاجئين والمجتمعات المضيفة، مما أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار. ساهم عدم قدرة القادات العسكرية على الحفاظ على السيطرة مباشرة في هذا التفكك الاجتماعي، حيث أصبح العنف غير المنضبط وانعدام القانون هو القاعدة.
• تآكل الشرعية والثقة
عندما ترتكب القوات العسكرية فظائع، تفقد شرعيتها محلياً ودولياً. ففي السودان، أدت تصرفات الجيش والميليشيات المتحالفة معه في دارفور إلى إلحاق ضرر كبير بمصداقية الحكومة. أدانت المجتمع الدولي الحكومة السودانية، مما أدى إلى فرض عقوبات وعزلة. فداخلياً، تآكلت ثقة السكان في الجيش والحكومة. هذا التآكل في الثقة يجعل المصالحة وإعادة البناء بعد الصراع أكثر صعوبة، حيث يكون الضحايا ومجتمعاتهم أقل ميلًا للاعتقاد بالتزام الحكومة بالعدالة والإصلاح.
• انتشار الجماعات المسلحة
يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على القوات العسكرية إلى انتشار الجماعات المسلحة. في السودان، ظهرت العديد من الجماعات المتمردة رداً على الفظائع التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات. وغالباً ما تتشكل هذه الجماعات على أساس عرقي، مما يزيد من تعقيد المشهد وجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة. ويمكن رؤية ظهور هذه الجماعات كعاقبة وسبب لفقدان السيطرة. مع تدهور الانضباط العسكري، تنشق الفصائل المتشظية، وتشكل مجموعات جديدة تعمل بشكل مستقل، غالباً بأجنداتها الخاصة ومصادر تمويلها.
• نماذج من فقدان السيطرة على الافراد العسكريين
أصبحت بعض القرى في شمال دارفور رمزًا للوحشية التي ميزت صراع دارفور. في فبراير 2004، هاجمت ميليشيات الجنجويد، مدعومة من الجيش السوداني، احد القرى. أشارت التقارير إلى مقتل أكثر من 400 شخص وتعرض العديد من النساء للاغتصاب. تم نهبت المنازل والأسواق وتم حرقها. سلط الهجوم على تلك القرى الضوء على عواقب فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتهم.
أفاد شهود عيان أن المهاجمين تصرفوا بدون أي (تنسيق أو ضبط)، وارتكبوا الفظائع بدون محاسبة. سمح غياب القيادة الفعالة والإشراف بحدوث هذه الجرائم بدون رادع، مما أدى إلى إدانات واسعة النطاق ودعوات للتدخل الدولي.
• تدمير القرى
خلال صراع دارفور، دُمرت العديد من القرى بشكل ممنهج من قبل القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة. كانت هذه الهجمات تتبع نمطاً متكرراً: قصف جوي من القوات الجوية السودانية، يليه هجمات برية من ميليشيات الجنجويد. نُهبت القرى، وأُحرقت، وأُفرغت من سكانها. لم يؤدِ تدمير القرى إلى خسائر كبيرة في الأرواح فحسب، بل عطلت أيضاً سبل عيش الناجين، مما أدى إلى عدم استقرار اقتصادي واجتماعي طويل الأمد. سمح عدم قدرة الضباط العسكريين على السيطرة على قواتهم باستخدام هذه التكتيكات بشكل متكرر، مما ساهم في الاستراتيجية العامة للتطهير العرقي في دارفور.
• دور الفاعلين الدوليين
استجابة المجتمع الدولي لصراع دارفور أكدت على أهمية الانضباط العسكري وعواقب انهياره. نشرت الأمم المتحدة (UN) والاتحاد الأفريقي (AU) بعثات حفظ سلام لتحقيق الاستقرار في المنطقة، لكن هذه الجهود كانت تعوقها غالباً سلوك القوات العسكرية السودانية وميليشياتها الفوضوية وغير المتوقعة.
• لوائح المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) أوامر اعتقال لعدة قادة سودانيين، بمن فيهم الرئيس عمر البشير، لجرائم ارتكبت في دارفور. استندت هذه اللوائح إلى أدلة على هجمات ممنهجة على المدنيين، مما يبرز الرابط المباشر بين فقدان السيطرة العسكرية وارتكاب جرائم الحرب. جلبت مشاركة المحكمة الجنائية الدولية الانتباه الدولي إلى الحاجة للمحاسبة وأهمية الحفاظ على الانضباط العسكري لمنع مثل هذه الفظائع. ومع ذلك، أظهرت مقاومة الحكومة السودانية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية تحديات فرض المعايير الدولية في وجه الإفلات من العقاب الداخلي.
• ما يستفاد من هذه الشواهد:
يوفر الصراع السوداني، ولا سيما حرب دارفور، عدة دروس لمنع فقدان السيطرة على القوات العسكرية وتخفيف عواقبها:
- تعزيز هياكل القيادة: الهياكل الفعالة للقيادة والسيطرة ضرورية للحفاظ على الانضباط العسكري. يشمل ذلك خطوط واضحة للسلطة، وآليات المساءلة، وتدريباً منتظماً للضباط والقوات.
- التدريب الأخلاقي والتعليم في حقوق الإنسان: يجب أن يتلقى الجنود والضباط تدريباً شاملاً في حقوق الإنسان وقوانين الحرب لمنع الانتهاكات وضمان الامتثال للمعايير الدولية
- الإشراف المستقل: إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة والتحقيق في السلوك العسكري يمكن أن يساعد في ضمان المساءلة ومنع الإفلات من العقاب.
- الدعم والتدخل الدولي: يجب أن يكون المجتمع الدولي مستعدًا لدعم الجهود الوطنية للحفاظ على الانضباط العسكري والتدخل عند الضرورة لمنع الفظائع.
- المصالحة والعدالة بعد الصراع: ضمان العدالة للضحايا وتعزيز المصالحة ضروريان لإعادة بناء الثقة ومنع النزاعات المستقبلية. يشمل ذلك محاسبة الجناة ومعالجة الأسباب الجذرية للعنف.
ونخلص من هذا:
يمكن أن تكون عواقب فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتهم مدمرة، كما يتضح من صراع دارفور في السودان. جرائم الحرب، وانتهاكات حقوق الإنسان، والانهيار الاجتماعي، وانتشار الجماعات المسلحة هي من بين النتائج الوخيمة لهذا الانهيار في الانضباط العسكري. وتؤكد استجابة المجتمع الدولي لهذه القضايا على أهمية المساءلة والحاجة إلى هياكل قيادة وسيطرة قوية داخل المنظمات العسكرية. من خلال هذه التجارب الآن يجب وضع وتنفيذ تدابير لتعزيز الانضباط العسكري، مما يمكن من منع مآسي مماثلة في المستقبل وتعزيز السلام والاستقرار في المناطق المعرضة للنزاع.
aahmedgumaa@yahoo.com
مقدمة
إن (بعض) ما يجري الآن في السودان من تفلتات أمنية مرده إلى فقدان القيادات العسكرية السيطرة على الأفراد في وحداتهم العسكرية وعدم القدرة على الاشراف المباشر على إدارة هؤلاء الأفراد والتزامهم بقواعد الاشتباك، وهي برتوكولات معروفة عند الجيوش المنضبطة تحدد كيفية العمل خلال المعارك في الحرب وبعد الحرب. وغياب السيطرة على القوات مرده لضعف التراتبية العسكرية أولاً، وثانياً لغياب هذه القيادات الفعلي عن ساحة المعركة. فالقيادات العليا كلها في الجيش استطاعت أن تؤمن لنفسها مسالك للهروب ومثال لذلك هروب البرهان من القيادة العامة واختفاء حميدتي بصورة مريبة حتى الآن. وكلا القائدين بعيدً فعلياً عن قيادته. وإن صدق (مبارك الفاضل) فيما اوردته وسائل الاعلام، فان القائد الثاني للدعم السريع عبد الرحيم دقلو قد صرح بأنه (فقد السيطرة على قواته). والواقع الذي تعيشه قوات الدعم السريع والتجاوزات التي لا يصدقها، عقل تقف دليلاً على صدق الكلام. فما يجري الآن في قرى الجزيرة ودارفور وكردفان ومن قبل في الخرطوم، من قتل وسلب ونهب وتهجير، هي مجرد أعمال عصابات وليس أفعال جيوش لديها أجندة على المستوى المحلي أو القومي. والسؤال يوجه بشكل مباشر للمستشارين وليس العسكريين هذه المرة: هل هذا القتل والنهب والسلب والاغتصاب والتهجير القسري للمواطنين مؤصل في أجندة الدعم السريع وفي رؤياه للحرب والسلام والحكم؟ أنا في ظني أن الأمر قد أفلت من أيدي القيادات العليا فتحولت الوحدات العسكرية الى بؤر إرهابية تحمل السلاح وتجني رزقها بالكلاشنكوف كما قال الامام الصادق عليه واسع الرحمات (يالكلاش نعيش بلاش). فالانضباط العسكري هو العمود الفقري لأي قوة مسلحة فعالة. إنه يضمن التماسك والتنسيق الاستراتيجي والنجاح العملياتي للقوة العسكرية. ومع ذلك، فقد أظهر التاريخ أن فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتها يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية، بما في ذلك جرائم الحرب، وانتهاكات حقوق الإنسان، وانهيار الهياكل المجتمعية. وامثلة من تاريخ الثورة الفرنسية، فقد تمرد الجيش الفرنسي في (1790)، اذ قاد الاستياء بين الجنود، الناتج عن الظروف المعيشية السيئة، وعدم دفع الرواتب، والاضطرابات السياسية، إلى سلسلة من التمردات. أضعفت هذه التمردات بشكل كبير فعالية الجيش الفرنسي وأسهمت في حالة الفوضى التي كانت تعم فرنسا في ذلك الوقت. وقد سمح نقص الانضباط والسيطرة للعناصر الراديكالية بكسب النفوذ، مما زاد من زعزعة استقرار الأمة. ويوفر الصراع السوداني، ولا سيما حرب دارفور، مثالاً مؤثراً على العواقب الوخيمة التي تنجم عن انهيار الضبط العسكري. في هذا المقال سنتحدث عن نتائج فقدان السيطرة ، مع التركيز على الصراع السوداني الحالي لتسليط الضوء على التداعيات الأوسع. ولكن قبل الدخول في صلب المقال لابد من ايراد بعض المصطلحات في المقصود بقواعد الاشتباك لدى القوات العسكرية في الحروب ، ما هي هذه القواعد وما حدودها؟
• ما المقصود بقواعد الاشتباك عند العسكريين؟
قواعد الاشتباك (Rules of Engagement - ROE) هي مجموعة من التعليمات التي تصدرها السلطات العسكرية لتحدد الظروف والضوابط التي يمكن للقوات العسكرية أن تفتح فيها النار أو تشارك في القتال مع العدو. تهدف هذه القواعد إلى تنظيم استخدام القوة في العمليات العسكرية لضمان الامتثال للقانون الدولي، وللحفاظ على الانضباط داخل القوات، ولحماية حقوق الإنسان وتقليل الخسائر بين المدنيين.
• عناصر قواعد الاشتباك:
- تعريف الأهداف: تحدد قواعد الاشتباك الأهداف التي يمكن مهاجمتها أو الاشتباك معها، وتفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية لضمان عدم استهداف المدنيين والمنشآت المدنية
- استخدام القوة: توضح القواعد متى وكيف يمكن استخدام القوة، بما في ذلك الأسلحة النارية والقنابل والهجمات الجوية. يتم تحديد مستويات القوة المسموح بها وفقًا للتهديدات المحتملة.
- التناسب: يجب أن تكون القوة المستخدمة متناسبة مع التهديد، بحيث لا تكون مفرطة بالنسبة للهدف المنشود.
- التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين: تفرض القواعد ضرورة التمييز بين المقاتلين والأشخاص غير المشاركين في القتال (مثل المدنيين)، لضمان عدم الإضرار بالأخيرين.
- الضرورات العسكرية: تتطلب قواعد الاشتباك أن تكون أي عملية عسكرية مبررة بضرورة عسكرية، أي أنها يجب أن تكون ضرورية لتحقيق هدف عسكري مشروع.
- الحماية: تتضمن القواعد إجراءات لحماية المدنيين والممتلكات المدنية، بما في ذلك الالتزام بالتحذيرات وإجراءات الإخلاء عند الضرورة.
• أهمية قواعد الاشتباك:
- الامتثال للقانون الدولي: تضمن قواعد الاشتباك أن العمليات العسكرية تتماشى مع القانون الدولي الإنساني وقوانين النزاعات المسلحة، مثل اتفاقيات جنيف.
- حماية المدنيين: تساعد القواعد في تقليل الخسائر بين المدنيين والأضرار الجانبية، مما يعزز الاحترام لحقوق الإنسان.
- الحفاظ على الانضباط: تساعد قواعد الاشتباك في الحفاظ على الانضباط داخل القوات المسلحة، من خلال وضع حدود واضحة للسلوك المقبول في ساحة المعركة.
- تقليل التصعيد: يمكن أن تساعد القواعد في منع تصعيد النزاعات من خلال تقييد استخدام القوة وجعلها محددة فقط عندما تكون ضرورية ومبررة.
• أمثلة على قواعد الاشتباك:
- إطلاق النار فقط في حالة الدفاع عن النفس: يسمح للجنود بإطلاق النار فقط إذا تعرضوا لهجوم مباشر.
- تحذير قبل استخدام القوة: يجب إعطاء تحذيرات واضحة قبل استخدام القوة ضد أهداف معينة.
- تجنب الأهداف المدنية: يحظر استهداف المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية المدنية.
- تقييم الضرر الجانبي: يجب تقييم الأضرار الجانبية المحتملة قبل تنفيذ أي هجوم.
• تطبيق قواعد الاشتباك:
يتم تدريب الجنود على فهم وتنفيذ قواعد الاشتباك من خلال التدريب المستمر والتعليم. قد يتم تحديث القواعد بانتظام وفقاً لتغير الظروف الميدانية والسياسية. في حالات الانتهاك، قد يخضع الأفراد للمساءلة القانونية من خلال المحاكم العسكرية أو الدولية.
ونخلص للقول أن قواعد الاشتباك هي أدوات حيوية لإدارة العمليات العسكرية بشكل مسؤول وأخلاقي. تساعد هذه القواعد في الحفاظ على الامتثال للقوانين الدولية، وحماية المدنيين، وضمان الانضباط داخل القوات العسكرية، ومنع تصعيد النزاعات بشكل غير ضروري. من خلال تطبيق هذه القواعد، يمكن للجيوش تنفيذ عملياتها بفعالية مع الحفاظ على القيم الإنسانية الأساسية.
• لمحة عامة عن الصراع السوداني
شهد السودان فترات طويلة من الصراع منذ الاستقلال في عام 1956. تشمل النزاعات الأكثر بروزاً الحرب الأهلية السودانية الأولى والثانية وصراع دارفور. بدأت حرب دارفور في عام 2003، حيث قامت الحكومة السودانية وميليشيات الجنجويد المتحالفة معها بارتكاب فظائع واسعة النطاق ضد السكان (غير العرب) في دارفور. توفر حرب دارفور دراسة حالة حاسمة لفحص تداعيات فقدان القيادات العسكرية السيطرة على مرؤوسيهم.
• العوامل المؤدية إلى فقدان السيطرة
يمكن لعدة عوامل أن تؤدي إلى فقدان القادة العسكرية السيطرة على قواتهم، بما في ذلك:
- الانقسامات العرقية والقبلية: في السودان، غالباً ما تتفوق الولاءات العرقية والقبلية على الولاء الوطني، مما يؤدي إلى هياكل قيادة مجزأة.
- نقص التدريب والانضباط:يتلقى العديد من الجنود السودانيين، وخاصة أولئك في مجموعات الميليشيات مثل الجنجويد، تدريباً رسمياً محدوداً، مما يؤدي إلى سلوك غير منضبط ومتقلب.
- التلاعب السياسي: قام القادة السياسيون، بمن فيهم الرئيس عمر البشير خلال صراع دارفور، بالتلاعب بالهياكل العسكرية لخدمة أجندات شخصية أو عرقية، مما أدى إلى تقويض سلسلة القيادة.
- ندرة الموارد: يمكن أن تؤدي الموارد المحدودة وظروف المعيشة السيئة إلى تآكل الانضباط وتشجيع النهب وغيرها من الأنشطة الإجرامية بين القوات. وخير دليل على ذلك ما قامت وتقوم به قوات الدعم السريع في الخرطوم والجزيرة ودارفور واجزاء اخر في كردفان.
• عواقب فقدان السيطرة
- جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان: عندما يفقد القادة العسكريون السيطرة على افرادهم من الجنود، تكون العواقب الفورية والأكثر خطورة غالباً هي ارتكاب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. ففي دارفور، كانت القوات العسكرية السودانية وميليشيات الجنجويد متورطة في حملات عنف ممنهجة ضد المدنيين. شملت هذه الحملات القتل الجماعي، والاغتصاب، وتدمير القرى. وقد سمح فقدان السيطرة على الجنود وأعضاء الميليشيات بالتصرف بدون محاسبة، مما أسفر عن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. فعلى سبيل المثال، شهدت بعض القري في دارفور مذابح في العام 2004 حيث قُتل مئات المدنيين وتعرضت العديد من النساء للاغتصاب. أشارت التقارير إلى أن هذه الفظائع ارتُكبت بدون تدخل يُذكر من القيادات العسكرية، مما يبرز انهياراً كاملاً في القيادة والسيطرة.
- انهيار النظام الاجتماعي: يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة العسكرية إلى انهيار النظام الاجتماعي، مما يزيد من فوضى الحرب. ففي دارفور والخرطوم والجزيرة، أدى العنف الذي ارتكبه الجنود والميليشيات غير المنضبطة إلى نزوح جماعي، حيث أُجبر الملايين من الناس على الفرار من منازلهم. تمزق النسيج الاجتماعي في دارفور والخرطوم والجزيرة، حيث دُمرت المجتمعات وانحلت الهياكل الاجتماعية التقليدية.
وقد أثقلت أزمة النزوح هذه الموارد أيضاً في مخيمات اللاجئين والمجتمعات المضيفة، مما أدى إلى مزيد من عدم الاستقرار. ساهم عدم قدرة القادات العسكرية على الحفاظ على السيطرة مباشرة في هذا التفكك الاجتماعي، حيث أصبح العنف غير المنضبط وانعدام القانون هو القاعدة.
• تآكل الشرعية والثقة
عندما ترتكب القوات العسكرية فظائع، تفقد شرعيتها محلياً ودولياً. ففي السودان، أدت تصرفات الجيش والميليشيات المتحالفة معه في دارفور إلى إلحاق ضرر كبير بمصداقية الحكومة. أدانت المجتمع الدولي الحكومة السودانية، مما أدى إلى فرض عقوبات وعزلة. فداخلياً، تآكلت ثقة السكان في الجيش والحكومة. هذا التآكل في الثقة يجعل المصالحة وإعادة البناء بعد الصراع أكثر صعوبة، حيث يكون الضحايا ومجتمعاتهم أقل ميلًا للاعتقاد بالتزام الحكومة بالعدالة والإصلاح.
• انتشار الجماعات المسلحة
يمكن أن يؤدي فقدان السيطرة على القوات العسكرية إلى انتشار الجماعات المسلحة. في السودان، ظهرت العديد من الجماعات المتمردة رداً على الفظائع التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات. وغالباً ما تتشكل هذه الجماعات على أساس عرقي، مما يزيد من تعقيد المشهد وجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة. ويمكن رؤية ظهور هذه الجماعات كعاقبة وسبب لفقدان السيطرة. مع تدهور الانضباط العسكري، تنشق الفصائل المتشظية، وتشكل مجموعات جديدة تعمل بشكل مستقل، غالباً بأجنداتها الخاصة ومصادر تمويلها.
• نماذج من فقدان السيطرة على الافراد العسكريين
أصبحت بعض القرى في شمال دارفور رمزًا للوحشية التي ميزت صراع دارفور. في فبراير 2004، هاجمت ميليشيات الجنجويد، مدعومة من الجيش السوداني، احد القرى. أشارت التقارير إلى مقتل أكثر من 400 شخص وتعرض العديد من النساء للاغتصاب. تم نهبت المنازل والأسواق وتم حرقها. سلط الهجوم على تلك القرى الضوء على عواقب فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتهم.
أفاد شهود عيان أن المهاجمين تصرفوا بدون أي (تنسيق أو ضبط)، وارتكبوا الفظائع بدون محاسبة. سمح غياب القيادة الفعالة والإشراف بحدوث هذه الجرائم بدون رادع، مما أدى إلى إدانات واسعة النطاق ودعوات للتدخل الدولي.
• تدمير القرى
خلال صراع دارفور، دُمرت العديد من القرى بشكل ممنهج من قبل القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة. كانت هذه الهجمات تتبع نمطاً متكرراً: قصف جوي من القوات الجوية السودانية، يليه هجمات برية من ميليشيات الجنجويد. نُهبت القرى، وأُحرقت، وأُفرغت من سكانها. لم يؤدِ تدمير القرى إلى خسائر كبيرة في الأرواح فحسب، بل عطلت أيضاً سبل عيش الناجين، مما أدى إلى عدم استقرار اقتصادي واجتماعي طويل الأمد. سمح عدم قدرة الضباط العسكريين على السيطرة على قواتهم باستخدام هذه التكتيكات بشكل متكرر، مما ساهم في الاستراتيجية العامة للتطهير العرقي في دارفور.
• دور الفاعلين الدوليين
استجابة المجتمع الدولي لصراع دارفور أكدت على أهمية الانضباط العسكري وعواقب انهياره. نشرت الأمم المتحدة (UN) والاتحاد الأفريقي (AU) بعثات حفظ سلام لتحقيق الاستقرار في المنطقة، لكن هذه الجهود كانت تعوقها غالباً سلوك القوات العسكرية السودانية وميليشياتها الفوضوية وغير المتوقعة.
• لوائح المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) أوامر اعتقال لعدة قادة سودانيين، بمن فيهم الرئيس عمر البشير، لجرائم ارتكبت في دارفور. استندت هذه اللوائح إلى أدلة على هجمات ممنهجة على المدنيين، مما يبرز الرابط المباشر بين فقدان السيطرة العسكرية وارتكاب جرائم الحرب. جلبت مشاركة المحكمة الجنائية الدولية الانتباه الدولي إلى الحاجة للمحاسبة وأهمية الحفاظ على الانضباط العسكري لمنع مثل هذه الفظائع. ومع ذلك، أظهرت مقاومة الحكومة السودانية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية تحديات فرض المعايير الدولية في وجه الإفلات من العقاب الداخلي.
• ما يستفاد من هذه الشواهد:
يوفر الصراع السوداني، ولا سيما حرب دارفور، عدة دروس لمنع فقدان السيطرة على القوات العسكرية وتخفيف عواقبها:
- تعزيز هياكل القيادة: الهياكل الفعالة للقيادة والسيطرة ضرورية للحفاظ على الانضباط العسكري. يشمل ذلك خطوط واضحة للسلطة، وآليات المساءلة، وتدريباً منتظماً للضباط والقوات.
- التدريب الأخلاقي والتعليم في حقوق الإنسان: يجب أن يتلقى الجنود والضباط تدريباً شاملاً في حقوق الإنسان وقوانين الحرب لمنع الانتهاكات وضمان الامتثال للمعايير الدولية
- الإشراف المستقل: إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة والتحقيق في السلوك العسكري يمكن أن يساعد في ضمان المساءلة ومنع الإفلات من العقاب.
- الدعم والتدخل الدولي: يجب أن يكون المجتمع الدولي مستعدًا لدعم الجهود الوطنية للحفاظ على الانضباط العسكري والتدخل عند الضرورة لمنع الفظائع.
- المصالحة والعدالة بعد الصراع: ضمان العدالة للضحايا وتعزيز المصالحة ضروريان لإعادة بناء الثقة ومنع النزاعات المستقبلية. يشمل ذلك محاسبة الجناة ومعالجة الأسباب الجذرية للعنف.
ونخلص من هذا:
يمكن أن تكون عواقب فقدان القيادات العسكرية السيطرة على قواتهم مدمرة، كما يتضح من صراع دارفور في السودان. جرائم الحرب، وانتهاكات حقوق الإنسان، والانهيار الاجتماعي، وانتشار الجماعات المسلحة هي من بين النتائج الوخيمة لهذا الانهيار في الانضباط العسكري. وتؤكد استجابة المجتمع الدولي لهذه القضايا على أهمية المساءلة والحاجة إلى هياكل قيادة وسيطرة قوية داخل المنظمات العسكرية. من خلال هذه التجارب الآن يجب وضع وتنفيذ تدابير لتعزيز الانضباط العسكري، مما يمكن من منع مآسي مماثلة في المستقبل وتعزيز السلام والاستقرار في المناطق المعرضة للنزاع.
aahmedgumaa@yahoo.com