غندور: الحراك السياسي داخل المؤتمر الوطني طبيعي ونعترف بالتقصير في مخاطبة المواطن بما يكفي

 


 

 

حكومة جوبا عدائية .. ونحن نادمون علي أننا لم نحسم كل الملفات قبل استفتاء الجنوب

لدينا أسبابا في أخذ حقنا من بترول الجنوب عينا وقرار أمريكا بمد جوبا بالسلاح خطأ

نحتاج إلي أنابيب للحوار بين قوي المعارضة .. والخلاف بين المهدي والترابي منهجي


الخرطوم- أفريقيا اليوم : صباح موسى sabahmousa@hotmail.com
وصف أمين الإعلام في المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان  البروفسير إبراهيم غندور   وجود مذكرة تصحيحية من قبل أشخاص داخل الحزب بأنه أمر  لا يعدو كونه مجرد حراك سياسي داخلي ، معتبرا أن ذلك يعد أمرا طبيعيا و  أن الحكومة تطمئن لوقوف الشعب بجوارها، معترفا أن حزبه لم ينزل إلى المواطن بما يكفي.
وشدد في حوار لـ" أفريقيا اليوم " www.africaalyom.com علي  أن قضية المناصير يمكن أن تصبح  قضية عادية لو خرجت منها بعض التدخلات السياسية  ،فيما   شن هجوما على حكومة الجنوب واصفا اياها بالعدائية وأنها تمثل مخالب قط لدوائر معادية في المنطقة موضحا أن رسوم نقل النفط الجنوبي تشمل الجمارك وصيانة خط الصادر،   وأكد أن ليبيا لا يمكن أن تضحى بعلاقاتها مع السودان من أجل عيون أمريكا، لافتا إلي  أن الخلاف بين الترابي والمهدي منهجي , وقال غندور : نحتاج إلى أنابيب للحوار بين قوى المعارضة، وهذا يتطلب رشدا سياسيا من جانب الحكومة والمعارضة معا. وإلي  نص الحوار:

هنالك حديث عن أن هناك ألف شخص من المؤتمر الوطني  قدموا مذكرة تصحيحية، الأمر الذي قرأه البعض على أنه تذكير بمذكرة العشرة التي أطاحت بالشيخ حسن الترابي. مامدى صحة هذا الحديث؟
-    هي ليست كذلك، ولكن أقول قبل وقت قريب في داخل المؤتمر الوطني وصلت مذكرات من بعض القيادات، وناقشناها في داخل هياكلنا، وكنت أمينا سيسيا للحزب وقتها، والمذكرات التي وصلتني في الأمانة ناقشناها، وبالتالي أي مذكرة تصل عبر المؤسسية سيتم نقاشها، فلا أعتقد أن القضية ثورة أو مذكرة عشرة، يمكن ان نسميه حراكا سياسيا طبيعيا، ولا يؤثر على هياكل المؤتمر الوطني أو تركيبته.

هل أنت على إتصال بهذه المجموعة؟
-    لا، ولكني سمعت بأن هنالك مجموعة تعمل على ذلك، ولكنها لم تتصل بين ولم أتصل بها، ولذلك لا أعلم تفاصيل، لكني أتوقع مثل هذا الحراك.

هل من الممكن أن يتطور هذا الحراك داخل الشارع السوداني ويصبح ربيعا عربيا جديدا؟
-    لا يمكن أن نقول أننا لا نتحسب لحراك شعبي، ولكننا نقول نطمئن إلى وقوف الشعب معنا، وهذا ليس معناه أن هناك حكومة في الدنيا كاملة، حتى الأنبياء والرسل كان عليهم خلاف، وإيمانا منا بأننا نفعل مانحاول به أن نخدم قضايا الشعب يجعلنا أكثر إطمئنانا.

وهل الوضع الإقتصادي المتأزم وزيادة الأسعار يمثل لديكم خدمة لقضايا الشعب والمواطن؟
-    قطعا مايهم المواطن هي معيشته والخدمات الأساسية من تعليم وصحة وغيرها، وبهذا الفهم المواطن يريد من الحكومة أن تقدم له أفضل الخيارات، وأعتقد أن الحكومة رغم ماقدمت تظل هنالك فجوة بين حاجة المواطن وتطلعاته، ومعروف انه كلما قدمت للمواطن كلما ازدادت تطلعاته، فهو يريد مزيدا  من العيش الكريم بمايراه على شاشة الفضائيات والشبكة العنكبوتية، والمواطن في هذه المرحلة في عنق الزجاجة، لكن البرنامج السياسي الذي وضع للخروج من هذه الضائقة الإقتصادية، أعتقد بأنه سيجعلنا نحقق مكاسب، ويجعلنا نحاول أن نتجاوز الأزمة عام بعد عام، وذلك بالإستفادة من موارد السودان المختلفة وهي كثيرة، وأقول بأننا أهملناها بعض الشئ وإعتمدنا كاملا على البترول. لكن نحن متفائلون ان شاء الله.

أريد أن أسمع منك شخصيا نقدا  ذاتيا  للمؤتمر الوطني؟
-    حتى الآن لم ننزل إلى المواطن بما يكفي ومخاطبته بتفاصيل العمل السياسي بالبلاد، وهذه التحديات لم تواجهها أي حكومة بالدنيا، وظللنا نردد أن القضية بها بعد خارجي، ولكننا ظللنا نقول ذلك للشعب دون أن نشرحه بما فيه الكفاية، الأمر الذي فسره البعض بعد ذلك  بحث عن مبررات و أعذار، وبالتالي هذه أهم القضايا التي يجب أن ننزل بها إلى المواطن، للتأكيد على أن المعاناة التي يعاني منها جزء منها قد يأتي لأننا ندفع فواتير الحفاظ على امن السودان ووحدته في ظل تحديات يشارك فيها بعض أبناء السودان للأسف.

وهل قضية مثل المناصير بها تدخل خارجي؟، الجميع يقر على أنها قضية عادلة ولكن المؤتمر الوطني يتبع سياسة غير مفهومة في التعامل معها. ألا تخشون أن تفجر هذه القضية الأوضاع بالبلاد؟
-    المؤتمر الوطني ممثل في مكتبه القيادي كون لجنة منذ وقت طويل، وهذه اللجنة رفعت توصياتها وأجازها المكتب القيادي، وأنا عضو في هذا المكتب واطلعت على التنفيذ من خلال لقاءات مع الجهات المعنية، لكن هذه الجهات لديها رؤية فهي لا تريد أن تطرح للرأي العام ماتم انفاذه خوفا أن يكون هناك طرفي نزاع المناصير والحكومة أو المناصير والمؤتمر الوطني، لا يريدون أن تكون القضية تراشقا بينهم وبين ممثلي المناصير، ابتداءا فالقضية هي قضية حكومة وليست قضية ناشطين، وبالتالي لا تريد الجهات المعنية أن تضع أنفسها منبرا إعلاميا آخر لتوضيح الرأي، لأن المعنيين يعلمون، وممثلي المناصير يعلمون، ماجرى تنفيذه كثير، وقضية المناصير بها كثير من العدالة، وأيضا كثير من الإنجازات التي تمت لهم، وماتبقى ليس بكثير، وتوجيهات الأخ الرئيس لحكومة الولاية بتكوين مفوضية لهذا الأمر، إذا أخرجت بعض التدخلات السياسية ستكون قضية المناصير عادية.

ما رأيك أنت في رؤية الجهات المعنية في هذه القضية؟
-    أنا شخصيا على قناعة بأن توضيح الأمر كاملا للرأي العام يساعد في حل القضية، ولكن هذه الرؤية هي التي غلبت.

هل ستحل المناصير قريبا؟
-    أتوقع أن تحل قريبا جدا، لأن الرئيس مهتم بهذا الملف جدا ويتابعه.
الجمهورية الغامضة

كل ما سمعناه بعد إنفصال الجنوب أن هناك مايسمى بالجمهورية الثانية شكل هذه الجمهورية أو ملامحها غير معروف سوى الربط دائما في تصريحات الرئيس البشير بأنها إسلامية. ماهو جديدكم وبرنامجكم الواضح في هذه الجمهورية؟
-    بالتأكيد الجمهورية الثانية لها برنامج سياسي، هذا البرنامج يمس كل جوانب الآداء الساسي بالوطن، وعلى رأسه الحكومة العريضة، التي يشارك فيها كل الأحزاب للمساهمة في بناء الوطن في المرحلة القادمة، وبهذا الفهم وبدخول الحزب الإتحادي أكبر الأحزاب الرئيسية المعارضة وآخرون من الأحزاب هذا تحول سياسي، هنالك تحول إقتصادي متمثل في البرنامج الثلاثي وهو سياسة إقتصادية في هذا المجال، وأيضا برنامج إجتماعي يتمثل في دعم القضايا المختلفة التي تتعلق بحياة المواطن، على رأسها دعم 500 ألف أسرة عبر ديوان الزكاة والمنظمات التي تناولت الدور المباشر عبر التحولات في مجال التعليم التقني والزراعة والإستفادة منها والمعادن والتعدين الأهلي، وإيجاد فرص عبر استثمارات كبيرة تديرها شركات مؤهلة في هذا المجال، وبالتالي هذا برنامج معلوم وأجيز من أجهزة المؤتمر الوطني، والمؤتمر العام، وجزء منه أصبح سياسة تنفيذية عبر الحكومة، ووقعنا مع الأحزاب التي دخلت الحكومة برنامج واضح جدا فيما يتعلق بقضايا الدستور والحكم الراشد والحكم الفيدرالي وغيرها، ووقعنا اتفاقات مع أحزاب في المعارضة مثل حزب الأمة حول القضايا الوطنية المختلفة، وعلى رأسها علاقات الشمال والجنوب وكردفان والنيل الأزرق، وبالتالي الجمهورية الثانية لها برنامج، والتحدي مرهون بتنفيذ هذا البرنامج.

عفوا بروفسير غندور هذا الحديث جميل ولكنه يظل حديثا نظريا...  هل يحس المواطن بهذا البرنامج فعليا؟
-    هذا ماعنيته بالنزول للمواطن، وشرح التفاصيل له، ولابد من الإعتراف بأن أجهزتنا التحتية سواء اللجان الشعبية وغيرها انشغلت بخدمات هي من صميم عمل الجهاز التنفيذي، وأهملت التواصل المباشر مع المواطن في إطار العمل السياسي المرتبط بحياته، ولكن أعتقد أن لدينا برنامج ممكن أن يكون مقنعا للمواطن، ويجب أن نكون شفافين معه، سنمر بضائقه هذا العام، وستتناقص هذه الضائقة عندما ندخل في العام الثاني والثالث، كل ذلك مبني على توقعات بعضها أو غالبها تحت أيدينا، وجزء منها يتعلق بآخرين، مثل الإستثمارات الأجنبية وعلاقاتنا بالجنوب، والمجتمع الدولي ولكننا لا نعول على ذلك كثيرا، نستطيع ان نقول بأننا نضع ثلثي معالجة البرنامج السياسي تحت أيدينا مباشرة.
تفاوض وتشاؤم

دعنا ننتقل للعلاقة بين الشمال والجنوب هناك جولة من التفاوض   في أديس أبابا لإكمال الملفات العالقة بينكما. هاهي توقعاتك لهذه الجولة؟
-    إذا أخذنا في الحسبان المواقف السابقة لحكومة الجنوب، وتعنتها غير المسبب ومحاولتها ربط كل الملفات بقضايا مثل أبيي، وقضايا مثل التنازل عن مناطق حدودية هي شمالية في الأصل، وفقا لحدود 1/1/1956، وهي التي أكد بروتوكول مشاكوس بأنه يمثل المبادئ الرئيسية لإتفاقية السلام، لست متفائلا في أن نصل لإتفاق، لكنني أمنى لو كانت حكومة الجنوب وبعض المتعنتين فيها، وأقول بعض ولكنهم متنفذين لو درسوا واقع الجنوب وحاجة المواطن فيه لكل مايمكن أشواقا له وهو يصوت لدولته المنفصلة من حياة كريمة وخدمات، لن يكون ذلك إلا بتعاون كامل مع السودان، لأننا بكل عقلانية نحتاج إلى علاقات مع الجنوب نخدم بها مواطنينا ليس على جانبي الحدود فقط، ولكن على مستوى السودان كله والقارة الأفريقية، فالسودان يمثل جسرا بين أفريقيا الشمالية والوسطى والشرقية والغربية، وبهذا الفهم سيظل السودان محور جذب لكل الدول من حوله، ونحن عملنا علاقات طيبة مع كل دول الجوار ومن باب أولى علاقات متميزة مع الجنوب، فلنا مع دولة الجنوب دماء مشتركة وحدود مشتركة وتاريخ مشترك، ولكنني لست متفائلا بالجولة القادمة بالطريقة التي ظلت تديرها حكومة الجنوب لهذه الملفات، ولن يتنازل السودان عن أبيي، وما يعتبره حقا في حدوده في عدد من المواقع المختلف عليها، ولا أعتقد بأن بعض عقلاء الجنوب يستطيعون أن يضغطوا على لوردات الحرب، والمتنفذين في حكومة الجنوب والحركة الشعبية والجيش الشعبي من أجل الوصول إلى إتفاق.

موضوع وقف تصدير بترول الجنوب وأخذ حقوق الشمال منه عنوة هل تعتقد أنه سيحل هذه المشكلة؟ ألا تخشون أن يجد الجنوب دولا أخرى للتصدير بعيدا عنكم، فلو ذهب به سيكون  خسارة كبيرة لكم؟
-    السودان ينطلق مما تم الإتفاق عليه في السابق في بداية التفاوض حول قضايا مابعد الإستفتاء والقضايا العالقة مثل أبيي والحدود، فكان هنالك إتفاقا إطاريا تم الإتفاق عليه لحلحلة كل القضايا المختلفة من خلال لجان فنية، وفريق سياسي قائم بين الجانبين، ولكن في قضية البترول قدمت الإتفاق الذي تم من خلال الإطاري وقبل إقامة الإستفتاء، بأن المطلوب دولتين قابلتين للحياة إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا إذا إحتار الجنوبيون الإنفصال، وهنالك إتفاق على عدد من القضايا الإقتصادية وهو أن السودان سيواجه فجوة إقتصادية خاصة في العملات الصعبة بعد الإنفصال، وتم الإتفاق في وجود الوسطاء، ولا حقا في وجود الخبراء من البنك الدولي وصندوق النقد، على أن هذه الفجوة مطلوب فيها تفاصيل محددة، تدفعها حكومة الجنوب وأخرى توفرها حكومة الشمال من خلال إتباع سياسات محددة مثل تقليل الإنفاق، ومشاريع إنتاجية جديدة مثل الإستفادة من مزايا إقتصادية وجذب استثمارات وثالث يوفره المجتمع الدولي، حكومة جنوب السودان حاولت التنصل من ذلك.

مقاطعة.. عفوا إذا كنتم تريدون تعويضا فالتعويض له أشكال أخرى، ولكن ليس بهذا التعنت بفرض رسوم باهظة على نقل النفط؟
-    الموضوع ليس كذلك، الإتفاقية كانت كاملة، وقضية قسمة الأصول في النفط، تم الإتفاق على أن تكون جغرافيا، بحيث تؤول آبار النفط في الجنوب للجنوب، وفي الشمال للشمال، حكومة الجنوب تستند في قضية الرسوم الدولية إلى خطوط أنابيب في بلدان تملكها البلدان المصدرة، بينما يملك السودان أنبوب النفط ووارد تدفع رسومات كاملة بما فيها الجمارك وغيرها، وحكومة الجنوب في قضية الباخرتين التي تم إيقافهما في بور سودان لم تدفع رسوم الجمارك، وبالتالي السودان عندما قدم الرقم عن الرسوم قدم رقما كاملا، بما فيه كل الخدمات المتعلقة بنقل النفط، وليس تعويضا كما يقال، ولكنها جمارك ومواني، وحسابات صيانة الخط الذي يخدم بترول الجنوب. وتم الإتفاق في البداية على أنه مع إنفصال الجنوب يبدأ الإتفاق، عندما ربطت حكومة الجنوب كل القضايا للتنازل عن أبيي دون وجه حق، بدأنا مفاوضات، هذه المفاوضات تسير بها جرجرة مقصودة ومتعمدة من حكومة الجنوب، لأن أموال النفط ظلت تأتيها دون أن تدفع لحكومة السودان شيئا ودون أن تتأثر بذلك. حكومة السودان من جانبها منحت الوسطاء والمفاوضين فرصة حتى اكتوبر 2011، بطلب من رئيس لجنة الإتحاد الأفريقي ثامبو مبيكي بأن تمد حتى نهاية نوفمبر، فمددها الرئيس، ولذلك عندما جاءت مفاوضات 19 ديسمبر الماضي، كان رد الحكومة السودانية واضحا جدا من أنه ما دام الإتفاق لم يتم، فسوف يأخذ السودان حقه عينا، لأن حكومة الجنوب ظلت تتحصل كل المبالغ وتستخدمها في دعم العدوان وركات التمرد على السودان، فحقوق هذا النفط هي حقوق الرسوم المتعلقة بكل قضية النفط وتصديره، وبالتالي لن يكون أمامنا مجال إما أن نغلق التصدير وهذا خطر للجانبين كما تفضلتي، ولكنه خطر اكثر على دولة الجنوب والتي تعتمد على 98% على مواردها من النفط، بينما نحن ظللنا كل هذه المدة دون أن يأتينا عائد، الأمر الثاني هو أن نأخذ حقا عينا حتى يتم الإتفاق، الوسطاء قدموا خيارات، بان تدفع حكومة الجنوب أموالا محددة حتى يتم الإتفاق، لكنها حاولت أن تقدم مبالغ ضئيلة جدا لا تقارب شيئا مما قدمه الوسطاء.

هل لنا أن نعرف هذه المبالغ؟
-    لا أستطيع أن أعطي الأرقام هنا لأسباب تتعلق بالقضية فمازالت محل تفاوض، فحكومة الجنوب تريد أن تأخذ الكيكة كاملة وتحتفظ بها وهذه حقوقنا ولن نستجديها فينتظرها مواطن تعليما وصحة وخدمات وغيرها.

يمكن لحكومة الجنوب كما تهدد الآن أن تأتي بشركات تبني لها خطا للتصدير من غير السودان بإتفاق سوف يغنيها عن هذه المعاملة... وقتها ماذا ستفعلون؟
-    هم حاولوا قبل ذلك وجاءتهم نصائح بغير ذلك، ولكن فلنقل بأنهم سيفعلون ويستطيعون، فلم يجعلنا هذا نتنازل عن حقوقنا، فالقضية ليست خسارة فقط بل أنها موازنة بين حقوقنا القانونية والإقتصادية، وبين مايحاول أن يفرض علينا، القضية أن حكومة الجنوب وبعض من يقفون خلفها، يعتقدون بأن الفجوة الإقتصادية ستكون كبيرة ومدمرة، وقد ربطوا ذلك في السابق بحرب العملات، ليفاجئوا السودان بعملة جديدة، فيصبح الجنية السوداني بغير ذي قيمة، وفشلت هذه الحيلة، والأزمة الإقتصادية مع ضغوط حربية وعسكرية في جنوب كردفان بدأوها والنيل الأزرق التي دبروها، ودعم حركات دارفور، ومنها يمكن أن يطبقوا الحصار على السودان فتسقط حكومته. القضية كانت خطة إقتصادية عسكرية مشتركة، الإقتصادية لم تأتي كما يشتهون، وفشلت العسكرية تماما، وبالتالي هم يفكرون في سيناريوهات جديدة، لجأوا للمجتمع الدولي عبر مجلس الأمن لإتخاذ قرارات في أبيي نعتقد بأنها مجحفة، لأن الذي يقف في تاريخ ترسيم إتفاقية أديس أبابا المؤقتة حول أبيي هو حكومة الجنوب التي تحاول أن تفرض علينا أسماء ومسميات بعينها، وحاولوا أن يضغطوا عبر المنظمات الإنسانية، ورأينا كيف أن 66 منظمة وقعت، ضغطا على حكومة السودان بفرض منظمات إنسانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقد جربناها في دارفور من قبل، ورأينا ماذا فعلت وهذا مكتوب وموثق، وبالتالي هي خطة لإستهداف السودان بأكمله، والمضي قدما في تقديمه وهذا فشل، لكن القضية لو كانت إتفاقا بين دولتين فهي ليست صعبة، فكفكة الملفات وجعل كل ملف قائم بذاته، لا علاقة بين أبيي وبين أي ملف آخر، ولكنهم يعتقدون بأن الضغوط على السودان سيجعله يتنازل عن قضايا مثل أبيي ولكنهم مخطئون.
أمريكا والجنوب

القرار الأمريكي بمد الجنوب بالسلاح ألا يقلككم؟
-    الأمريكان دعموا الجنوب من قبل، وظلوا يدعمونه من أجل الوصول إلى حصار، والمعروف أن دولة الجنوب مولود شرعي لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، بدعم من الإتحاد الأوروبي وإسرائيل التي دعمت ومولت بالسلاح، وهذا معروف ولا ينكره شخص، وذكره سلفاكير، لكن الخطأ الذي ترتكبه الولايات المتحدة الأمريكية بدعمها بالسلاح للجنوب واضح أنها لم تقرأه قرأة صحيحة، فتوجهات حكومة الجنوب العدوانية مع جيرانها، فلن يقتصر العداء على السودان فقط، فسوف يمتد إلى آخرين، وهنالك نقاط خلاف كثيرة بين حكومة الجنوب وكل من كينيا ويوغندا، وتداخلات في الحدود مع أفريقيا الوسطى، وبالتالي هذا السلاح سيغير من موازيين القوى من خلال توجهات نعلمها، فهو خطأ، وقد يحدث سباق تسلح في المنطقة، خاصة السودان وجنوبه، فالسودان لن يقف مكتوف الأيدي في الدفاع عن نفسه، ومحاولات خلخلة الأمن في السودان ستدفع ثمنها دول المنطقة، والدول الكبرى، فالسودان يجاور العديد من الدول المليئة بالمشاكل في شرق وغرب أفريقيا وفي القرن الأفريقي وفي تدخلات البحر الأحمر ومياه النيل وغيرها، وهذا سيجعل آخرين ينتفضون للدفاع عن مشاكلهم. لو كانت لدى أمريكا حكومة راشدة لدعمت الجنوب في بناء بنيته التحتية التي يحتاجها المواطن، لا لدعمه بالسلاح.
تطورات

ما هي تطورات الأوضاع في جنوب كردفان؟
-    لا زالت المناوشات تسير في بعض الأحيان، لكن حركات التمرد محصورة في أماكن بعينها، وهي في الحدود مع دولة الجنوب والتي توفر الدعم المالي والبشري والعسكري، ولكنها انحصرت تماما داخل أثيوبيا التي منعت أي حراك عسكري ضد السودان.

وهل أنتم مستعدون لتحالف كاودا وتهديداته؟
-    أي تحالف عسكري أي كان يجب أن تتحسب الدولة بكامل قدراتها له، لكن لا أعتقد بأن هذا التحالف يمكن أن يمتلك من القرارات ما يهدد الخرطوم، لكن قطعا سيجعل كثير من الموارد تذهب للدفاع عن السودان والمحافظة عليه في وقت السودان فيه أحوج لأي إنفاق، هذا جزء من التآمر على السودان.

بعد عام من الإستفتاء ماذا يحسب للخرطوم وماذا يحسب عليها؟
- أكبر خسارة نندم عليها هو أننا لم نحسم كل الملفات قبل الإستفتاء، ولأننا أحسنا الظن في من لا يستحق من  الحركة الشعبية وحكومة الجنوب، وبالتالي هذه واحدة من أخطائنا، فهي حكومة عدائية، وتمثل مخلب قط لدوائر معادية في المنطقة لا تريد أمنا ولا سلاما، ومن الواضح أن هذه الحكومة انتفخت بإقامة دولة، وفكرت في أنها تستطيع أن تتمدد في كل إتجاه، وأنها يمكنها أن تبدأ بالخرطوم.

لو انتقلنا لدارفور هناك تعينات جديدة لولاة وفق تقسيم جديد هل أنتم بذلك أنهيتم أي إتفاق مع باقي الحركات؟
-    إتفاقية الدوحة جعلت مجالا لمن يريد أن ينضم محدد بزمن، وتعيين الولاة بهذه الطريقة متفق علية مع حركة التحرير والعدالة، وهو أحد قرارات مؤتمر كنانة حول دارفور، وبالتالي هو فقط كان ينتظر إكمال الدوحة وليس العكس.

كيف ترون دارفور بعد مقتل خليل إبراهيم؟
-    حتى قبل وقت قليل نسير في مسيرة السلام، والتقيت قبل أيام بالدكتور التيجاني سيسي، وهو متفائل جدا بعد أن زار كل مناطق دارفور وكل المعسكرات، ونحن متفائلون كما هو متفائل.

وماذا عن تهديدات العدل والمساواة بعد مقتل زعيمها؟
-    التهديدات لم تتوقف يوما من الأيام حتى قبل مقتل خليل، وبالتالي لن تتوقف طالما ظلت الحركة تحمل السلاح، ولكن أتمنى يحكموا العقل بحيث ينظروا إلى مصلحة السودان ومصلحة دارفور.

توقعاتك للعدل والمساواة بعد مقتل خليل؟
-    إنشقاقاتها بدأت وبالتالي أي توقع بالإنفصال لن يكون أمر جديدا، هنالك مجموعة انشقت، وهنالك ربما مجموعات أخرى سوف تنشق، ولكني أتوقع أن تجنح الحركة أيضا نحو السلام إذا درست الأمر دراسة متأنية، أعرف من سيتولون أمرها، وأعرف الأخ جبريل إبراهيم أنهم يفكرون بعقلانية أكثر من ذي قبل، وظلت قواتنا المسلحة تؤكد على قدرتها في حسم أي ملف أمني.

من وقت لآخر هناك أخبار بأن إسرائيل قصفت شرق السودان، ما هو موقفكم من هذه الهجمات؟
-    إسرائيل تصنف السودان دائما كأحد أعدائها، وبالتالي ليس مستغربا أن تقوم بذلك، فقد ظلت في جميع وثائقها تؤكد على أن السودان دولة عدوة، ويمكن أن تضيف إلى الأمة العربية، وتأكدت في حرب 67 أن السودان عمق عربي ويمثل إحتياطي كبير للأمة العربية مساحة وقدرات وموارد وبالتالي يحاولون.

هم ينظلقون من أن السودان يهرب أسلحة إلى غزة؟
-    في العالم التي تغطيه الأقمار الصناعية ليس صعبا أن تثبت أي جهة أن هنالك مثل هذا الإتهام، وعليهم أن يقدموا للجهات الدولية، ولكنه تعدي فقط ومحاولة لحلحلة الأمن في السودان.

وما هو دور السودان في الحفاظ على أرضه؟ هل هو إستسلاما؟
-    ليس استسلاما لكن الجهات المعنية تدرس ذلك بعناية.

كيف كان تعليقكم على الإحتجاج الأمريكي على زيارة الرئيس البشير الأخيرة لطرابلس؟
-    هذا أمر غريب فالرئيس ظل يزور دولا كثيرة في المنطقة العربية والأفريقية، ولن نسمع احتجاجا أمريكيا، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تريد أن تضع ليبيا الثائرة الجديدة تحت وصايتها، ولا أعتقد أن ليبيا يمكن أن تضحي بعلاقاتها مع السودان من أجل عيون المتحدثة باسم البيت الأبيض.
خلاف منهجي

هل الحكومة إنزعجت من الصلح الذي تم مؤخرا بين الترابي والصادق المهدي؟
-    كانوا مع بعضهم ولم يكن هناك إزعاجا لنا، أنا شخصيا أتمنى أن تكون المعارضة قوية، وأن تكون الأحزاب السودانية مجتمعة ومتوافقة، وأن يكون هناك مثال لمعارضة راشدة، لأن ذلك يقوي الحكومة، ونتمنى أن تكون المصالحة حقيقية بين قطبي المعارضة، لكن واضح أن الخلاف منهجي بين المؤتمر الشعبي وحزب الأمة، فالأول يريد تغيير النظام بأي ثمن، والثاني يريد لكن بوسائل مدنية، المعارضة إذا أرادت التغيير فعليها أن تنتظر الإنتخابات، أو تسعى لتعديل الدستور، ولكنهم آخذين في الحسبان الربيع العربي، عليهم أن يعتبروا الفترة القادمة بناء لأحزابهم قبل الإنتخابات، فهم ضيعوا من قبل الفترة من 2005 حتى 2010 ليتحسروا بعد ذلك على ضياع الانتخابات منهم، عليهم التوجه إلى الشعب عبر صناديق الإنتخاب ليختار بينهم وبين المؤتمر الوطني. أعتقد أن الخلاف بين الترابي والمهدي سوف يتجدد، ولو كنت مكانهم لأسست لمعارضة راشدة تنظر في اخفاقات الحكومة لمخاطبة المواطن، بدلا من التفكير في التغيير الذي لا يستطيعون تحقيقه.
وساطة مصرية

كانت هناك زيارة مؤخرا  لوزير الخارجية المصري للخرطوم بعد جولة له في دول حوض النيل. ماهو تعليقك على هذه الزيارة؟
-    الزيارات بين البلدين لم تتوقف، خاصة وأن مصير البلدين مشترك، ولابد من التنسيق المستمر في كل القضايا الدولية والإقليمية والمشتركة، ومصيرهما يجب أن يكون تكاملا إن لم يكن وحدة، ووجود مستجدات جديدة بوجودة دولة جديدة في جنوب السودان يستوجب التنسيق، فالإتفاق بين دول حوض النيل ليس صعبا، إذا تم الإبتعاد عن الأجندات الخارجية، تل أبيب تحاول أن تستخدم حكومة الجنوب في قضايا عدوانية ضد السودان والمنطقة العربية، ولا أعتقد أنها سوف تنجح، فحكومة الجنوب لا تملك من الملفات في قضايا مياه النيل، والتي تأتي غالبها من منطقة الكونغو ومرتفاعاتها، وقضية المستنقعات في جنوب السودان إذا أرادت حكومة جوبا أن تستفيد منها فلمصر والسودان حق في ذلك، والجنوب ليس دولة منبع، ومياه النيل غالبها من النيل الأزرق وأثيوبيا، وهنالك حكومة متفهمة تماما لحساسية القضية، وتحرص على علاقات مع دول الحوض، وبالتالي الإتفاق في حوض النيل ليس صعبا.

كانت هنالك مبادرة أعلنتها مصر لتقريب وجهات النظر بين السودان وجنوبه. هل قبلتم بهذه الوساطة المصرية؟
-    نحن نفصل بين أمرين القضايا العالقة التي يتوسط فيها الإتحاد الأفريقي، والعلاقات بين البلدين كجارين مستقرين، والأخيرة جهود الوسطاء والأشقاء فيها لم تكن مرفوضة، لكن القضايا الثنائية أو مايسمى بقضايا مبادئ الإستفتاء هي قضايا تتولاها لجنة معنية بذلك وتعرف تفاصيلها.

وماذا عن الملف الشائك بين البلدين. هل ناقشتم مع المصريين موضوع حلايب بعد الثورة؟
-    نعم ناقشنا حلايب مع مصر بعد الثورة ولكن دون تفاصيل، على إعتبار أننا نقدر كاملا أن مصر الآن في مرحلة إنتقالية، وهذه المراحل في الغالب لا تحسب فيها الملفات العالقة، نتمنى من مصر الجديدة أن تدرس قضية حلايب كقضية يمكن أن تؤثر على علاقات الأجيال بين البلدين، وبالتالي نتمنى أن يتم الإتفاق على احد الخيارات المطروحة في حلايب، لأنه لا يمكن أن تحل كل قضايا مصر حتى مع إسرائيل في طابا، وتظل حلايب. القضية بالنسبة لنا حلايب سودانية لا جدال في ذلك، ولكننا لا نريد أن نجعلها ولن نجعلها قضية يمكن أن تعكر صفو العلاقات، وسوف تحل في إطار قضايا خلافية. مصر تتعامل مع حلايب بالأمر الواقع وهي سياسة غير مساعدة في الحل، القيادة السودانية سوف ترفع هذه الملاحظات للقيادة المصرية الجديدة، وليس هنالك أي مجال لتعكير صفو العلاقة.

هل يمكن أن نسمع منك تفاصيل أكثر عن حادثة التعدي عليك في دار حزب الأمة؟
-    هذه واقعة للأسف كانت مدبرة، ولن أشير إلى الجهات التي دبرتها، هي كانت داخل دار حزب الأمة، ولكن من خلفها ليسوا من الأمة، وهناك لجنة من الأمة للتحقيق فيها، الحمد لله لم أصب بأي أذى، أكملت كلمتي كاملة، وأرسلت رسالة واضحة أنا من أكثر المشاركين مع كل أحزاب المعارضة في الحوار، ومن أفضل ما أنتجته هذه الحادثة أن كل الإعلام باستثناء صحفي واحد في صحيفة الرأي للشعب انتقدها، وجردوها من كل وسائل العمل السياسي والأخلاقي، وبالتالي السابقة ستكون نقطة تحول في محاولات تعامل بعض السياسيين الذين يحاولون النيل منهم بكل الوسائل، وأعتقد بأنها لن تتكرر، وأقول للذين بدأوها إذا كنتم عشرات في داخل الدار ترفضون النظام، فهنالك الملايين بالخارج يختلفون معكم، ومن الصعب جدا أن تحرك مجموعة محدودة للإساءة بالسياسين في ندوة، رغم أنها كانت مجموعة مدبرة ومنظمة، وهذه الحادثة لم تحدث لسياسي المؤتمر الوطني فقط فقد حدثت للترابي والمهدي من قبل، والجديد فيها أن الإعلام أدانها بصورة غير مسبوقة، فقد حسبت أكثر من 44 مقال حول هذه الواقعة، والكل أدانها، وبالتالي هي رسالة بأنه ليس في صالح أحد تكرار مثل هذه الأحداث.

كلمة أخيرة بروفسير غندور؟
- أنا متفائل وأتوقع استقرارا  اقتصاديا  وسياسيا ، وهذا يتطلب رشدا سياسيا جانب منه في الحكومة والآخر في المعارضة، نحتاج أن نفتح أنابيبا للحوار والتواصل بين قوى المجتمع السياسي السوداني، فهو واعي جدا، ولذلك كل محاولات جرجرته من أجل أن يأتي بناس في الحكم لن تنجح، لكن الشعب إذا أراد التغيير يستطيع، ولكن معطيات التغيير إلى الآن غير موجودة لا في قضية الواقع ولا في البدائل. ولذلك فأنا متفائل.

 

آراء