فيتامين سي (جيم)

 


 

 

فيتامين سي (جيم)
VITAMIN C أو ال ASCORBIC ACID (AA)
بقلم الصادق عبدالله ابوعيّاشة
مستشار، مختص في استراتيجيات التنمية والإدارة، صحفي ومؤلف.
مقدمة..
مع مطلع الشهر الكريم، أفكر في المساهمة ببعض المعرفة العامة. وأنتجها بطريقة ميسورة، التي ربما تسببت في أحياء نفس، وبلا شك أن من أحياها كأنّما أحيا النّاس جميعاً. أستلف من خلفية معرفة لي في علوم الزراعة وخصائص الغذاء. وأحي اساتذتي الأجلاء في مجال الزراعة وعلوم البساتين. ثم أبحث قليلاً في شأن بعض المغذّيات الدقيقة، ومنها هذا الفيتامين العجيب، الكل يوم معانا وما قادرين نقول.
الفيتامينات، وفيها أخص فيتامين سي أو فيتامين جيم، كما يذكره البعض. وهو مادة لها خطورتها، لأسباب تخصها. ولها ضرورتها في صيانة الخلايا التي تتعرض للمرض والاهتراء. وحماية الخلايا التي تقترب من حافة الهلاك.
فيتامين سي مادة لا يصنعها الجسم، ولا يخزنها. وتفسد إذا دخلت إلى نار الطبخ كيف كانت. وإذا زادت في الجسم تتسبب في الإعياء والخمول. فلا بد أن تدخل إلى الجسم باستمرار وبكمية معقولة، ولا بد أن يدار شأنها بوعي. ومن أسباب فقدان فيتامين سي في الوجبة أن يُشوى الخضار لجودة طعمه أو أن يسلق أو أن يطبخ، أو أن يُقلى. ومن محاسن الممارسات أن الفواكه تؤكل طازجة، أو يصنع منها عصير لا يتعرض للنار. وكلما تم تناولها بحالتها الطبيعية ذاك أفضل.
الفيتامينات وما أدراك
الفيتامينات عبارة عن مركبات غذائية عضوية، ضرورية لعمل عمليات الجسم الحيوية. ويتم الحصول عليها من مصادر حيوانية أو نباتية مختلفة ضمن وجبات الطعام اليومية أو يصنعها الجسم داخله. والحاجة لها بكميات قليلة، هذا مقارنة بالمواد الغذائية الرئيسية (النشا، الدهون، البروتين وحتى الألياف). مثل أن تكون الحاجة لفيتامين سي لمدة يوم مثل قطرة (تخيل قطرة الأنف أو الاذن) ماء صغيرة، لكنها تحتاج إلى كوب ماء لإذابتها. تماثلها بالمقابل العناصر المعدنية، مثل الحديد، الزنك الكالسيوم واليود والبوتاسيوم وغيرها.
لكل فيتامين تركيب خاص، يكسبه خصائصه من ناحية الذوبان واستقراره عندما يتعرض للحرارة أو الضوء ـ ونحو ذلك. فمن الفيتامينات ما يذوب في الدهون، ومنها ما يذوب في الماء، ومنها ما يتكسر بالحرارة، ولا يصمد في الطهي.
قد ينتج جسم الإنسان كميات ضئيلة من بعض أنواع الفيتامينات، من خلال العمليات الحيوية (الفسيولوجية) في الجسم. إلا أن العديد منها لا ينتجه الجسم ولذلك يجب الحصول عليه من مصادر خارجية. لذلك يتطلب أن يكون الكثير منها ضمن التناول الغذائي اليومي. أما العناصر المعدنية الغذائية فتحتاج أن تدخل الجسم عبر ما يتناوله الإنسان من غذاء. ولابد من الإشارة إلى أن الجنين في بطن أمه قد خصص البارئ تعالى له مصنع المشيمة وتزويده باحتياجاته من المغذيات.
وقد شبهت الفيتامينات بحكم كميتها القليلة وفاعليتها، مثل المادة الأسمنتية في البناء أو أقل من ذلك في العملية البنائية للجسم. ونقص الفيتامينات في الجسم يمكن أن يؤدي حدوث مشاكل صحية خطيرة. ومن أعراض مظاهر نقص الفيتامينات: أنواع نقص الفيتامين: الشعور بالتعب والإرهاق بشكل دائم، ألم في العظام والظهر. هشاشة وتكرار كسور العظام، الإكتئاب، سرعة التقاط العدوى وكثرة المرض، تساقط الشعر، تشقق البشرة ونزيف اللثة.
ولذلك تلعب الفيتامينات دورًا هامًا في الحفاظ على صحة الجسم، حيث تُساهم في تعزيز صحة جهاز المناعة، والجلد، والعظام، والعضلات، والأعصاب، وكذلك الحفاظ على صحة العين، والقلب، والجهاز الهضمي، فضلًا عن دورها في عمليات الجسم الحيوية وإنتاج الطاقة.
اكتشاف فيتامين سي (ج)
كانت معظم حركة التجارة (ولا تزال الكثير منها) بين القارات بواسطة السفن البطيئة الحركة. حيث يمكث البحارة شهوراً عديدة في لجج البحار. أو تدهمهم العواصف والتيارات البحرية والأمطار للرسو في جزر وخلجان وشواطئ خالية من الحياة. كان كثير من البحارة يصابون بأمراض تقصف وخشونة الجلد وتهتك أنسجة الفم، بما كان مرض البحّارة يعرف بالاسقربوط، وما ينتابهم من الإعياء وفقدان الشهية. فقد كانوا يطعمون الأطعمة الجافّة المملحة. ورقائق الخبز والبسكويت.
ثم لاحظ أحد الأطباء أن تناول البرتقال والليمون يؤدي إلى الشفاء من مرض الاسقربوط . وأن إضافة عصير الليمون إلى الطعام يمنع الإصابة بالاسقربوط. فصارت السفن تحتفظ وتزود أطقمها بحصص يومية من العصير. ليتأكدوا بعدها أن ذلك المفعول سببه حمض الاسكوربك، الذي أطلق عليه اسم فيتامين سي.
تسمية فيتامين سي
وقد سمي بفيتامين (سي) لأنه الثالث اكتشافاً بعد فيتامين (إيه A)، وفيتامين (بي B). وسمي بفيتامين (ج) لأنه الثالث ترتيباً (أ.. ب.. ج) في اللغة العربية. وقد أشتهر بالاسم (سي) أكثر من (جيم)ـ تفرد نطق الحرف (سي). ليستقر أنه فيتامين(سي).

خصائص فيتامين سي
فيتامين سي هو حمض الأسكوربيك ، الذي يتواجد بشكل طبيعي في العديد من الأطعمة التي نتناولها يوميًا، خاصة الحمضيات والخضراوات الورقية وغيرها. وهو حمض عضوي (غير معدني)، يسمى حامض الأسكوربيكAscorbic Acid ، (AA). في حالته المستخلصة النقية، يظهر فيتامين (ج)، في شكل مسحوق أو بلورات بيضاء مصفرة قليلاًً، يطفي لونها قليلاً للإسوداد تدريجياً عندما تتعرض للضوء. يلاحظ أن أوعية حفظ الأدوية كانت كثيرة منها معتمة. ذات لون محمر للحد من تأثير الضوء. تغيّرت في العقود الأخيرة إلى قناني معتمة، من البلاستيك وغير البلاستيك غير نافذة للضوء، للحد من تأثير الضوء على مكوناتها.
وبلّورات فيتامين (سي) تكون ثابتة نوعاً في الأوساط الجافة. تذوب بسرعة في الماء. والكحول لكن لا تذوب في المذيبات العضوية الأخرى، مثل الكلوروفورم والأبتر والبنزين.
كما يتأثر فيتامين (سي)، الذي لا يستطيع جسم الإنسان تصنيعه، يتأثر بالضوء كذلك يتكسر بالحرارة، لذا تفقد الخضروات المطهوة ما تحتويه من فيتامين (سي). لذا تأتي أهمية السلطة من الخضروات غير المطبوخة. أي لا بد من احتواء الوجبة المواد الغذائية طازجة، لم تتعرض للنار، مثل الخضروات والفواكه. ولذلك ينصح بعدم ترك الخضروات في الضوء والحرارة. ومن أكبر الخسائر استخدام الفلفلية الغنية بفيتامين سي في المحشي.
مفعول فيتامين سي
لتقريب الفهم أن فيتامين سي مهمته تغليف بعض نهايات المواد الغذائية النشطة التي تتفاعل مع الأكسجين أو المواد المؤكسدة الأخرى. وتحتفظ بقيمتها إلى حين استخدامها الأمثل. مثل أن تغلق قنينة عصير إلى وقت الاستخدام. وببساطة أكثر فيتامين سي يرمم الخلايا ويمنع عنها التلف. لذلك يعتبر فيتامين (سي) أحد مضادات الأكسدة الحيوية (الأكسدة هي تغيرات غير مرغوبة تحدث للمركبات داخل الخلية. ولذلك وجود فيتامين سي يثبط الاكسدة. وتكون نتيجة وجوده مساعدة الجسم في الحفاظ على الأنسجة الضامة بما فيها العظام، والجلد، والأوعية الدموية، كما له دور في العديد من الوظائف المهمة والحيوية في الجسم.
بتحديد أكثر يعتبر فيتامين (سي) هو العلاج الفعّال لمرض الأسقربوط (اهتراء اللثة) ومرض الاسقربوط يوصف بأنه ضعف واهتراء الشعيرات الدموية، خاصة في الفم حول محيط الأسنان وتخت الجلد. أكثر من ذلك يتسبب نقص فيتامين (سي) في فقد المريض شهيته للطعام ويصاب بآلام في المفاصل، والإصابة بالأرق والملل وقد يتطور الحال إلى الإصابة بالانيميا. وفي حالة الجروح وتهتك اللثة قد يتسبب في الغرغرينا (التهاب وتعفن الجروح) ويتسبب في سقوط الأسنان. إلى جانب ما لوحظ معالجته لأعراض أخرى تشمل تشقق الشفاه والجلد. ويعرف فيتامين (سي) بأثره في اندمال الجروح، متسبباً في تقوية الشعيرات الدموية..
مصادر فيتامين سي
يتوفر فيتامين سي بشكل ملحوظ الخضروات مثل الفجل، البصل الاخضر، الجرجير، الخس، والسبانخ والملوخية (قبل الطهي)، والطماطم والخيار والبطاطس. والفلفل الحار والفلفل الحلو. يعتبر الفلفل الحلو احد اغنى الخضروات بفيتامين سي، إذ يمكن تحتوي الثمرة الواحدة من الفلفل الحلو على على الحصة الموصى بها يوميًا لشخص بالغ من فيتامين ج، ما يجعل الفلفل الحلو من أفضل مصادر فيتامين ج الطبيعية على الإطلاق. إلا أن طريقة إعداد الفلفل الحلو في المحشي أو البيتزا أو الشوربة تفقده محتواه من فيتامين سي. هذا كما اشتهرت بفيتامين سي الفواكه من الموالح التي تضم البرتقال والليمون والجريب فروت والجوافة والمانجو والعنبروت (الكمثرى)، اليوسفى والفراولة. وقد صارت البرتقالة والليمونة الخضراء رمزاً لفيتامين سي.
حاجة الجسم إلى فيتامين سي
يُعرف فيتامين سي بالفيتامين البرتقالي، أو بفيتامين مكافحة الشيخوخة. لا يستطيع الجسم البشري إنتاج فيتامين سي ذاتيًا. ولا يستطيع تخزينه. لذا من الضروري تناوله بشكل طبيعي من خلال وجبات غذائية. أو من خلال المكمّلات الغذائية الأخرى.
يحتاج الجسم إلى فيتامين سي لتكوين وتقوية الأوعية الدموية والغضروف، والعضلات والكولاجين في العظام. فهو بذلك ضروري لعملية تعافي الجسد. فهو أحد مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من آثار الجزيئات الحرة، التي تنشأ أثناء الهضم أو عند تعرض الجسم لدخان التبغ وأشعة الشمس أو الأشعة السينية أو مصادر أخرى.
يساعد فيتامين سي الجسم في امتصاص الحديد وتخزينه. يقلل من شدة أعراض ومدة الإصابة بالعدوى، ولكنه لا يقي من الإصابة. يزيد من معدل امتصاص الحديد. المساعدة في التئام الجروح. الحفاظ على صحة الجلد والعظام والغضاريف والأوعية الدموية. يساعد في حماية الخلايا والمحافظة عليها. والأن يستفاد منه في تنعيم البشرة، حيث يتوفر في الليمون، بما لليمون من رائحة زكية. وبذلك دخل الليمون، لما فيه من فيتامين سي في وصفات التجميل ونضارة البشرة.
ولما كان طبيعة الجسم الإنساني لا تنتج ولا تفرز فيتامين سي، فتكون الحاجة مستمرة لتناوله يومياً من مصادره المذكورة آنفاً. أو من مصادره الأخرى في شكلها الدوائي من أقراص أو مشروبات أو جيلاتين. لكن لحسن الحظ أن ما يتناوله من أغذية تحتوي على فيتامين سي عادة يكفي، هذا إذ اتبع نظام غذائي سليم. لكن قد تظهر أعراض نقص فيتامين سي لدى الأشخاص، المدخنين، أو المدخنين سلبياً أو الذين يعانون أمراضاً في الجهاز الهضمي أو التنفسي أو أنواع معينة من السرطان. أو الذين يتبعون نظامًا غذائيًا محدودًا لا يشمل الفواكه والخضراوات بانتظام.
النسبة اليومية الموصى بها
تكفي للشخص البالغ مقدار نحو تسعين مليجرام.. عادة تكفي، ولا تدعو الحاجة إلى تناول فيتامين سي صناعي، إذا تناول الشخص سلطة في حدود مائة جرام من الجرجير والبصل الأخضر والطماطم والفلفل الحلو، والخيار. وتناول عصير ليمونة أو برتقالة او فراولة. ويحتاج تناول وجبة غنية من فيتامين سي إلى تناول ماء بشكل كاف.
استخدامات فيتامين سي العلاجية
يستخدم فيتامين سي، كعلاج لتسريع حالات الشفاء من الحروق أو الجروح أوالكسور. ولسد نقص الفيتامين لدى المصابين بالأمراض الآتية: الالتهاب الرئوي، والتهاب الحلق، والدفتيريا. ويتوافر بعدة هيئات مختلفة من الممكن الاختيار من بينها، مثل: الكبسولات، أو السكاكر، أو الشراب، أو حتى القطرات التي تؤخذ عن طريق الفم.
وفي حالة استخدامه علاجياً، قد تزيد الحاجة إلى ضعف المعدل المعتاد منه. يوصى فيتامين سي لمرضى السرطان ونزلات البرد بتناول وجبات غنية بفيتامين سي، وتناول عصائر فواكه وخضروات غنية بالفيتامين. وكذلك لمرضى العيون. إلا أن تناول نسب أعلى من فيتامين سي قد يتسبب في إسهال أو انتفاخ. ولكي يتخلص الجسم من الكمية الزائدة منه، لا بد شرب كميات كبيرة من الماء معه وبعد تناوله.
كذلك يُستخدم صناعياً حمض الأسكوربيك في تركيبات الأدوية لضبط درجة الحموضة خاصة في المستحضرات المعدة الحقن، بتركيز اقل من 1.0%.
استخلاص فيتامين سي
يستخلص فيتامين سي لأغراض طبية وعلاجية. ويتوفر بعدة أشكال في قنوات الدواء. حيث يستخلص من مصادره من الخضروات والفواكه باستخدام تقنية خاصة، يؤخذ فيها قدر من خضار أو فواكهة طازجة، يضاف إليها محلول حمضي ضعيف بتركيز نحو 10% كمذيب. في الوقت الذي يتم تفريغ الأكسجين من محيط المواد من الاكسجين بواسطة النيتروجين. ثم بواسطة جهاز طرد مركزي مصمم للغرض يتم إخراج السائل. والطريقة فنية تستخدم فيها تقنيات فرز وتركيز، إلى درجة الوصول إلى قوام وتركيز مطلوب. كذلك يمكن تصنيعه كيميائيًا، وإنتاجه عن طريق التخمر التأكسدي للبكتيريا، إضافة إلى استخلاصه من مصادر طبيعية، كما ورد أعلاه.

خاتمة
تظل الوصية الأمثل أن استشر الطبيب، عسى هذا العرض يكون قد نبه إلى بعض فوائد أو خصائص فيتامين سي، بما يلفت الإنتباه إلى فقدانه في الطبخ. وإلى طريقة تناوله من مصادره. وأنه من النصح، إن استطعت تناول كوب من عصير الليمون. ليمونة واحدة تكفي، وبدون سكر. البعض ربما يشرب الأمر من الليمون. وبرتقالة واحدة تكفي وبدون سكر. وبالطبع قطعة فليلفة واحدة تكفي، وربع ربطة جرجير متوسطة تكفي.
ولن أذيع سراً، بانتشار خبر على بعض الأصعدة أن فيتامين سي، أو إن شاء القارئ الليمون، بتدابير طبية محددة هي العلاج الامثل لمرض السرطان في بعض أطواره. وقد أشير بأن المستثمرين في الدواء والعلاج، لا يحبذون نشر هذا. قد يرون أنه لم يحن الإعلان عن ذاك بعد، لأسباب تتعلق بحجم الاستثمارات أدوية السرطان غير الليمون أو نحو ذلك.. اللهم نسألك عافيةَ وفتحاَ ورزقاً يحار فيه الناس.

الصادق عبدالله ابوعيّاشة
sadigabdala@gmail.com
الرياض 27 شعبان 1445، الموافق
8 مارس 2024

 

آراء