في حكاياتنا مايو!
عبد الله حميدة
30 March, 2022
30 March, 2022
(1) اول اعتصام لخريجي الجامعات
كان ذلك في يناير ١٩٧١حيث تجمعنا نحن ثلة من خريجي الجامعات السودانية التي لم يتجاوز عددها – حتي ذلك العام – الثلاثة ( جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة فرع الخرطوم والجامعة الاسلامية) معتصمين في قاعة اجتماعات وزارة العمل احتجاجا علي عدم توظيفنا في اجهزة الدولة بسبب قرار حكومة مايو تجميد الصرف علي الفصل الاول من الميزانية تقشفا ؛وهو الفصل الذي يتم بموجبه التعيين في وظائف الدولة .
وكنا قد استنفدنا كل الوسائل والاتصالات الناعمة لعرض قضيتنا علي المسؤلين دون جدوي كان ابرزها لقاء عاصفا مع نميري بعد ان علمنا انه سيخاطب مؤتمرا بقاعة الامتحانات في جامعة الخرطوم..ذهبنا لنقول له يا سيادتك نحن خريجو الجامعات الذين مازلنا نعاني من العطالة بعد عام من التخرج..فرد علينا بشي من الغضب : (بلاش صع....امشوا مكتب.. العمل( فهتفنا ضده وجها لوجه وزففنا سيارته حتي خروجها من البوابة الرئيسية للجامعة...لم يضربنا حرسه بالرصاص الحي او الميت ولم يعتقل منا احد.
ورب ضارة نافعة ، فقد نبهنا الرجل الي الجهة التي يمكن ان نتعاطي معها رغم ان تلك الجهة لم تكن لها علاقة مباشرة بتوظيف الجامعيين. ولاننا كنا علي يقين من المماطلات البيروقراطية التي تنتظرنا في مصلحة العمل فقد تفتق ذهننا علي فكرة الاعتصام هناك.
دخلنا وزارة العمل في شكل جماعي دون ان يعترضنا بواب او استقبال لانه اصلا لم تكن فكرة البوابين ومكاتب الاستقبال قد دخلت نافوخ الساطة حينئذ. ثم دلفنا الي قاعة الوزارة ففتح لنا احد السعاة بابها دون ان يسالنا من انتم وماذا تريدون؟
وبلغ الخبر المدير الاداري للوزارة فجاءنا منزعجا يسال عن الخبر. فقلنا له نريد ان يأتي الينا الوزير وكان الوزير هو المرحوم معاوية سورج . فجاء الرجل وتباسط معنا في حوار مرح .لكننا ( رفعنا سقف مطالبنا) وقلنا له لن نتحدث الا مع احد اعضاء مجلس قيادة الثورة. فذهب الرجل وجاءنا بالمرحوم الرايد هاشم العطا.
تحدث الينا الرجل بهدؤء ووعدنا بحل مشكلتنا في ظرف تمانية واربعين ساعة واضاف قايلا اذا لم يحدث ذلك( فالقاعة قاعدة (لتواصلوا اعتصامكم.
واوفي هاشم بما وعد وبدا توظيفنا بالتدريج فتم حل مشكلة الاعتصام.وجري تعيينا في مختلف مرافق الدولة وتدرجنا في الوظايف ووصل بعضنا الي رتبة الفريق في الجيش والشرطة ودرجة السفير في الخارجية ومدراء ووكلاء ، حتي بلغنا سن المعاش.
رحم الله هاشم العطا فقد فجعنا باعدامه رميا بالرصاص في مجزرة يوليو ١٩٧١ ، بعد خمس اشهر من تعيينا في الخدمة العامة.
بالله عليكم تاملوا في هذه الحكاية وانتظروا المزيد من حكايات مايو.
aha1975@live.com
/////////////////////////
كان ذلك في يناير ١٩٧١حيث تجمعنا نحن ثلة من خريجي الجامعات السودانية التي لم يتجاوز عددها – حتي ذلك العام – الثلاثة ( جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة فرع الخرطوم والجامعة الاسلامية) معتصمين في قاعة اجتماعات وزارة العمل احتجاجا علي عدم توظيفنا في اجهزة الدولة بسبب قرار حكومة مايو تجميد الصرف علي الفصل الاول من الميزانية تقشفا ؛وهو الفصل الذي يتم بموجبه التعيين في وظائف الدولة .
وكنا قد استنفدنا كل الوسائل والاتصالات الناعمة لعرض قضيتنا علي المسؤلين دون جدوي كان ابرزها لقاء عاصفا مع نميري بعد ان علمنا انه سيخاطب مؤتمرا بقاعة الامتحانات في جامعة الخرطوم..ذهبنا لنقول له يا سيادتك نحن خريجو الجامعات الذين مازلنا نعاني من العطالة بعد عام من التخرج..فرد علينا بشي من الغضب : (بلاش صع....امشوا مكتب.. العمل( فهتفنا ضده وجها لوجه وزففنا سيارته حتي خروجها من البوابة الرئيسية للجامعة...لم يضربنا حرسه بالرصاص الحي او الميت ولم يعتقل منا احد.
ورب ضارة نافعة ، فقد نبهنا الرجل الي الجهة التي يمكن ان نتعاطي معها رغم ان تلك الجهة لم تكن لها علاقة مباشرة بتوظيف الجامعيين. ولاننا كنا علي يقين من المماطلات البيروقراطية التي تنتظرنا في مصلحة العمل فقد تفتق ذهننا علي فكرة الاعتصام هناك.
دخلنا وزارة العمل في شكل جماعي دون ان يعترضنا بواب او استقبال لانه اصلا لم تكن فكرة البوابين ومكاتب الاستقبال قد دخلت نافوخ الساطة حينئذ. ثم دلفنا الي قاعة الوزارة ففتح لنا احد السعاة بابها دون ان يسالنا من انتم وماذا تريدون؟
وبلغ الخبر المدير الاداري للوزارة فجاءنا منزعجا يسال عن الخبر. فقلنا له نريد ان يأتي الينا الوزير وكان الوزير هو المرحوم معاوية سورج . فجاء الرجل وتباسط معنا في حوار مرح .لكننا ( رفعنا سقف مطالبنا) وقلنا له لن نتحدث الا مع احد اعضاء مجلس قيادة الثورة. فذهب الرجل وجاءنا بالمرحوم الرايد هاشم العطا.
تحدث الينا الرجل بهدؤء ووعدنا بحل مشكلتنا في ظرف تمانية واربعين ساعة واضاف قايلا اذا لم يحدث ذلك( فالقاعة قاعدة (لتواصلوا اعتصامكم.
واوفي هاشم بما وعد وبدا توظيفنا بالتدريج فتم حل مشكلة الاعتصام.وجري تعيينا في مختلف مرافق الدولة وتدرجنا في الوظايف ووصل بعضنا الي رتبة الفريق في الجيش والشرطة ودرجة السفير في الخارجية ومدراء ووكلاء ، حتي بلغنا سن المعاش.
رحم الله هاشم العطا فقد فجعنا باعدامه رميا بالرصاص في مجزرة يوليو ١٩٧١ ، بعد خمس اشهر من تعيينا في الخدمة العامة.
بالله عليكم تاملوا في هذه الحكاية وانتظروا المزيد من حكايات مايو.
aha1975@live.com
/////////////////////////