في مواجهة الأزمة الوطنية الممتدة
محمد عتيق
6 February, 2023
6 February, 2023
خارج المتاهة/
المهام أمام الثورة والثوار كبيرة بحجم الوطن ، وضخمة ضخامة التخلف والبؤس الذي ظل يعاني منه هذا الشعب العظيم . بينما نجد أن الذين يتصدون لقيادته - قيادة هذا الشعب - تتقاصر قاماتهم دائماً عن قامته وعن الذي يستحقه ... نظرة إليهم بموضوعيةٍ وتجرُّد تشير إلى ذلك وتؤكده : جماعتان تُهيمنان على الساحة (حركتها وأخبارها) : الأولى هي المؤيدة لما عُرف بالاتفاق الإطاري ، والثانية هي "الكتلة الديمقراطية" لقوى الحرية والتغيير (المجبورة على معاداة تلك الإتفاقية الإطارية) .. كلُّ واحدةٍ من الجماعتين تتحدث وكأنه لا وجود لغيرهما ، أي أنهما الجماعتان الوحيدتان في الساحة ، وتعلن كل واحدة (مثلاً) رفضها للتدخل الأجنبي رغم أن إدارة شؤون كل طرفٍ ، والمخطٍّط لما تعلنه من مواقف وأوراق وتوفٍّر لها الضيافة التامة ، هي أطراف أجنبية لا فرق بينها أمريكياً إماراتياً كان ذلك الطرف ، أم بريطانياً سعودياً ، أم مصرياً ، والمهم أنهم تجاوزوا حدودهم ؛
- هذا يطوف على المنابر ليؤكد على أهمية لجان المقاومة وأداءها كمكمِّلٍ لبرنامج التسوية الذي يمضي فيه بعد أن كان ينفي وجود الجماهير .. وبينما لجان المقاومة (وفي كافة مليونياتها) تدين التسوية مع البرهان وحميدتي وتطالب بالتغيير الشامل بإسقاط النظام وإقامة سلطة الشعب وتحقيق أهداف الثورة دون تسويف .
- وذاك ، القادم من أعماق انقلاب ١٩٨٩ الذي ثار عليه الشعب ، ومن قلب الحزب الذي سقط ، ليُبَشٍّر بأن أبواب الإطاري قد أُغلِقَت "الجوة جوة والبرة برة" ..
- هؤلاء يطالبون علناً بالوجود العسكري في السلطة وناشدوا العسكريين أن ينقلبوا إلى أن أتوا في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ..
- وهذا ، بالأمس كان مرافقاً لوفد عسكري "اسرائيلي" في جولة داخل (المنشآت العسكرية السودانية) ، واليوم يقف - خارج السلطة- - محروماً منها - ضد التطبيع مع "إسرائيل" وزيارة وزير خارجيتها للخرطوم!! .. وغيرهم ... وغيرهم .
الأرضية ، القاعدة ، التي يقف عليها كل طرف خالية من الأهداف ، سواءاً تعلّقت تلك الأهداف بسعادة هذا الشعب ورفاهه ووحدته الوطنية وتطوره ، أو تعلّقت بالوطن وما يجلب له من أسباب الشموخ والتماسك والانطلاق ، خاليةً إلّا من نوازع"المظهرية"و"السطوع" (النجومية) وغيرها من الأمراض الموروثة من ثقافة التخلف والقمع والاستبداد التي خضعنا لها ؛ عادت بنا القهقري وعملت على إخلاء حياتنا من هدفٍ نبيل أو دعوة جادة لصعود الذرى المضيئة الملونة بوطننا وأهله ، خاليةً إلّا من الرغبة والسعي المحموم إلى مواقع السلطة والنفوذ بلا حياء ..
(٢)
طريقان أساسيان ليستقيم حالنا ولنتقدم بثورتنا على طريقها التاريخي الصحيح :
الأول : *أن يكون لنا مشروع وطني واضح المعالم والأهداف* ، أساسه ؛ ثوابت لا خروج عنها مهما احتدم الخلاف بيننا واشتد الصراع ، ويمكن صياغة ذلك المشروع أو بلورته من خلال الإجابة على أسئلة مهمة ، منها :
+ *لتراب الوطن ، سلامته وأمنه* : ترامِي أطراف البلاد والتداخل القبلي والعرقي بينه وبين إمتداداته في دول الجوار يجعل الحدود في سيولة ، سائباً يسهل اختراقه و..و.. من المشاكل والمهدٍّدَات .. القوات النظامية والأمنية ؛ هل هي معنيَّة بمثل هذه القضية أم واجباتها هي الحكم والتجارة والتسلط ؟؟
+ *في معاش الشعب ، أحواله وكرامته* : هل الحركة السياسية معنِيَّة بمواجهة هموم الشعب ؟ وهل تبدأ تلك المواجهة من البنية الأساسية للدولة ؛بتأسيسها على أساس توظيف خيراتها وإمكانياتها للعناية بصحته ومعاشه ، أم بجعل تلك الامكانيات والخيرات ساحةَ تنافسٍ لرؤوس الأموال "المحلية والأجنبية" ؟
+ *لمستقبل الوطن ، شبابه وأجياله الجديدة* : هل يكون استثمارنا الحقيقي فيه بإحداث ثورةٍ جادة في التعليم : مناهجه ، إعداد معلميه ، بيئته ومبانيه ، وجعله متاحاً للجميع مجاناً وإجبارياً ، أم نتوجه لاستثمارات أخرى ليكون التعليم نفسه ساحةً من ساحاته ؟
مثل هذه الأسئلة ، والأجابات الوطنية الجريئة عليها ، تكون مشروعاً وبرنامجاً ثقافياً تنشأ عليه الأجيال الجديدة فيصبح أساساً للاختيار الديمقراطي للبرامج الانتخابية ...
*الثاني* : يتعلق *بالقيادات السياسية " كل القيادات السياسية السائدة الآن* ؛ ضعفها البائن ، الأمراض التي ظلت عالقةً بها من الواقع المريض الذي ارتقت منه ، تعمَّقَت فيها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة .. من هذه الأمراض نتجت : حالة التشرذم ، الواقع الذي يزداد بؤساً بهذا (التمترس) الغريب في المواقف ورفع شعارات منافية لسلوكها ومواقفها.. ورغم التمزيق الذي مارسته في صفوف لجان المقاومة ، وخطوطها السياسية التي زرعتها فيها إستقواءاً بها مما جعلتها تبدو منقسمةً أيضاً ، رغم ذلك ، لا مخرج لأزمتنا الوطنية الممتدة في معارجها النهائية *إلّا بصعود هؤلاء الشباب من لجان المقاومة إلى مواقع القيادة في أحزابهم لتكون بالفعل أحزاباً وطنيّةً تتفق على أسسٍ وثوابت وتتصارع بشرف ومحبةٍ للشعب والوطن حول التفاصيل لتكون لها برامج إنتخابية* ..
اكتفى الوطن وسئم الشعب من الشعارات الجميلة المرفوعة غير المسنودة بالإرادة والشجاعة الوطنيتين ..
05.02.2023
atieg@hotmail.com
المهام أمام الثورة والثوار كبيرة بحجم الوطن ، وضخمة ضخامة التخلف والبؤس الذي ظل يعاني منه هذا الشعب العظيم . بينما نجد أن الذين يتصدون لقيادته - قيادة هذا الشعب - تتقاصر قاماتهم دائماً عن قامته وعن الذي يستحقه ... نظرة إليهم بموضوعيةٍ وتجرُّد تشير إلى ذلك وتؤكده : جماعتان تُهيمنان على الساحة (حركتها وأخبارها) : الأولى هي المؤيدة لما عُرف بالاتفاق الإطاري ، والثانية هي "الكتلة الديمقراطية" لقوى الحرية والتغيير (المجبورة على معاداة تلك الإتفاقية الإطارية) .. كلُّ واحدةٍ من الجماعتين تتحدث وكأنه لا وجود لغيرهما ، أي أنهما الجماعتان الوحيدتان في الساحة ، وتعلن كل واحدة (مثلاً) رفضها للتدخل الأجنبي رغم أن إدارة شؤون كل طرفٍ ، والمخطٍّط لما تعلنه من مواقف وأوراق وتوفٍّر لها الضيافة التامة ، هي أطراف أجنبية لا فرق بينها أمريكياً إماراتياً كان ذلك الطرف ، أم بريطانياً سعودياً ، أم مصرياً ، والمهم أنهم تجاوزوا حدودهم ؛
- هذا يطوف على المنابر ليؤكد على أهمية لجان المقاومة وأداءها كمكمِّلٍ لبرنامج التسوية الذي يمضي فيه بعد أن كان ينفي وجود الجماهير .. وبينما لجان المقاومة (وفي كافة مليونياتها) تدين التسوية مع البرهان وحميدتي وتطالب بالتغيير الشامل بإسقاط النظام وإقامة سلطة الشعب وتحقيق أهداف الثورة دون تسويف .
- وذاك ، القادم من أعماق انقلاب ١٩٨٩ الذي ثار عليه الشعب ، ومن قلب الحزب الذي سقط ، ليُبَشٍّر بأن أبواب الإطاري قد أُغلِقَت "الجوة جوة والبرة برة" ..
- هؤلاء يطالبون علناً بالوجود العسكري في السلطة وناشدوا العسكريين أن ينقلبوا إلى أن أتوا في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ..
- وهذا ، بالأمس كان مرافقاً لوفد عسكري "اسرائيلي" في جولة داخل (المنشآت العسكرية السودانية) ، واليوم يقف - خارج السلطة- - محروماً منها - ضد التطبيع مع "إسرائيل" وزيارة وزير خارجيتها للخرطوم!! .. وغيرهم ... وغيرهم .
الأرضية ، القاعدة ، التي يقف عليها كل طرف خالية من الأهداف ، سواءاً تعلّقت تلك الأهداف بسعادة هذا الشعب ورفاهه ووحدته الوطنية وتطوره ، أو تعلّقت بالوطن وما يجلب له من أسباب الشموخ والتماسك والانطلاق ، خاليةً إلّا من نوازع"المظهرية"و"السطوع" (النجومية) وغيرها من الأمراض الموروثة من ثقافة التخلف والقمع والاستبداد التي خضعنا لها ؛ عادت بنا القهقري وعملت على إخلاء حياتنا من هدفٍ نبيل أو دعوة جادة لصعود الذرى المضيئة الملونة بوطننا وأهله ، خاليةً إلّا من الرغبة والسعي المحموم إلى مواقع السلطة والنفوذ بلا حياء ..
(٢)
طريقان أساسيان ليستقيم حالنا ولنتقدم بثورتنا على طريقها التاريخي الصحيح :
الأول : *أن يكون لنا مشروع وطني واضح المعالم والأهداف* ، أساسه ؛ ثوابت لا خروج عنها مهما احتدم الخلاف بيننا واشتد الصراع ، ويمكن صياغة ذلك المشروع أو بلورته من خلال الإجابة على أسئلة مهمة ، منها :
+ *لتراب الوطن ، سلامته وأمنه* : ترامِي أطراف البلاد والتداخل القبلي والعرقي بينه وبين إمتداداته في دول الجوار يجعل الحدود في سيولة ، سائباً يسهل اختراقه و..و.. من المشاكل والمهدٍّدَات .. القوات النظامية والأمنية ؛ هل هي معنيَّة بمثل هذه القضية أم واجباتها هي الحكم والتجارة والتسلط ؟؟
+ *في معاش الشعب ، أحواله وكرامته* : هل الحركة السياسية معنِيَّة بمواجهة هموم الشعب ؟ وهل تبدأ تلك المواجهة من البنية الأساسية للدولة ؛بتأسيسها على أساس توظيف خيراتها وإمكانياتها للعناية بصحته ومعاشه ، أم بجعل تلك الامكانيات والخيرات ساحةَ تنافسٍ لرؤوس الأموال "المحلية والأجنبية" ؟
+ *لمستقبل الوطن ، شبابه وأجياله الجديدة* : هل يكون استثمارنا الحقيقي فيه بإحداث ثورةٍ جادة في التعليم : مناهجه ، إعداد معلميه ، بيئته ومبانيه ، وجعله متاحاً للجميع مجاناً وإجبارياً ، أم نتوجه لاستثمارات أخرى ليكون التعليم نفسه ساحةً من ساحاته ؟
مثل هذه الأسئلة ، والأجابات الوطنية الجريئة عليها ، تكون مشروعاً وبرنامجاً ثقافياً تنشأ عليه الأجيال الجديدة فيصبح أساساً للاختيار الديمقراطي للبرامج الانتخابية ...
*الثاني* : يتعلق *بالقيادات السياسية " كل القيادات السياسية السائدة الآن* ؛ ضعفها البائن ، الأمراض التي ظلت عالقةً بها من الواقع المريض الذي ارتقت منه ، تعمَّقَت فيها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة .. من هذه الأمراض نتجت : حالة التشرذم ، الواقع الذي يزداد بؤساً بهذا (التمترس) الغريب في المواقف ورفع شعارات منافية لسلوكها ومواقفها.. ورغم التمزيق الذي مارسته في صفوف لجان المقاومة ، وخطوطها السياسية التي زرعتها فيها إستقواءاً بها مما جعلتها تبدو منقسمةً أيضاً ، رغم ذلك ، لا مخرج لأزمتنا الوطنية الممتدة في معارجها النهائية *إلّا بصعود هؤلاء الشباب من لجان المقاومة إلى مواقع القيادة في أحزابهم لتكون بالفعل أحزاباً وطنيّةً تتفق على أسسٍ وثوابت وتتصارع بشرف ومحبةٍ للشعب والوطن حول التفاصيل لتكون لها برامج إنتخابية* ..
اكتفى الوطن وسئم الشعب من الشعارات الجميلة المرفوعة غير المسنودة بالإرادة والشجاعة الوطنيتين ..
05.02.2023
atieg@hotmail.com