فَثَقُلَت على ظهورِهِم البُقَج وخَفّت الأرواح

 


 

 

أروني ما معنى أن يخون الإنسان .. لا يُحدثني أحد عن الإبتعاد عن التخوين فللخِيانَةِ إسمٌ واحد تُعرفُ به .. عندما يتركوا الشهداء ويستصحِبوا قاتليهِم ، عندما تُقام السُرادقات للإصلاح الأمني ويطغى عليها القَتَلَه ، مَن قتلوا بأيديهِم وبإيصَادِهِم أبواب قيادَة الجيش في وجهِ الشعب المُستَجير ثُمّ جلسوا وهُم يستمتعون بِأزيزِ الرُصاص الذي يَحصِد الأبناء والبنات وبِصيحاتِ الحرائرِ يُغتَصَبن .. المَنصات ، في مهرجانات الإصلاح الأمني المزعوم ، التي تخلو من أصحاب الحق ، الجِلِد والرّاس .. الذين خافوا أن ( تنزلِق ) البلاد فَثَقُلَت على ظُهورِهِم الغَضّه ( البُقَج ) وخَفّت الأرواح .. ارواح مَن فتحوا صدورَهُم امام التنشين الغادِر .. فصَمَدوا حتى الآن في أروِقَةِ المشارح مَسارِح الفئران وفي قِيعَانِ النيل وفي القبور الجماعيه ، وفي قلوبِنا ، لَهُم وهُم يسرِقونَ كل ذلك ويتحدثون عن ( الشارع ) كضمانٍ حينَ فَشلِهِم وما دروا أنّ الشارع لا يُساوِمُ قاتليه ولن يفتح ذِراعَيهِ لَهُم مرّةً ثانيه إتّقاءَ اللدغ وذات الجُحر ما يزالُ ماثِلاً.
مسيرتنا على إمتدادِ سنواتِ تشريدِنا وتآكُلِ العُمر الجميل مع الذين قالوا ( لا ) منذ بدايةِ الكارثه وثبتوا على لائهم كتبنا وجَمَعْنَا ونقّبنا وتقصّينا على مدى ثلاثينَ عاماً. أجرينا الدراسات والمقارنات في كلّ ما يخُصّ الشُرطَه وإعادة نفخ الروح فيها وتنقيةِ صُفوفِها وخرجنا بالأفكار التي رأينا أن فيها منفعة الوطن وشعبِهِ.
في حَدَقاتِ عيوننا وفي قلوبِنا حَمَلنا صِدقَنا ولا شيئَ سواه. ثُمّ حَمَلنا الوطن وهُمَا كُلّ ما نَملِك .. وفي زَهوِنا ذاك ، ونحنُ نسيرُ لاول مره بعد ثلاثين عاماً غير عابئين بالإنقاذ ولا بأجهِزَةِ أمنِها لأنّ ( الأولاد والبنات ) جَرّدوها من هيبَتِها ، سَخِرَ مِنّا حُكّام الثوره وتقاذفونا بينَ سُخريّتِهِم تلك وبين أخذِهِم لَنا على ( قَدرِ عقولِنا ) ثُمّ مضوا في انتقالِهم المُسيئ غير عابئين وكُرَةُ ثلجِهِم ( تَتَوَرّم ) في تدحرُجِها مُتخَمَةً بالعقبات الجديده التي خلقوها بأنفُسِهِم من أفواج المقاتلين الأجانب والقادمين الجُدُد من صحاري شاد وليبيا والسلاح الذي أقلَقَ سلام العاصمه وجيشٍ ما فتئ في التحامٍ وعهدٍ مكتوب لن تَنفَكّ أواصِرَهُ مع إسلاميي الإنقاذ وشرطةٍ استمرأت القتل وحَمَت الإنقلاب ( بالمُهَجِ والأرواح ) وكفى .. اللهُ لَهُم ، آلافُ أبنائها ما زالوا على الرصيف وقلوبُهُم مفعَمَةٌ بحبها وحب الوطن .. يملِكونَ مِن ال ( غَبينَةِ ) والعِلم ما يكفي لوضعِ الأمورِ في نِصَابِها الصحيح ولا يقبلونَ بال ( خَمَج ) يبكونَ ريحاً سيئًا قذف بهؤلاء الإطاريين الى درب الوطن أولاً ثم ثانيًا ثم ثالثاً ثُمّ قَذَفَ بمُسانديهِم عبر الصُحُف والسوشيال ميديا وهُم يقبَلونَ بهذهِ القوات المُتخَمَه بِحمل ثلاثينَ عاماً من الخراب والتسييس والقتل والفَتك ، الوطن الذي لم يكن يحتاجُ إلّا لِ ( قَطِع ناشِف ) ، مِن مَن هُم على الرصيف ، يَملِكونَ أدواتَهُ ويظلّونَ ، لثلاثينَ عاماً، يشحذونَ نِصالَها.
حَلَفوا ألّا يعود ضابط بوليس للخدمه عندما أخذوا بتلابيبِ السُلْطَه إلّا على جُثَثِهِم وحالوا دونَ الإصلاح والآن أيضاً تركوهُم على الرّصيف وذهبوا يتشاورون مع نَفس أطقُمِ الإنقاذ التي حَموا وجودها في السُلطه ذاتَ زمانٍ كئيب بل وأضافوا مُرتزقة الحروب وهُم الآن ينهبون خزائن الوطن ويقيمون الحرائق في دارفور.
لن أفهَم تأييد الإطاري وأهلهُ يستصحبون الجيش المليشيا ثم وهُم يتغازلون مع الجنجويد على طريقة هذا أهون من ذاك وكل ذلك بدعوى أنقاذ البلد من الانفلات ناسين أن شرعنة الانقلاب والمليشيات هُما ما يجري الآن. لقد قام الشباب بمهمتهم على الوجه الأكمل وما زالوا يحرُسون ثورتهم وصدورهم مفتوحه لمزيدٍ من الرصاص. أمّا نحنُ ، الذين أضعنا ثورتين ، فقد تدخلنا ، كعادتنا ، لنسرق منهُم عرقهُم وإعجازهم وظللنا نتنادى بتأييد الفَشَله الذين أضاعوا الإنتقال وتضجُّ أسافيرنا طرباً لأخبار عودة حمدوك ويخرجُ إلينا البعض في الرسائل الصوتيه وهُم يتفننون في مدح ما يجري من إفك مدعوم من الأمريكان وغيرِهم .. يؤيدون ( على بياض ) ما تقوم به قحت فهُم معها إن وقّعَت مع الجيش وهُم معها إن تركت الجيش وفضّلَت الجنجويد .. الخ. رفقاً بالشباب صانعي الثوره ووقودها فهم الان يراقبون إنكساركم وعمالتكم وسرقتكم وتهافتكم على السلطه وكراسيّها للمرة الثانيه بعد ثورتهم التي سطوتم عليها وبِعتُم دماءهُم وجِراحَهُم عندما كنتم تتقَلّبون في نعيم السلطه منازلاً ومكاتباً وسيارات وكان جرحاهُم أمام أبوابِكم ( مجلس الوزراء ) منهم المحمول والمسنود ومن يمشي بعكازات ومن يمشي على اربع ومن يقودهُ أهلهُ لفقد بصرِه .. بالأسابيع ( يتسَوّلون ) علاجَهُم تحت لظى شمس ما أنزل الله بها من سلطان وبقيتم في تكييفكُم تحكمون على اكتافهم وتتحاصصون وأنتم الأعلون وكانوا يُراقِبون .. يا سارقي الثورات وسارقي الوَطَن ويا داعميهم ومعاضديهم إذهَبوا عنّا فنحنُ لا نُريدُكم.

melsayigh@gmail.com

 

آراء