قضايا منسِيّة: علاج الصدمة النفسية (التروما)
محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)
21 January, 2023
21 January, 2023
●إن الصدمة النفسية (التروما) واحدة من القضايا المهمة التي تؤثر علي الإنسان أو الجماعات، لا سيما أولئك الذين تعرضوا لصدمات نفسية فظيعة، فهي لا تتعلق بالمقاتلين فقط بل تشمل المواطنين والصحفيين والمصورين والمتطوعين وكافة المتواجدين في مناطق الحروبات ، وكذلك الأسري والمعتقلين وضحايا الحوادث والتعذيب والتعنيف الأُسري والصدمات العاطفية، وخلافه.
●يعتبر السودان من أكثر دول العالم التي شهدت حروباً طويلة، خلّفت وراءها جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والملايين من الضحايا والمشردين ، والآلاف من الذين تعرضوا لصدمات نفسية (تروما) ولم يجدوا العلاج اللازم ، والمؤسف أن كل "إتفاقيات السلام" التي تم توقيعها لم تتناول هذه القضية المهمة ، ولم تنص على وجوب تأهيل ضحايا الحرب نفسياً عبر برامج ومراكز علاج وتأهيل متخصصة، فإن علاج هؤلاء من آثار الحرب والدمار النفسي الذي تعرضوا له ، من الأهمية بمكان، ومن المفترض أن يكون أمر علاجهم من أولي أولويات إتفاقيات السلام جنباً إلى جنب مع قضايا الترتيبات الأمنية والنازحين واللاجئين وتقاسم السلطة والثروة وغيرها من القضايا التي تتناولها، فالسلام وبناء الدولة، المعني به من حيث المبتدأ هو الإنسان ، فكيف يتحقق السلام والإستقرار وتُبني الدولة، وجُل الشعب محطم نفسياً جراء الحرب أو غيرها؟!.
●تختلف أعراض الصدمة النفسية من شخص لآخر حسب طبيعته النفسية وقدرته على التحمل وسرعة نسيان ما تعرض له، فمنهم من تظهر عليه أعراض الصدمة خلال أوقات قريبة وهناك من تظهر عليه بعد سنوات، حيث تسيطر على الشخص المصاب الكوابيس والإضطرابات ، والأفكار السلبية عن النفس والآخرين والتشاؤم وإنفصام الشخصية والخوف والغضب والعزلة والتفكير في الإنتحار، وإيذاء الآخرين بالأقوال أو الأفعال، وسيطرة الخوف عليه.
●إن كثير من الناس يخجلون من وصمة الصدمة النفسية وفقاً لثقافة المجتمع التي تقوم على فكرة خاطئة عن "التروما" فهي ليست جنوناً كما يعتقد البعض، إنما صدمة نفسية يمكن أن يتعرض لها أي إنسان ، فمن الخطأ والجهل عدم الإعتراف بهذا الداء والإمتناع عن الذهاب لمراكز التأهيل والعلاج.
إذا نظرنا للحروب القبلية والعرقية وإستسهال قتل الإنسان لأتفه الأسباب، دون إغفال لمبدأ تورط الجهات الحكومية في كثير منها ، وسيادة خطاب الكراهية العرقية والدينية والمناطقية، وتفشي ظاهرة العنصرية والجرائم الدخيلة على مجتمعاتنا ، أعتقد أن أغلبها يعود إلى متلازمة الصدمات النفسية وتروما الحرب وسلوك وممارسات السلطات ضد بعض المواطنين والمعارضين والخصوم السياسيين، وما تعرضوا له من ظلم وتعذيب وإنتهاكات في السجون والمعتقلات ، أو بسبب الإقصاء والعنصرية المتجذرة في كثير من مجتمعاتنا التي ولّدت الغبن والكراهية في نفوس الكثيرين ، ولم يجد هؤلاء الإهتمام والعلاج اللازم من متلازمة الصدمات النفسية، فتحولوا إلى دعاة للكراهية والعنصرية عبر منصات السوشيال ميديا وغيرها، فمثل هذه الخطابات النتنة لا يمكن أن تصدر من شخص متزن عقلياً ومتصالح مع ذاته...!!.
●لا شك أن الحروب تترك خسائر سياسية وإقتصادية تتأثر بها الدولة ولكن يمكن تعويضها، أما علاج أولئك الذين تعرضوا للصدمات النفسية يحتاجون إلى وقت للتعافي وإهتمام من الدولة والمجتمع ومساعدة فعالة من المجتمع الدولي ، وأن تكون هذه القضية من ضمن منظومة السلام الإجتماعي ومعالجة آثار الحرب ، التي لم ولن تُعالج عبر الإتفاقيات والتسويات السياسية التي تُوقّع على الورق أمام الشهود الإقليميين والدوليين وكاميرات القنوات والتلفزيونات، التي بموجبها يصبح الموقعون وزراء وولاة ، ويظل الشعب يعاني، دون أن ينعم بالسلام والرفاه الموعودين أو يتعالج من آثار الحروب وتداعياتها المدمرة.
20 يناير 2023م
elnairson@gmail.com
////////////////////////
●يعتبر السودان من أكثر دول العالم التي شهدت حروباً طويلة، خلّفت وراءها جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والملايين من الضحايا والمشردين ، والآلاف من الذين تعرضوا لصدمات نفسية (تروما) ولم يجدوا العلاج اللازم ، والمؤسف أن كل "إتفاقيات السلام" التي تم توقيعها لم تتناول هذه القضية المهمة ، ولم تنص على وجوب تأهيل ضحايا الحرب نفسياً عبر برامج ومراكز علاج وتأهيل متخصصة، فإن علاج هؤلاء من آثار الحرب والدمار النفسي الذي تعرضوا له ، من الأهمية بمكان، ومن المفترض أن يكون أمر علاجهم من أولي أولويات إتفاقيات السلام جنباً إلى جنب مع قضايا الترتيبات الأمنية والنازحين واللاجئين وتقاسم السلطة والثروة وغيرها من القضايا التي تتناولها، فالسلام وبناء الدولة، المعني به من حيث المبتدأ هو الإنسان ، فكيف يتحقق السلام والإستقرار وتُبني الدولة، وجُل الشعب محطم نفسياً جراء الحرب أو غيرها؟!.
●تختلف أعراض الصدمة النفسية من شخص لآخر حسب طبيعته النفسية وقدرته على التحمل وسرعة نسيان ما تعرض له، فمنهم من تظهر عليه أعراض الصدمة خلال أوقات قريبة وهناك من تظهر عليه بعد سنوات، حيث تسيطر على الشخص المصاب الكوابيس والإضطرابات ، والأفكار السلبية عن النفس والآخرين والتشاؤم وإنفصام الشخصية والخوف والغضب والعزلة والتفكير في الإنتحار، وإيذاء الآخرين بالأقوال أو الأفعال، وسيطرة الخوف عليه.
●إن كثير من الناس يخجلون من وصمة الصدمة النفسية وفقاً لثقافة المجتمع التي تقوم على فكرة خاطئة عن "التروما" فهي ليست جنوناً كما يعتقد البعض، إنما صدمة نفسية يمكن أن يتعرض لها أي إنسان ، فمن الخطأ والجهل عدم الإعتراف بهذا الداء والإمتناع عن الذهاب لمراكز التأهيل والعلاج.
إذا نظرنا للحروب القبلية والعرقية وإستسهال قتل الإنسان لأتفه الأسباب، دون إغفال لمبدأ تورط الجهات الحكومية في كثير منها ، وسيادة خطاب الكراهية العرقية والدينية والمناطقية، وتفشي ظاهرة العنصرية والجرائم الدخيلة على مجتمعاتنا ، أعتقد أن أغلبها يعود إلى متلازمة الصدمات النفسية وتروما الحرب وسلوك وممارسات السلطات ضد بعض المواطنين والمعارضين والخصوم السياسيين، وما تعرضوا له من ظلم وتعذيب وإنتهاكات في السجون والمعتقلات ، أو بسبب الإقصاء والعنصرية المتجذرة في كثير من مجتمعاتنا التي ولّدت الغبن والكراهية في نفوس الكثيرين ، ولم يجد هؤلاء الإهتمام والعلاج اللازم من متلازمة الصدمات النفسية، فتحولوا إلى دعاة للكراهية والعنصرية عبر منصات السوشيال ميديا وغيرها، فمثل هذه الخطابات النتنة لا يمكن أن تصدر من شخص متزن عقلياً ومتصالح مع ذاته...!!.
●لا شك أن الحروب تترك خسائر سياسية وإقتصادية تتأثر بها الدولة ولكن يمكن تعويضها، أما علاج أولئك الذين تعرضوا للصدمات النفسية يحتاجون إلى وقت للتعافي وإهتمام من الدولة والمجتمع ومساعدة فعالة من المجتمع الدولي ، وأن تكون هذه القضية من ضمن منظومة السلام الإجتماعي ومعالجة آثار الحرب ، التي لم ولن تُعالج عبر الإتفاقيات والتسويات السياسية التي تُوقّع على الورق أمام الشهود الإقليميين والدوليين وكاميرات القنوات والتلفزيونات، التي بموجبها يصبح الموقعون وزراء وولاة ، ويظل الشعب يعاني، دون أن ينعم بالسلام والرفاه الموعودين أو يتعالج من آثار الحروب وتداعياتها المدمرة.
20 يناير 2023م
elnairson@gmail.com
////////////////////////