كشمير.. كركوك.. أبيي.. هل ثمة شبه؟

 


 

 

 

الفاضل حسن عوض الله

21/7/2009م

سطر جديد

 

عندما ذهبنا للدراسة بالعراق منتصف السبعينات كان زملاؤنا من الطلبة العراقيين يسألوننا عن مشكلة جنوب السودان وفي أذهانهم مشكلة مماثلة تؤرق الشعب العراقي هي مشكلة الأكراد في شمال العراق. فكلا المشكلتين تمثلان نزوعاً عرقياً يتوثب للخروج من الكيان السياسي للدولة الأم سواء في السودان أو العراق. أما أساتذتنا في الجامعة فكان جزءاً كبيراً منهم من الباكستانيين والهنود الذين راحوا أيضاً يسألون عن مشكلة الجنوب وفي أذهانهم تقسيم دولة الهند الكبرى القديمة إلى دولتين هما الهند الحالية وباكستان بشقيها الشرقي والغربي حتى بداية السبعينات. لقد تم تقسيم الهند القديمة على أسس دينية مذهبية فأقام المسلمون دولتهم في باكستان بينما بقيت أعراق الهند الأخرى في الدولة الهندية الحالية. كانت باكستان القديمة تمثل وضعاً شاذاً من منظور الجغرافيا السياسية فهي تتكون من إقليمين شرقي وغربي تفصل بينهما آلاف الكيلومترات هي شبه القارة الهندية، فكان أن شجعت الهند وبمؤازرة من الإتحاد السوفيتي باكستان الشرقية بقيادة مجيب الرحمن على الإنفصال وبذلك تكونت دولة بنغلاديش (باكستان الشرقية) مطلع السبعينات بعد حرب بين الهند وباكستان خسرتها الأخيرة. على الرغم من هذا لم يهدأ الحال فأصبحت كشمير بثرواتها الطبيعية بؤرة نزاع مزمن بين الدولتين الجارتين.

        كذلك في العراق وعلى الرغم من حصول الأكراد على حقوقهم القومية بأقامة نظام حكم ذاتي وفر لهم إستقلالية شبه كاملة إلا أن منطقة كركوك الغنية بالنفط مازالت هي الأخرى بؤرة توتر وتنازع عرقي ومذهبي على السيادة عليها، إذ يتوزع سكانها ما بين العرب والأكراد والتركمان والمسيحيين وكل من هذه العرقيات والمذهبيات تدعي أنها الاحق بضم هذه المنطقة إلى دائرة نفوذها العرقي أو الديني.

        أما (أبيينا) فمشكلتها في تقديري تكمن في إستلاب شريكي نيفاشا لحق تمثيل الأطراف المتنازعة عليها وهو أمر غير حقيقي وغير دقيق، فلا الحركة الشعبية هي الوصي الشرعي على حقوق مشيخات الدينكا في المنطقة ولا المؤتمر الوطني هو الوكيل الشرعي عن القبائل العربية في جنوب كردفان. هذا الفهم المغلوط هو الذي فاقم الأزمة وجعل منها كسباً حزبياً يودعه الحزبان في رصيدهما السياسي وبالتالي راحا يخوضان حرباً (بوكالة مطعون في شرعيتها) سواء على الأرض أو في ردهات المحاكم الدولية. كان الأسلم أن يُترك الأمر لأهل المنطقة لينظما سبل التعايش وفق تراكمات التراضي الإجتماعي الذي ساد المنطقة لمئات السنين، وما علينا الآن سوى إنتظار نتيجة التحكيم الوشيكة والتي أقر الشريكان السياسيان على الإلتزام بنتائجها.

        في زمن اليفاعة والصبا حينما كنا نلعب الكرة أو (الدافوري) كان هناك مصطلحي (الخرخرة والحنبكة) وهما مترادفان يعنيان عدم الرضى بحكم المباراة أو نتيجتها، وقد اضحكني صديق حينما أخبرته أن نتيجة تحكيم أبيي باتت وشيكة فرد عليّ متوجساً وهو يقول: (الله يستر علينا من الخرخرة)!

 

 

آراء