لماذا نستغرب ما يحدث من قتل ودمار

 


 

 

عندما وقفنا أمام حمدوك وحاضنته وعارضنا ما يجري من تسليم الشرطه للجنه الامنيه اللجنه الكيزانيه ، التي تقف عاجزه الآن أمام المليشيا صناعتها وصناعة تمكينها ، كنا نضع في اعتبارنا ما يحدث ألان.. من أُناسٍ ( عجزوا ) عن إدارةِ قوّاتِهِم إبتداءً من مظهرِها ( الفانلات والسفنجات والجيوب المحشوّه بالبصل والأسلحة التي اكل عليها الدهر ) كنا نضع في اعتبارنا أن شرطه قادمه من رحم الانقاذ سوف تبذل جهدها حفاظا على انقلابات اللجنه الأمنيّه وأنها سوف تتجاوز كل الصعوبات والعوائق لإظهار خنوعها وذُلّها وانكسارها ولكن ما لم يخطر بالبال إتفاق الشُرطَه او تنفيذها للتعليمات ( قطعاً ) غير القانونيه بفتح السجون دون إطلاق رصاصةٍ واحده. لم يصل بنا التفكير إلى غلق أبواب الأقسام بالطِبَل وترك المواطن لمصيره في مواجهة النهب الى الاغتصاب الى القهر من هؤلاء الأوباش.
كل المجهودات التي بذلناها وَ ووجِهَت بالتجاهل حتى من الصحفيين وأذكر أنني ذهبت الى طيبه بريس حيث كان هنالك مؤتمر صحفي غرضه تدشين كتاب او بحث واخذت المايك واعتذرت وانا اسألهم ان يقيفوا معنا في معارضة تسليم وزارة الداخليه للجنه الأمنيّه للبشير… ووالله لم نجد إلّا الإبتسامات الصفراء .. والإستنكار الذي بدا في حواجب الدهشه التي ارتفعت وهذا مجرّد مثال.
لقد سَوّدنا هذه الصفحات بالمداد الصادق الذي ظلّ يَزعَق طيلة اربع سنوات وهو يُحَدّثُ عَن فشل حكومة الانتقال منذ جلوسها ولحظةً بلحظه بعد ذلك. تحدثنا عن ألأمن وضرورة أن يؤخذ كأولويه ويُقَدّم حتى على الاقتصاد وحذرنا من ترك الأجهزه الأمنيه بنفس قياداتها الانقاذيه. قلنا ان كوادرهم بعد الثوره ظلت تتخذ من وزارة الداخليه ومنازل قادتِها مكاناً آمناً لاجتماعاتها.
حَكَينا بكل الصدق كيف أن السيد حمدوك و ( بطانتُهُ ) ظلّوا حريصين على عدم المساس أو ( التهويب ) ناحية الشأن الأمني الذي فرضهُ العسكر وقلنا أنّهُم يقومون بتنفيذ سياسةٍ جاؤوا بها معَهُم لا علاقةَ لها بالواقع على الأرض.
اعترضنا على دخول حميدتي الى العاصمه عقب الثوره وكتبنا في ورقتنا الأمنيّه في مارس ٢٠١٩ بإخراجه وقواته من العاصمه والمدن ونزع سلاحهم. كان الجميع في غيبوبه. وعندما دخلت قوات بقية الحركات واستوزِر قادتُها ( الدين هربوا الان بجيوشهم ) واحتفلت الحكومه المدنيه وحاضنتها بذلك الدخول ( المنتصر ) اعترضنا وشجبنا ( وبكينا ) ولا حياة لمن تنادي.
كان رأينا في غاية البساطه التي تتمثل في خلق واقعٍ أمنيٍّ بديل بأيدي شرطيه وأمنيه نظيفه وكان رهاننا في إرساءِ ذلك الواقع الذي كَلّفَ ثلاثينَ عاماً خلال فترةِ لا تتجاوز الأسبوعين.
إمتدّت خُططنا الشرطيه التأمينية الناضجه لكلّ شجرة هشاب ولكلّ ( حبّة سمسم ) ولكل نقطة بنزين او جاز وذهبنا الى تكوين قوات شرطيه ضاربه تختص بالأمن الداخلي ( وما سائلين في اي قوات تعتدي ولا محتاجين مساعده ) مع إبتداع نظام يغطّي كل الحدود منعاً للتهريب.
كنا نعلم التوجه الاسلاموي لقيادات اللجنه الأمنيّه ولكل قادة ألأمن والشرطه . ونعلم كل ما قامت به لفرملة الثوره إبتداءً من سيطرتها على بعض القوى المدنيه الفاعله وفرملة الشرعيه الثوريه ووضع يدها على الشرطه وجهاز الامن قطعا لغرض توظيفهما في نفس الاتجاه بعد توفير الحمايه للكراسي التي يجلسون عليها.
حدثتكم عمّن تولوا أمرنا بعد الثوره. حدثتكم عن الإستهتار الذي وسَمَنا بعد ثلاثين عاماً حسوما…
عندما نهضنا من نومنا يوم ذاك وعلى عجلٍ هربنا ونحن نسابق الموت. لم نجد الشرطه ونحنُ نُنهَب .. بيوتنا وسياراتنا وما نملك وتُغتصبُ حرائرنا امام اعيُننا .. لشهرين ونحنُ نُنهَب بكلّ راحة النهابين لم يتركوا شيئًا لم ينهبوه. لم نجد الجيش ولكن وجدنا أشباح تمتلئُ جيوبهم بالبصل وجنرالات أعماهم المال السُحت عن واجباتهم وكُتّاب وإعلاميين ومنظمات وخبراء يتناهشون الوطن.
لماذا يبكي الجميع الان؟ من أضاع هذا الوطن ومن سكب البنزين الذي أُضرِم به الحريق الآن؟ من الذي فَرّط وترك الأمر بيد هؤلاء المعتوهين ومن الذين جلسوا تحت أقدامهم في ذلةٍ يُحسدون عليها؟ كُتّابُنا وصحفيونا ومفكرونا أين كنتم والعَوَج يأخُذُ طريقَهُ من بين ظهرانَيكم ومن مداد أقلامكم؟ لا عزاء اليوم لأحد فنحنُ اليوم مُجرّد لاجئين في أرض الله الواسعه.

melsayigh@gmail.com
///////////////////////

 

آراء