مبارك الفاضل: أنا كنت الدينامو المحرك للتجمع وانهياره كان بسبب خروج حزب الامة عنه
16 August, 2009
اتفاقات الأمة القومي مع حركات دارفور دعائية ولا يحتذي بها
وجود الحركة الشعبية في الحكومة هامشيا ومن مصلحتنا استثمار معارك الشريكين لاضعاف المؤتمر الوطني
سلطة المؤتمر الوطني تنحسر في المركز فقط وهو في طريقه للتفتت
أجرت الحوار: رفيدة ياسين
Rofayda_yassen@yahoo.com
أكد "مبارك الفاضل المهدي" رئيس حزب الأمة السوداني المعارض أن مؤتمر جوبا للقوي السياسية السودانية سيعزز خيار الوحدة بالنسبة للجنوب، كما أنه يهدف للوصول إلي حل "سوداني سوداني" لقضايا البلاد الداخلية التي تم تدويلها، وقال المهدي في حواره للشروق أنه كان "الدينامو" المحرك للتجمع موضحاً أن انهياره كان سببه الأساسي هو خروج حزب الأمة عنه ، ورأي رئيس حزب الأمة أن استثمار خلافات شريكي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) جائزا للمعارضة قائلا: من مصلحتنا استثمار هذه المعركة لاضعاف المؤتمر الوطني الذي يهضم حقوقنا جميعا.
كما تحدث عن أخطاء الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ووصفه "بالإقصائي" ناصحاً المهدي بإعادة صياغة دوره ، ووصف اتفاقات الصادق المهدي مع حركات دارفور بالدعائية إلا أنه رأي في الوقت نفسه أن دعوة الحركات الدارفورية لحضور مؤتمر جوبا مهمة لكنها تخضع لاعتبارات ...فإلي تفاصيل الحوار....
_بداية هل يملك تحالف الأحزاب المعارضة المقدرة لإسقاط النظام دستوريا كما يقول؟
الأصح أن التحالف لا يسعي لاسقاط النظام ، وإنما لتنفيذ الدستور لأن المؤتمر الوطني قد تعهد في كل الاتفاقات التي وقعها مع كل القوي السياسية وفي اتفاق السلام الشامل الذي تحول إلي دستور لإنهاء حكمه بصورة سلمية عبر انتخابات حرة نزيهة بعد ربع سنوات من بداية الفترة الانتقالية الاولي وتعهد بأن يحترم الحقوق والحريات الاساسية ويقبل التعددية في مواجهة الوضع الشمولي الذي كان قائما علي الحزب الواحد وقد مارس فيه الشمولية ، وهذا ما نص عليه الدستور فعندما لم ينفذ المؤتمر الوطني ما نص عليه الدستور بالتالي هو خرق المواد الأساسية فيه ورفض أن يستبدل القوانين المقيدة للحريات والمخالفة للدستور ثم قام بتأخير الانتخابات.
_عذرا للمقاطعة لكن مفوضية الانتخابات هي التي قامت بالتأجيل وليس المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية ؟
كان هناك اجراءات تم تأخيرها كانت سبباً في تأجيل الانتخابات مثل نتائج التعداد السكاني وقانون الانتخابات وبالتالي تمدد عمر النظام بعد التاسع من يوليو رغم أنه كان من المفترض في هذا التاريخ أن تتولي حكومة منتخبة السلطة لكي تدير الفترة الانتقالية الثانية لمدة عامين حتي يتم إجراء الاستفتاء لحق تقرير المصير المزمع إجراؤه في 2011 لذا نحن نقول أن التحالف يسعي لإنفاذ الدستور وتحقيق الحريات علي الأرض وحل مشكلة دارفور وتثبيت السلام مع الجنوب والعمل علي الوحدة الجاذبة وإجراء انتخابات حرة نزيهة وهذا هو برنامجه.
_كان هناك تباين في تصريحات قادة الحركة الشعبية حيال موقف الأحزاب المعارضة كيف تري ذلك؟
الحركة الشعبية متفقة مع كافة القوي السياسية حول ما ورد في الدستور وما يجب تنفيذه في اتفاق السلام الشامل ، و ضرورة الانتقال الديمقراطي عبر انتخابات حرة نزيهة وضرورة حل مشكلة دارفور حل جماعي يعالج أُس المشكلة لكن الاختلاف ما بين الحركة الشعبية وبين الأحزاب المعارضة هو اختلاف في التكتيك فالحركة الشعبية طرف أساسي في حكومة الوحدة الوطنية ، فهي تستمد شرعيتها من اتفاق السلام وهي فيها جوانب كثيرة تلزم الحركة الشعبية توخي الحذر واتِّباع أسلوب مختلف عن أسلوب المعارضة لأن هناك قوات مشتركة وترتيبات أمنية تحكمها كما أن هناك أموال تأتيها من الحكومة المركزية تدير بها أعمالها الرئيسية لذا الحركة الشعبية وضعها مختلف عن المؤتمر الوطني.
_وكيف تري هذا الخلاف؟
الحركة الشعبية وضعها مختلف عن المؤتمر الوطني ، فالمؤتمر الوطني حزب سياسي مسيطر علي السلطة بانقلاب عسكري تعهد بأنه سيتنازل عن السلطة، ولم يفعل ذلك أما الحركة الشعبية جائت وفق اتفاق سلام ولديها جيش والتزام بأوضاع دولية وقضايا مالية وانتهاء هذه الوضعية التي تعيشها الآن يعني العودة إلي الحرب والاتفاقية تفرض عليها ذلك ، لذا هي أسلوبها مختلف مع الأحزاب المعارضة رغم إقرارها بأن المؤتمر الوطني لم ينفذ الاتفاقات فبالنسبة للمواقف هناك التزام وهناك تناغم لكن ان تخرج الحركة الشعبية من الحكومة فهذا غير وارد، لأن وضعهم في الحكومة المركزية ضعيف لأن المؤتمر الوطني مسيطر علي مفاصل الدولة.
_ هل تقصد أن وجود الحركة الشعبية في الحكومة صوريا؟
نعم... وجود الحركة الشعبية في الحكم هامشياً لسببين أن النظام جمهوري ، فالسلطات عند رئيس الجمهورية الذي يمارس سلطاته وفقاً لرؤية المؤتمر الوطني ، وليس حكومة الوحدة الوطنية والمؤتمر الوطني فعبر عشرين عاماً ظل مسيطراً علي الوزارات بكوادر أمنية وحزبية مثلاً وزارة مجلس الوزراء فيها وزير من الحركة الشعبية لكن الذي يسيطر عليها هو كمال عبد اللطيف وهو كادر أمني من كوادر الحركة الإسلامية وهو المسيطر علي رئاسة مجلس الوزراء أما كوستا مانيبي فلا يستطيع أن يفعل شيئا ، فكل الأجهزة المدنية مسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني ولذلك وجود أي وزير من الحركة الشعبية ليس له أي أثر.
_يري البعض أن الأحزاب المعارضة تنتهز الخلافات بين شريكي الحكم في السودان في تعاملاتها المباشرة مع الحركة الشعبية؟
هذا متاح وجائز للقوي المعارضة أن تجد ثغرات تنفذ منها لدفع أهدافها المتمثلة في الحقوق والحريات والحركة الشعبية دخلت في معركة مع المؤتمر الوطني ومن مصلحتنا استثمار هذه المعركة لاضعاف الطرف الذي هضم حقوقنا وأؤكد أن هذا شئ مشروع للمعارضة أن تستثمر ضعف الحكومة وكبوات الطرف الآخر.
_ هل يمكن أن نعتبر ما يجمع القوي السياسية المعارضة هو فقط الضغينة ضد المؤتمر الوطني؟
ما يجمع بينها هو المطالبة بالحريات والحقوق الاسياسية وهي مختلفة فيما بينها في قضايا كثيرة فكرية وسياسية وغيرها إلا أنها متفقة علي ضرورة استدامة السلام وضرورة التوصل إلي حل جماعي وطني لقضية دارفور وعلي قضية الانتقال إلي التحول الديمقراطي واذا وجدت الحريات والحقوق الاسياسية من الممكن الجدال فيما بعد حول القضايا المختلف عليها بشكل سلمي، فإذا أثبتنا الحريات يمكن أن نناقش الخلافات ونتحاور حولها ونصل إلي رؤى مشتركة فيها.
_سأنتقل بك إلي مؤتمر جوبا كان من المفترض أن ينعقد في يوليو لماذا تم تأجيله وإلي أين وصلت الترتيبات له؟
كان تقديرنا الأول أن ينعقد في يوليو ، لكن تم تأجيله بسبب الحوار السوداني الأمريكي فقد كان هناك غياب لقادة الحركة الشعبية في هذه الفترة والاجتماع ما بين اللجنة التحضيرية للتحالف وما بين سكرتارية الحركة الشعبية لم يتم إلا في غضون الأسبوع الماضي وتم فيه الاتفاق علي الرؤي المشتركة وعلي شكل المؤتمر وغيره والحركة الشعبية بحاجة للتشاور مع قياداتها حول الترتيبات اللوجستية المتعلقة بالانعقاد.
_أنت ترأس اللجنة التحضيرية للمؤتمر فهل تم تحديد تاريخ محدد لانعقاده؟
أنا أرأس اللجنة التحضيرية إلي جانب التنسيق ما بين الحركة الشعبية وتحالف الأحزاب المعارضة، ولم يتم تحديد موعد حتي الآن لكننا نأمل أن ينعقد في أغسطس الجاري.
_ما هي أهداف المؤتمر وما هي توقعاتك للنتائج التي سيخرج بها؟
نهدف من هذا المؤتمر أولا إعطاء دفعة للوحدة لأن هناك معني عندما تذهب كل القوي السياسية لعاصمة جنوب السودان ليلتقوا ويبحثوا القضايا المختلف عليها في السودان ،وهذا بدون شك يشعر المواطن الجنوبي أنه أصبح في دائرة الاهتمام الرئيسية التي تخط وتقرر في مصير السودان وبينما كان هو مهمشاً الآن أصبح مركز ثقل وهذا يمثل نقلة نوعية ونفسية من الممكن أن تعطي جاذبية في قضية الوحدة لذا نحن نعتبر أن المؤتمر يعزز خيار الوحدة الجاذبة ، ثانياً نحن نريد أن نجمع علي حل "سوداني سوداني" لقضايانا الداخلية التي تم تدويلها.
_فيم يتمثل الخارج بالنسبة اليك؟وهل تعني ممارسة ضغوط علي الحكومة؟
الخارج هو كل القوي الدولية والاقليمية الذين يتحركون لحل مشكلة دارفور ولحل مشاكل شريكي الحكم وللحكم في قضايا داخلية لذا نحن نريد الجلوس كأطراف سودانية ونضع الحل والخارج يمكن أن يساعدنا في التنفيذ فقط ..وأقصد ممارسة ضغوط علي كل الرافضين والمتعنتين في تنفيذ ما اتفق عليه الأطراف بالإجماع نريد أن نقول أن السودانيين قادرين علي وضع حلول لقضاياهم الداخلية ، رغم تعنت المؤتمر الوطني.
_وهل تعتقد أن هذا سيكون مؤثراً علي المؤتمر الوطني؟
عندما يجد أن كل الناس صمموا واجتمعوا وقرروا سيشعر بالمسئولية بأنه إذا لم يتقدم سيعزل نفسه لكن تنعنت المؤتمر الوطني يفيده تفرق الاخرين وعدم اجتماعهم حول حلول ورؤي واحدة.
_هل تعتقد ان القوي السياسية السودانية والي جانبها الحركة الشعبية لهم القدرة علي الوقوف أمام المؤتمر الوطني وإرغامه علي التنازل؟
واقع الحال يقول أن المؤتمر الوطني شكلاً هو مسيطر لكن سلطة الدولة ضعفت لأن منهج الحكم وضعف قاعدته جعل الدولة تضعف فسلطة المؤتمر الوطني الآن تنحسر في العاصمة فقط والهامش يزحف علي المركز ويخرج عن طوعه في ظل هشاشة الوضع العام ، فالمؤتمر الوطني فشل في تحقيق الأمن للناس وسلطته تنحسر لأن قوته واهية وسيتفتت في النهاية.
_دعت بعض الأحزاب المعارضة الشعب السوداني للخروج إلي الشارع منذ التاسع من يوليو، لكن الشعب السوداني يسأل ما هو البديل؟
أولا التحالف لم يدع الناس للخروج للشارع قال أنه سوف يرتب برنامج للتعبئة وينظم مواكب في عواصم البلاد وفي العاصمة تنادي بإنفاذ الحريات والحقوق الأساسية وبدأ البرنامج بسلسلة من الندوات التسخينية ثم الترتيب لمواكب تدفع بالمطالبة بالحريات والحقوق الأساسية أما عن البديل فهو ليس أشخاص فدائماً النظام الشمولي يجعل الناس يعتبرون الحكم في أنهم أشخاص لكن في الديمقراطية هي التي تسقط عبرة دورات وانتخابات نحن نتحدث عن النظام البديل وليس الشخص البديل.
_وفيم يتمثل البديل من وجهة نظرك؟
البديل هو نظام ديمقراطي تعددي ودولة تقوم علي أساس المواطنة تحترم التعدد الديني والثقافي والإثني وتحقق اللامركزية في السودان وتوزع الدخل القومي بصورة عادلة حتي تعالج المشاكل التي حدثت في السودان منذ الاستقلال في اطار هذا النظام الناس تختار عبر انتخابات حرة.
_أنت تقصد ذوي الانتنماءات السياسية لكنني أقصد المواطن السوداني البسيط ما هوبديله في الانتخابات؟
اقصد سواء كان انتماء عقائدي او سياسي ودائما في أي مجتمع الناشطين في العمل السياسي لا يتخطوا 30% من المجتمع وهم الذين يقودوا ال 70% الآخرين ،وهؤلاء هم الذين يشكلون قيادات المجتمع وهم الذين يقودون بقية المجتمع وهذه الجماعة لديها قدرة في تصنيف المرشحين حتي داخل الحزب الواحد.
_هل تعتقد ان الانتماءات القبلية مؤثراً أساسياً في الانتخابات؟
التطور الطبيعي هو القبيلة ثم الطائفة ثم الحزب والنظام الشمولي يرجع الناس إلي الوراء ويلغي الحزبية ويحظر الطوائف لذا تكون القبيلة علي أشُدها والسودان يقوده المجتمع فسلطة المجتمع في السودان أكبر من سلطة الدولة.
_كنت وزيرا للداخلية في وقت من الاوقات...
رد مقاطعا : لمدة ثلاث شهور فقط.
_في الفترة التي تبوأت فيها المناصب الحكومية ماذا قدمت للشعب السوداني وماذا قدمت للسودان؟
في النظام الديمقراطي الحديث يكون الحكم عن المؤسسات أما إذا أردتي أن تتحدثي عن شخص فيجب أن يكون الحديث عن أداؤه في الوزارة ما هو مستواه؟ وماذا قدم؟وهكذا.
_أنا أتحدث عن مبارك الفاضل؟ماذا قدم للسودان وللشعب السودان في تلك الفترة؟
أنا بدأت كوزير في القطاع الاقتصادي وليس السياسي فكنت وزير صناعة سنتين ووزير اقتصاد وتجارة خارجية وطاقة لمدة سنة وبعد ذلك في آخر المطاف كنت وزيراً للداخلية لمدة ثلاثة أشهر فقط ، وأي وزير عندما يأتي في اي وزارة يحتاج علي الاقل لمدة ثلاثة شهور لكي يدرس الوزارة ثم بعد ذلك يحدد رؤية لإصلاحات ومعالجات تتعلق بأداء هذه الوزارة ، وانا لسوء الحظ جئت وزارة الداخلية لشعور القيادة آنذاك بأن هناك خللاً أمنياً وأنا كنت داخل النظام، رغم أنني كنت أصغر وزير كانوا يعتبرونني من الوزراء القادرين علي مواجهة الأزمات.
_يصفك البعض بانك كنت شخصا قابضا؟
انا كنت اعمل في المجال الاقتصادي وانتقلت للمجال الامني فجأة لكن عندما كنت في وزارة الصناعة عملنا اعادة بناء للوزارة من جديد من حيث القوانين والمواصفات والمقاييس وأعدنا تأهيل معهد الاستشارات الصناعية عملنا حالة عمرة لمؤسسات القطاع الصناعي اصدرت اكثر من 300 قرار تنظيمي صدر بها كتيب وعندما كنت وزير طاقة انا الذي فتحت الباب لكي يكون الغاز متاح للقطاع الخاص واستيراد سيارات نقل الغاز ومن هنا الغاز توفر وعندما جاءت الانقاذ وجدت الغاز متوفر وانا الذي وفرته وليس الانقاذ.
_بما انك حسبت نفسك علي نظام ديمقراطي وتحدثت علي انجازات علي المستوي الشخصي ..هل لديك الشجاعة ان تتحدث عن أخطائك في هذه الفترة.
قاطعني غاضباً : أخطاء في شنو يعني؟
اذا كنت تتحدثي عن أخطاء تتعلق بسياسات اتخذت ما اعتقد انه كان في مجال لاخطاء
_انت كنت وزيرا للداخلية وكان هناك اعتقالات؟
أولا أنا كنت وزيرا للداخلية فترة صغيرة وفي النظام الديمقراطي وزير الداخلية لا يصدر قرار اعتقال هناك حاجة اسمها مجلس الامن القومي وهناك قوانين لا تستطيع في ظل القانون العادي ان تعتقل اي شخص لكن في ظل قانون الطوارئ هناك اجراءات للمسائلة والاعتقال لكنها لا تتم الا بقرار من مجلس الامن القومي وبتأييد للقرار من مجلس الوزراء اي ان وزير الداخلية لا يتصرف وحده بل يرفع تقاريره لتناقش في مجلس الامن القومي ثم تنتقل لمجلس الوزراء وهو الذي يصدر القراربعد ذلك.
_حدثني عن الاعتقالات التي تمت في هذه الفترة؟
عندما كنت وزير للداخلية اعتقلوا المايوين نتيجة لتقرير عن محاولة انقلابية ومسكوا سلاح في كونتينر واعتقلوا تجار العملة لأن الحكومة عملت سياسة تحريرية للعملة وكانت تريد توقيف المضاربات بين التجار في العملة لكن هذه كلها ليست قرارات فردية بل صدرت عن مؤسسات وفي هذا العهد الديمقراطي الوزير يكون تحت المجهر والصحافة حرة ولا توجد قيود علي الحريات.
_سأنتقل بك إلي محطة أخري القاهرة في الآونة الأخيرة شهدت توافد عدد كبير من قادة الأحزاب المعارضة ..هل تعتقد أن ذلك بمثابة إحياء للتجمع كيف تري ذلك؟
القاهرة قِبلة لكل السودانيين ويأتوا إليها دون أن يكون هناك ترتيب مع السطات المصرية ومن الممكن أيضا ان يبرموا اتفاقات ويعلنوها والسلطات المصرية تسمعها في الاعلام ، فالسودانيون يتعاملون مع القاهرة زي بيتهم والسلطة في القاهرة تتعامل معهم بنفس هذا المفهوم فأنا لا أعتقد أن هذا بمثابة إحياء للتجمع.
_انت متهم انك كنت سببا في احتضار التجمع؟
ضحك بسخرية ثم قال: أنا كنت "الدينامو" المحرك في التجمع وأنا الذي أسسته في الخارج ،وضممت إليه الحركة الشعبية وقمت بإنشاء إذاعة له في إثيوبيا وفتحنا إليه باب ارتريا في مؤتمر القضايا المصيرية وسخَّرنا مكاتبنا في حزب الأمة لتتكلم وتعمل باسم التجمع في كل أنحاء العالم فـأنا كنت سببا في انتشاره وليس احتضاره.
_اذن ما هي الاسباب الحقيقية للخلاف مع التجمع؟
حدث خلاف بين اخواننا في التجمع وحزب الامة في التكتيك للوصول الي الاهداف وقرروا هما ان يفصلوا حزب الامة من التجمع وهذه معلومة كثير من الناس لا يتذكرونها فحزب الامة لم يخرج من التجمع بارادته وانما اُخرج منه والاجتماع استمر للرابعة صباحا ليناقش دستورية طرد حزب الأمة والقرار المجمع عليه كان من الاطراف الثانية هو طرد حزب الأمة من التجمع.
_لكن أكيد كان هناك أسبابا رفضها التجمع بسيايات حزب الأمة؟
لان حزب الأمة وقّع اتفاق جيبوتي وبدأ حوار مع النظام ، وهذا اختلاف في التكتيك لان التجمع جاء بعد ذلك اقر موضوع الحل السلمي الديمقراطي بعد اجتماع جيبوتي لكن بعد ذلك حدت تضارب ما بين المصالح الحزبية والناس كانوا يرون أن حزب الأمة لا يسوق التجمع في هذا المسار ، وبالتالي لابد أن يخرج ولما ناقش وفد حزب الأمة في هذه النقاط الاجرائية حتي لا يصدروا قرار بفصله لكن حزب الامة راي انه بدلا ان من يُطرد يجب أن ينسحب حفظاً لماء الوجه لذلك انسحب وأنا كمسئول في حزب الأمة قدمت استقالتي كأمين عام.
_هل ترجع انهيار التجمع لخروج حزب الأمة منه؟
إذا كان التجمع لم يقدر قيمة حزب الامة وارتكب هذا الخطأ وبهذا كان سببا في فشله التجمع انهار بسبب خروج حزب الامة لانه كان العمود الفقري له .
_يصفك البعض بانك متذبذ سياسياً ومتعدد الانتماءات بما يتفق مع مصالحك الشخصية؟
رد غاضبا ..:كيف يعني متذبذب سياسيا؟
أنا سياسي مرن لدي مبادئ واهداف ويختلف التكتيك بالوصول الي الاهداف لكن المبادئ تظل باقية وقائمة اذا غيرت مبادئي هذا ما يسمي تذبذب وانتهازية واذا تمسكت بمبادئي واخذت مواقف قوية للدفاع عنها فهذا يصب لمصلحتي فأنا ما عندي مانع اتعامل مع المؤتمر الوطني في ظل اتفاق علي مبادئي التي اؤمن بها وفي اطار وسائل نصل بها الي اهداف .
_وكيف تري ذلك في ظل شبح الانقسامات الذي يطارد حزب الامة؟
حزب الامة اتفق مع الانقاذ في جيبوتي علي التحول الديمقراطي وعلي اعلان مبادئ وعلي السلام وجاء اكمل الاتفاق علي برامج كاملة في مجلد مكتوب يحوي اي شئ وحزب الامة قبل ان يكمل المشوار انقسم ونحن راينا لاعتبارات في ذلك الوقت ان السلام سيأتي من خلال الحكم القائم ومن الافضل ان نكون جزء من الحكومة عشان نستقبل وندفع في اتجاه هذا السلام لذلك رأينا انه انه من الافضل لنا ان نكون فاعلين من خلال الحكومة طالما نحن تركتنا المعارضة ودخلنا في اتفاق مع الطرف الاخر علي اسس ومبادئ.
_ألا تري ان ما تتحدث عنه تناقضا وبراغماتية لا تصب الا للصالح الشخصي وليس لصالح السلام؟
لا لأننا نفس الوقت اخذنا مواقف مبدئية مع النظام من قضايا متعلقة بالحريات وبقضية دارفور فانا موقفي داخل مجلس الوزراء هو الذي انقذ ناس المؤتمر الشعبي من المشانق فانا وقفت في وجه صلاح قوش وفي وجه علي عثمان انه نريد مواقف استثنائية والمجلس كله كبر انذاك والبشير في النهاية ايد موقفي ولدينا خريطة الطريق لحل ازمة الحكم وقضية دارفور وقدمناها ونحن داخل مجلس الوزراء فنحن لسنا مع المؤتمر الوطني او غيره نحن مع الحق ومع المبادئ ومع الديمقراطية ومع السلام لذا اقول اننا اخذنا مواقف جريئة ولم نقبل ان نكون كومبارس مقابل وزارات او مناصب حكومية فلم نقبل ان ننجر لنكون مثل الاحزاب المشاركة في الحكومة الان.
_اريد توضحا اكثر؟
نحن اخذنا مواقف حقيقية امام الحكومة والمؤتمر الوطني صرف مبالغ ضخمة جدا لكي يشقنا ونجح في انه اخذ بعض الافراد لكننا لقناه درسا فكان اول اضراب في ظل الحكومة نحن نفذناه قبل الحركة الشعبية فقد اضرب وزرائنا لمدة اسبوعين عن اجتماعات مجلس الوزراء ثم نفذنا انسحاب جماعي من الحكومة في 2004 ديسمبر واستقالوا وقتها 14 وزير وكان انسحابا حزبيا من الحكومة لعدم وفاء الطرف الاخر فانا استغرب انه الناس ما يكون واضح لهم هذه الامور.
_لكنك كنت يوما جزءا من الحكومة والان انت تعاديها؟
هناك شئ اختلف فيه عن الاخرين انني لا اعادي شخص في السياسة لانه مختلف معي فانا احدد موقفي في اطار اتفاقي واختلافي مع الاخر في اطار مبادئي السياسية وانا لا اقصي احد ومستعد اتعامل الان مع نافع علي نافع رغم لهجته الشديدة العدائية تجاه المعارضة وارسلت له خطاب لكي اشرح له ملتقي جوبا لانه انا مسئوليتي محاولة تحقيق اجماع علي قضايا وطنية.
_وهل تتوقع استجابةالمؤتمر الوطني الدعوة لحضور مؤتمر جوبا؟
اذا هو رفض فيتحمل المسئولية وانا متوقع حضور تمثيل من المؤتمر الوطني اذا قيموا الامر تقييما صحيحا من الممكن ان يحضروا وانا لا ريد ان اعطيهم مبرر ليقولوا نحن عزلناهم لنسهل عليهم الرفض.
_الاحزاب السياسية السودانية اغلبها تتخذ النهج الاسلاموي في برنامجها والبعض يتهمهم انها تستخدم الدين كرافعة سياسية للوصول الي الحكم؟
هذا غير صحيح لانه كلمة اسلاموية اختيرت للاحزاب او التنظيمات التي تتخذ من الاسلام وسيلة للسلطة وهي حقيقة تشوه مقاصده والحركة الاسلامية السودانية بروافدها تطلق عليها اسلاموية لانها تدعي تطبيق مشروع اسلامي لكنه في حقيقة الامر مفرغ من مبادئ الاسلام كلها فهي تريد مسوح ديني لنظام ديكتاتوري وهذا يتعارض مع مقاصد الاسلام كاملة لكن بالنسبة للاحزاب التقليدية الموجودة في السودان فهي انبثقت في ظروف تاريخية معينة حزب الامة قام في ظروف تارخية معينة قام كحركة استقلالية بارث ثوري لتحرير والدين لم يكن جزء من برنامجه بل برنامجه كان برنامج وطني اما الحزب الاتحادي الديمقراطي نشأ ايضا من ظروف وطنية معينة شكلت تركيبته
_لكن الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي يعتبر اسلامي؟
نعم الصادق المهدي في ظل التنافس مع الاخوان المسلمين بدأ يتخذ برامج بتسميات اسلامية نهج الصحوة الاسلامية وغيرها لكن رغم ذلك ظل حزب الامة قائم علي اساس المواطنة وليس علي الشريعة الاسلامية.
_وماذا عن الحركة الاسلامية في السودان؟
الحركة الاسلامية مستوردة جاءت من مصر وهم يمثلون الاخوان المسلمين في السودان ثم تلونت تحت اسماء كثيرة تحاول ان تواجه بها مرحلتها كانت تسمي نفسها الحركة الاسلامية ثم الجبهة الاسلامية القومية ثم جبهة الميثاق الاسلامي ثم المؤتمر الوطني والمرحلة الاخيرة استغتنت عن اسم الاسلام تماما الا انها لا زالت تستغل الاسلام حتي تجد به تأييد فقط.
_هل تتوقع انشقاقا ثالثا في الحركة الاسلامية في السودان؟
طبعا ممكن الحركة الاسلامية اضرت بها السلطة ودمرت اخلاقياتها والكادر كانت تعتمد علي النقاء والطهر والمثالية في تجنيد الشباب لكن عندما جائت السلطة والمال فتنتهم فتركوا كل هذه المثل والاخلاق هناك اناسا صدموا من ذلك وابتعدوا ومجموعة اخري انقسمت وانخرطت في الواقع الجديد لذا من الوارد ان يحدث بها مزيد من التمزق
_لماذا احدثت انشقاقا في حزب الامة؟
انا لم انشق عن حزب الامة بل قدت ثورة اصلاحية في حزب الامة لانه القيادة التاريخية رفضت عقد مؤتمر عام للحزب ورفضت التجديد ورفضت فتح المجال للاجيال المعاصرة لتتقدم الصفوف وحزبي بمثابة تجديد شباب حزب الامة
_هل تعتقد انششقاقك كان سبب وراء ضعف حزب الامة القومي؟
ما حدث في حزب الامة القومي بعد المؤتمر السابع اكد تشخيص للازمة الموجودة ومشكلة القيادة التاريخية للحزب وهذا من شأنه ان يفتح المجال لمعالجات اشمل تقود لترتيب اوضاعه بصورة جديدة
_كيف تري اتفاقات حزب الامة القومي مع حركات دارفور وهل انت مع فكرة توقيع حزب سياسي مع حركة مسلحة؟
الاوضاع في البلد مختلة كان من الممكن ان يكون هذا غير سليم اذا كان هناك وضع دستوري في السودان وهناك حقوق وحريات وفي حركات متمردة تعمل خارج الدستور كان من الخطأ انه أحزاب تعمل في ظل الدستور تدخل معها في اتفاقات لكن الان الجهة المسيطرة علي الحكم في السودان هي غير شرعية وجاءت بانقلاب عسكري لكن المؤتمر الوطني نفسه متمرد لانه جاء بانقلاب انا لسد ضد هذه الاتفاقات فليست هناك شرعية حقيقية لا يوجد دستور محترم ولا توجد حقوق متفق عليها والفرق بيننا وبين حركات دارفور انهم يحملون السلاح ونحن نناضل بالكلمة وبالعمل السياسي لنحاول استرداد حقوقنا لكن الطرفين مظلومين لكنا نناضل باختلاف الوسائل هم حاملي سلاح ونحن بالحوار والعمل السياسي.
_وكيف تري اتفاقات الامة القومي مع حركات دارفور؟
هي ليست اتفاقات وانما مذكرات تفاهم ليس اكثر لان الاتفاق تتتبعه اجراءات تنفيذية اما مذكرات التفاهم تكون حول رؤي عريضة تجتمع فيها رؤية الطرفين لكنها ليست برنامج عمل تنفيذي يجمع الطرفين
_هل هناك اتصالات بينك وبين حركات دارفور؟
نعم التقيت بخليل ابراهيم وجبريل احمد تقد لسان وكثير من القادة الميدانيين في ليبيا وناس عثمان البشري ودارت حوارات بيننا وكل هؤلاء التقيت بهم
_هل نتوقع منك توقيع اتفاقات مثل حزب الامة؟
لا نحن نسعي لحلول جماعية لكن نريد ان نستفيد من حواراتنا في ان تصب في اتفاق وطني سوداني وليس تفاهمات ثنائية لان ما وقعه حزب الامة مع حركات دارفور كانت للدعاية
_اريد تفسيرا اكثر؟
حزب الامة كان يريد ان يرد المؤتمر الوطني علي تجميده للتراضي ويريد ان يصحح موقفه من ادانة الهجوم علي ام درمان لانه سبب له ضرر في قاعدته اما حركة العدل والمساواة كانت تريد سند معنوي وسياسي فكلاهما كان لديه مصلحة من هذه التفاهمات لذا هي بالنسبة الينا ليس شيئا يحتذي به اما نحن نفضل الحوارات التي تفضي الي حلول حقيقية.
_هل قدمتم دعوات للحركات لحضور مؤتمر جوبا؟
بالنسبة للحركات الخارج العمل الدستوري الان هناك حوار هل يتم دعوتها ام يتم تشكيل وفد فيما بعد للتحاور معها لان هناك مشاكل عملية في دعوتها لان المؤتمر الوطني متربص بالامر واذا دعوناهم من الممكن ان يخلق المؤتمر الوطني مشاكل في انعقاد المؤتمر
_لكن ما رايك انت في دعوتهم؟
انا شخصيا افتكر انه دعوتهم مهمهة لكن القرار ليس عندي وانما يخضع لاعتبارات اخري
_بصراحة شديدة ما هي اخطاء الصادق المهدي في حق حزب الامة؟
انا اعتبر الصادق المهدي شخصية لديه كاريزما ومساهمات فكرية مقدرة وتضحيات لكنه اخطأ عندما لم يستطع ان يري بوضوح متي يعيد صياغة دوره فهو يريد ان يلعب نفس الدور الذي كان يلعبه منذ 45 عاما وهذا مستحيل بمنطق الزمن والتاريخ والعمر والواقع فالناس في الحياة يتدرجون وتتغير الادوار ما بين الاجيال فالصادق المهدي اقصائي لكل من يختلف مع مفهومه للحزب ومفهومه لدوره
_وبم تنصحه؟
يجب ان يعيد الصادق المهدي صياغة دوره وهذا يتطلب منه ان يلعب دور ارشاد وريادة وليس دور تنفيذي لان الظروف تغيرت
_يري الكثيرين ان الترابي اصبح تاريخ ما تعليقك علي ذلك؟
الترابي لن يصبح تاريخ ولا زال مؤثرا ورأيه لا زال مسموعا في الساحة وهو يشكل خطرا علي النظام لذا يتم اعتقاله من ان لاخر.