مستقبل الثورة: تصحيح الأوضاع أولاً
محمد عتيق
23 January, 2023
23 January, 2023
خارج المتاهة
ظل شعب السودان واقفاً على شُرُفات التاريخ في إنتظار المنقذ البطل، عشرات السنين بل مئات ، تتعاقب الأنظمة عليه وعلى بلاده ؛ من دويلات وممالك متفرقة إلى الدولة الحديثة المُوَحًّدَة ، ومن الأنظمة الديمقراطية/الطائفية إلى العسكرية/التقليدية/الرديكالية وصولاً إلى العسكرية/الاسلاموية الفاسدة والمستبدة ، النظام الذي طال عهده لثلاثين عاماً ، وعندما أصبح سقوطه قاب قوسين أو أدنى(مسألة وقت) كان التوق لذلك البطل قد استبَدَّ بالشعب العظيم ، ولما كانت الناحية النفسية للشعب هي العامل الحاسم في إستقبال البطل القادم واحتضانه والتَغَنِّي به ، وها هي قد اكتملت ونضجت ، تم زلق اسم الدكتور حمدوك في اتون ذلك المزاج الشعبي الذي كان مُوَحَّدَاً خلف قيادة الثورة خاصةً "تجمع المهنيين السودانيين" الذي اقترح ذلك الإسم (حمدوك) لرئاسة مجلس وزراء الثورة ، فالتقف الإسم وراح يتغنى به في تظاهراته ومجالسه ، إلتَفَّ حوله كما لم يفعل من قبل ... ونحن - كما أغلب المجتمعات البسيطة - قومٌ عاطفيون وطيبون ، وهذه الصفات انتقلت إلى صفوف بعض المؤثرين في تجمع المهنيين (وهو أمرٌ طبيعي) ، بعض أصدقائهم نقلوا إليهم إسمه كمقترح "لا نعلم على وجه اليقين ما هي دوافع هؤلاء الأصدقاء وما إذا كانوا ينفذون أجندة محددة" (كلو وارد) .. المهم أن تجمع المهنيين قَدَّمَ إسم الدكتور عبد الله حمدوك لقوى الحرية والتغيير التي أعلنت موافقتها وقذفته إلى أفواه الجماهير وأحضانها... هذا الاقتراح جاء مقروناً بأنه كان قد رفض ترشيح النظام الساقط له وزيراً للاقتصاد عنده فكان سبباً إضافياً زاد من حرارة الإستقبال الشعبي له ليصبح اسطورياً فاق حتى استقبال الشهيد الدكتور جون قرنق عام ٢٠٠٥..
هل كان الغلاف المُلَوَّن الجذاب للاقتراح بأنه رفض عَرْض النظام الساقط له وزيراً للاقتصاد كان غلافاً مصنوعاً بأيدي أجنبية استبقت الثورة واستَعَدَّت به لتضع يدها على زمام الثورة ؟ ، فالعالم كله كان قد أيقن أن النظام قد استنفذ أغراضه وأنه لا بد راحل .. لا نستطيع الجزم رغم معقوليته إذ لا نملك دليلاً عليه ...
للإنتقال إلى مناقشة أفكار الرجل وبرنامجه بعيداً عن شخصه ، لا بد من التأكيد على أننا - وبسببٍ من عاطفِيَّتنا وطيبتنا الشديدة - نمتاز بالتردد والإهتزاز ، وهي الصفة التي إنتقلت بها القيادات الحزبية السياسية للثورة إلى مواقعها تلك لتُشَكِّل لديها "عدم الثقة بالنفس" ... إذ من الطبيعي لثورةٍ مثل "ديسمبر٢٠١٨" ، وبحكم التجربة التاريخية لشعبنا ، أن تتقدم الحركة السياسية بأسماء من بين صفوفها لتقود الثورة وتصعد بها ، لأنهم هم الطليعة التي صمدت في وجه النظام الساقط وأجهزته ، عملت على تعريته أمام العالم ، وكشفت زيفها أمام الشعب ، قارعت رموزه ، (خَبِرَت مداخل ومخارج الكيزان) ، قادت الثورة ، وبالتالي يُفتَرَض أن تتَقَدَّم الصفوف حاملةً قوائمها لقيادة المرحلة الإنتقالية ، والبرامج التي يجب تطبيقها في تصفية دولة (الكيزان) الغاربة ، دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن ووضع البلاد على عتبات النهوض والانطلاق .. "عدم الثقة بالنفس" هذه هي التي منعت القيادات الحزبية من ترشيح من تراه من بينها مسؤولين عن قيادة الثورة : رئيس جكومة ووزراء ، مجلس تشريعي ، حكام اقاليم ومفوضيات ...إلخ.. إلخ.. وراحت تقدم للشعب الإسم الذي اقترحته إحدى واجهاتها (تجمع المهنيين) .. لماذا ؟ ، لا أجزم فكل الاحتمالات واردة ..
وإذا كان الإتفاق أن تتقدم قحت بمرشحيها للوزارات المختلفة ، بتقديم ٣ أسماء مُرَشَّحِين لكل وزارة ليختار الدكتور حمدوك أحدهم مستنداً على معايير الاقتدار والانسجام معه ، إلا أن رئيس الوزراء لم يتقيد بذلك القرار ، إنما أخذ في إختيار من يراه هو ، فجاء بأسماء (من شاكلته هو) لا علاقة لهم بالثورة من قريبٍ أو بعيد ، من أي جانب ، يعيشون خارج البلاد ، في الغرب الأوروبي والأمريكي ، متأثرين بمفاهيم وقيم المجتمعات التي عاشوا فيها والمؤسسات التي عملوا بها ، ومنهم من أصبح صيداً لأجهزتها الخاصة تستخدمهم عند الحوجة ... فإذا سألنا أنفسنا : ما علاقة أسماء مثل عبد الله حمدوك، نصر الدين عبد الباري وغيرهم بالثورة وبالشعب؟ *(وهل كان استخدام نصر الدين عبد الباري في عملية/محاولة الإعتراف ب"إسرائيل" وتبادل الوثائق معها بذلك ، هل كان ذلك مصادفة)* ؟
ولماذا كان في الحكومة من أبناء الثورة فقط فيصل محمد صالح ثم مدني عباس مدني ؟
بالنسبة لأفكار الرجل (حمدوك) وبرامجه التي أتى بها إلى رئاسة حكومة الثورة ، فإن المتابع يلاحظ أنها خليطٌ من الرؤى التي تجعله مع هذا في بعضها ومع ذاك في بعضها الآخر ، ويمكن متابعة :
١/ أنه أتاح للمكون العسكري أن يتغَوَّل على سلطاته والسيطرة على أهم حقائبه : السلام - الاقتصاد - العلاقات الخارجية ؛ استلم قائد الجنجويد "الدعم السريع" حميدتي ملف السلام ، تواطأ معه أعداء الأمس في الحركات المسلحة وأنتجوا اتفاق (سلام جوبا) ...
٢/ تم عقد مؤتمر اقتصادي ، جاءت نتائجه (وبرنامج لجنة قحت الاقتصادية) في اتجاه والقرارات التي اعتمدها حمدوك في اتجاه مضاد ؛ قرارات وسياسات اعتمدت رؤى المنظمات الدولية و"روشتة" صندوق النقد والبنك الدوليين التي تخدم مصالح قوى إقليمية ودولية متعارضة تماماً مع مصالح وتطلعات الشعب السوداني وثورته ...
٣/ اعتَقَدَ المكون العسكري أن القوى العالمية يمكن أن تحميه من مساءلات جنائية متعلقة بجرائم في دارفور والمنطقتين وفض الإعتصام الشهير ، وأن المدخل لتلك القوى العالمية ، وعلى رأسها أمريكا ، هو الكيان الصهيوني "إسرائيل" ، فهرول البرهان للقاء نتنياهو في يوغندا معترفاً بدولة الاحتلال والتمييز الديني والعنصري ...
٤/ وعند تكوين حكومته الثانية - وكانت أحزاب قحت قد تقطَّعَت أنفاسها وأخذت تتدافع لاقتسام مراكز السلطة والنفوذ في محاصصات حزبية فاحت روائحها الكريهة - فاستغل الدكتور حمدوك ذلك اللهث والضعف الظاهر في الأحزاب ووضع شرطين أساسيين ينبغي على كل حزب يود الاشتراك في الحكومة أن يوقِّع بالموافقة عليها ، وهما : التسليم التام بروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين وتوجيهات منظمة التجارة العالمية بفتح أبواب البلاد أمام كل أنواع التجارة والاستثمار .. وثانياً ، الإعتراف بدولة الكيان الصهيوني في "إسرائيل" ...
وكان له ما أراد (سواء بالاصالة عن نفسه أو نزولاً عند رغبات خارجية ...
أما ما يردده أنصار الدكتور حمدوك من أنه رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في أمريكا ، وأنه أعاد السودان إلى المجتمع الدولي ، وغيره ، للتعليق على ذلك أقول أن النظام الساقط (نظام البشير الاسلاموي المجرم) هو الذي هاجم المدمرة كول وسفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام وجعل السودان مركزاً ومسرحاً للإرهاب والارهابيين ، وبالتالي هو الذي تسبَّب في أن تستهدف أمريكا بلادنا وتضعها في القائمة اللعينة ، وكان سبباً في عزلة السودان عن المجتمع الدولي (النظام الساقط وليس الشعب) وبالتالي فإن إسقاط هذا النظام هو حجر الرحى في رفع إسم السودان من القائمة إياها وفي عودته إلى المجتمع الدولي ، وهذا بالضبط ما قام به شعب السودان عندما فجَّر ثورته العملاقة في ديسمبر ٢٠١٨ ، الثورة التي أبهرت الكون ولا زالت ، *وبالتالي فإن الفضل أولاً وأخيراً يعود إلى هذا الشعب الذي أسقط النظام ولا فضل لأحدٍ غيره في عودة بلادنا إلى المجتمع الدولي ورفع إسمها من القائمة اللعينة* ، بل إن قيادة حمدوك هي التي أخضعت البلاد لابتزاز وبلطجة ترامب وإدارته في ربط تلك الإجراءات بالتطبيع مع "إسرائيل" وبتسديد مئات الملايين من الدولارات لأسر ضحايا إرهاب النظام الساقط اقتطعتها إدارة حمدوك من قوت هذا الشعب رغم أن أمريكا كانت قادرة على انتزاع ما تشاء كتعويضات لأسر مواطنيها المتضررين من النظام الساقط ، نعم ، هي تعرف كيف تنتزع تلك التعويضات من ارصدة أركان ذلك النظام خارج السودان وليس من أفواه شعبنا بمساعدة حمدوك ، *رئيس حكومة ثورة ديسمبر ٢٠١٨* ..
22.01.2023
atieg@hotmail.com
ظل شعب السودان واقفاً على شُرُفات التاريخ في إنتظار المنقذ البطل، عشرات السنين بل مئات ، تتعاقب الأنظمة عليه وعلى بلاده ؛ من دويلات وممالك متفرقة إلى الدولة الحديثة المُوَحًّدَة ، ومن الأنظمة الديمقراطية/الطائفية إلى العسكرية/التقليدية/الرديكالية وصولاً إلى العسكرية/الاسلاموية الفاسدة والمستبدة ، النظام الذي طال عهده لثلاثين عاماً ، وعندما أصبح سقوطه قاب قوسين أو أدنى(مسألة وقت) كان التوق لذلك البطل قد استبَدَّ بالشعب العظيم ، ولما كانت الناحية النفسية للشعب هي العامل الحاسم في إستقبال البطل القادم واحتضانه والتَغَنِّي به ، وها هي قد اكتملت ونضجت ، تم زلق اسم الدكتور حمدوك في اتون ذلك المزاج الشعبي الذي كان مُوَحَّدَاً خلف قيادة الثورة خاصةً "تجمع المهنيين السودانيين" الذي اقترح ذلك الإسم (حمدوك) لرئاسة مجلس وزراء الثورة ، فالتقف الإسم وراح يتغنى به في تظاهراته ومجالسه ، إلتَفَّ حوله كما لم يفعل من قبل ... ونحن - كما أغلب المجتمعات البسيطة - قومٌ عاطفيون وطيبون ، وهذه الصفات انتقلت إلى صفوف بعض المؤثرين في تجمع المهنيين (وهو أمرٌ طبيعي) ، بعض أصدقائهم نقلوا إليهم إسمه كمقترح "لا نعلم على وجه اليقين ما هي دوافع هؤلاء الأصدقاء وما إذا كانوا ينفذون أجندة محددة" (كلو وارد) .. المهم أن تجمع المهنيين قَدَّمَ إسم الدكتور عبد الله حمدوك لقوى الحرية والتغيير التي أعلنت موافقتها وقذفته إلى أفواه الجماهير وأحضانها... هذا الاقتراح جاء مقروناً بأنه كان قد رفض ترشيح النظام الساقط له وزيراً للاقتصاد عنده فكان سبباً إضافياً زاد من حرارة الإستقبال الشعبي له ليصبح اسطورياً فاق حتى استقبال الشهيد الدكتور جون قرنق عام ٢٠٠٥..
هل كان الغلاف المُلَوَّن الجذاب للاقتراح بأنه رفض عَرْض النظام الساقط له وزيراً للاقتصاد كان غلافاً مصنوعاً بأيدي أجنبية استبقت الثورة واستَعَدَّت به لتضع يدها على زمام الثورة ؟ ، فالعالم كله كان قد أيقن أن النظام قد استنفذ أغراضه وأنه لا بد راحل .. لا نستطيع الجزم رغم معقوليته إذ لا نملك دليلاً عليه ...
للإنتقال إلى مناقشة أفكار الرجل وبرنامجه بعيداً عن شخصه ، لا بد من التأكيد على أننا - وبسببٍ من عاطفِيَّتنا وطيبتنا الشديدة - نمتاز بالتردد والإهتزاز ، وهي الصفة التي إنتقلت بها القيادات الحزبية السياسية للثورة إلى مواقعها تلك لتُشَكِّل لديها "عدم الثقة بالنفس" ... إذ من الطبيعي لثورةٍ مثل "ديسمبر٢٠١٨" ، وبحكم التجربة التاريخية لشعبنا ، أن تتقدم الحركة السياسية بأسماء من بين صفوفها لتقود الثورة وتصعد بها ، لأنهم هم الطليعة التي صمدت في وجه النظام الساقط وأجهزته ، عملت على تعريته أمام العالم ، وكشفت زيفها أمام الشعب ، قارعت رموزه ، (خَبِرَت مداخل ومخارج الكيزان) ، قادت الثورة ، وبالتالي يُفتَرَض أن تتَقَدَّم الصفوف حاملةً قوائمها لقيادة المرحلة الإنتقالية ، والبرامج التي يجب تطبيقها في تصفية دولة (الكيزان) الغاربة ، دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن ووضع البلاد على عتبات النهوض والانطلاق .. "عدم الثقة بالنفس" هذه هي التي منعت القيادات الحزبية من ترشيح من تراه من بينها مسؤولين عن قيادة الثورة : رئيس جكومة ووزراء ، مجلس تشريعي ، حكام اقاليم ومفوضيات ...إلخ.. إلخ.. وراحت تقدم للشعب الإسم الذي اقترحته إحدى واجهاتها (تجمع المهنيين) .. لماذا ؟ ، لا أجزم فكل الاحتمالات واردة ..
وإذا كان الإتفاق أن تتقدم قحت بمرشحيها للوزارات المختلفة ، بتقديم ٣ أسماء مُرَشَّحِين لكل وزارة ليختار الدكتور حمدوك أحدهم مستنداً على معايير الاقتدار والانسجام معه ، إلا أن رئيس الوزراء لم يتقيد بذلك القرار ، إنما أخذ في إختيار من يراه هو ، فجاء بأسماء (من شاكلته هو) لا علاقة لهم بالثورة من قريبٍ أو بعيد ، من أي جانب ، يعيشون خارج البلاد ، في الغرب الأوروبي والأمريكي ، متأثرين بمفاهيم وقيم المجتمعات التي عاشوا فيها والمؤسسات التي عملوا بها ، ومنهم من أصبح صيداً لأجهزتها الخاصة تستخدمهم عند الحوجة ... فإذا سألنا أنفسنا : ما علاقة أسماء مثل عبد الله حمدوك، نصر الدين عبد الباري وغيرهم بالثورة وبالشعب؟ *(وهل كان استخدام نصر الدين عبد الباري في عملية/محاولة الإعتراف ب"إسرائيل" وتبادل الوثائق معها بذلك ، هل كان ذلك مصادفة)* ؟
ولماذا كان في الحكومة من أبناء الثورة فقط فيصل محمد صالح ثم مدني عباس مدني ؟
بالنسبة لأفكار الرجل (حمدوك) وبرامجه التي أتى بها إلى رئاسة حكومة الثورة ، فإن المتابع يلاحظ أنها خليطٌ من الرؤى التي تجعله مع هذا في بعضها ومع ذاك في بعضها الآخر ، ويمكن متابعة :
١/ أنه أتاح للمكون العسكري أن يتغَوَّل على سلطاته والسيطرة على أهم حقائبه : السلام - الاقتصاد - العلاقات الخارجية ؛ استلم قائد الجنجويد "الدعم السريع" حميدتي ملف السلام ، تواطأ معه أعداء الأمس في الحركات المسلحة وأنتجوا اتفاق (سلام جوبا) ...
٢/ تم عقد مؤتمر اقتصادي ، جاءت نتائجه (وبرنامج لجنة قحت الاقتصادية) في اتجاه والقرارات التي اعتمدها حمدوك في اتجاه مضاد ؛ قرارات وسياسات اعتمدت رؤى المنظمات الدولية و"روشتة" صندوق النقد والبنك الدوليين التي تخدم مصالح قوى إقليمية ودولية متعارضة تماماً مع مصالح وتطلعات الشعب السوداني وثورته ...
٣/ اعتَقَدَ المكون العسكري أن القوى العالمية يمكن أن تحميه من مساءلات جنائية متعلقة بجرائم في دارفور والمنطقتين وفض الإعتصام الشهير ، وأن المدخل لتلك القوى العالمية ، وعلى رأسها أمريكا ، هو الكيان الصهيوني "إسرائيل" ، فهرول البرهان للقاء نتنياهو في يوغندا معترفاً بدولة الاحتلال والتمييز الديني والعنصري ...
٤/ وعند تكوين حكومته الثانية - وكانت أحزاب قحت قد تقطَّعَت أنفاسها وأخذت تتدافع لاقتسام مراكز السلطة والنفوذ في محاصصات حزبية فاحت روائحها الكريهة - فاستغل الدكتور حمدوك ذلك اللهث والضعف الظاهر في الأحزاب ووضع شرطين أساسيين ينبغي على كل حزب يود الاشتراك في الحكومة أن يوقِّع بالموافقة عليها ، وهما : التسليم التام بروشتة صندوق النقد والبنك الدوليين وتوجيهات منظمة التجارة العالمية بفتح أبواب البلاد أمام كل أنواع التجارة والاستثمار .. وثانياً ، الإعتراف بدولة الكيان الصهيوني في "إسرائيل" ...
وكان له ما أراد (سواء بالاصالة عن نفسه أو نزولاً عند رغبات خارجية ...
أما ما يردده أنصار الدكتور حمدوك من أنه رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في أمريكا ، وأنه أعاد السودان إلى المجتمع الدولي ، وغيره ، للتعليق على ذلك أقول أن النظام الساقط (نظام البشير الاسلاموي المجرم) هو الذي هاجم المدمرة كول وسفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام وجعل السودان مركزاً ومسرحاً للإرهاب والارهابيين ، وبالتالي هو الذي تسبَّب في أن تستهدف أمريكا بلادنا وتضعها في القائمة اللعينة ، وكان سبباً في عزلة السودان عن المجتمع الدولي (النظام الساقط وليس الشعب) وبالتالي فإن إسقاط هذا النظام هو حجر الرحى في رفع إسم السودان من القائمة إياها وفي عودته إلى المجتمع الدولي ، وهذا بالضبط ما قام به شعب السودان عندما فجَّر ثورته العملاقة في ديسمبر ٢٠١٨ ، الثورة التي أبهرت الكون ولا زالت ، *وبالتالي فإن الفضل أولاً وأخيراً يعود إلى هذا الشعب الذي أسقط النظام ولا فضل لأحدٍ غيره في عودة بلادنا إلى المجتمع الدولي ورفع إسمها من القائمة اللعينة* ، بل إن قيادة حمدوك هي التي أخضعت البلاد لابتزاز وبلطجة ترامب وإدارته في ربط تلك الإجراءات بالتطبيع مع "إسرائيل" وبتسديد مئات الملايين من الدولارات لأسر ضحايا إرهاب النظام الساقط اقتطعتها إدارة حمدوك من قوت هذا الشعب رغم أن أمريكا كانت قادرة على انتزاع ما تشاء كتعويضات لأسر مواطنيها المتضررين من النظام الساقط ، نعم ، هي تعرف كيف تنتزع تلك التعويضات من ارصدة أركان ذلك النظام خارج السودان وليس من أفواه شعبنا بمساعدة حمدوك ، *رئيس حكومة ثورة ديسمبر ٢٠١٨* ..
22.01.2023
atieg@hotmail.com