مشروع الجزيرة، استعادته ليست خياراً، وإنما ضرورة

 


 

 



Siddiq01@sudaneseeconomist.com

الحلقة (1)
تناول الناس في الفترة الماضية، وفي حقيقة الامر ما زالوا يتناولون، عدداً من القضايا المهمة بشأن مشروع الجزيرة والمزارعين فيه. بدءاً بالوثيقة "الجريمة" التي يُطلب فيها من المزارع التوقيع مخولاً بذلك طوعاً إدارة المشروع الحق في ان تنزع أرضه إن عجز هو عن سداد الديون، مروراً بمحنة العطش التي تضرب مساحات واسعة من المشروع، وإنتهاءاً بفضيحة التقاوي الفاسدة، او بالأحرى جريمة التقاوي الفاسدة!!!.
لا شك في ان المهمومين بامر المشروع، خاصةً قواه الحية من مزارعين وعاملين وعمال زراعيين ومنظمات مجتمع مدني على راسها تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، حينما يثيرون هذه القضايا ويطرحونها على الرأي العام فذلك ليس عشماً في ان تقوم سلطة الراسمالية الطفيلية الاسلامية (رطاس) بالتصدي العادل لها والعمل على حلها، وإنما يثيرونها لسببين اساسيين، الأول هو التوثيق لهذه الجرائم، وعلى رؤوس الأشهاد، ومن ثم إضافتها إلى ذلك السجل الطويل لجرائم السلطة في حق المشروع وفي حق أهله. أما السبب الثاني وهو الأهم، تجديد الدعوة للسودانيين عامة وأهل الجزيرة على وجه الخصوص لتدارك وضع المشروع  الذي اصبح على حافة الهاوية، حيث ان كل جريمة جديدة ترتكبها السلطة وسدنتها في حقة لا تمثل سوى خطوة نحو الإقتراب به نحو تلك الهاوية.
وقبل الذهاب في إلقاء الضوء على جريمتي "التوقيع لاجل التخلي عن الأرض" و "التقاوي الفاسدة"، لابد من التأكيد لأولئك الذين يشيرون لاهل الجزيرة، إن كان بطيبة خاطر أو بمكرٍ دفين، بانه بالإمكان إنصلاح حال المشروع بالتواصل مع هذه السلطة الباغية، لابد من التأكيد  لهم بان أهل الجزيرة ليسوا بتلك الغشامة بعد أن عملت سلطة الانقاذ سكينها، ليس في المشروع وحسب، وإنما في رقابهم من الوريد إلى الوريد. فاولئك "المتفائلون" لابد لهم أن يعلموا، إن كانوا يصدرون عن صدقٍ او غفلة، بأنه ومن الناحية الإقتصادية لم يبق من مقومات  هذا المشروع سوى مقومين أثنين فقط لا ثالث لهما، وهما الناس والأرض، وسلطة الإنقاذ تسعى جاهدةً للقضاء على الناس بالإنقضاض على الأرض، لأن البنيات الأساسية للمشروع ذهبتْ. وقد ذهبت، كما هو معلوم، ليس أدراج الرياح وإنما تجاه التمكين الذي طبقته الرأسمالية الطفيلية الاسلامية (رطاس) بإمتياز ونهم!!!، وكذلك، على المنوال نفسه، ذهبتْ الخبرات التي كانت هي عماداً من اعمدة المشروع. وإذ بذهابها المدوي إنهدَّ أساس الخدمة المدنية والمهنية فيه، وإنطمست معالمها للحد الذي اصبح فيه شخصٌ واحد، مثل المتعافي، يجمع بين منصبي "وزير الزراعة" و "رئيس مجلس إدارة المشروع" في واحدة من السوابق النادرة في مسيرة مشروع الجزيرة، حيث انه وصى على نفسه بنفسه لاحتلال منصب رئيس مجلس الادارة، وبالطبع بناءاً على قانون سنة 2005م الذي اورد في الفصل الثالث، المعنون بـ "مجلس الإدارة ما نصه: "6 (1) يشكل المجلس من رئيس واربعة عشر عضواً بقرار من رئيس الجمهورية بناء على توصية من الوزير المختص".
والوزير المختص حسب القانون هو وزير الزراعة!!!. اي بمعنى ان السيد المتعافي الوزير يوصي على تعيين السيد المتعافي ليكون رئيساً لمجلس إدارة المشروع!!!. والغريب في الامر ان قانونهم سيئ الصيت نفسه ينص في المادة 6 (2) قائلاً "لايجوز الجمع بين منصبي رئيس مجلس الادارة والمدير العام". والعبرة من عدم هذا الجواز هو الا يتم الخلط و الجمع  بين السلطات او تركيزها في يد واحدة،  لان ذلك سيسقط شرط اساس من شروط الرقابة وتحديد المسئولية، وبالتالي مما يؤثر على ممارسة الشفافية. فما بالك أن يكون الوزير نفسه رئيساً لمجلس الادارة؟!!!.
هكذا وصل إنهيار البناء الإداري في مشروع  الجزيرة إلى هذا الحد. وقد لايصدق المرء، بتاتاً، بان هذا الهرم كان على قمته يوماً ما افذاذ من امثال السيد مكي عباس، والعلامة السيد مامون بحيري وآخرون. وهم، ومما لاشك فيه، أفذاذ ليسوا من حيث الخبرة وحدها، وإنما من جهة الإستقامة المهنية والنزاهة ونظافة اليد أيضاً.
....يتبع......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ.
(*)نُشُرَ بالتزامن مع جريدتي "الأيام" و"الميدان"، في الخرطوم.

 

آراء