مصر، الإمارات وإسرائيل وصراع الممرّات المائيّة …! قناة السويس تختنق بحبال التطبيع

 


 

 

 

 

آثار كارثة قناة السويس على مصر والعالم:
يعيش العالم منذ عام ونيّف حالة هذيان، اضطراب ونوم شتويّ كنوم السلحفاء وشيء من ركود اقتصادي واجتماعي عويص بل ومكثّف، لم يعرفها منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية. لقد تأثرت ملايين البشر بمن فقدوا من أحباب وأصحاب وأهل، وتلاشت آمال وأحلام بسطاء العمّال والمكافحين طي مخاوف الفيروس الفاتك، غرق أصحاب العمل والشركات في كل أنحاء العالم بوحل الجائحة الغائر وأوصدت أعداد كبيرة منها أبوابها إلى أجل غير مسمى، فمن يستطيع بربكم يا سادتي الصمود في وجه هذا الإعصار الكوروني القاتل والغير مأهول؟
الكل يتساءل يومًا تلو الآخر: ماذا حدث للدنيا وما هي عاقبة كل هذه الأحداث المتتالية والكوارث القائمة؟ أهي النهاية أم هي بالأحرى بداية جديدة لعهد جديد يتسم بالعناية والتوازن المستدام تجاه البيئة والمجتمع على حد سواء. وأكثر الخاسرين هم الفقراء والمعوذين من الدول ومواطنيها فمن يحفل بهم أن يتعدوا هذه الأحداث، من يمهد لهم الطريق إلى الأمان بتوفير اللقاح والعناية الطبية والتكافل الاجتماعي لمن فقد منهم كل شيء؟
وبجانب كل هذه الأهوال التي أثقلت كواهل البشر، شهدنا على صعيد آخر قبيل أسابيع حادثة جنوح السفينة العملاقة "إيفر غيفن" في قناة السويس وما ترتب على ذلك من تعطيل شامل للقناة، هذا الشريان الدولي الهام، والذي أدّى بدوره إلى تأثير كبير على اقتصاد مصر ومن ثمّة على حركة التجارة الدوليّة والاقتصاد العالمي عمومًا. لقد تضررت في هذا السياق دول أكثر من غيرها لأنها تعتمد القناة كأهم ممر في نقل منتجاتها عبر العالم. ولكن في النهاية تطرح هذه القضية سؤالًا جوهريًا هو: هل سيبقى اعتماد الملاحة العالمية في المستقبل بعد هذه الكارثة على قناة السويس أم أنّ عمالقة الاقتصاد العالمي الذين طالهم الضرر الفادح من توقفها، يسعون إلى وجود البديل لتجاوز هذا الممر المائي الذي أظهر عبر هذه الكارثة هشاشته وفقدانه لكثير من المقومات الهامة والإجبارية التي تصاحب عمليات معالجة الكوارث بحرفية فائقة لناقلات من الوزن الثقيل بأحجام الحيتان وما تحتها (أكبر منها). بالإضافة إلى تساؤل آخر: هل هناك ثمّة صراع حول الاستحواذ على ممرات مائية هامة في المنطقة من قبل دول أخرى تتحدى فيها جمهورية مصر؟
لقد قطعت "أيفر غيفن"، هذه السفينة العملاقة، أنفاس الاقتصاد المصري والعالمي لعدّة أيّام فأظهرت القناة -من جهة - أهميتها كحبل المشيمة الذي يغذي الجنين (العالم) في رحم أمّه. وعند جنوح السفينة التي بلغ طولها الأربعمائة مترًا انقطعت ساعتئذ أهم الممرات المائية للتجارة العالمية وكان كل يوم من أيام الانغلاق يعتبر كارثة لمصر والعالم فقد بلغت خسائر مصر ما يعادل الخمسة عشر مليون دولار في اليوم كرسوم مرور تدفعها السفن، ومصر في أمسّ الحاجة إليها لمجابهة تحديات كورونا ومتطلبات البلد الكبيرة ومن ثمّ منصرفات التوازن الاستراتيجي في المنطقة. والكل يعلم أن خيرات القناة تدرّ على جمهورية مصر ما يعادل خمسة إلى ستة مليار دولار سنويًا، لذلك تسهم قناة السويس كشريان للحياة في بلد النيل بعائدات سنويّة ضخمة من العملة الصعبة لا سيما في تطوير ونشوء قطاعات التنمية العديدة في مصر ويعتبر هذا المدخول مهم وجوهريّ للغاية لأنه ثابت ومستدام ويمكن أن تعتمد عليه الدولة في كل الأحيان على عكس قطاع السياحة والسفر اللذان يتأثران بالأزمات العالمية، على سبيل المثال كاندلاع الجوائح كما هي الحال الآن في زمن كورونا أو بأسباب التطرف السلفي والعنف ضد الأجانب، الخ. ومن جهة أخرى يجب ألا ننسى أن وقوف السفن الغير منتظر قاد في هذه الحالة إلى تأخر البضائع وإطالة مدّة العمل على متن الناقلات وازدياد تكاليف الصرف والإنفاق على الطاقم والتشغيل على سبيل المثال لا الحصر. وفي النهاية من يدفع الفاتورة الباهظة التي نشأت من جنوح الناقلة العملاقة "أيفر غيفن"؟ شغل هذا السيناريو العالم وسيشغله في الحقبة القادمة لأن قضية انغلاق ممر مائي مثل قناة السويس بمثابة مسألة حياة أو موت بالنسبة لكل القطاعات الاقتصادية والتجارية في الدول التي تأثرت بالحادث.

خسائر الإغلاق انعكاسها على التجارة العالميّة:
ليس من السهل أن تستكين الحياة وتسير الأمور على علاتها عندما توصد إحدى أهمّ الممرات العالمية أبوابها والتي يشكل المرور بها حوالي عشرة إلى خمسة عشرة بالمائة من مجمل السلع الهامة والتجارية من مصادر الطاقة، المواد الأوليّة، المواد الوسيطة، المنتجات المختلفة الجاهزة وحتى الحيوانات، التي تنقلها الحاويات إلى مختلف أنحاء الدنيا، غربًا باتجاه أوروبا وشرقًا إلى الهند، الصين، اليابان وكوريا الجنوبية، ودول شرق وجنوب آسيا الأخرى، لذلك من الطبيعي أن تقوم الدنيا وتقعد، لا سيما الحكومات وشركات التأمين التي تتصدى لتعويض الخسائر الناتجة عن هذه الانغلاق الذي لم يحسب له أي أحد حساب. على كل يجب أن نعلم أن أي يوم من أيّام انغلاق القناة يكلف ما بين واحد إلى واحد ونصف مليار دولار وبطبيعة الحال تنعكس هذه الأضرار على أسعار المنتجات والخدمات في كل الدول المعنيّة: تتضاعف أسعار التأمينات وتكاليف الانتاج وأسعار الوقود وتعريفات النقل والمواصلات ذلك على سبيل المثال لا الحصر، والقائمة طويلة ولا يتسع المجال لسردها في سياق هذا المقال. وقد ارتفعت أسعار النفط حقيقة بنسبة ستة بالمائة في اليوم الثاني بعد الانغلاق. لذلك فإن توقف الحركة عبر قناة السويس يعني تولّد خسائر يوميّة فادحة بمئات الملايين من الدولارات، وهل تستطيع شركات التأمين تعويض كل هذه الخسائر أم من يقف بشجاعة ليتصدى لكل هذه الخسائر الفادحة؟ وماذا لو تكررت الحادثة مرّة أو مرّات أخرى وكل شيء محتمل وممكن؟ وعلى ضوء المخاوف التي نشأت أثناء محاولة تعويم وجر السفينة الناقلة من عرض القناة عبر مشاركة بعض الشركات الهولنديّة واحتماليّة تكرار هذا الحادث في المستقبل الكبيرة، قامت بعض الدول والشركات بتحويل ناقلاتها إلى منطقة رأس الرجاء الصالح رغم بُعد المسافة التي قد تستغرق أسبوعًا إلى عشرة أيّام إضافية مقارنة بعبور قناة السويس مما يعني ارتفاع تكاليف النقل والتأمين بنسبة لا تقل عن ثلاثين إلى أربعين بالمائة. والمثل السوداني يقول في هذا الصدد: "درب السلامة للحول قريب"، وآخر يقول: "عصفور في اليد أفضل من مائة على الشجرة". وهذا يفسّر مدى القلق وعدم الثقّة التي في الواقع تزداد مع مرور الأيّام تجاه قناة السويس وتجاه النقل عبر مياهها التي صارت ترتبط مباشرة في اللاوعي الجمعي للدول المتأثرة والمتضررة بكارثة جنوح الناقلة "أيفر غيفن". لذلك تناقش على مستوى العالم وجود البدائل في ممرات مائية أخرى لاجتياز الكوارث وتفادي الخسائر الكبيرة مجددًا.

التحول إلى خيارات أخرى غير قناة السويس:
إلى جانب رأس الرجاء الصالح أفادت بعض الدول والشركات أنها تعزم في المستقبل نقل بضائعها من شرق آسيا إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر روسيا باستخدام ميناء فلاديفوستوك وخطوط السكك الحديدية الروسيّة، مما يدعم نقل البضائع عبر بحر الشمال. ويصرح بعض المحللين الاقتصاديين أن قضية تجاوز قناة السويس وتراجع أهميتها في المستقبل هي رهينة الوقت، ذلك لوجود طرق وممرات بديلة كطريق الحرير الذي تسعى الصين بكل ما أعطيت من قوى في تحقيقه، داعمة بصورة كبيرة كل الدول التي يمر بها ومؤسسة لمشروعات في نطاق البنى التحتية تكاد تكون خارقة للعادة، تحتاجها هذه البلاد لا سيما في أوروبا، آسيا وأفريقيا مثلًا. وجدير بالذكر أن طريق الحرير هذا كطريق بريّ للنقل سيكون أقل تكلفة من عبور قناة السويس، ذلك يعني أن هذه البنى التحية الجديدة والتي هي في تطور مستمر عبر ماكينة الصين الجبّارة سوف تفقد قناة السويس الكثير من أهميتها كما حدث مسبقًا مع طريق رأس الرجاء الصالح الذي انتكس وفقد أهميته بعد تأسيس قناة السويس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. لقد بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر، إذ فكّر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 اقتنع محمد سعيد باشا بعد محاولات كثيرة بالمشروع وحصل على موافقة الشروع في العمل من الباب العالي بتركيا، فقام بموجبه بمنح شركة فرنسية امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عام. لقد استغرق بناء القناة عشر سنوات (1859 - 1869)، وساهم في عمليات الحفر الشاقة ما يقرب من مليون عامل مصري، لقي منهم أكثر من 120 ألف حتفهم أثناء عمليات الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة. وتم أخيرًا افتتاح القناة في عام 1869 في حفل كبير وبميزانية ضخمة. وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حقوق الامتياز لمدة خمسين عاماً إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذي تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.

إسرائيل والإمارات وتجاوز قناة السويس:
لم تعد إسرائيل والإمارات تتحملان أكثر من اللازم الاعتماد الكلي على قناة السويس كما كانت الحال. إذ يجري منذ بضع سنوات التخطيط لمشروعين مشتركين للبنى التحتيّة الرئيسة التي ستغير حتمًا خارطة توزيع عبور الممرات المائية في الشرق الأوسط جذريًا. ويجب أن نذكّر أن أحدهما، وهو خط أنابيب، بدأ أولًا بالتعاون بين إسرائيل وإيران في عهد الشاه. وهانحنذا نعيش احياء هذا المشروع مجدًا بتكاليف ملياريّة ومع شريك جديد هو الداعم الأساسي له: الإمارات. ولكي نعرف خطورة تجاوز قناة السويس لابد من معرفة مقدراتها في استيعاب الناقلات عبر ممرها المائي. تمر بقناة السويس الان يوميًا حوالي اثنان وخمسون سفينة ناقلة لحوالي ١٠ ألف حاوية وكما ذكرنا أعلاه أن حوالي اثني عشر بالمائة من التجارة البحرية العالمية يتم التعامل معها عبر القناة. وهل تنحسر هذه النسبة بعد التجاوز والاستغناء المنشود من الإمارات وإسرائيل؟ على كل فمشروع ميناء إيلات المشترك يهدف إلى تقليل الاعتماد على ممرات تتكاثف فيها نسبة الاختناق وقد تزداد حتمًا في المستقبل مع توسع التجارة العالمية؛ وتنوي الإمارات المتحدة ضخ ما يصل إلى ١٧ بالمائة من النفط الذي لا يزال ينقل غربًا عبر قناة السويس عبر خط الأنابيب الموسع من مدينة إيلات، على البحر الأحمر إلى عسقلان على البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك تخطط إسرائيل والإمارات لبناء خط سكة حديد يمتد من الخليج العربي إلى ميناء حيفا الإسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط. إذن نحن بصدر مشروعين عملاقين سيغيران خارطة الحركة الملاحية في الشرق الأوسط جذريًا والعمل فيهما يمشي على قدم وساق. حسب تقرير صادر عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن حادثة جنوح السفينة "أيفر غيفن" العملاقة في القناة سلّطت الضوء على مشاريع عديدة تقوم بها إسرائيل مع شركاء مختلفين بإمكانها الحدّ من الاعتماد الكليّ على قناة السويس أو ربما تجاوزها تمامًا، من بينها الطريق المتمثل في الربط البري بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط؛ وبطبيعة الحال فإن المصالح العامة للدول والشركات العالمية مجبرة في هذا السياق من طرح هذه القضية والسعي في وجود الحلول الناجعة كبدائل موازية وعدم الاعتماد على قناة السويس فقط. لقد أغلقت القناة بسبب حرب ١٩٦٧ أبوابها لأكثر من ثماني سنوات، وبعد فترة أعاد افتتاحها الرئيس أنور السادات ذلك في شهر يونيو ١٩٧٥، بعد أن استتب الأمن وانفضّ الاشتباك بين مصر وإسرائيل وتمّ وقف إطلاق النار. لقد تمت مشاريع تأهيل القناة بعد ذلك عبر عدّة خطوات من أجل توسيع مجراها وتقليل وقت العبور وبدأت تلك المشاريع في عام ١٩٨٠ وكان آخرها في عام ٢٠١٥. ومع افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة يعتبر هذا المجرى من أهم المجاري البحرية في العالم، حيث بلغت إيرادات القناة في العام المالي ٢٠١٤- ٢٠١٥ نحو 39 مليار جنيه مصري. والتحليل السياسي للعلاقات الآنية بين الإمارات وإسرائيل يقضي بربط خطوات التطبيع المتسارعة بينهما – لا سيما في صفقة الغاز الضخمة – ومشروعات أخرى قد تستهدف تقليص دور أهم الممرات الملاحية في العالم، وواحدة من أبرز خمسة موارد للنقد في جمهورية مصر.

النقاش حول تقليل مخاطر الاختناق:
إن حلقة النقاش التي دارت وتدور حول مخاطر الاختناق في بعض الممرات لا سيما ممر قناة السويس لم تكن وليدة اليوم فقد نشأت سلفًا في يونيو ١٩٦٧، عندما احتل الجيش الإسرائيلي شبه جزيرة سيناء، حيث ظلت قناة السويس مغلقة لغاية عام ١٩٧٥. مما دعا إسرائيل وإيران وهي آنذاك في حكم الشاه، للقيام بمشروع مشترك لتأسيس خط أنابيب نفط من مدينة أيلات حتى مدينة عسقلان، حيث تنقل الناقلات الإيرانيّة النفط الخام إلى مدينة إيلات، علمًا بأنه كان يستهلك في إسرائيل أو لينقل من عسقلان إلى أوروبا ودول الغرب. وهذا يعني أن الناقلات الإيرانية ليست مضطرة إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح الذي تحدثنا عنه في أعلى المقال. ومع الإطاحة بحكم الشاه في إيران تخلّت جمهورية إيران الإسلامية، بأمر إمامها الخميني الذي أعلن إسرائيل عدوًا لبلده، عن قناة التسويق المشتركة مع حليفتها آنذاك إسرائيل. وسلك الأمر طرق المحاكم العالمية حيث قاضت إيران إسرائيل في محاكم دولية للحصول على حصتها في المشروع المشترك وفي عام ٢٠١٥ قضت محكمة تحكيم في سويسرا بحق إيران في الحصول على تعويض مليار ونيف دولار بيد أنّه تعطل تحويل هذه المبالغ بسبب الحظر المفروض عالميًا على الجمهورية الإسلامية.

نفط الإمارات واستخدام خط أنابيب إيلات-عسقلان:
قد تصل قدرة خط الأنابيب الذي يبلغ طوله مئتان وأربعة وخمسون كيلو مترًا ستمائة ألف برميل يوميًا وتوجد في منطقة إيلات مخازن نفطية بمساحات تخزين كبيرة للغاية وقد تصل سعتها إلى ثلاثة وعشرين مليون برميل. حسب صحيفة دي تسايت الألمانية تنشد الإمارات استخدام هذا الخط ولهذه الغاية تخطط، بعد أن ثبتت ملامح التطبيع ونشأت خطوط التفاهم العريضة وتوطدت بين البلدين، إلى إنشاء صندوق استثماري مشترك بتمويل من الإمارات يصل عشرة مليارات دولار من شأنه إنشاء وحفر ميناء إيلات في أعماق البحر الأحمر يمكن لناقلات البترول الثقيلة القادمة من الخليج العربي أو من ضفة المملكة العربية السعودية أن ترده بكل سهولة ويسر. ومن هناك يمكن أن ينقل النفط الخام عبر خط الأنابيب من إيلات إلى عسقلان دون أن تضطر الناقلات أن تمر عبر قناة السويس. وكما ذكرنا أن الخط كان موجوداً منذ فترة التعاون المشترك بين إيران وإسرائيل لكنه بحاجة ماسّة إلى الإصلاح والتوسيع. وفي هذا الشأن وقع ممثلو شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيويّة المملوكة لدولة إسرائيل إي أي پي سي خطاب نوايا في إمارة أبو ظبي في أكتوبر من العام المنصرم مع المشروع الإماراتي الإسرائيلي المشترك ميد-ريد Med-Red والذي يهدف إلى نقل النفط الإماراتي إلى أوروبا عبر إيلات. ويجدر أن نذكّر بأن هناك مشروع آخر لصندوق الاستثمار المخطط له أن يربط السكك الحديديّة بميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط. بينما يجري العمل الدؤوب والتخطيط فعليًا لخط أنابيب إيلات-عسقلان، لا يزال مشروع السكك الحديدية بين الإمارات وإسرائيل حلما يطرح العديد من التحديات ولكنه ينتظر المستقبل القريب الذي ربما يجعل منه حقيقة ملموسة وكل ذلك مرهون بتطور العلاقات بين الدولتين وازدهار المنطقة وممرات وطرق أخرى للنقل كبدائل لممرات مائية أخرى. لقد ناقشت الدولتان هذا المشروع قبل سنتين وكان حديث وزير النقل الإسرائيلي آنذاك يسرائيل كاتس في عام ٢٠١٧، والحلم الذي يراود الدولتين هو ترحيل البضائع بين دبي وإسرائيل في أقل من يومين، وهو ما يصل إلى إثني عشر يومًا عبر قناة السويس. إن مشروعا خط الأنابيب وخط السكك الحديدية يتمتعان بقبول واسع بين سياسييّ الدولتين ويسير التخطيط لهما على قدم وساق ذلك منذ توقيع وثيقة التطبيع وعموما تسير العلاقات بين البلدين بصورة جيدة أو ممتازة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان. وما هو في صالح البلدين سوف ينتج خسارة لمصر التي سوف تفقد نسبة كبيرة من الإيرادات التي تتحصل عليها عبر قناة السويس.

(٭نقلًا عن المدائن بوست دوت كوم)

Mohamed@Badawi.de

 

آراء