معلومات وأراء خطيره . ولهذا نرفض الدوله الدينيه! … بقلم: تاج السر حسين
تاج السر حسين
15 September, 2011
15 September, 2011
royalprince33@yahoo.com
وصلتنا معلومات قبل عدة أيام من مصادر مطلعه، ثم تناقلتها بعض القنوات الفضائيه ونشرت على بعض الصحف، تلك المعلومات تقول بأن أنظمة وجهات أجنبيه رصدت متورطة فى محاولة لأجهاض الثوره المصريه وبذلت تلك الأنظمه اموالا ضخمه لبعض الجهات لتحقيق مخططها ، ومن بين تلك الأنظمه المتورطه نظام "المؤتمر الوطنى" الذى يقوده عمر البشير، ولا نعلم ما هو السبب فى ذلك اذا صحت تلك المعلومات الخطيره.
وهل هو شعور بالضيق من جو الحريه والديمقراطيه الذى اصبح متاحا للمواطن المصرى بعد (التغيير) وخشية نظام (الأنقاذ) من أن يصيب (فيروس) الحريه والثورة شقيقه السودانى؟ اما هو تكرار لمسلسل اديس ابابا 1995 الذى عانت منه الشعوب فى الدول الثلاثه (السودان ومصر وأثيوبيا) لفترة من الزمن ولم تعانى الأنظمه؟
أم هناك أسباب أخرى مثل اموال محفوظه فى مصر لدى بعض رموز النظام السابق أو مستثمره فى شركات ومؤسسات كما كانت المؤشرات تدل على ذلك خلال فترة نظام (مبارك) ويستحى نظام (ألبشير) أن يكشف عنها أو يطالب بها فتفضحه وتعري مواقفه؟
وللأسف البعض منا فى سطحية وعدم موضوعية يرى أن عداوة مصر من قبل كآفة أهل السودان يجب أن تكون دستورا بسبب العديد من اخطاء الماضى، وهؤلاء لا يفهمون فى السياسة فى حدها الأدنى، فمصر شئنا أم ابينا دولة محورية هامه فى المنطقة التى نعيش فيها ولها ثقلها ووزنها، عند ضعفها وانكفائها على نفسها وعند قوتها وتماسكها .. والعلاقه بين السودان ومصر لها قدر من الخصوصيه على مر التاريخ ومهما كثرت السلبيات والأخطاء.
لكن ما نتمناه بصدق ونعمل له دائما، أن تتأسس تلك العلاقه بين البلدين فى ندية واحترام وتبادل مصالح ومنافع يجنى ثمارها الشعبين لا الأنظمه الحاكمه ولا أن تكون مثل علاقة العبد بالسيد والتابع بالمتبوع، والسياسة لا توجد فيها عداوه دائمه مثلما لا توجد فيها صداقه دائمه بل تحكمها المصالح، للأسف البعض حينما يمر على ما نكتب يتجاهل هذه الأسس والثوابت التى نطرحها ونحن نستشرف المستقبل ونمعن النظر فى الأهداف الأستراتيجيه بعيدة المدى التى تقوم على النديه والأحترام والمصالح المشتركه كما ظللنا نشير ونطالب دائما.
وعلى كل فأن مصر خلال هذه الأيام توفر نموذجا جيدا لشكل الصراع بين مختلف التيارات من أقصى التيار السلفى الى أقصى التيار الليبرالى والعلمانى، فى دولة لم تحسم قضاياها السياسيه وشكل الحكم فى المستقبل قبل (التغيير) ففاجأتها الثوره وهبت عليها رياح التغيير.
وليت الصراع توقف عند ذلك الحد وأقتصر على الحوار والجدل الساخن والعنف اللفظى (أحيانا) فى المنتديات السياسيه والثقافيه وعلى صفحات الصحف والقنوات الفضائيه والمواقع الألكترونيه ولا يذهب الى أبعد من ذلك.
والأحساس بالخطر نابع من رصدنا لنماذج بسيطه للغايه ولتصريحات صدرت من بعض الذين يقودون دفة المناداة بدوله (دينيه) حتى لو بطنوا تلك الدعاوى بالتفاف (لفظى) يقول (بأنه لا توجد دوله دينيه فى الأسلام) ، وسرعان ما تجدهم فى مكان آخر يرفضون فكرة (الدوله المدنيه) ويستبدلونها بتعريف مغاير، يدل على صعوبة توفير مناخ العداله والحريه والديمقراطيه للناس كآفة، اذا وصلت تلك التيارات للحكم أو حصلت على أى نسبة مقدره فى الأنتخابات حتى لو لم تحصل على الأغلبيه المطلقه.
ونبدأ بهذا المثال فى عيد الفطر الماضى، طفح خلاف بين (القوى الأسلاميه) على الساحات التى تؤدى فيها صلاة العيد، وقد اوردت صحيفة (المصرى اليوم) بتاريخ 29/ 8 خبرا عنوانه كما يلى:
((الوسط)) يدخل المنافسةعلى ساحات(( صلاة العيد)).
ومتنه يقول:
"دخلت الأحزاب الصراع على حجز ساحات صلاة عيد الفطر، فى عدة محافظات، من بينها السويس والإسكندرية والشرقية، فبعد استحواذ الجماعة السلفية على إحدى الساحات فى السويس، والمعروف إقامة جماعة الإخوان المسلمين فعالياتها المختلفة فيها، استحوذ حزب الوسط على أحد الملاعب، وقرر إقامة صلاة العيد بداخله، فيما اختارت جماعة الإخوان المسلمين ميدان الأربعين لإقامة الصلاة، وقرر حزب العدالة والتنمية إعلان صلاة العيد فى الساحات الشعبية، بمحافظة الشرقية من خلال منشورات فى ميادين المحافظة".
وفى ذات الصحيفه بتاريخ 14/9 نقل تصريح على لسان الناطق الرسمى بأسم "التيار السلفى"، جاء فيه ما يلى:-
"المتحدث باسم ))السلفية((: الإسلاميون وحدهم الذين أسقطوا ((مبارك"((.
ومثال آخر لسياسى (سلفى) مرشح لرئاسة الجمهورية حاول جاهدا أن يقدم نفسه بصوره (لطيفه) وظل خفيف ، لكنه لم يستطع اخفاء ذلك اللطف وعبارات المجامله، حينما سئل عن (الجزيه) وهل يفرضها على المسيحيين اذا اصبح رئيسا أم لا؟
فكانت اجابته التفافيه : وأنه لا يريد أن يورط نفسه بفتوى تخالف الكتاب، لكن الأقباط من حقهم أن يمتنعوا عن أداء الخدمه العسكريه وأن يدفعوا مالا مقابل ذلك، وضرب مثلا لا يتوافق مع رؤيته، وهو تصرف الأدارة الأمريكيه حيال الملاكم (محمد على كلاى) حينما رفض المشاركه فى حرب فيتنام !!
وعدم التشابه يأتى من أن الأدارة الأمريكيه لا تميز بين مسيحى ومسلم فى اداء الخدمه العسكريه وتعاقب المواطن الأمريكى اذا امتنع عن اداء تلك الخدمه بغض النظر عن ديانته.
ومما اوردناه من أمثله يظهر الصراع والأختلاف بين الأسلاميين انفسهم، حتى فى مكان أداء الصلاة، فما بالك بالقضايا الفكريه الشائكه واسلوب الحكم، بين هؤلاء الأسلامويين
وبين من ينتمون للتيارات الليبراليه والعلمانيه؟
وكيف يطمئن الناس على وحدتهم الوطنيه و(داعية) اسلامي ينزع من فصائل وتيارات
سياسيه مخالفه لفكره، حقهم فى المشاركه فى ثوره قبل أن تجف دماء شهدائهم؟
لهذا نرى من الضرورى جدا أن تطرح القوى السياسيه السودانيه رؤاها وأن تقترح شكل الحكم وهوية الدوله قبل احداث (التغيير)، أما ترك ذلك الأمر للشعب كما يردد البعض فهو خطأ كبير وهروب من تناول قضية مفصليه، حيث لا ادرى ما هو الشعب الذى يقصدون؟ ومما يتكون؟
اليس هو مجموعة من الناس أو الأفراد أو الأحزاب والجبهات والحركات؟
ويجب أن يكون لهذه المجموعات والأفراد رؤيتهم وفكرهم لشكل وهوية الدولة التى يسعون لتأسيسها؟ وما هو الضير فى تحديد شكل الدوله وهويتها متزامنا مع عمل جاد لأحداث التغيير بكافة السبل المتاحه؟
وهل من الحكمه أن تعيد الشعوب التى تسعى للتغيير تجارب غيرها حتى لو ظهرت فيها سلبيات وأخطأء كما نلاحظ على ثورة تونس ومصر وليبيا، والثورات الأخرى التى لم تكتمل فى اليمن وسوريا؟
واذا كانت الثوره السودانيه يمكن أن تتحقق بخروج الشباب فى مظاهرات من الشوارع الضيقه فى الأحياء ، فهل لابد أن ينتظروا حتى يجدوا ميدان (تحرير) يتجمعون فيه؟
وللأسف (غلاة) الأسلامويين لا يفهمون ما يقرءون فى الكتاب الذى يقدسونه، ثم بعد ذلك يعتبرون فهمهم هو (كلام الله) ومن يخالفهم فأنه يخالف الله وتعليماته.
ففى القرآن آية رائعة تقول (ﻭَﺍﺗﱠﺒِﻌُﻮﺍ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﻣَﺎ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﺇِﻟَﻴْﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﺭَﺑﱢﻜُﻢ).
وهذا يعنى كما فسر العارفون بأنه لا يوجد في القراءن (سئ) وأنما حسن وأحسن.
فهل احسن أن نتبع آية الديمقراطيه والحريه التى تقول: (فذكر انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)، أم اية (الشورى) : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين (.
وقلنا أن الشورى ليست ملزمه (للولى) حتى بعد مشاورته لأهل الحل ولعقد (فاذا عزم عليه أن يتوكل وأن يمضى فى الخيار الذى اختاره)، وقلنا اذا جاز هذا للرسول الذى ينزل عليه الوحى ويصححه اذا اخطأ، فهل يجوز لرجل عادى من عامة الناس ومن اهل هذا الزمان ؟
وكثير من المسلمين يظنون (خطأ) أن كلمة (مؤمنين) تعنيهم وحدهم، لا اصحاب الديانات الأخرى.
مع أن المعنى واضح وضوح الشمس باستعراض هاتين الآيتين وتأملهما بعمق الآيه الأولى : (قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) والآيه الثانيه : (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
وأختتم هذا المقال بما قاله رئيس الوزراء التركى (رجب طيب اردوكان) الذى هلل وكبر له الأسلاميون فى مصر وطالبوه جهرة بعودة (الخلافه الأسلاميه) وفى ذهنهم (تركيا) الدوله التى قدمت نموذجا وحزبا اسلاميا حقق الكثير من النجاحات السياسيه والأقتصاديه.
قال (رجب طيب اردوكان) :-
((تركيا دولة حقوق وعلمانية وديمقراطية والعلمانية تختلف معناها من أمريكا إلى أوروبا إلى الدول الإسلامية والعلمانية تحترم كل الأديان .. لا تنشر اللادينية، العلمانية ليست معادلات رياضية، وتختلف من مكان لآخر ولا تنفى الدين، تركيا تطبق مبدأ العلمانية.. وتقف على قدم المساواة من كل الأديان .. أما الشعب فليس علمانيا ويعيش كل فرد دينه)).
وهذا كلام نتفق مع رئيس الوزراء التركى فى كثير من جوانبه، فمن بين الليبراليين والعلمانيين من لو دعا ربه لأستجاب له فى التو، ولأن الفرد من حقه أن يكن متدنيا ويتمتع بقيم وثوابت وأخلاق فاضله، لكن لا يوجد شئ اسمه دوله متدينه ودولة أخرى كافره، دولة تدخل الجنة يوم القيامه وأخرى تدخل النار.
والمتدين الحقيقى لا يهتم بالمظهر على حساب الجوهر لأنه يفهم معنى الحديث (التقوى ها هنا) قالها الرسول ثلاث مرات وهو يشير الى قلبه.
والدوله التى تحقق نجاحا واستقرارا وطفره تنمويه وأقتصاديه ، هى الدوله التى تساوى بين مواطنيها جميعا فى كل شئ وتعدل بينهم ولا تشعر جزء منهم بالغبن وهى باختصار شديد ، دولة المواطنة ودولة أحترام القانون.
\\\\\\\\\\\\\\\