من إسقاط النظام إلى تأسيس الدولة الوطنية بديلا للدولة الوظيفية فاقدة السيادة والهوية!

 


 

 

albashir2015@hotmail.com

مقال بتاريخ ٦فبراير٢٠١٩،،،،،،،، أعيد نشره اليوم عسى ولعل!
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

هذا هو التحدي وذاك هو المسار الضروري على درب الآلام!

في تعريف الخلل يطرح عامر محسن الملاحظات التالية عن الدولة الوطنية والدولة الخراجية:
¤(علينا أن نتذكّر هنا أنّه، بالنسبة إلى أغلب دول العالم الثالث، فإنّ الدّولة الوطنية(و«النظام» الذي ينتج عنها)هي كائنٌ تاريخيّ ولد في فترةٍ قريبة، وقد تعرّض لتحوّلات عدّة في طبيعته ودوره. خلال العقود الثلاثة الماضية، تعرّضت «الدولة الوطنية» في أكثر دول الجنوب إلى تغييرين أساسيّين في بنيتها ودورها:
¤أوّلاً، بعد انقضاء الحرب الباردة، خسرت الدّول الصغيرة ما تبقّى من سيادتها السياسية في وجه عالم الأحادية القطبية (من المسائل الاستراتيجية إلى المنظمات الاقتصادية والتجارية) ¤ثانياً:وبشكلٍ مترافق، جرّدت الموجة النيوليبرالية «الدولة الوطنية» من دورها الاجتماعي والاقتصادي!
هنا يجب أن نتذكّر أيضاً أن تقديسنا للدولة الوطنية واعتبارها مكسباً وشعاراً شعبياً وهوية جماعية لنا، خلال القرن العشرين، لم يأتِ لأننا تصوّرنا «دولة الاستقلال» على شاكلة ما نراه اليوم: مجرّد قناةٍ للتواصل مع السوق العالمي ودمج البلد فيه عبر القوانين والضرائب والدّيون. الدولة الوطنية كانت شعاراً شعبياً لأنّها كانت ترمز إلى «دولة الاستقلال»، إلى انفكاك البلد عن أي سلطةٍ خارجية وأخذ زمام قدره بنفسه، وقبل كلّ شيء، لأن الدولة الوطنية كانت تعني مشروعاً للتغيير الاجتماعي في الدّاخل حين تنتفي هذه الشروط ويظلّ من الدولة العلم والنشيد، والدّيون والضرائب، فهي لا تعود مكسباً بل سجناً، وتقسيمةً جديدةً للعالم تستبدل النظام الاستعماري القديم بإداراتٍ محليّة!
¤من هنا أيضاً، حين تستقيل الدّولة من مهام التنمية والعدالة الاجتماعية، ويصبح المستفيد الوحيد من وجودها هو الفئة التي تمسك بها وتتحكّم بالسلطة والبيروقراطية والتعيينات، فأنت هنا ترجع إلى نمطٍ أقدم من الدولة الحديثة إلى ما يشبه المثال التاريخي لـ«الدولة الخراجية»حيث علاقة المواطنين بالدّولة تقتصر في استخراج الريع منهم، وبخاصة من الأكثرية الفقيرة، ونقلها إلى الحاكمين!
¤أليس من الطبيعي-حين تتجوّف الدولة ولا يعود لها دورٌ، ولا تعود هي من يعلّمك ومن يوظّفك ومن يصنع الثقافة ومن ينهض بمجتمعك-أن تسود في المجتمع علاقاتٌ«تحت» الدّولة أو «خارجها»وتصبح الساحة الوطنية «ثانوية»؟ ¤الخديعة الكبرى في القرن الماضي كانت في أن يعطوك دولةً «مستقلّة»، ويتوقّعوا منك التماهي معها، ثم يجرّدوها من معناها ¤فدولة وطنية من دون سيادة ليست كالحليب من غير دسم، بل هي كالحليب من غير حليب!
¤حتّى على مستوى الهويّة، لا يسعك إلّا أن تلاحظ «خواء» الهويات التي تخرج عن الدولة الوطنية بنسختها الحالية!) انتهى الاقتباس ..
إن المطلوب بعد انجاز مهمة إسقاط النظام ليس نظام بديل فحسب بل التأسيس لدولة وطنية تعبر عن أحلامنا عشية الاستقلال عام ١٩٥٦ !
إن المشروع الوطني حين تجرّد من بعده الاجتماعي، لم يعد أكثر من هوية دينية أو عرقية أو طائفية ذو طابع عدواني اقصائي ويقوم على تاريخٍ خرافي ورموزٍ دينية زائفة وكان من الطبيعي في ظل هذا الاختلال المعرفي أن ينفتح الباب واسعا لتصورات بشرية للدين تُعلق مصائر المجتمعات والأوطان على مفاهيم أنتجها تاريخ بشري ثم كرسها كإرث إلهي أُبرم في السماء !
إن الامبريالية حين انسحبت مجبرة فنالت دولنا الاستقلال تقدمت النيولليبرالية لتسلب هذ الدول كل الشروط الضرورية لقيام الدولة المدنية الحديثة!
هذا هو التحدي الحقيقي الذي سنواجهه فور اسقاط النظام !
لقد استدار الزمان وعدنا لمواجهة نوع جديد من معارك التحرر الوطني ... لصناعة استقلال جديد ! استقلال عن التعبية والوصاية والهيمنة من البعد ! فلم يعد حل المشكلة الاقتصادية'مثلا' يتعلق بإجراءآت يفرضها عقل مصرفي أو ذهنية محاسبية لا يتعدى أفقها المعرفي سقف الإدارة المالية أو في الحقيقة إدارة السيولة! بل هو حل سياسي ضارب الجذور معرفيا فيما هو وطني سيادي وما هو ثقافي وقبل ذلك بالتفكير على معيار واحد هو التنمية والعدل الاجتماعي!
إن الثورة لاسقاط نظام الانقاذ ليست كأي ثورة سابقة ؛ ليست كأكتوبر أو مارس فطبيعة النظام وما سيخلفه من دمار شامل مختلفة تماماً!... والوضع الدولي بتوازناته وبنيته المعرفية وأدوات تواصله وهيمنته وتأثيراته مختلفة جداً .. وكل هذا يفرض تصورات مختلفة كليا عن الاجابة على سؤال البديل! هذه المرة البديل ليس نظام بل دولة! دولة وطنية بمنظومة معرفية وقيمية وسياسية تناسب مهمة بحجم تأسيس دولة وليس فقط إقامة نظام حكم!

عبد العظيم سر الختم الشوتلي
٦ فبراير ٢٠١٩

 

آراء