هل حد الردة من الاسلام؟(2/2)
https://www.facebook.com/muhammad.almajzoub
كما نستدل بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَّرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ" {المائدة/54} بوصفها تدل على أن الله هيأ للمرتدين من يقاومهم ، من المؤمنين المجاهدين الذين وصفهم الله بما وصفهم به ، إلا أن النص لا يصرح بعقوبة القتل قضاء على المرتد ، بل شرع مجاهدتهم لا قتلهم طالما بقوا مسالمين ، أما المجاهدة فتكون بالحجة وبالقرآن ، يقول تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا * وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا *فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا {الفرقان50/52}.
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري ، فانه في صلح الحديبية ، نجد أن النبي صلي الله عليه وسلم قد وافق على أن من ارتد من أهل المدينة فلا بأس لو التحق بأهل مكة ، وليس له أن يطالبهم به ، كما أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يقتل أي إنسان لمجرد ردته ، بل وافق على أن يخرج المرتد من المدينة إلى مكة من دون أن يعاقبه ، ولو كان قتل المرتد حكما قرآنيا لما وافق النبي صلي الله عليه وسلم على شرط في صلح الحديبية يخالف القرآن. كما يدل على ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم قبل توبة جماعة من المرتدين ، وأمر بقتل جماعة آخرين ، ضموا إلى الردة أمورًا أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين. مثل أمره بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح ، لما ضم إلى ردته قتل المسلم.
روى البيهقي: أن أنسًا عاد من سفر فقدم على عمر ، فسأله: ما فعل الستة الرهط من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام ، فلحقوا بالمشركين؟ قال: يا أمير المؤمنين ، قوم ارتدوا عن الإسلام ، ولحقوا بالمشركين ، قتلوا بالمعركة. فاسترجع عمر- أي قال: إنَّا لله وإنا إليه راجعون- ، قال أنس: هل كان سبيلهم إلا إلى القتل؟ قال نعم ، كنت أعرض عليهم الإسلام فإن أبوا أودعتهم السجن ، وفي رواية: انه صح عن عمر بن الخطاب (رض) ما يفيد عدم قتل المرتد المسالم ، وهو واضح من قول عمر عن رهط من بني بكر بن وائل ارتدوا والتحقوا بالمشركين وقتلهم المسلمون في المعركة: "لأن أكون أخذتهم سِلْما كان أحب إليَّ مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء ، قال: أنس بن مالك فقلت: وما كان سبيلهم لو أخذتَهم سلما؟ قال عمر: كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه ، فإن أبوا استودعتهم السجن".
بيد انه قد يستدل دعاة القول بحد الردة بدلالة الآيات الواردة في شأن المنافقين ، لكونها تبين أنهم حموا أنفسهم من القتل بسبب كفرهم عن طريق الأيمان الكاذبة ، والحلف الباطل لإرضاء المؤمنين ، كما في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ * لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ {المجادة /21}. وكذا قوله: سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ {التوبة 95/96}".
وكذا قوله: يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ {التوبة /74} ، لكن الآيات تؤكد أنهم بدؤكم أول مرة ، وإن لم يتكلموا بكلمة الكفر ، فدل ذلك على أن الكفر قد ثبت عليهم بالبينة ، وبالتالي فان حجتهم تكون قد انهزمت ، وأيمانهم الفاجرة لا تغن عنهم شيئًا ، وفي كل الاحوال فانهم لا يعاقبون بعقوبة وقانون للردة ينتهي الى قتلهم.
كما انه قد يستدل على الروايات المنسوبة إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، والتي قد يفهم منها وجوب قتل المرتد عن الدين ، أهمها ما رواه عن عكرمة قال: أتي علي (رض) بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم ، لنهي رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا تعذِّبوا بعذاب الله). ولقتلتهم ، لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من بدَّل دينه فاقتلوه) والحق أن هذا الحديث لا يراد عمومه ، إذ إن المسيحي الذي يبدل دينه فيعتنق الإسلام لا يُقتل بلا خلاف. فتكون دلالة الحديث دلالة تفيد الخصوص لا العموم. بيد أن الكثير من الفقهاء قد خصصه بالمسلم الذي يبدل دينه ، لكننا نخصصه بالذي يترك دينه ويحارب. ذلك أن الآيات القرآنية المتقدمة ، تنفي وجوب أية أي عقوبة على المرتد لمجرد ردته ، بينما توجب آيات أخرى العقوبة على المعتدي فقط.
أما الحديث الثاني الذي يرويه البخاري أيضاً عن عبد الله قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة). فهو حديث ينادي بقتل المرتد التارك للجماعة ، ومعنى ذلك المحارب للجماعة ، لذا فهو نص في ما نقول من أن المرتد المحارب هو الذي تجب عليه عقوبة في حال قدر عليه ، وليس القتل لمجرد الردة.
أما الاستدلال بقتل المرتدين في ما عرف بحروب الردة ، فان الملاحظ ان قتلالهم لم يكن بموجب "ردتهم" عن عقيدة الإسلام ، بل بموجب حربهم التي شنوها على مجتمع المؤمنين وسلطته الشرعية ، فكان قتالهم "حرابة" لتمردهم ورفضهم ولاية الدولة الشرعية من خلال رفضهم دفع الزكاة لأبي بكر بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم ، ومن ثم تمردوا على السلطة الجديدة للخليفة أبي بكر الصديق (رض) ، لذا لم يُحارب هؤلاء لتركهم الدين ، لأنهم لم يتركوا الإسلام بالمجملة ، فهؤلاء في الاساس جماعة انشقت وتمردت على ولاية وشرعية الدولة الشرعية ، وهناك من القبائل من أتت غازية المدينة ، فكان لا بد من محاربتها دفاعاً. وهناك من قام بقتل مسلمين ظلماً وعدواناً ، مثل مسيلمة الكذاب وقومه ، بينما لم يسير له الرسول صلي الله عليه وسلم أي جيش لمجرد ادعائه النبوة وتكذيب الرسول.
وهكذا فأنه إذا كان المرتد مرتداً محارباً ، ولم تكن ردته ليست مجرد كفر فكري بالإسلام فحسب ، بل تعدت ذلك لان تكون حالة اعلان حرب علي الإسلام وعلى أمته ، فانه يندرج عندئذ ، ضمن مفهوم الحرابة ، فالذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا ، فيقتلون حرابة لا ردة ، يقول تعالى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة 33/34} ، بوصفهم قوم خرجوا محارببين لله ورسوله فإنهم يقتل أو يُصلبون أو يُنفون من الأرض بعد تقدر عليهم السلطة السياسية المشروعة لان المسالة عندئذ تعبر عن حالة حرابة ، لا عن مجرد ردة فردية فكرية عن الدين. والمعني ان العقوبة على الحرابة القتل كما ظهر بوصفها تفريق صف الجماعة وحرب على الولاية العامة المشروعة للمجتمع الاسلامي ، فهي عقوبة على الجريمة المصاحبة لتبديل الدين لا على تبديل الدين في حد ذاته. أما تبديل الدين فعقوبته عقوبته أخروية عند الله تعالى ، وهي أغلظ من أي عقوبة قضائية في الدنيا يتخيرها القضاء المسلم.
كما قد يحتج ببعض الاحداث التاريخية باعتبار أن فيها ما يفيد توقيع عقوبة القتل بالمرتدين ، فقد روي أن علياً كرم الله وجهه أقام عقوبة الردة في قوم ادعوا إلوهيته فحرقهم بالنار ، بعد أن استتابهم وزجرهم فلم يتوبوا ولم يزدجروا ، فطرحهم في النار ، وقد اعترض عليه ابن عباس بالحديث الآخر: "لا تعذبوا بعذاب الله" ، ورأى أن الواجب أن يُقتلوا لا أن يُحرقوا. فكان خلاف ابن عباس في الوسيلة لا في المبدأ. وكذلك الاحتجاج بتنفيذ أبو موسى ومعاذ القتل في اليهودي في اليمن ، والذي كان قد أسلم ثم ارتد. وقال معاذ: قضاء الله ورسوله ، وقد رردت هذه الرواية عند الشيخين. وقد يحتج بفعل بعض الصحابة منهم أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل (رض) بما يفيد قتل المرتد. ففي البخاري:"...زار معاذ أبا موسى ، فإذا رجل مُوثَق ، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد ، فقال معاذ: لأضربن عنقه". روى أن ابن مسعود أخذ أقوامًا ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق ، فكتب فيهم إلى عمر ، فكتب إليه أن أعرض عليهم دين الحق ، وشهادة أن لا إله إلا الله ، فإن قبلوها فخل عنهم وإذا لم يقبلوها فاقتلهم ، فقبلها بعضهم فتركه ، ولم يقبلها بعضهم فقتله.وروي عن أبي عمر الشيباني أن المستورد العجلي تنصر بعد إسلامه ، فبعث به عتبة بن فرقد إلى علي فاستتابه فلم يتب ، فقتله.
وعندنا أنه لا يجب قتل المرتد غير المحارب فيه تعارضاً لصريح القران ، والأوْلى تأويل الأحاديث لتتواءم مع صريح نصوص القرآن لا العكس ، لاسيما وان الروايات عن قتل مرتد التي ذكرت عن الصحابة ، يجب إرجاعها السياق المجتمعي والسياسي الذي قيلت فيه ، إذ الغالب أن هؤلاء المرتدين كانوا محاربين فوق ردتهم الأصلية. إذ بُعث الرسول صلي الله عليه وسلم في ظروف كان الكل فيها يقاتل ضد الكل ، ولم تكن حالات الحياد والعزلة السياسية والعسكرية معروفة ، بل كانت القبائل تغزو بعضها البعض لمجرد أمور هامشية ، ولما كان المرتد عن الإسلام يلتحق بالقبائل المعتدية في العادة ، فكان بديهياً بالنسبة إلى الفقهاء أن ينادوا بقتل كل مرتد ، لأنه يتحول إلى معتدي لحظتها ، لذا نجد أن عدداً من الفقهاء الأحناف ينادي بعدم قتل المرتدة ، باعتبارها لا تحارب ، بينما يوجب قتل كل رجل مرتد ، باعتباره محارباً.
وقد يقول قائل إن التهاون في عقوبة المرتد ، يعرض المجتمع كله للخطر ، ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله ، فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره وخصوصًا من الضعفاء والبسطاء من الناس ، وتتكون جماعة مناوئة للأمة ، تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها ، وبذلك تقع الأمة في صراع وتمزق فكري واجتماعي وسياسي قد يتطور إلى صراع دموي ، بل إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس ، ولكن هذه الحجة العقلية الواقعية يكون الرد عليها بأن فتح المجال لمن يشك في عقائد الدين للتعبير عنها بحرية ، يجعلنا نناقشه فيها ، ونساعده على فهمها ، وإزالة ما علق بذهنه من وساوسَ ، وهذا فيه خير له ، إذ يُقبل على التزامه.
والحق إن الحرية الفكرية كفيلة بالقضاء على العقائد المنحرفة ، التي لا تنمو إلا في الظلام ، وتحت الأرض ، ولا تجد مبررًا لوجودها إلا بتقوقعها على ذاتها ، ويوم يُفتح باب المناظرة والنقاش على مصراعيه ، فسرعان ما تنهار ، يقول تعالى: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {الرعد/17}. ثم إن القائل بقتل المرتد من الممكن أن يجد له مُكَفِّر من المسلمين ، ولو قرَّرنا قتل المرتدِّ لكان على المجتمعات الإسلامية أن يحصد نفسها ، وأن تجتث بعضُها البعض ، أمَّا أهل الأديان الأخرى فلا يتعرض لهم أحد ، لأنَّهم ، في النهاية ، أهل كتاب.
وغاية القول إن عقوبة الردة ، إذا لم يصحبها خروج على سلطة المجتمع السياسي تظل محصورة في الجزاء والعقاب الأخروي ، كون إن الرؤية الإسلامية تمنح الحرية الدينية والفكرية كاملة ، وليس فيها أي اضطهاد فكري ، وإن حربها على الآخرين سببها عدوانهم وليس كفرهم ، فالكفر ليس باعثا على قتال أحد ، بل لهم حرية مطلقة في الكفر ، وحساب الكافر عند الله تعالى فقط على مجرد كفره ، انه لا عقوبة قضائية على الردة ما لم تتحول إلى خروج حرابة سياسية أو عسكرية على اجتماع المسلمين ، لكنها تبقى أعظم الذنوب في الإسلام ، لأنها هدم لأساس الدين ، مثل قوله تعالى: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة/217}.
ملحوظة: مصادر المقال مثبتة بدراسة عن جدل الايمان والالحاد تصدر قريباً.