هل من سبيل لإعادة الحياة لوثيقة الدستور الانتقالي ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠؟

 


 

 

تقتلني الحيرة من ذلك الاصرار العنيد الذي يبديه بعض المحسوبين على قوى الثورة والتغيير ممن اعتقدهم نخبة ثقافية وسياسية بل وقانونية مؤهلة ما زالت اذهانهم عالقة بصورة تدعو للشفقة ان لم تكن الريبة بفكرة انعاش وثيقة مزقها الانقلابيون وداسوا عليها (بابواتهم ) دون ان يطرف لهم جفن او يغشى ذاكرتهم سؤال من ثلاثة كلمات ( ثم ماذا بعد) ؟
وثيقة الدستور الانتقالي ٢٠١٩ المعدلة ٢٠٢٠ ماتت سريريا يا من تأملون انعاشها ، ماتت هذه الوثيقة ( وشبعت موت) و لن يصلح معها جرح او تعديل يعيدها للحياة لاستحالة ذلك عمليا.
لعلك تسالني: نبرة الاستحالة دي جبتها من وين يا متر؟
اقعد اقول ليك ..
الوثيقة الدستورية فقدت مرجعها الدستوري و (السياسي) الذي نشات عليه، ولا اقول ( التاسيسي) توقيرا لمفهوم هذا المصطلح في الفقه الدستوري ، هذه الوثيقة الان بلا عائل شرعي حتى لو ادعى ابوتها بالتبني الانقلابيون ورفقائهم من بعض مجموعة اتفاق جوبا لسلام السودان.
لان هذه الوثيقة المراد تعديلها نصت بنفسها على الطريقة التي تعدل بها وحصرتها في المجلس التشريعي او مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين، الان لا وجود لهذا ولا ذاك ، بالتالي اصبحت هنالك استحالة دستورية وعملية لاجراء اي تعديلات عليها.
مفهوم ان الحركات الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان ظلت تعبر عن مخاوفها من دستور جديد تسقط معه تعديلات ٢٠٢٠ الضامنه للاتفاق، غير انها اي الحركات مخطئة في هذا الفهم لان الغاء الوثيقة الدستورية لا يلغى اتفاق جوبا، فضلا عن ذلك فان مسودة الدستور الانتقالي المقترحة من لجنة تسيير المحامين، اعترفت بالاتفاقية والتزمت ببنودها مع عدم اغلاق باب مراجعتها بما يحقق السلام لكل الوطن.
اعتقد لا حجة بالمطلق لمن ينافحون بمشروعية الوثيقة الدستورية وامكانية تعديلها بعد ان فقدت المرجعية السياسية بانقلاب ٢٥ اكتوبر الذي فسخ اتفاق الشراكة بين المكونين المدني والعسكري واصبح ما كان بينهما من اعلان سياسي محضور من قوى اقليمية واممية كان لم يكن.
لقد نقل الانقلاب الاوضاع السلطوية والتشريعية الي مربع القوى العسكرية وشبه العسكرية المتمثلة في حركات اتفاق جوبا ولم يعد الحال كما كان عليه.
الجدير بالذكر دشنت في وقت سابق مجموعة التوافق ميثاقا سياسيا جاءت بنوده ورؤيته الي حد التطابق مع المحاور المطروحة في مسودة الدستور الانتقالي للجنة تسيير المحامين التي نالت قبولا واسعا بين قوى الثورة وتبنته مركزية الحرية والتغيير ، مما يدفعني للقول بان تباين وجهات النظر بين المجموعتين ( مركزية الحرية والتغيير ومجموعة الوفاق الوطني) باتت محصورة في سؤال يتيم من شقين يدور حول مدى مشروعية الذهاب للدستور الانتقالي المقترح من تسييرية المحامين او الذهاب الي الوثيقة الدستورية واجراء التعديلات المطلوبة عليها ، وبما ان هنالك استحالة عملية لاجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية كما بينت اعلاه لم تعد هنالك مشروعية لحجة التمسك بالعود للوثيقة الدستورية واجراء التعديلات اللازمة عليها اللهم الا ان كانت الغاية دعم المكون العسكري للاستمرار في السلطة.
امل ان يدرك الفرقاء ذلك حتى يكمل الثوار مسيرتهم نحو انهاء الانقلاب والعود للحكم المدني ووقف عجلة التدهور الاقتصادي والامني المنزلقة ببلادنا نحو الهاوية.

medali51@hotmail.com
///////////////////////

 

آراء