وداعاً شاعر الترابلة الشيوعي النضر حدربي محمد سعد

 


 

 

نقاط بعد البث
* نقلت لي صديقة الأسافير الأستاذة سناء عثمان التوم ما كنت أتوقعه في الأيام الماضية ولم أشأ أن يكون حقيقة! ،، منذ أن نقلت لي نبأ أن خالها الشاعر حدربي محمد سعد أصبح طريح المستشفى، حيث رحل يوم أمس الأربعاء ويا له من رحيل في ظرف السودانيين هذا!، وحدربي هو الشاعر المغرد والمتفرد والشيوعي الصداح الذي يعد بمثابة شاعر الترابلة والمعوزين البسطاء من أبناء شعبنا الطيب.
* ربما قليل من بنات وأبناء الجيل الحالي من يعرفه، فقد مرً على أهل السودان حين ممتد من دهر سئ قصد فيه من يمسكون بالقلم "المعوج" ألا يدونوا التاريخ بشكل أمين وصادق، حيث حجبوا شموس البلاد بالأكاذيب وحاولوا "تسويق" بضاعتهم الفاسدة من أسماء باهتة في "حياة" السودانيين التي ما أثمرت أو عمرت، فذهبت أدراج الرياح وبقي ما ينفع القوم!.
ولج الشاعر حدربي لأروقة حزبنا منذ فترة باكرة استطاع فيها أن يلم إلماماً جماً "بديلكتيك" النظم وتوظيف الشعر من أجل إنسان السودان بكل سلاسة ومعرفة مبسطة لقيم الكون وتطويع الكلام لخدمة حياته، وتحضرنا هنا قصيدته البديعة في تخليد القائد الشيوعي الفذ " فلاديمير ألييتش أوليانوف " بعنوان "لينين والتمر" بمناسبة مأوية ميلاده التي حلت في بداية سبعينيات القرن الماضي!. كما تغنى له عدد من المطربين بأغنيات عاطفية عذبة أشهرها قصيدته (النازلة ماشة على البحر) والتي غناها له الفنان محمد ميرغني.
وفي بدايات "إنقلاب 25 مايو" بشر حدربي ـ ضمن قوى المبدعين التقدمية والديمقراطية والوطنية ـ بالحدث الذي تم كمأثرة انحازت ببرنامجها الوطني الذي أعلنته لجماهير الشعب السوداني ملتزمة جانب تحقيقه تطلعاً لأماني وآمال الشعب والوطن، فكتب بعضاً من الأشعار التي غنت لمايو، وفيما بعد هجا مايو وهجر طريقها، وهذه مناسبة لكي نصحح معلومة مغلوطة مفادها أن الشاعر حدربي كتب نشيد "تحسبو لعب" الذي تغنى به فنان الطمبور الشعبي إدريس إبراهيم لانقلاب هاشم العطا، حيث هي معلومة ليست صحيحة بدليل أنك ستجد في آخر مقاطعه إشارة لمايو (ده مايو الجانا في ساعة هجيرة).. وهو من أوائل الأناشيد التي تغنت لإنقلاب مايو في أسابيعه الأولى!.
وربما أن خلطاً قد وقع بينه وبين النشيد الآخر لإدريس أبراهم وهو( تسلم مايو لينا وليك نسلم) وله قصة طريفة كما سمعناها من مصادرها، مختصرها يحكي أنه بعد فشل إنقلاب هاشم العطا تم إكتشاف نشيد سجله المطرب الشعبي إدريس أبراهيم للإذاعة من كلمات شاعر لسنا ملمين باسمه في الوقت الحالي، وقد كتبه ترحيبآ بإنقلاب هاشم العطا بعنوان (يا يوليو)! فتم إعتقال إدريس أبراهيم, وبعد مرور أشهر طويلة على إعتقاله بسجن كوبر تم إستدعاءه من قبل المرحوم عمر الحاج موسى وزير الثقافة وقتها، ومعه الشاعر الشيوعي التقدمي حدربي محمد سعد، والذي كان هو الآخر معتقلاً بكوبر في أعقاب فشل انقلاب العطا، حيث تمت مساومتهما بأن يقدما عملآ فنيآ مشتركآ لتمجيد مايو، مقابل إطلاق سراحهما! رفض حدربي بشدة، في حين أبدى إدريس أبراهيم موافقته على تبديل كلمات النشيد الذي سجله للإذاعة مرحبآ فيه بإنقلاب يوليو ولم يبث!، على أن تحل كلمة مايو بدلآ عن يوليو! وبالفعل تم التسجيل على هذا الأساس فكان نشيد( يا مايو) وأطلق سراح الفنان إدريس ابراهيم!.. وقيل أن أدريس أصيب فيما بعد بحالة من الإكتئاب وتأنيب الضمير خاصة أن أصدقاءه ومعارفه قد إستهجنوا تصرفه المناقض لقناعاته الفكرية، فآثر الإنزواء رويدآ رويدآ من الحياة الفنية و الإبتعاد عن الوطن بأجمعه، فاختار الإغتراب الباكر لإحدى دول الخليج، وبذلك تسببت مايو في حرمان مستمعيه وعشاق فنه من الإستمتاع بهذا الصوت العذب الذي يشابه الكروان في تغريده. وأرجو أن يصححني من يملك معلومات أكثر دقة في هذا الخصوص!..
العزاء الحار في رحيل الشاعر الفذ حدربي محمد سعد أحد حداة حزبنا والصوت المعبر ضمن شعراء مناطق الشايقية عن أنسان تلك المنطقة، وموصول العزاء لجميع أفراد أسرته الكريمة ولأهله ومعارفه ومجموع زملاءه في الحزب الشيوعي السوداني، وله الرحمة والخلود،
ــــــــــــــــــــــــ
* لجنة تفكيك التمكين كانت تمثلني وستمثلني لاحقاً أيضاً.
hassangizuli85@gmail.com
////////////////////////

 

آراء