يا صِديق البشير تعال شوف الحصل في الفاشر

 


 

محمد بدوي
5 September, 2019

 

 

تابعت عبر الوسائط الإعلامية الاعتداء على ممثلي تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير في الساحة المحددة للندوة الجماهيرية بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ، الأمر الذي قاد إلى إلغائها ، لابد من ادانة ما حدث لأنه مسلك يصب في خانة أفعال العنف ، كما انه مثل اعتداء على حرية التجمع والتعبير و سلوك مخالف للقانون في ظل مرحلة انتقال ديمقراطى مدنى يمر به السودان ، في تقديري مهما كانت الاسباب فقد اضاع من قاموا او شاركوا في ذلك الفعل فرصة للتعبير عن وجهات نظرهم بطرق سلمية ، تقصي أسباب و دوافع ما حدث من الضرورة بمكان لكي نستبين الصورة الكبيرة للواقع السياسي و تحدياته ، و لمقابلتها بما تستحق ، فمدينة الفاشر وغيرها من مدن إقليم دارفور شاركت في حراك ديسمبر 2018 الذي قاد الى 12 ابريل 2019 تاريخ نهاية لحقبة الإسلام السياسي التي امتدت ثلاثة عقود القت بثقل عنفها و غلاظتها و عنصريتها علي كل السودان و بشكل أكثر قسوة على مناطق النزاع ، الأمر الذي جعل الإقليم مسرحا لتراجع حالة حقوق الانسان مما قادت إلى إحدى أوسع عمليات المساعدة الإنسانية في التاريخ الحديث، فى محاولة لربط للأحداث و البحث فى ما حدث، صعدت الى ذاكرتى حادثة الاعتداء على الراحل صديق محمد البشير فى احتفال القوى السياسية بالإقليم بثورة اكتوبر 1964 حينما اعتلى المنصة ليلقي كلمة الحزب الشيوعي السوداني لتتم عملية تحريض و تعبئة و استغلال لبعض الطلاب ممن هم اقل من عمر الثامنة عشر عاما "الاطفال " ليحصبوه بالحجارة ثم توجهوا إلى حرق مكتبة الجماهير التي أسسها بالفاشر في العام 1955 و التي كانت نافذة للمعرفة والتنوير، حيث ربطت الاقليم ما تطبعه كل من القاهرة وبيروت انذاك فى زمن يصعب فيه وصول الكتب والمطبوعات للأطراف ، ليغادر بعدها الراحل صديق البشير مدينة الفاشر التي عاد اليها زائراً في مارس من العام 2007 حينما نظمت كل مجموعة التنمية من الواقع الثقافي و مركز الأمل لعلاج وتاهيل ضحايا العنف احتفالاً بصالة مارسيلاند بمدينة الفاشر تكريماً له، لدوره كرائد للتنوير، وكذلك إعادة إعتبار لما حدث له قبل (43) عاما ً، شهد الاحتفال كلمات اقر فيها بعض الحضور بشهادات عن أشتراكهم في الحدث إلا أنهم دفعوا بعوامل صغر السن والتحريض كموانع للمسئولية، جاء تعليق الراحل صديق في قمة الحكمة والمسئولية حيث رفض الافصاح عن من كان أو كانوا وراء ذلك الحادث رغم إلحاح الأسئلة وكانت رسالته تجاوزاً لنبش جراح مضت واحتراماً لرجال وقفوا بعد اكثر من اربعة عقود ليعيدوا له الإعتبار والإعتذار على نسق إبراء الجراح.

مغادرة الراحل صديق عقب الحادثة في 1964 بالطبع لازمها غياب لمكتبة الجماهير احدي كوات المعرفة انذاك ، محمولة علي فعل خلفه تحريض سياسي، مما يثير سؤال ملحا عن ما فات على الإقليم وانسانه من فرص مرتبطة بالمعرفة ؟ وسؤال آخر حول حرية التنظيم والتعبير ؟ فهاهي حادثة الفاشر تستدعي التفكير و الانتباه و إستدعاء الحكمة، والنظر بعين فاحصة للمستقبل فحرية التعبير كانت إحدى الانتهاكات التي لازمت ازمة الاقليم وفصمت عُرى التضامن بينه وبين بقية جغرافيا السودان بفعل الرقابة الممنهجة ، والاستدعاء سياسي لافعال وممارسات التمييز وخطاب الكراهية ، ليشهد الراهن انعكاسات ذلك ، فماذا نحن فاعلون ؟


badawi0050@gmail.com

 

آراء