“الدخان” في قرية أم بشوشة
كلام الناس
* درج الدكتور طبيب نادر حيدرعبيد على إقتناء مجموعة من الكتب عند كل زيارة له للسودان‘ ويحرص على إعارة ماتيسر منها لنا عقب أداء صلاة الجمعة بمسجد قالوبلي بأوبرن بسدني‘ ومن ضمن الكتب التي أعارنيإياها
كتاب "الدخان" لضياء الدين عثمان.
*الدخان رواية فازت في جائزة حورس الإسكندرية للسرد العربي عام 2014م‘ لم أقرأ لمؤلفها من قبل‘ لكن الرواية شدتني بأحداثها الغامضة التي جرت في إحدى قرى الشمالية" القديمة" إسمها ام بشوشة‘ لم يستطع
بطل الرواية خليل عبد الله المستكاوي الفكاك من همومها رغم انتقاله للخرطوم وعمله هناك.
*الرواية تتداخل فيها الهموم الذاتية مع هموم القرية التي يعاني أهلهامن فساد سليمان الخليفة وسوء تعامله معهم وظلمه الذي لم تسلم منه أسرته رغم وضعه الديني والمجتمعي.
*أستدعي خليل للحضور إلى القرية للتحقيق معه في مقتل سليمان الخليفة وفي كشف غموض الجريمة‘ إستقبلته أم بشوشة بوجهها المألوف المعبر‘ نفس البيوت التي لم تتبدل وبنفس الأشياء أمامها .. ٥سنوات مرت ولا شئ تغير.
*أول من استقبله في القرية النذير الذي كان قد أمضى جانباً من حياته في أوروبا‘ رحب به قائلاً : أوه كم إشتقت لك ! كيف حالك؟ وعندما اقترب من بيته تركه على وعد باللقاء معه.
* دخلنا مع الراوي في حكاية سليمان الخليفة والبيت المهجور والليلة الليلاء والسكون المتقطع بنباح الكلاب .. لكن النذير يعود إليه وهو يحمل بعض الطعام‘ عرف أنه من"فوزية" .. أحس كأن أحداً صب عليه ماءً مثلجا.
*عندما سأل خليل عن سليمان الخليفة صمت النذير طويلاً ثم ذكر له المثل الإنجليزي "الأوعية الفارغة ضجيجها أصخب".
*ذهب خليل إليها في بيتها‘ فتح له الباب صبي صغير عرف أنه طارق .. طارق سليمان الخليفة‘ وعندما صافحها أحس بأنها توشك أن تنفجر من البكاء‘ ظل يتابع النظر إليها والكمد يفتت كبده.
*لن أشغلكم بالأشخاص الاخرين في الرواية ولا بتسلسلها الغني بالأحداث والمواقف لأن عقدتها أصعب من أن نتجاوزها لأحداث اخرى‘ فلا تستعجلوا لأنكم لن تبلغوا غايتكم .. فالنهاية في الرواية جاءت غامضة ومفتوحة‘ رغم الفعل الحاسم الذي أودى بحياة سليمان الخليفة.
*ظلت فوزية في قلب الرواية وفي قلبه أيضاً.. سافر وبقيت هي‘ أكمل المشوار هو ولزمت هي البيت‘ تخرج هو إنتظرته هي‘ عاد هو بكت هي من الفرحة وودت لو تحتضنه وتبثه شكواها .. لكنهما إلتقيا وظلت المسافة في المقعد كماهي.
* الاسئلة المثاره وسط الاهالي في القرية ظلت معلقة : لم يصمتون أو يدعون العمى أمام مظاهر الفساد في القرية.. المشكلة ليست في صياح الأشرار وإنما في سكوت الأخيار‘ من الملوم؟.
*كما ذكرت لكم الرواية تنتهي بمقتل سليمان الخليفة عقب عودته وهو مخمور ودخوله في مشاجرة مع خليل الذي ما أن خرج حتى سمع دوي إطلاق رصاصة فعاد ليرى ما حدث فوجد سليمان وفوزية في اشتباك عنيف إنتهى برصاصة أودت بحياة سليمان الخليفة.
*خليل صعق‘ كان مبهوتاً ينقل بصره بين المسدس الصغير في يد سليمان وبين جيبه الذي مازال منتفخاً وبين بقعة الدم الاخذة في الإتساع.