عزيزٌ في عيني الرب موت أتقيائه!!
*فجر الخميس 29 نوفمبر 1918غادرت هذه الفانية الأم جانيت أبيب سمعان ، تلكم السيدة القبطية السودانية الأصيلة التى عرفتها مدينة كوستي في ألقها الجميل عندما كانت المدينة مدينة للمحبة والسلام والإخاء الانساني المتسامي ، فقد كان المرحوم أبيب سمعان أمة قبطية تشربت الحياة السودانية فكان وأسرته معلماً بارزاً في مجتمع كوستي يتحدث عنه جيرانه حتى اليوم حديث الرجل المشارك والايجابي يرتدي جلبابه ويفتح بابه يرشد الكبير ويوجه الصغير ويصلح بين المختصمين تعرفه أفراح الناس وأتراحهم الكل يناديه ( عم أبيب) ، فقيدتنا العزيزة جانيت سارت على ذات الدرب وزادت عليه عندما ولجت أبواب التمريض فكانت من أبكار السسترات في السودان وسافرت الى الجامعة الأمريكية ببيروت وعادت سستر جانيت بدفقة عالية من العلم والمعرفة فمزجت علمها بروحها المتسامحة وهمتها التى لاتعرف الفتور ،فوضعت بصمتها الحانية على مرضى مستشفى الخرطوم ، وقد حدثنا عنها العديد من زملائها وزميلاتها في تلك الفترة وكأنهم يتحدثون عن قديسة وليست سستر فحسب.
* وهبها الله من الأبناء هاني فايز بطرس وشقيقتيه الأستاذة سيلفيا والمهندسة جويدة رحل عنهم والدهم وهم زغب الحواصل فدمجت بين قضيتها الخاصة ومسؤوليتها العامة تجاه مرضاها ووطنها وإنخرطت في العمل الطوعي تمد يدها لقضايا الفقراء وتقود المبادرات التى تعمل على دعم الطبقات الفقيرة وتفتح لهم نوافذ الأمل نحو صناعة الغد الخلاق الذي يغير الواقع المحزن الى باحات جديدة ، الأم جانيت التى عرفتها وهي مقعدة من الشلل النصفي فقد لقيتها وشخصي في ذات ظروفها المرضية فكانت في كل زياراتي لها تقدم الدعم النفسي وتبعث الطاقات الايجابية وهي في وضع صحي أكثر حرجاً ممن تدعمه ،بل وأكثر من ذلك كانت تتصل تلفونياً لتسأل عن الصحة وتوصي بالإنتظام في تعاطي الأدوية وتنظيم الوجبات حتى ليحار المرء من أي طينة خلقت جانيت أبيب سمعان ، هذه المرأة الإنسان.
*وعندما نقلت الى مستشفى المعلم قبل ستة وعشرون يوماً كان تواصلنا معاً قبل غيبوبتها بثلاثة أيام بذات الحياة والحيوية وهي ترسل الوصايا وتبعث التحايا وتردد الدعوات بالشفاء ، لم تمضي سوى إثنين وسبعين ساعة حتى حدثت الغيبوبة التى أفضت بها الى الراحة الأبدية ، ماما جانيت أيتها المقدسة سلام عليك في عليائك وكما قال المزمور ( عزيزٌ في عيني الرب موت أتقيائه ) وسلام عليك فى الأتقياء..و
سلام يا
قال د. ياسر ميرغني : ( أن تقرير بنك السودان للعام 2017أشار الى أن تكلفة مستحضرات التجميل بلغت قيمتها (900) مليون دولار ، أي مايعادل ثلاثة أضعاف أسعار الدواء من حيث القيمة والتكلفة المادية) السؤال التلقائي : معقول بناتنا (شينات) للدرجة دي؟ والشينات البنات أم بنك السودان الذي يفتح اعتمادات لمستحضرات التجميل ولا ينشغل بالأدوية المنقذة للحياة؟! وسلام يا..
الجريدة الجمعة 30/11/2018